خبير قانوني: دستور تحالف تأسيس لم يأت بجديد والظروف غير مناسبة لصياغته

تحالف تأسيس يوقع على الدستور الانتقالي في نيروبي-4 مارس 2025-إعلام التحالف
أمستردام: 5 مارس 2025: راديو دبنقا
أثار الدستور الانتقالي الذي وقع عليه تحالف تأسيس في نيروبي أمس ردود فعل واسعة على خلفية اقراره لفترة تأسيسية لعشرة أعوام وتقسيم البلاد إلى 8 أقاليم بجانب تقرير المصير والعلمانية وغيرها من النقاط.
وقال الخبير القانوني المحامي المعز حضرة في حوار مع راديو دبنقا إن الدستور الانتقالي الذي وقعت عليه أطراف تحالف السودان التأسيسي في العاصمة الكينية نيروبي لا يحمل أي جديد، ولا يختلف كثيراً عن كل الدساتير المقترحة من المجموعات السودانية المختلفة من قبل، مع اختلاف في بعض المصطلحات. مشيرا الى مصطلح العلمانية طرح من قبل بمعنى مدنية الدولة.
ويؤكد عمار أمون السكرتير العام للحركة الشعبية بقيادة الحلو في مؤتمر صحفي أمس إن الميثاق التأسيسي والدستور الانتقالي نصا على العلمانية وحظر تأسيس أي حزب على أساس ديني.
وقال خلال مخاطبته المؤتمر الصحفي لتحالف تأسيس إذا فشلنا في إقرار العلمانية في الدستور الدائم حينها يمكن للشعوب السودانية اللجوء إلى حق تقرير المصير.
واعتبر المعز حضرة إن الدستور تضمن نقاط جديدة وهي مسألة حق تقرير المصير للشعوب السودانية حال عدم إقرار علمانية الدولة من النقاط المهمة بجانب إضافة إقليم جديد هو إقليم الفونج، مشيرا إلى وجود ستة أقاليم في السابق هي الإقليم الشرقي، الغربي، الأوسط، الجنوبي والشمالي.
ظروف غير مناسبة
وقال المعز حضرة إن الظروف الحالية الذي يمر به السودان بعد اندلاع حرب 15ابريل غير مناسبة لصياغة الدستور وأقرار مثل هذه المسميات مثل(العلمانية).
بدوره يرى الدكتور نصر الدين عبدالباري وزير العدل السابق إن الدستور الذي أقر في نيروبي هو أول دستور في السودان يقر العلمانية ووصف ذلك بالتطور المهم.
ولكن المعز حضرة أوضح ان الدستور يجب ان يتوافق عليه كافة السودانيين الأمر الذي يتطلب جلوس الجميع حول مائدة مستديرة ليقرروا في مصير وطنهم بما يحقق وحدة هذه الشعوب التي كونت السودان. وأكد أن حرب 15 ابريل أفرزت واقعاً جديداً اتسعت معها الشقة بين المكونات السودانية، وانتشر خطاب الكراهية، مما يتطلب التفكير في كيفية الجمع بين هذه المكونات بدلاً عن توسيع الشقة بينهم.
ويرى حضرة أن الواقع الحالي يحتاج إلى تفكير خارج الصندوق وليس فرض الوصاية أسوة بما حدث من قبل من أسماها بجماعة الإسلام السياسي الذي قال انها سعت لفرض الهوية العربية الإسلامية في بلد وصفه بالمتنوع. وذكر ان هناك مجموعتين تريد كل وحدة منهما فرض واقع معين في البلاد مشيرا إلى أن هاتين المجموعتين لا يمكن ان يقررا مصير هذه التنوع الكبير.
نظام الأقاليم الثمانية.. مزيدا من الدراسة
وحدد الدستور عدد ثمانية أقاليم للسودان وهي إقليم الخرطوم، الإقليم الشرقي، الإقليم الشمالي، إقليم دارفور، الإقليم الأوسط، إقليم كردفان، إقليم جنوب كردفان/جبال النوبة، إقليم الفونج الجديد.
قال المعز حضرة إن نظام الأقاليم الثمانية يحتاج الي مزيد من الدراسة وذلك لأسباب تتعلق ببناء الدولة والحوجة إلى ميزانيات مالية كبيرة. وأكد في الوقت ذاته أن الواقع الآن لا يتطلب ذلك بل يحتاج إلى وقف الحرب والجلوس إلى طاولة مستديرة.
