مقولة مرفوعة إلى الرسول الكريم:
(غير الدجال أخوف على أمتي من الدجال، الأئمة المضلون).
(1)
"علماء السلطان" هو مصطلح يطلق على مجموعة الأشخاص الذين لديهم قدر من العلم الشرعي، ولكن يستعملونه بشكل أو بآخر لخدمة مصالح أمير أو قائد أو زعيم أو سلطان معين ،حتى وإن كان هذا لا يتماشى مع أخلاقيات ذلك العلم أو مع النصوص الشرعية. ويقومون بلي أعناق النصوص لتناسب مصالح حكامهم ومن فوقهم, ويطلق عليهم أيضاً:" شيوخ السلاطين", أو "شيوخ البلاط". فعلماء السلطان هم الذين يلبسون على الأمة من أجل دراهم السلاطين والملوك على حساب الشعوب.
(2)
" الشيخ عبد الحي يوسف" داعية ذرب اللسان، حلو التعابير، حنين في الرفقة من لسانه فقط. كأنه يبشر بالتسامح، ولم يكن يرى في الدين المعاملة إلا بلسانه، يغري البسطاء بأنه عالم في أصول الدّين. ولكن أصله تكفيري شديد القسوة، يخالف تلك الصورة الربانية التي يأمل بأن يكونها. ما أسهل تكفيره الغير. فهو سليل تراث فقهي شديد الوعورة، أرضه جافة، لم يدرك العبرة عندما خاطب المولى جلت عزّته نبيه الكريم قائلاً { فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ(21) لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ (22) سورة الغاشية}. اعتاد الشيخ أن يعزل الغير ويدعو لاستئصال شأفة من يختلفون عنه. سلفي شديد الاعتداد برأيه. يكره المجادلين لأنهم في نظره يهدفون لدحض الحق الذي لا يراه إلا بجانب روآه. بل ويذهب أبعد مدى حين يوصف منْ يجادلون أنهم بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
(3) لم أزل أذكر فتواه بتكفير الصحافي المغدور" محمد طه محمد أحمد" رئيس تحرير صحيفة ( الوفاق) قبل أسبوع من مقتله. وكتب الصحافي في المنبر العام لسودانيزأونلاين يستنجد، بأن تكفيره قد مهد الطريق لكثيرين السعي الحثيث لاغتياله، وتمت تهديدات له بالقتل. وتم ذلك بالفعل مساء 5 سبتمبر 2006.
وقال "معتصم طه" شقيق المجني عليه إن حياة شقيقه تبقى في خطر موضحاً أن "محمد طه" كان مراقبا طيلة يوم أمس الأول من يوم اغتياله، أثناء وجوده في مقر صحيفته وسط العاصمة السودانية. وأضاف "معتصم" بأن شقيقه غادر الصحيفة الى منزله في حدود الساعة 15‚8 مساء. وكشف عن تهديدات مستمرة كان يتلقاها "محمد طه" عبر الهاتف النقال، مشيراً إلى أن بيانات سابقة لمجموعات اسلامية متشددة، كانت قد أهدرت دمه على خلفية اتهامه بسب الرسول صلى الله عليه وسلم، على خلفية اتهامه بنشر فصول من كتاب لمؤلف مجهول يدعى "المقريزي" معتبرة ان الكتاب فيه تطاول بالغ على الرسول صلى الله عليه وسلم. ووصف بيان المنظمة "محمد طه "بالفاسق والزنديق والمرتد.
) 4) ولم أزل أذكر صلاة الغائب التي صلاها الشيخ "عبدالحي يوسف "عندما علم بمقتل " أسامة بن لادن"، ورغم ذلك لم يصل صلاة الغائب لأي من الشهداء الذين سقطوا عند مقاومتهم تنظيم الإخوان المسلمين طوال ثلاثين عاماً. بل كان مصراًّ على الدعوة التي تقول بنصرة الحاكم الذي يعلي شرع الله، ولو كان فاسقاً. ويؤمن بالتعبير الشائع: ( إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ).
لذا كان الشيخ يلبس حلل التقوى والهداية للدفاع عن السلاطين والحكام، ويعتبر أن الله جلّ وعلا، قد وهب الحاكم السلطان. فهو قدري يؤمن بأن المشيئة الإلاهية قد نصرت الحاكم، لذا كان يطرب حين يهب لنصرته، ويعتبرها من قيم الدين ونصرة العقيدة. وصار زعيماً لعلماء السلطان، تلك المنظمة التي أقامها الإخوان المسلمين لنصرتهم بالفتاوى، ولذر الرماد في العيون. فالسلطان قد اختاره المولى، حسب تصوره. ولن يزول إلا بقدرة الله. وهي وهم يتستر فيه الإخوان ليزيّنوا الباطل.
