د. التيجاني الطيب ابراهيم : نحن ثالث أكثر دول العالم تخلفاً اقتصادياً، وهذا حل مشكلة الدولار

تحدثت عن أن رفع الحظر الاقتصادي لا علاقة له بالدولار.. فهل تقصد أن حتى تحويلات المغتربين غير مؤثرة؟
_ أنا تحدثت عن الصورة العامة، الناس ربطوا الدولار بالمقاطعة الاقتصادية كأن المقاطعة …

حوار مع الخبير الاقتصادى الدكتور التجانى الطيب ابراهيم

حوار فاطمة المبارك

 

{ تحدثت عن أن رفع الحظر الاقتصادي لا علاقة له بالدولار.. فهل تقصد أن حتى تحويلات المغتربين غير مؤثرة؟

_ أنا تحدثت عن الصورة العامة، الناس ربطوا الدولار بالمقاطعة الاقتصادية كأن المقاطعة ستبيض دولارات وهذا كلام غير صحيح، عادة السودان يعتمد في موارده الخارجية على أربعة أشياء هي عائدات الصادر، تحويلات المغتربين، الاستثمار الأجنبي المباشر، المنح الأجنبية، والمعونات الأجنبية تقريباً انقطعت عنا منذ زمن طويل منذ أن رفعنا شعار (نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع) وهذا الشعار أكله الزمن.

{ ما تقييمكم لعائد تحويلات المغتربين؟

_ لو تحدثنا عن المغتربين، الحكومة أعلنت في نوفمبر 2016 سعراً تحفيزياً للصادر وللمغتربين، ووضعت السعر في حدود (15.8) جنيه للدولار للاثنين، السوق الموازي كان في حدود (16) جنيهاً لكن بدأ يتحرك في الخفاء بينما الحكومة ظلت في مكانها، لما جاء رفع الحظر الأول في يناير الحكومة ضربت طار الفرح والابتهاج وخفضت السعر التحفيزي من (15.8) إلى (15.5) في الوقت الذي كان فيه السعر بالسوق الموازي (19.5)، فالحكومة لم تجن شيئاً من السعر التحفيزي في حين استمر الموازي في احتكار السوق، فطلعنا من المولد بدون حمص فيما يختص بتحويلات المغتربين التي تقدرها الحكومة نفسها بحوالي (4) مليارات دولار.

{ كأنك تقول إن الحكومة أخطأت في سياساتها؟

_ فعلاً، لو الحكومة نجحت في وضع السياسات السليمة واستجلبت موارد المغتربين والصادر بصورة جادة كانت ستُعطي دعماً، لكن لا يوجد سبب يجعل المغترب يبيع دولاره للحكومة بـ(15.5) والسوق الموازي يعطيه (19.5)، وظل السعر الرسمي كما هو إلى أن جاء رفع الحظر الاقتصادي الأخير، وحتى تاريخ حديثنا اليوم المغتربون حدد لهم (17) في حين سعر السوق الموازي (21.6) فهل سيحول المغترب دولاره بسعر (17) جنيهاً في الوقت الذي يعطيه فيه السوق الموازي (21.6)؟ فسياسات الحكومة هي سياسة (أمشي وأقيف) تتخذ سياسة وتقف والسوق يتحرك وبدلاً عن أن تتحرك مع السوق وتحاول امتصاص مقدرته وتحولها للسوق الرسمي تنام في الطريق والسوق يحتكر الموضوع.

{ يبدو أنها تعاملت مع المصدرين بنفس الطريقة؟

_ الصادر نفس الشيء كان يمكن أن تفرض الحكومة على المصدر أن يأتي بعائداته، لكن ما يحدث أن المصدر يمضي في خفض فاتورة الصادر بترك جزء من الإيرادات في الخارج ويأتي بجزء يبيعه بسعر (17) أو (20) جنيه للدولار (ما خسران حاجة)، فالحكومة فشلت في جلب عنصر الصادر ومدخرات المغتربين وفي جذب المنح هي أصلاً غير موجودة إلا في إطار المساعدات الإنسانية، فعدم استقرار المؤشرات الاقتصادية الكلية والهرجلة الحاصلة في السياسيات الاقتصادية وعدم الثبات عليها جعلنا نفشل في جانب الاستثمار المباشر، أتينا للاستثمار المحموم وهو تقريباً غسيل أموال، فكل مصادر النقد الأجنبي لم نستفد منها ورفع الحظر لا يحل المشكلة، والآن كما تابعنا لم يرجع الدولار إلى (17) أو (15) جنيهاً.

