اليونسيف: تسجيل 221 حالة اغتصاب للأطفال في السودان منذ بداية العام الماضي

أسر نازحة في نقطة تجمع في سنار بعد فرارها من ود مدني بولاية الجزيرة (يناير . 2024)..اليونسيف
أمستردام:4 مارس 2025: راديو دبنقا
كشفت منظمة اليونسيف أن رجال مسلحون يقومون باغتصاب الأطفال والاعتداء عليهم جنسياً، بما في ذلك الرضع الذين لا تتجاوز أعمارهم عاماً واحداً، في إطار الصراع الذي يعمّ السودان.
وقالت المنظمة، في تقرير لها نشر اليوم واطلع عليه راديو دبنقا، إن البيانات التي جمعها مقدمو الخدمات للناجين من العنف على أساس النوع الاجتماعي في السودان يقدم صورة مؤلمة للأزمة التي يتعرض لها الأطفال؛ إذ تم تسجيل 221 حالة اغتصاب للأطفال منذ بداية عام 2024.
وأوضحت أن أرقام الحالات المسجلة لا تمثل إلا جزءاً صغيراً فحسب من إجمالي الحالات. فغالباً لا يرغب الناجون وأسرهم في الإبلاغ عمّا جرى أو لا يستطيعون ذلك — بسبب صعوبة الوصول إلى الخدمات والعاملين في الخطوط الأمامية، أو الخوف من الوصمة، أو الخوف أن تلفظهم أسرهم أو مجتمعاتهم، أو الخوف من انتقام الجماعات المسلحة، أو الخوف من تسرب المعلومات.
انتهاكات مروعة
قالت المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل: “إن تعرّض أطفال بعمر السنة للاغتصاب من قبل رجال مسلحين هو أمر جلل يجب أن يهزّ أركان كل إنسان ويدفعه إلى اتخاذ إجراءات فورية. يواجه ملايين الأطفال في السودان خطر الاغتصاب وأشكالاً أخرى من العنف الجنسي — إذ يُستخدم كتكتيك في الحرب. وهذا انتهاك مروع للقانون الدولي وقد يرقى إلى مستوى جريمة حرب، ولا بدّ أن يتوقف”.
من بين 221 طفلاً أبلغ عن تعرضهم للاغتصاب، هناك 147 فتاة؛ أي أن 66 بالمئة هنّ إناث. أما كون 33 بالمئة من الناجين من الذكور فهو أمر ملحوظ أيضاً، إذ قد يواجهون وصمة العار وتحديات فريدة في الإبلاغ وطلب المساعدة والوصول إلى الخدمات. ومما يثير الدهشة والاستنكار أن هناك 16 ناجياً تحت سن 5 سنوات، منهم 4 أطفال بعمر سنة واحدة. وقد تم الإبلاغ عن حالات في تسع ولايات سودانية مختلفة، في الجنوب والشمال والشرق والغرب. كما أبلغ عن 77 حالة إضافية من الاعتداء الجنسي على الأطفال، معظمها محاولات اغتصاب.
وأكدت المنظمة أن وحشية العنف والخوف من التعرض له يدفعان بالنساء والفتيات إلى مغادرة منازلهن وأسرهن والفرار إلى مدن أخرى؛ فينتهي بهنّ المطاف غالباً في مواقع نزوح غير رسمية أو مجتمعات محلية تفتقر إلى الموارد. وخطر العنف الجنسي مرتفع أيضاً داخل هذه المجتمعات المحلية، خاصة ضد الأطفال النازحين.
آثار هائلة
وأشارت المنظمة إلى الآثار الهائلة للعنف الجنسي على الناجين غالباً خفية، لكنها قاسية وشديدة وطويلة الأمد — وقد يكون منها الصدمة النفسية القوية، والعزلة القسرية، ورفض الأسرة للناجي بسبب الوصم الاجتماعي، والحمل، والأمراض المنقولة جنسياً، والتعرّض لإصابات خطيرة، ومضاعفات أخرى.
تعمل اليونيسف مع شركائها على إنشاء مساحات آمنة تقدّم خدمات للناجين من العنف الجندري. كما تعمل على دمج هذه الخدمات في خدمات الصحة التي تُقدّم في المراكز الصحية والعيادات المتنقلة، وعلى توفير المستلزمات الطبية ذات الصلة. وتقوم اليونيسف أيضاً ببناء قدرات العاملين في الخطوط الأمامية، بما في ذلك المختصين الاجتماعيين والخبراء النفسيين والصحيين، لنشرهم عبر السودان لتقديم خدمات مجتمعية منها خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي الاجتماعي والإحالة. وتقوم أيضاً بالعمل داخل المجتمعات المحلية للتصدي للأعراف والممارسات الاجتماعية الضارة.
وأضافت السيدة راسل: “إن العنف الجنسي واسع النطاق في السودان قد زرع الرعب في قلوب الناس، وخاصةً بين الأطفال. يجب على أطراف النزاع، وكل من له تأثير عليهم، بذل كل جهد لوضع حد لهذه الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال. هذه الندوب الناتجة عن الحرب هائلة ويصعب تصورها وستدوم طويلاً”.
مطالب عاجلة
وجددت اليونسيف مطالبتها حكومة السودان وجميع الأطراف باحترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان في حماية المدنيين، وخاصة الأطفال.
وطالبت بالوقف الفوري لاستخدام العنف على أساس النوع الاجتماع، بما في ذلك العنف الجنسي كتكتيك من تكتيكات الحرب.
ودعت لحماية البنى التحتية للخدمات الأساسية ومقدميها ليتمكنوا من مواصلة عملهم المنقذ للأرواح.
وشددت على ضرورة السماح للعاملين في المجال الإنساني بتقديم المساعدات والخدمات المنقذة للحياة بأمان، ويجب أن يتاح للأسر الوصول بأمان إلى الدعم الذي تحتاجه.
وطالبت بأن تكون أنظمة البيانات الآمنة والأخلاقية أولوية، فهي تساهم في تعزيز جهود الاستجابة الإنسانية كما قد تكون جزءاً من جهود أوسع لمحاسبة الجناة.
ودعت المانحين لاعتبار برامج العنف على أساس النوع الاجتماعي برامج منقذة للأرواح. مؤكدة أن الوقت ينفد لوقف أزمة العنف الجنسي في السودان التي تستشري وتضرّ بالأطفال وتترك إرثاً وخيماً مستداماً.