تشكيل حكومة موازية .. قفزة في الظلام أم خطوة في الاتجاه الصحيح؟
أمستردام: 25 ديسمبر 2024: راديو دبنقا
أثار إعلان تشكيل حكومة مدينة في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع ردود أفعال وأسعة، واعتبر عدد من المراقبين أن تكوين حكومة في مناطق سيطرة الدعم السريع تمثل قفزة في الظلام، بينما أكد مؤيدو الفكرة أن الخطوة تمثل مرحلة العمل والفعل الجماعي المنتظر.
التخفي تحت ستار المدنية
وقال يوسف عزت المستشار السابق لقائد قوات الدعم السريع إن هنالك حديث عن تشكيل حكومة مدنية في مناطق سيطرة الدعم السريع، واعتبر في تغريدة له على منصة ” أكس ” أن هذه محاولة من البعض لعدم إعلان موقف واضح من المعركة، والتخفي تحت ستار المدنية حتى لا يعلنوا موقفهم المساند للدعم السريع.
وأضاف “أن ذلك سيكلف شبابنا ومجتمعاتنا أرواحهم لحماية حكومة لا تعترف بانها حكومة الدعم سريع وحلفاءه”.
وقال عزت: ” إذا كان هنالك تشكيل لحكومة يجب أن تكون بقيادة قائد الدعم السريع المعروف، ومشاركة أصحاب المصلحة من الذين دفعوا ثمن هذه الحرب، والقوى المدنية والحركات التي تعلن موقفها بوضوح”.
وأوضح أن الدعم السريع اليوم ليس هو الدعم السريع الذي كان يوم ١٥ أبريل، داعياً إلى إشراك الجميع في القرارات التي تؤثر على مستقبل السودانيين والمجتمعات التي دفعت وتدفع كلفة الحرب.
مرحلة العمل الجماعي
وفي المقابل قال الدكتور سليمان صندل رئيس حركة العدل والمساواة إن قطاعات واسعة استجابت لخطوة تكوين “حكومة السلام”.
وأضاف في تغريدة على صفحته في منصة ” أكس ” أن الخطوة تمثل تجاوزاً لمرحلة الجأر بالشكوى والمطالبة إلى مرحلة العمل والفعل الجماعي المنتظر الذي يوحّد الإرادة الوطنية نحو قضايا الوطن الكبرى والمشتركات العظيمة.
وقال: “إنهم قرروا تشكيل الحكومة وإعادة حكومة الثورة لإطلاق سراح الشعب السوداني من البرهان ومجموعة المؤتمر الوطني وواجهاتها القديمة والحديثة واحتكار الوطن وموارده، إلى رحاب الحرية والعدالة والمساواة”.
وأشار إلى أنهم يمتلكون زمام المبادرة في توجيه موارد البلاد لخير البلاد، ولحفظ الوطن ووحدته، مبيناً أنهم ينتقلون من مرحلة إدانة الانتهاكات إلى مرحلة حماية المدنيين ومن مرحلة السلبية إلى الإيجابية، ليعملوا وسط الجماهير والمواطنين، ويكونوا في قلب المعاناة ليعملوا معهم من أجل رفعها، ويرسموا المستقبل بجهود الجميع، ويرسموا معالم السودان الجديد.
ولفت إلى أنهم قرروا تشكيل الحكومة لغاية أسمى ومطلب وطني، وهي وقف الحرب وبسط السلام وفرضه من داخل السودان بإرادة الشعب السوداني الغالبة، وليقوموا بأعمال وأفعال تساوي حجم تضحيات الشعب السوداني في رحلة كفاحه الوطني الطويل، الذي سطره شعبنا والشباب والأبطال.
ودعا الشعب السوداني الى الثقة في الحكومة المراد تشكيلها، وتابع قائلاً ثقوا أنهم لن يخذلوكم، وسوف يكونوا على قدر التحدي. وهم مع موعد مع التاريخ ليكتبوه بأحرف من نور، لبسط الحرية والمساواة والعدل والديمقراطية، ليحيا شعبنا بعزة وكرامة.
هروب للأمام
غير أن الأستاذ محمد موسي حريكة الكاتب والمحلل السياسي يرى أن فكرة تكوين حكومة في هذا التوقيت يعتبر هروب للأمام، مؤكداً أنها تهدد مستقبل الدولة السودانية برمتها.