{ لكن سياسة السعرين قد تكون غير مجدية على ضوء استمرار تحرك السعر الموازي؟

_ نحن عندما طبقنا السياسات المالية في 1988 عملنا سياسة السعرين وأخذنا الموافقة من الصندوق النقد الدولي وفصلنا السوقين، سوق للضروريات بالسعر الرسمي وهو (5) وحولنا الكماليات إلى (12) و(20) وفتحنا البنوك لتتعامل مع السوق الأسود بنفس المستوى وكل يوم تجتمع اللجنة لمعرفة سعر السوق الأسود والساعة 8.30 صباحاً تُعلم البنوك أن سعر السوق الأسود كذا والبنوك تبيع.. بالمناسبة سياسة السعرين ضد قوانين ولوائح صندوق النقد الدولي ونحن أعضاء فيه فإذا أردت عمل سعرين لابد أن تأخذ إذناً من صندوق النقد الدولي.. نحن الآن عندنا خمسة أسعار صرف مختلفة في وقت يجوز فيه قانونياً سعران استثناءً وبموافقة.

{ هل تحل هذه السياسة المشكلة؟

هي ليست حلاً، لكن مدخل للإصلاح، الدولة ليس لديها دولارات لكن بهذه الطريقة تستطيع امتصاص الجزء الأكبر من موارد السوق الموازي وتبدأ في تمويل الوارد من هذه الموارد حتى لو بسعر السوق الأسود، وبهذه الطريقة ستتحكم في الوارد وبالتالي تتحكم في الأسعار لأنها ستبيع بالدولار ولا يستطيع أحد أن يُسعر بغير السعر الذي تعطيه له بالدولار، وهذا حل مؤقت حتى تبدأ الحكومة في الإصلاح الجاد الذي ذكرناه، المالي والنقدي والاقتصادي، وفي نفس الوقت تبدأ في معالجة مشكلة القطاعات الحقيقية على أساس بعد فترة تبدأ في الإنتاج والإنفاق الحكومي يبدأ في التقلص، وتكون بذلك أخذت جزءاً من الطلب الحكومي وحيدته من السوق وقللت الضغط على النقد الأجنبي وفي نفس الوقت زادت المعروض في الاقتصاد وزادت الإنتاج، وجزء من الإنتاج سيخفض فاتورة الوارد لأنه سيغطي جزءاً من الواردات، والجزء الثاني سيساعد في زيادة الصادرات.. هذه سياسة وقتية انتقالية، لكن لازم يأتي الإصلاح.

{ السياسات أحياناً تقود إلى نتائج إيجابية؟

_ من غير إصلاح السياسة ليس لها معنى، وإذا أرادت الحكومة وضع حد للتدهور الاقتصادي لازم تمضي في هذه السياسة، تدخل منافساً في السوق الموازي، اعتقال الناس لا يضيف شيئاً، وبعد منافستها للسوق الموازي وتحريك عجلة الإنتاج في القطاعات الحقيقية لازم تقلص الطلب الفائض في القطاع العام وتوقف نزيف الحروب والتجنيب والفساد المالي والإداري.. هذه كلها سياسات مكملة لبعضها ولابد أن تتم في إطار إستراتيجية ورؤية كاملة.. إذا لم يتم ذلك، التدهور الاقتصادي سيستمر.

{ الحكومة أعلنت عن استثمارات لشركات أمريكية وأوروبية.. ما مدى تأثيرها؟

_ هناك توقعات باستثمارات لشركات أمريكية وأوروبية وهيصة كبيرة.. نحن اقتصادنا كله لا يصل (70) مليار دولار، وهذه القيمة يمتلكها أي شيخ لديه بئر أو بئرا بترول، لذلك لا أعتقد أن هناك شيئاً يجعل العالم يستثمر في السودان وبهذا الحجم على ضوء وجود حروب وفساد، فيما تضاعفت البورصة في نيويورك ثلاث مرات بعد مجيء “ترمب” فهل يضع المستثمر أمواله في نيويورك أم يأتي للسودان؟ للأسف هذه كلها آمال وأوهام ليصاب الناس فيما بعد بالإحباط، والحكومة عودت الناس على هذه الأسطوانة ترفع معنويات الناس ثم تحبطها، لذلك أصبحوا لا يصدقونها ولتستعيد مصداقيتها محتاجة لمشوار طويل في طريق الإصلاح حتى يقتنعوا أنها جادة فيه.. لن يأتي مستثمر في الظروف الحالية إذا لم تهيئ الحكومة ظروف الاستثمار.

