المبادره الأمريكيه لتوصيل الإغاثة و الوضع السياسي الراهن
ظلت مسألة إيصال المساعدات الإنسانية محل خلاف مستمر بين الحكومة السودانية والحركات الشعبية شمال منذ إندلاع الحرب في جبال النوبة والنيل الأزرق
بقلم / حافظ اسماعيل محمد
ظلت مسألة إيصال المساعدات الإنسانية محل خلاف مستمر بين الحكومة السودانية والحركات الشعبية شمال منذ إندلاع الحرب في جبال النوبة والنيل الأزرق في عام 2011م ، رغم وجود عدة مبادرات من الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي والجامعة العربية وتشمل:-
– المبادره الثلاثية (الأمم المتحده / الجامعة العربية / الإتحاد الأفريقي).
– القرار 2046 من مجلس الامن.
– مبادرة الوساطه الأمريكية بعد توقيع خارطة الطريقة في عام 2016م.
رغم كل تلك المبادرات ظلت مسألة المساعدات الإنسانية عالقه حتي الآن وظلت الحكومة السودانية تتماطل بحجة أن وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية وتوصيل الإغاثه سوف يساعد علي مد أمد الحرب لأن الجيش الشعبي سوف يستغل ذلك للتشوين والإستعداد للمعارك القادمه.
لكن رغم عدم الإتفاق علي إيصال الإغاثه فشلت كل محاولات الحكومة في تحقيق تقدم من الناحية العسكرية في المنطقتيين رغم الإستعداد الكبير من عتاد وآفراد والقوة الجوية التي تمتلكها الحكومة ، وفي المقابل ظلت الحرب دائره في المنطقتيين في ظل فشل 14 جولة تفاوض في تحقيق أي تقدم يذكر ، وظل المدنيين في المنطقتتين هم الضحايا نتيجة للقصف الجوي والنزوح الذي أدي الي عدم إستقرار لممارسة الأنشطة الإقتصادية وفي نفس الوقت إرتفاع نسبة الفاقد التربوي وسط الاطفال الي حوالي 70% وكل تلك العوامل سوف يكون لها آثار سالبة علي المدى المتوسط والطويل.
الحكومه السودانية لديها نصيب في عدم التوصل الي إتفاق ولو جزئي لإيصال الإغاثه ، لكن قيادة الحركة الشعبية شمال أيضاً تتحمل جزء من المسئولية للأسباب الآتية:-
1. بدأت الحرب نتيجة للإختلاف حول نتائج الإنتخابات المحلية في جنوب كردفان 2011م، ولكن أجندة الحرب أصبحت تتغير وفق تخلفات قيادة الحركة الشعبية في ظل الغياب الكامل لهياكل الحركة الشعبية شمال بعد الإنفصال من الحركة الشعبية الام، بدأت بتحالف كودة بين الحركة الشعبية وحركات دارفور مروراً بالجبهة الثورية ثم الفجر الجديد ثم نداء السودان وكل تلك الأجندة قومية مع تنظيمات أغلبها تعتمد علي النضال السلمي وليس لها دوائر تعاني مباشرة من وضع إنساني يحتاج لمعالجات عاجلة.
2. هنالك سوء تقدير في المواقف السياسية لقيادة الحركة الشعبية وذلك واضح من خلال ربط المسألة الإنسانية بالأوضاع السياسية في ظل الضغوط التي يواجهها النظام وإمكانية إسقاطه بالعصيان المدني أو الحراك الجماهيري حيث أصبح الأمين العام للحركة الشعبية يتحدث عن جماهيرهم في الداخل ويعبر عن قدرته في تحركيها بجهاز التحكم من البعد وهذا منافي للواقع حيث لا تمتلك الحركة الشعبية تنظيم في الداخل بالقدر الذئ يحاول تصويره إلا بعض ناشطي الحركة الطلابية . والحقيقة أن قوة الحركة الشعبية تتمكن في العمل العسكري الأكثر تنظيماً ومهنية حتي التحالف الجديد للجبهة الثورية الذي يضم فصائل من جبهة الشرق هو تنظيم غير متكافئ حيث أن بعض قيادات التنطيم الجديد ليس لديهم سند جماهيري أو سند عسكري.
إستطاع مفاوضي الموتمر الوطني من فهم سيكلوجية مفاوضي الحركة الشعبية فعندما يبادروا بالموافقة علي أي مقترح ترفضه الحركة الشعبية وتم ذلك في خارطة الطريق عندما وقع الموتمر الوطني عليها، رفضت قوى نداء السودان ، لتأتي وتوقع علي نفس النص بعد أكثر من ثلاثه اشهر.
3. في ظل الإختلافات بين مكونات نداء السودان وعدم الإتفاق علي تسمية أشخاص لشغل مناصب في هيكله التنظيمي أو حتي الإختلاف علي من يرأس الجلسة الإفتتاحية لإجتماع باريس الأخير دليل علي تضارب الأجندة وهذا يتعارض مع تقليد للمعارضة السودانية ضد الأنظمة الشمولية منذ السبعينيات والتسعينيات والدليل علي ذلك مؤتمر القضايا المصيرية في اسمرا 1995م والذي تم فيه الإتفاق علي رئيس وسكرتير عام دون عناء.
ولكل تلك الأسباب رٌهن إستمرار الحرب لتحالفات تتعارض مصالحها في المعارضة ناهييك لو أوتيحت لهم الفرصة أن يكونوا في الحكم حيث التعارض الحقيقي في المصالح.
4. أكرر مرة اخري أن إستمرار الحرب بأجندة تتغير وغير مرتبطة بشكل مباشر بالمحاربيين ومناطقهم والمتضررين بشكل مباشر سوف تكون كاريثية علي مستقبل تلك المناطق وأهلها. وإنفراد قيادة الحركة الشعبية شمال بالقرار دون وجود مؤسسات يشارك فيها المحاربيين وأهل تلك المناطق سوف يعمق الأزمة ، وبدلاً من أن تكون الحرب لتحرير المناطق من تبعات عقلية سودان مابعد الإستقلال القائم علي التهميش والتنمية غير المتوارنة وعدم الإعتراف بالثقافات الأخري سوف يرجع تلك المناطق الي سودان المناطق المقفولة ، ويهدد ذلك وحدة ماتبقي من سودان.
قيادات الحركة الشعبية والمبادرة الأمريكية