وأضاف إذا كانت الحرب قد أنجزت تدمير الدولة السودانية بنسبة 80% فأن الحكومة الموازية أو الإقليمية وغيرها قد تنجز الدمار المتبقي بنسبة 20%.
وقال:”ما يحدث الآن بالنسبة لتكوين حكومة هي مرحلة من مراحل الحرب، مشيراً إلى أن الحرب قد تقود إلى أشياء كثيرة جداً إلى جانب الدمار، منها خطل الفكرة إلى المؤامرات غير مضمونة العواقب”.
وأوضح أن فكرة تكوين حكومة طرحها بعض الأفراد في تنسيقية تقدم، وبدأت بفكرة تكوين حكومة منفي وهي تمثل هروب من مواجهة الأسئلة الملحة التي تتعلق بوقف الحرب ونقل المعركة الى ميادين أخرى.
وذكر أن فكرة حكومة المنفي لم تستطيع أن تصمد حتى داخل أطراف تقدم بل أدت إلى حدوث انقسامات وتشرذم داخلها ،وتحولت الفكرة إلى تشكيل حكومة مدنية في غرب السودان.
وتابع الآن توجد مشكلات أساسية ينبغي التفكير فيها، وهي مشكلات الجوع النزوح والتعليم ووقف الحرب، مضيفاً كان من المفترض أن يبحثوا عن الحلول لهذا الوطن الممزق بالحرب التي بدأت تتطور وتأخذ أشكال كثيرة جداً.
وأكد أن فكرة الحكومة المدنية الموازية هي حرث في البحر، مبيناً أن المجتمع الدولي يتعامل مع حكومة الأمر الواقع في بورتسودان، ولن يتعامل مع حكومة أنتجتها ظروف الحرب.
وقال إن القوى المدنية والسياسية والديمقراطية المختلفة تستطيع أن تطرح مشاريع سواء كانت حكومات فدرالية أو كونفدرالية في أجواء السلم، موضحاً أنه في ظل ظروف الحرب والاقتتال والتشرذم فمن يريدون تكوين حكومة في ظل هذه الظروف لا يمثلون المجتمع المدني.
وأوضح أن المجتمع المدني الذين يتحدثون بإسمه ينبغي أن يشارك باسمه لا بد في مثل هذه الأفكار، وهذا لن يتم في ظروف الحرب بل في أجواء السلم.
قفزة في الظلام
وقال حريكة إن المشروع الأساسي هو كيفية وقف الحرب وعكس ذلك يؤدي إلى تأجيج الحروب وخلق دويلات مفككة دون مركز إقليمي قوي يكون قادر على بسط نفوذه في البقعة المحددة واعتبر تكوين الحكومة قفزة في الظلام.
وأضاف: “من تجاربنا السابقة وعند قيام ثورة ديسمبر كانت هناك صراعات وسط القوى الحزبية والمدنية والحركات المسلحة الموقعة لسلام جوبا، حيث كانت تتصارع شهور للاتفاق على شكل من أشكال الحكومة وكانت تلك الصراعات في ظروف السلم فما بالنا الآن في ظل الحرب”.
وقال:”كيف يمكن لقوى تحمل السلاح أن تتحدث باسم القوى المدنية، وكيف لها أن تكون حكومة مدينة”. ووصف ذلك بأنه ضحك على العقول مبينا ً أن تلك القوى ليس لديها مشاريع للحكم المتمثل في شكل الدولة وإن مشروعاتها محصورة في التجنيد والكر والفر .
وحول المبررات التي دفعوا بها لتشكيل الحكومة والمتمثلة في حماية المدنيين قال حريكة إن أي حكومة مدنية ضعيفة لا تستطيع حماية المدنيين، وشدد على أن حماية المدنيين لا يمكن أن يتم إلا عبر وقف الحرب أو الاستعانة بالعنصر الخارجي عبر المنظمات الدولية والإقليمية والأمم المتحدة بتشكيلاتها المختلفة .وقال إن الأمم المتحدة وعبر مجلس الأمن فشلت في تقديم مشروع لحماية المدنيين في السودان .
وأكد عدم وجود أي طرف يمتلك قوة لحماية المدنيين ، ولفت أيضا إلى اشكاليات تتعلق بحماية الموارد وحدودها الجغرافية، وتساءل كيف يتم حماية الموارد في بلد يتعامل الآن بعملتين ، بلد حدودها مفتوحة فيدخلها السلاح كما يدخل الخبز إلى أي بلد.