{ ما هي الإشكالات التي ستواجه المستثمر؟

إذا جاء مستثمر في هذه الظروف سيجد صعوبة في تضريب تكلفة مشروعه وعائده، لأن سعر الصرف في هذه البلد يتغير كل يوم وستواجهه مشكلة تحويل أرباحه ورأس ماله والبيروقراطية من حوله بجانب مشكلة البنى التحتية وانهيار قطاع السكة الحديد والنقل النهري وهذه كلها من صميم اختصاصات الحكومة والقطاع الزراعي والصناعي في تدهور، لذلك الشركات الأمريكية لن تأتي.

{ ما تفسيرك للشركات التي أبدت رغبتها للاستثمار في السودان؟

_ هناك شركات نحن نسميها شركات الاستثمار المحموم، وهي مؤسسات غسيل أموال موجودة في أمريكا وفي كل العالم، لكن حتى الآن لم أسمع بشركة أمريكية ذات اسم جاءت إلى السودان.. يقولون لك مستثمرين بريطانيين وأمريكان لكن لا تُذكر أسماء هذه الشركات، نحن نسميها أسماك القرش (شايلة قروش عايزة تغسل وتخرج)، وأعتقد أن رفع الحظر الاقتصادي عن السودان سيكون من فائدة هذه الشركات لكن السودان سيتضرر.

{ كيف سيحدث ذلك؟

_ معظم الأموال التي نهبها (الحرامية) وهربوها من السودان موجودة في شكل موجودات في الخارج عقارات وشركات، ورفع الحظر الاقتصادي عن السودان يعطي هؤلاء (الحرامية) فرصة تحليل أموالهم بتحويلها إلى أمريكا.. فهم سيبيعون أصولاً في الخليج ويحولون أموالهم إلى أمريكا ويشترون العقار، وهذه الفرصة ستضيع على السودان.

{ بعض الخبراء قالوا إن رفع الحظر سيعفي الديون.. هل هذا صحيح؟

_ لا توجد أي علاقة بين رفع الحصار وإعفاء الديوان الخارجية.. صحيح أمريكا واحدة من الدائنين الرئيسين في متأخرات ديوننا التي بلغت (56) مليار دولار في يونيو الماضي، لكن مسألة الديون بدأت عندنا منذ 1983 وليس لها علاقة برفع الحصار، ومن المؤسف أن يقول وزير مالية سابق رفع الحصار الاقتصادي سيحل مشكلة الديون ويعفينا من ديون البنك الدولي والصندوق.. والديون خشم بيوت.

{ تقصد جهتها ليست واحدة؟

_ نعم، هناك ديون سيادية هي ديون البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الأفريقي، وهذه الديون لا تخفض ولا تعفى، وهناك الديون الثنائية وهي ديون دول تخص الدائنين الكبار (الدول السبع)، وهذه تُعالج في نادي باريس.. الديون السيادية تحل أولاً ثم تأتي لهؤلاء لتحل معهم مشاكلك.. وهناك الديون التجارية وعندها جزء وحده، وديون البنوك في نادي لندن لازم تذهب هناك لتحلها، كما أننا حتى الآن لم نستطع نحن والجنوب حل مشكلة الديون بيننا حتى لو العالم قال نريد معالجتها، نحن نعرض في ساحة خارج المعركة وللأسف الشديد نضيع في وقت وفرص.

{ ما تقييمكم لموقعنا الاقتصادي؟

نحن الآن أصبحنا ثالث دولة تخلفاً في العالم من ناحية اقتصادية ومعنا في مركب واحد الصومال وزيمبابوي، وتخيل أن الصومال وزيمبابوي سيسبقوننا، لأن زيمبابوي بعد (20) سنة فهمت أنه لا يوجد حل غير الإصلاح الجذري، وتقريباً رتبت أمورها مع صندوق النقد الدولي وعلى وشك ترتيبها مع البنك الدولي وتبقى لها بنك التنمية الأفريقي، في حين نحن لم نبدأ هذا المشوار حتى الآن.