المبادئ فوق الدستورية ليست أولوية
وحول المبادئ فوق الدستورية التي أقرها الدستور والتي تتمثل في العلمانية الوحدة الطوعية وتقرير المصير وحقوق الإنسان والديمقراطية وتجريم أي خطوات ديكتاتورية وغيرها. قال المعز حضرة َان الأولوية ليست تضمين هذه المبادئ مؤكداً إن السودانيين يحتاجون الآن للجلوس مع بعضهم من أجل إزالة الغبن الذي حدث بسبب الحروب العديدة التي دارت في السودان. وشدد على ضرورة التصافي قبل صياغة دستور يعبر عن كل السودانيين بمختلف ثقافاتهم واديانهم واعراقهم.
تعارض اختصاصات
وأوضح الخبير القانوني المعز حضرة أن هناك تفصيلات كثيرة ليس محلها الدستور بل محلها القوانين الأخرى الخاصة. ووصف ما ورد بخصوص المجلس التشريعي ومجلس الأقاليم بأنها فكرة جيدة ولكنه أشار في الوقت ذاته الى وجود تعارض بين الاختصاصات من خلال الصياغة الأمر الذي قد يؤدي الي النزاعات.
ونص الدستور على تشكيل مجلس رئاسي من 15 عضوا ومجلس نواب( تشريعي ) من 177 عضوا ومجلس أقاليم من 24 عضواً.
وعاب حضرة على الدستور منح سلطات فض النزاعات الدستورية للمحاكم الأدنى. وابان أن النزاعات الدستورية تحتاج الي محاكم لديها الخبرة الكافية والتي قد لا تتوفر لدى المحاكم الأدنى. ووصف المعز حضرة مثل هذه التفاصيل بانه تمثل قنبلة موقوتة والتي قد تنفجر تحت أي لحظة عند تفسيره.
انتقاد لفصل الهويات عن الدولة
ونص الدستور على فصل الهويات الثقافية والعرقية والجهوية عن الدولة.
من جهته وصف المعز حضرة هذه الخطوة بغير الجيدة، مؤكدا عدم وجود أي إشكالية في الهوية الثقافية السودانية. وقال “إذا أردنا كسودانيين ان نكون دولة مستقرة لماذا نفصل هذه الهويات” وأوضح ان هذه الهويات المختلفة أصبحت مكوناً أساسياً للشخصية السودانية ويجب ان تكون في بوتقة واحدة لكي يعبر كل فرد أو جهة عن ثقافته وهويته دون الفصل بينها.
في المقابل أكد عمار أمون السكرتير العام للحركة الشعبية إن الميثاق يرفض أن تشكل الأيدلوجية الدينية أو العرقية هوية للدولة السودانية.
من جانبه قال الدكتور نصر الدين عبدالباري إنه لأول مرة يتضمن الدستور في السودان فصل الدولة عن الهويات الثقافية والعرقية والجهوية. وقال إن السودان يتكون من تنوع يتضمن العربي والافريقي، والمسلم والمسيحي والديات الأخرى، منتقد تمثيل السودان في العام منذ عام 1955 كدولة عربية وإسلامية وأضاف “نحن نريد أن نصحح هذه الصورة الخاطئة”.
أسباب تشكيل الحكومة
من جانبه قال الدكتور نصر الدين عبدالباري إنهم لجأوا لخيار تشكيل الحكومة لأن 25 مليون شخص في مناطق سيطرة الحركات المسلحة ضمن تحالف تأسيس يعانون من انعدام التعليم والصحة بجانب ممارسات تمييزية تتعلق بالوثائق الثبوتية والسعي لإجبارهم على مغادرة البلاد. وقال في مؤتمر صحفي بنيروبي إن الحروب يمكن ان تستمر لفترة تتراوح بين 10 إلى 25 عاماً.
وأكد رفضهم تقسيم السودان مبينا إن الميثاق ينص على الوحدة الطوعية المبنية على العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان. وقال إن الدستور يتضمن وثيقة موسعة للحقوق تضمنت آليات لحماية حقوق الانسان عبر القضاء.
طباعة جوازات وإصدار عملات
من جانبه قال حماد عبدالرحمن القيادي في حزب الأمة القومي ووالي غرب كردفان السابق خلال المؤتمر الصحفي إن الحكومة القادمة ستعمل على إنشاء سجل مدني وطباعة وثائق ثبوتية وإصدار جوازات متهما السلطات في بورتسودان بمنع المواطنين في مناطق سيطرة الدعم السريع من الحصول على الوثائق. كما ستعمل الحكومة على تأسيس نظام مصرفي وطباعة عملة.
وأكد إن القوى المسلحة في تحالف تأسيس ستعمل على تشكيل قوة عسكرية موحدة لمواجهة العدائيات وفرض إرادة السلام.