المدنيون يشكلون هدفا مباشرا للعنف في دارفور وتعين رواندي قائدا لليوناميد

قال محمد بن شمباس رئيس البعثة المشتركة للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة (يوناميد) إن المدنيين أصبحوا هدفاً مباشراً … وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون ورئيسة مفوضية الاتحاد الافريقي، نكوسازانا دلاميني زوما…

قال محمد بن شمباس رئيس البعثة المشتركة للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة (يوناميد) إن المدنيين أصبحوا هدفاً مباشراً للعنف في دارفور. وقال في محاضرة ألقاها أثناء زيارته الحالية لبلجيكا في معهد (فريدريش إيبرت) ببروكسل: (أصبح المدنيون في دارفور هدفاً مباشراً للعنف مما دفع الكثيرين الى عقد مقارنة بين ما يدور من صراع الآن في الإقليم والصراع المسلح الذي نشب في عام 2003. وعلى الرغم من أننا ينبغي أن نقترب من هذه المقارنة بحذر إلا أن هناك أوجه شبه بينهما).

وأكد بن شمباس أن القضايا التي أدت إلى اندلاع الحرب دارفور عام 2003 لم تحل حتى الآن وأن آليات التسوية التقليدية أصابها الضعف، إضافة إلى تدهور الوضع الاقتصادي وإزدياد الفقر والجريمة. وأضاف أن النزاعات على الأرض والماء والموارد الطبيعية تزداد حدة بل وأصبحت أكثر عنفاً ، قائلاً : ( لقد بدأت موجة جديدة من النزوح وهنالك شكوك من قبل بعض المجتمعات بأن بعض المناطق يجري تفريغها عن عمد).

وطالب بتدخل المجتمع الدولي وممارسة الضغوطات على أطراف النزواع ، محذراً من تفاقم الأوضاع في ظل دورة العنف الجديدة التي تشهدها دارفور: ( إذا فشل المجتمع الدولي في إدراك هذا النمط وخلق وعي أوسع بهذه الحالة ولم يمارس الضغط على أطراف النزاع للجلوس للتفاوض أوفشل في تقديم المساعدة بكل ما في وسعه لوقف دوامة العنف المتجدد، فإن الآثار المترتبة على ذلك يمكن أن تكون كبيرة وأكثر ضررا).

وناشد بن شمباس المجتمع الدولي بإلقاء الضوء على أزمة دارفور وعدم نسيانها خاصة في هذا الوقت الذي يشهد فيه العالم المزيد من الصراعات : ( الأزمة في دارفور تزداد عمقا في الوقت الذي يتجه فيه اهتمام المجتمع الدولي صوب صراعات أخرى لا تقل إلحاحا في جميع أنحاء العالم) ، مضيفاً : ( دون التقليل من مدى حاجة البلدان الأخرى التي تحتاج إلى الدعم ، إلا أنني أتوجه بنداءً للمجتمع الدولي بعدم التخلي عن دارفور).

وفي خبر متواصل أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون ورئيسة مفوضية الاتحاد الافريقي، نكوسازانا دلاميني زوما، الاسبوع الماضي، عن تعيين الفريق فرانك موشيو كمانزي، من رواندا قائداً لقوات العملية المختلطة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور وبحسب بيان مشترك للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي سيخلف الفريق كمانزي الفريق بول إغناس ميلا، من تنزانيا، الذي تنتهي مهمته، يوم الخميس، 31 ديسمبر.

وطبقاً لتقرير نشرته مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية، الاسبوع الماضي، فإن “الجنرال الرواندي، فرانك موشيو كامانزي، الذي عينته الأمم المتحدة، قائداً لقوة (اليوناميد) لعمليات حفظ السلام في دارفور، كان يتولى منصب رئاسة الأركان في بلاده إبان التمرد في الكونغو الديمقراطية المدعوم من رواندا. وتم تعيين كامانزي رئيساً للأركان بالجيش الرواندي في يوليو 2012 عندما كانت بلاده تصعد الجهود من أجل تجنيد الرجال، بمن في ذلك الأطفال، لدعم ميليشيا إم 23  الدموية في شرق الكونغو الديمقراطية، التي تم دحرها من قبل لواء تابع للأمم المتحدة”.

وفي نوفمبر 2012، اختتم فريق خبراء تابع للأمم المتحدة تحقيقاته، بالتوصل الى نتيجة مفادها أن “المسؤولين الروانديين كانوا يتولون القيادة العامة والتخطيط الاستراتيجي لميليشيا إم 23″، وتوصل تقرير الخبراء إلى أن “رواندا قد انتهكت بوضوح نظام حظر الأسلحة والعقوبات”. وعلى الرغم من هذه النتائج، والمنصب الرفيع الذي كان يتولاه كامانزي خلال تلك الفترة، توصلت إدارة الأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام إلى أنه خضع للفحص بشكل دقيق، ولم يتبين للأمم المتحدة بشكل محدد أنه انتهك القانون الدولي والإنساني.