{ إذن المشوار طويل؟

_ أكبر دولة متأخرات في العالم هي السودان، وأكبر دولة لديها متأخرات في صندوق النقد الدولي هي السودان، الصومال أيضاً أتوقع أن تسبقنا لأنها دخلت في برامج مع الصندوق والبنك ونحن ما زلنا نلف وندور في الحلقة المفرغة، في حين أن الحل واضح.. مشكلة الديون غير محتاجة لبنك أفريقي ولا صندوق النقد الدولي، معروف كيف تحل، الحل يبدأ بالديون السيادية.

{ ألا تحتاج لعمل سياسي؟

_ صحيح محتاجة لعمل سياسي، ومفروض يتم على أساس نجد دولة معينة في حالة الديون السيادية مثلما حصل في العراق لو وجدت دولة عظمى يمكن تؤثر في نادي باريس ويعمل لك قاعدة يقول أعفوهم (80%) مثل ما حصل في العراق، أو نمضي في طريق زامبيا التي دخلت في برامج مع الصندوق عرفت بحقوق السحب المتراكم، تقوم بعمل إصلاحات وتأخذ عليها نقاطاً والنقاط تتحول إلى موارد نقدية حتى تفي حق الدين، بعد ذلك هناك القرض المعبري أنت تختار دولة تربطك بها علاقة جيدة تطلب منها شيكاً لقرض معبري (24) ساعة وتعطيه للصندوق وسيقوم بإدخاله في حسابه وبجدولة الدين ويُرجع الشيك لصاحبه في (24) ساعة، نحن أصدقاؤنا الصينيون والخليج وأبناؤنا يموتون في اليمن غير قادرين أن نتحدث مع الذين يملكون الترليونات لإعطائنا أربعة مليارات ونصف المليار دولار لنحل كل الديون السيادية في (24) ساعة.

{ أليس ممكناً أن تلعب أمريكا دوراً في تخفيض الديون؟

_ أمريكا يمكن تخفض الديون لكن المشكلة الحظر الذي رفع لا يسمح لنا بالاستفادة من مبادرات الديون الأمريكية، أمريكا لو أرادت التعامل معنا في إطار ديونها لا تستطيع إلا ترفع القوانين التشريعية للكونغرس الخاصة بقائمة الإرهاب وسلام دارفور.

{ استيراد الدقيق يبدو أنه من السياسات التي فاقمت المشكلة.. ما رأيكم؟

_ أعتقد القنبلة الموقوتة القادمة بالنسبة للسياسيات الحكومية ستكون مشكلة الخبز، بالنسبة لسعر القمح الحكومة اضطرت لرفع سعر دولار القمح من (2.5) إلى (6.5) ولم يكن مدعوماً والآن هم غيروا الأسعار فما عارف دولار القمح يكون (وين)، أسعار القمح عالمياً تغيرت وتكلفة صناعة الخبز ازدادت بصورة كبيرة فأصبحت الحكومة الآن أمام خيار صعب جداً.

{ لماذا؟

_ في تقديري بالأسعار الحالية العالمية وسعر الصرف الذي يمكن أن يكون سعر القمح إذا الحكومة أرادت رفع الدعم عن الخبز الرغيفة ستصل بحوالي (130) أو (150) قرشاً وكل ما الحكومة أجلت الحل كما وضح من السعر (6.5) والأسعار في السوق تحركت، المشكلة ستصبح أكبر وأكثر تعقيداً وهذا يزيد الدعم على الحكومة (يعني إذا كانت مضت في سياسة 6.5 وتدرجت مع السوق ما كان خلت الدعم يصل إلى مراحل متقدمة)، لكن مثلما قلت الحكومة لا تتبع الخطوة بخطوة أخرى، وهذه مشكلة.

