لقطة من مقطع فيديو منشور على وسائل التواصل الاجتماعي توضح تصاعد أعمد الدخان جراء القتال في منطقة الزرق شمال دارفور بين القوات المشتركة وقوات الدعم السريع ديسمبر 2024

أمستردام: 23 ديسمبر 2024: راديو دبنقا
منذ بداية هذه الحرب في 15 ابريل من العام 2023 وقطاعات كبيرة من الشعب السوداني المحب للسلام تتضرع ألا تتحول من حرب بين فصيلين مسلحين إلى حرب أهلية. وباستمرار الحرب وازدياد حدة الاستقطاب بين مؤيد لاستمرارها ومعارض، بدأت تتشكل بعض ملامح الاصطفاف الجهوي بين الشمال والشرق والغرب.
ولكن ولأول مرة تقريبا تعلو أصوات النعرات القبلية بصورة واضحة بعد معركة الزرق في الحادي والعشرين من ديسمبر قبل يومين. سيل من الفيديوهات المنتشرة في منابر التواصل الاجتماعي تظهر تحشيدا وتعبئة من قبل الناشطين من الجانبين. المناصرون للدعم السريع يتوعدون بضرب الحواضن الاهلية للمشتركة في ام برو ومزبد وكرنوي والطينة.
معسكر المشتركة يهلل ويحتفل بالهجوم ويتحدث عن وجود قاعدة عسكرية في الزرق تستهدف القوات المشتركة لذا تمت مهاجمتها.
الفيديوهات المتوفرة بعد المعركة والتي صورها افراد من الدعم السريع تظهر آثار مكان يشبه السوق البسيط في محيط صحراوي تميزه الرمال واثار الحريق واضحة بعد أن أتت النيران على مكونات البناء البسيط بحيث لم يتبق منها شيء. وتحدثوا أيضا ان المكان عبارة عن “دامرة” بها حوالي سبعة من القرى الصغيرة تسكنها مجموعات سكانية مختلفة بما فيها تشكيلات من قبائل الرزيقات والسلامات والقبائل الأخرى.
بالنظر لفكرة الحواضن الأهلية فإن استهدافها ليس بالجديد في هذه الحرب، توجد شواهد على استهداف الجيش بالطيران لمناطق مأهولة بالمدنيين وليس بها أي نشاط عسكري أو تواجد لقوات الدعم السريع في بادية كردفان وبعض المناطق في دارفور، والنتيجة وقوع عدد كبير من القتلى المدنيين ونفوق مختلف المواشي، والكثير من المواقع على الشبكة العنكبوتية ومنابر التواصل الاجتماعي تزدحم بالصور والفيديوهات الخاصة بمثل هذه الاحداث.
بعد حادثة الزرق اجرى البعض مقارنة بما حدث في الزرق وما حدث في ود النورة والعديد من قرى الجزيرة التي راح ضحيتها أيضا كثير من المدنيين. وبناء على ذلك تم توجيه الاتهام للدعم السريع باستهداف الحواضن الاجتماعية التي تؤيد القوات المسلحة. من المحتمل أن بعض المفردات يتم تضخيمها في هذه الحرب مثل استخدام مصطلح حواضن اجتماعية ومحاولة استخدامها لتوصيف وضع اجتماعي وسكاني تتباين فيه المكونات من ناحية خلفيتها الاثنية وتوجهاتها ومواقفها من الحرب مثل منطقة الجزيرة المتعددة بطبعها.
ذات الامر ينطبق على استهداف الطيران الحربي للجيش لمنطقة نيالا بجنوب دارفور وحديث البعض أن نيالا لو كانت شندي لما تجرأ الجيش على قصفها، في الوقت الذي لا يمكن القول فيه أن نيالا وما جاورها هي حواضن اجتماعية للدعم السريع. ولكن خطاب الحرب يخلط الكثير من الأشياء لمجرد الانتصار لوجهة نظر ما.
بالعودة لما حدث في الزرق، يشير ما توفر من معلومات إلى حدوث نوع من الفزع من مناطق غرب كردفان ومن دارفور ناحية الزرق، ليس لتقديم العون والإغاثة ولكن من اجل القيام بحملة مضادة على مناطق تم تعريفها بأنها حواضن القوات المشتركة مثل مزبد وكرنوي وأم برو و الطينة.
القوات المشتركة من جانبها ستتحسب لهذا الاحتمال وسيتم الحشد والاستعداد لصد أي هجوم. واذا قدر لمثل هذا الهجوم أن يحدث فإن الحرب ستكون عمليا تحولت لحرب بين مكونات دارفورية فيما بينها الامر الذي يصرف الدعم السريع عن مواجهته الأساسية مع الجيش والفلول، كما يقول في خطابه.
في سياق التصعيد، وبخصوص الزرق كتب عزت الماهري المستشار السابق لحميدتي تغريدة على منصة اكس يقول نصها:
“يتحمل مني أركو مناوي وجبريل إبراهيم مسؤولية جر منطقة شمال دارفور للعنف الذي طال المواطنين في البوادي والقرى والفرقان، في المناطق التي تقع شمال مدينة كتم وآخرها الجرائم الانتقامية المرتكبة في منطقة الزرق.
استغلال المكونات الاجتماعية في الصراع السياسي مهمة امتهنها البعض ودفعت المجتمعات ثمنها قتلا وتشريدا منذ العام ٢٠٠٣.
نوجّه نداء للناظر محمدين الدود مهدي وإدارات الرزيقات بشمال دارفور وكذلك ادارات الزغاوة التاريخية للاضطلاع بمسؤولياتهم ووضع حد للربط بين المكونات الاجتماعية والفصائل المسلحة”
القوات المشتركة من جانبها أصدرت بيانا على صفحتها بالفيسبوك ورد فيه: “نهنئ الشعب السوداني الباسل بالانتصار التاريخي العظيم التي حققها قواتكم الباسلة من القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح والقوات المسلحة السودانية و المستنفرين والمقاومة الشعبية بمحور الصحراء بتحقيق النصر المؤزر بتحرير منطقة (زرق) العسكرية ومطارها الحربي التي يتم تمويلها بواسطة المرتزقة الإقليمين و الدوليين وتعتبر منطقة زرق العسكرية هي اكبر منطقة استراتيجية للمليشيات الإرهابية ويعتبر المقر الرئيسي لأسرة آل دقو الإرهابية حيث تمت السيطرة عليها بعد الملاحم البطولية التي سطرها قواتكم الباسلة في عملية عسكرية تاريخية علي الاطلاق بتاريخ 21/ ديسمبر 2024”.
ما يدعو لبعض “الطمأنينة” هنا لغة البيان التي تتحدث عن منطقة عسكرية وعن مطار حربي، واستهداف المنطقة على هذا الأساس، ولكن الحقيقة والواقع على الأرض يحيدان عن الروايات الرسمية للأطراف المتقاتلة، وإن لم يتم احتواء هجوم مضاد على مناطق المشتركة من قبل الدعم السريع فإن الأمر سيتطور إلى مواجهات قد تفتح فصلا جديدا من فصول هذه الحرب التي يصفها الجميع بأنها عبثية.

Welcome

Install
×