وأفاد التقرير، بأن “الفريق كمانزي متهم بالتورط في دعم التمرد الدموي لمليشيا ام 23، في جمهورية الكونغو الديمقراطية، الذي كانت تدعمه رواندا، وكان كمانزي على قيادة جيشها”.

وقال التقرير إن الأمم المتحدة اتخذت قراراً بتعيين الفريق كمانزي، على الرغم من أنه شغل واحداً من  أهم المناصب العسكرية في رواندا عندما زودت بلاده المليشيات الوحشية في الكونغو بالسلاح والقوات. وأبان التقرير، بأن الفريق كمانزي اختير قائداً لأركان الجيش الرواندي، في العام 2012 عندما صعدت رواندا جهودها لتجنيد الرجال، بمن فيهم الأطفال، وتوفير الأسلحة والذخائر والمقاتلين للمليشيات المتمردة في الكونغو.

وبحسب التقرير، فإن “أعضاء ميليشيات ام 23 المتمردة في الكنغو، والمدعومة من رواندا، قد ارتكبت أسوأ الفظائع، في ذلك الوقت، بما في ذلك، جرائم الذبح والاغتصاب بحق المدنيين الكونغوليين، ونهبوا سلسلة من المجتمعات المحلية في جمهورية الكونغو الديمقراطية”، وفقا لهيومن رايتس ووتش وموظفي الأمم المتحدة.

واندلعت حرب الكونغو الأولى ‏(1996–1997)، وكانت – بحسب محللين – غزواً أجنبياً للكونغو بقيادة رواندا التي استبدلت الديكتاتور الحاكم لعقود، موبوتو سيسي سـيكو، بزعيم المتمردين لوران-ديزيريه كابيلا.

وأعادت الحكومة الجديدة بقيادة كابيلا، تسمية البلد إلى (جمهورية الكونغو الديمقراطية)، بدلاً عن (زائير)، لكنها لم تأت سوى بتغيير ضئيل. وابتعد كابيلا عن حلفائه الروانديين والأوغنديين. وليتجنب الانقلاب عليه، طرد كابيلا جميع القوات الرواندية والأوغندية من الكونغو، وكان هذا الحدث هو السبب الرئيسي لاندلاع حرب الكونغو الثانية في العام التالي.

وطبقاً لتقرير (فورين بوليسي)، فإن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تعيين جنرالات روانديين متورطين في جرائم الحرب والإبادة، كقواد لعمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. “وابتداءاً من عام 2009 حتى عام 2013، شغل الرواندي، باتريك نيامفومبا، منصب قائد قوة (يوناميد)، على الرغم من الأدلة التي تم جمعها في محكمة الأمم المتحدة، بأن باتريك ترأس فرق الموت سيئة السُمعة التي تستهدف المدنيين الهوتو خلال الإبادة الجماعية في رواندا”.

وأشار التقرير إلى أن واحداً من أمراء الحرب والميليشيات، في تلك الفترة، بوسكو نتاغاندا، يواجه الآن اتهامات بارتكاب جرائم حرب أمام المحكمة الجنائية الدولية.

يُشار إلى أن الفريق كمانزي حاصل على درجة الماجستير في استراتيجية الأمن القومي من جامعة الدفاع الوطني في واشنطن، ودرجة البكالوريوس في الزراعة من جامعة ماكيريري في كمبالا. وهو خريج كلية القادة والأركان بالقوات المسلحة في جاجي بنيجيريا، وكلية قيادة الجيش فى نانجينغ بجمهورية الصين الشعبية. وولد الفريق كمانزي في أوغندا في العام 1964م.

وخدم الفريق كمانزي، في الجيش الرواندي لمدة 27 عاماً، وقبل تعيينه لقيادة (اليوناميد)، شغل الفريق كمانزي منصب رئيس هيئة الأركان في قوات الدفاع الرواندية، في العام 2012. كما شغل منصب قائد الأكاديمية العسكرية في رواندا في الفترة من 2010 الى 2012 ، وقائداً للواء المشاة في الفترة من 2007 الى 2010. كما شغل منصب نائب قائد القوات وكبير المراقبين العسكريين ببعثة الاتحاد الأفريقي في السودان في الفترة من 2006 الى 2007.

وتعتبر (اليوناميد) ثاني أكبر بعثة لحفظ السلام حول العالم، بعد البعثة الأممية في الكونغو الديمقراطية، إذ يتجاوز عدد أفرادها عشرين ألفًا من الجنود العسكريين وعناصر الشرطة والموظفين من مختلف الجنسيات بميزانية بلغت 1.4 مليار دولار للعام 2014.

ويجدد مجلس الأمن تفويض ولاية (يوناميد) سنويا، وتضطلع البعثة بمهام حماية المدنيين، وتأمين المساعدات الإنسانية، ومراقبة تنفيذ الاتفاقيات والتحقق من ذلك، والمساعدة في العملية السياسية الشاملة، والإسهام في ترقية وتعزيز حقوق الإنسان وسيادة حكم القانون.

Welcome

Install
×