{ باعتقادك ما هي الآثار المترتبة على رفع الدعم عن الخبز؟

_ صرح مسؤول كبير في الدولة وأعتقد هو رئيس الوزراء أنهم يريدون رفع الدعم عن الخبز وإذا صدق ستكون هناك مشكلة غاية في الخطورة، لازم الدولة من الآن تتحوط لها وتضع السياسات المطلوبة لمعالجتها بصورة تدريجية، لازم سياسات ثابتة وواضحة وتتبعها سياسات على صعيد الأجور على أساس الناس تمتص هذه السياسة.. الحكومة للأسف الشديد دائماً تهمل جانب (المواهي) والأجور فلو عالجت فقط مشكلة التضخم ستقوي الطاقة الشرائية بنسبة (50%)، لكن الدولة مصرة على رفع الأسعار دون الالتفات إلى الأجور ولا تهمها الآثار التضخمية للسياسات التي تتبعها، فأتوقع أن يكون الخبز مشكلة.

{ ألا توجد حلول أخرى؟

_ في الثلاث أوراق التي قدمناها عن الخبز والدقيق اقترحنا شيئين، أولاً لابد من عمل سعرين بالنسبة للدقيق، سعر الدقيق للمخابز وسعر الدقيق لغير المخابز (الحلويات وما شابه ذلك) ويوقف عبث سياسة استيراد الدقيق وأن (30%) من حاجيات البلاد تغطى عن طريق الدقيق هذا كان أكبر خطأ، وبدل نستورد دقيق نستورد قمح.

{ ما الفرق؟

_ نحن لدينا طاقة فائضة في المطاحن بأكثر من (50%)، بجانب إذا استوردنا دقيقاً سنفقد القيمة المضافة وسنفقد العمالة والترحيل، والردة من القمح لما تتحول لدقيق ينتج عنها ما يعادل (200) مليون دولار في السنة وهذا مبلغ كبير إذا الدولة حاولت الاستفادة منه، في السابق كان يستفيد منه أصحاب المطاحن وأعتقد إلى الآن يستفيدون منه.

{ ما المطلوب من الحكومة؟

_ الحكومة ألغت استيراد الدقيق وأدخلت سعرين للدقيق، لكن تبقت عملية المراقبة والتسعيرات الصحيحة وتقليل الوكلاء والوسطاء، الدقيق والقمح فيهما عدد كبير من الوكلاء والوسطاء، والحكومة إذا فرضت ضريبة على الردة ستعود على الحكومة بحوالي (100) مليون دولار ويمكن أن تستغلها في دعم القمح لكن لا يوجد أفق لتفعيل السياسات وتحريكها، الخبز القنبلة الآتية للحكومة كما أن كل الأسعار ستتأثر بالدولار الجمركي الذي سيتغير، فالحكومة من ناحية بشرت أن رفع العقوبات سيحسن الأوضاع وأحبطت الناس بأنها مقبلة على إجراءات رفع الأسعار.

{ ما توقعاتكم لموازنة 2018؟

_ مثلما قلت العجز الجاري في النصف الأول (7) مليارات دولار وهذا يعني أن العجز الكلي إذا حافظت الدولة وضغطت على المصروفات سيصل إلى حوالي (14) أو (15) ملياراً، و(15) بالنسبة لأية موازنة آتية يعني أن الموازنة القادمة ستكون تحت ضغوطات غاية في الصعوبة، وستجد الدولة نفسها مضطرة مرة أخرى لرفع الإنفاق، وهم مسبقاً أعلنوا أن المؤسسات الأمنية والشرطية ستزيد أجورهم ويحسنوا أوضاعهم والقطاعات الأساسية الثلاثة تستنزف أكثر من (40%) من الإنفاق الجاري، وهذا يعني أن الموازنة القادمة ستكون غاية في الصعوبة، ومثل الموازنات السابقة أحلام وشعارات، وعجز هذه السنة سيكون أكبر عجز لموازنة في تاريخ السودان، ستكون تحت ضغوط لأن الحكومة التي أتت بعد سفينة الحوار لم تستوف حقوقها حتى الآن، وإذا ظل التضخم في حدود (35) و(36)، ولا أتوقع في المتوسط أن يكون أقل من ذلك لأن الحكومة تصرف على المكشوف بكميات ضخمة والتضخم يأكل من النمو.. كلما زاد التضخم كلما قل النمو، فالموازنة ستختم في سنة كبيسة والسنة البعدها ستكون (أكثر كباسة).

(المجهر السياسى).

 

Welcome

Install
×