(5) الدكتور "عبد الحي يوسف" هو من مواليد القاهرة عام 1964م وهو داعية إسلامي سوداني تخرج في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. أتم الدراسات العليا في جامعة الخرطوم عام 1998م. يعمل الآن عميدا لكلية الدراسات الاسلامية جامعة افريقيا، كما أنه إمام وخطيب مجمع خاتم المرسلين الإسلامي بالخرطوم. يرى الشيعة الذين يدعوهم بالرافضة الاثني عشرية ومن كان نحوهم، فله معهم عداء معلن ضدهم. وهو في المقابل شديد العداوة على من يسميهم بالصلبيين وأذنابهم ومنهم من يسميهم العلمانيين والتغريبيين وكذلك الشيوعيين. وعن هؤلاء يرى أنهم ينافحون الدّين ويكيدون له. وله كغيره اجتهادات وآراء لا يوافقه عليها غيره.
(6) كذلك نحن نرى المسجد الذي يقوم على إمامة الشيخ "عبد الحي يوسف"، يدرّس فيه ويخطب، يخفض جناح الذل من الرحمة للسلاطين. لا يرى في سرقتهم البائنة عيب يتحدث عنه. ولا في فسوقهم الذي فات كل حدود، مدعاة لمهاجمتهم. بل داهنهم بالوقوف إلى جانبهم. قرأ { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ } ولم يقرأ بقية الآية {وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) سورة آل عمران} هزته ثورة الشباب، وأحس بأن سلطانه الديني الذي تمترس به، بدأ يسحب البساط من بين أقدامه، وأن سلطان " هيئة علماء السودان " قد صار إلى زوال، فطفق ينادي وا إسلاماه . كأن شباب الثورة كفرة فجرة، أرادوا حسب رأيه كنس الإسلام من البلاد. كأن التنظيم الذي حكم البلاد ثلاثين عاماً، كان وراؤه ربانيين تقاة.وهو يعلم أن رئيسه يخطئ في قراءة الآيات القرآنية. لم الشيخ يجد في كل حبائل الإخوان المسلمين طوال الزمن المتطاول، إلا سلطة الدّين الذي ناصره بالسكوت عن الحق والعدل. صمت أمام الشياطين، وسرقاتهم وفسادهم المعلوم للداني والقاص.
(7) استمعنا للشيخ "عبد الحي يوسف"، عند مجلس الدعاة، حين دعاهم المجلس العسكري. وسمعنا استصراخه، دفاعاً عن " شرع الله "، كأن الثورة قامت على نظرته وجماعته للدين. رأي في الشريعة هوية أهل السودان. لم يرى بنظره المعيب هوية شعوب أهل السودان المتنوع، كأن البلاد لحمة هوية واحدة ووهابية. كأن تصوره للشريعة، وتشويه نظام مايو 25 للدّين، وما أضافه تنظيم الإخوان المسلمين طوال ثلاثة عقود هو رأي الدّين، وأن تصور الإخوان المسلمين هو تصور الدين الحق، وحملهم العقيدة على أسنه الرماح، ليشغلوا الناس، ويذهبون للسرقة. صدق الصحابي الجليل " علي بن أبي طالب حين قال ( القرآن حمّال أوجه) لم يقف الشيخ مرة ضد فساد الحكام في البلاد، ولم يجهر بعلو العقيدة ويستصرخ العقيدة عندما جلد النظام العام آلاف النسوة الشرفاء في العراء، بغرض إذلالهم. لم نسمع بتطاول الشيخ بنقده لاستباحة المال العام لأبناء التنظيم، أو صعود فاقدي الكفاءة بالتمكين. الذين قالوا إن الله مكنهم ويتركون كل ذلك ليشيعوا الفساد والسطو على أموال الناس بالباطل. إن الدعوة لبسط الدّين حجة واهية، ودفاعه عن الصورة التي رآها لحال الدّين في سلطة الإخوان المسلمين هي قمة النكوص عن الدعوة النبيلة للدّين وللتسامح والعفو. هذا الشيخ يريد أن يستمر فساد الدولة ورجالها، ويدافع بالفم الملآن عن نهج سلطة الإخوان. ويزعم أن الحصار الاقتصادي قد تم بسبب إعلاء راية الشريعة!. ويعلم الجميع أن الحصار تم بفعل السلطة، وخوضها في الشأن الخارجي دون هداية أو رشد، فهو الصامت عندما انهار السودان، وتدحرج إلى قمة الدول الفاسدة.