اجتماع نواكشوط: تعزيز التنسيق المشترك في التعامل مع الأزمة في السودان
أمستردام: 19 ديسمبر 2024: راديو دبنقا
اختتم في نواكشوط مساء الأربعاء 18 ديسمبر 2024 الاجتماع التشاوري الثالث حول تعزيز تنسيق مبادرات وجهود السلام في السودان. وتبنى الاجتماع عددا من القرارات التي تتوخى تعزيز النهج المشترك للتنسيق والعمل الجماعي في التعامل مع الأزمة في السودان.
ونظم الاجتماع في مقر الأكاديمية الدبلوماسية في نواكشوط وبمشاركة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة، ووفود من المملكة العربية السعودية والبحرين ومصر والولايات المتحدة الأمريكية وجيبوتي، إضافة إلى الاتحاد الافريقي والإيقاد والاتحاد الأوروبي بالإضافة لموريتانيا التي تترأس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي.
وبحث الاجتماع آخر المستجدات لاسيما مبادرات المساعي الحميدة والوساطة لاستعادة السلام والاستقرار في السودان، وبحث السبل المبتكرة لتعزيز آليات التنسيق ومواءمة الجهود للتغلب على أهم الصعوبات والتحديات.
ضرورة تكامل المبادرات
وأصدر الاجتماع، الذي ترأسه رمطان لعممارة، بيانا ختاميا نوه إلى مقررات الاجتماعين التشاوريين الأول والثاني بشأن تعزيز تنسيق مبادرات وجهود السلام في السودان، اللذين عقدا في القاهرة في 12 يونيو 2024 تحت رئاسة جامعة الدول العربية، وفي جيبوتي في 24 يوليو 2024 تحت رئاسة جمهورية جيبوتي، التي تترأس الدورة الحالية لمنظمة الإيقاد.
وشدد البيان على أهمية تنظيم اجتماعات تشاورية منتظمة بهدف تبادل وجهات النظر حول الوضع الراهن للتنسيق الاستراتيجي المتعلق بتفعيل مبادرات المساعي الحميدة والوساطة والسلام التي تستهدف معالجة النزاع في السودان وآفاقه، مع ضمان تكامل هذه المبادرات بما يسهم في تحقيق نتائج متعاضدة.
وأعرب الاجتماع التشاوري عن قلقه البالغ إزاء استمرار الأعمال القتالية في السودان، وما يترتب عليها من تأثيرات مدمرة على الشعب السوداني ويفاقم الوضع الإنساني الكارثي أصلاً، بما في ذلك ما يربو على 11 مليون نازح و3 ملايين لاجئ ناهيك عن أزمة الغذاء.
واستذكر الاجتماع التشاوري قرار مجلس الأمن رقم 2736 بتاريخ 13 يونيو 2024 بشأن السودان، الذي يدين بشدة أعمال العنف في السودان وجميع انتهاكات حقوق الإنسان، كما يدين تدمير البنى التحتية المدنية بما في ذلك المستشفيات والمدارس، والاستيلاء على المباني والمنازل المدنية وتشريد أصحابها قسراً.
وأثنى الاجتماع على الجهود القيمة التي يبذلها جميع المشاركين بصفاتهم المختلفة من أجل إجراء مفاوضات وقف إطلاق النار، وحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، بالإضافة إلى دعم جهود إطلاق حوار سياسي شامل دون اقصاء يؤدي إلى حكم مدني انتقالي.
إشراك جميع الأطراف الفاعلة
وأوضح وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والموريتانيين في الخارج، محمد سالم ولد مرزوك، أن هذا الاجتماع التشاوري الثالث حول السودان جاء استكمالًا للمسار التوافقي الذي انطلق من القاهرة وتواصل بجيبوتي، مؤكدا أن غاية هذا المسار هو إيجاد حلول ناجعة للأزمة السودانية، ودعم جهود السلام والاستقرار في هذا البلد الشقيق.
وقال إن استضافة موريتانيا لهذا الاجتماع تأتي استجابة لطلب من الأمم المتحدة واستمرارًا للجهود المشتركة التي بدأت في الاجتماعين التشاوريين السابقين، في إطار تنسيق الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى دعم السودان الشقيق وتحقيق تطلعات شعبه المشروعة في الأمن والتنمية والسلام.
واعتبر أن الاجتماعين السابقين في القاهرة وجيبوتي شكلا حجر أساس لمرحلة جديدة من التعاون والتنسيق في التعامل مع الأزمة السودانية، مبرزا أن اجتماع القاهرة تمخضت عنه توصيات جوهرية، أعقبتها خطوات عملية عززت مسار العمل المشترك خلال اجتماع جيبوتي، حيث أكد المشاركون على أهمية توحيد الجهود وضمان إشراك جميع الأطراف الفاعلة في عملية السلام.
وذكر في هذا المقام بالمبادئ الأساسية التي تؤكد على المحافظة على وحدة السودان وسلامة أراضيه وسيادته ومؤسساته الوطنية، والدعوة إلى مسار سياسي شامل يدفع باتجاه إرساء دعائم الحكم الرشيد والسلم المجتمعي.
حل الأزمة يبدأ بوقف القتال وتعزيز الاستجابة الإنسانية
وفي خطابه أمام الاجتماع، أكد نائب وزير الخارجية السعودي، المهندس وليد الخريجي، إن الحل لإنهاء أزمة السودان يبدأ في إطار وقف القتال، وتعزيز الاستجابة الإنسانية للشعب السوداني، فضلاً عن التمهيد لمستقبل سياسي سوداني، بما يضمن أمنه واستقراره، وصيانة وحدته وسيادته واستقلاله ووقف التدخلات الخارجية فيه.
وأكد الدبلوماسي السعودي على أن التزام طرفي الصراع بتنفيذ ما تم التوقيع عليه في إعلان جدة (الالتزام بحماية المدنيين السودانيين) الموقع بتاريخ 11 مايو 2023م، هو خطوة للأمام ننتظرها نحن والشعب السوداني الذي يعاني كل يوم من ويلات هذه الحرب.
ونوه وليد الخريجي لترحيب المملكة بالجهود الدولية الرامية لحل الأزمة السودانية، مشيدًا بقرار القوات المسلحة السودانية بتمديد فتح معبر أدري الحدودي مع تشاد، وفتح مطارات كسلا ودنقلا والأبيض، بالإضافة إلى معبر كادوقلي لإيصال المساعدات الإنسانية.
بلورة رؤية مشتركة
وبدوره أوضح سفير جيبوتي لدى السودان، عيسى خيري روبله، أن الاجتماع في نواكشوط يأتي في إطار الاجتماع التشاوري الثالث للوسطاء الإقليميين والدوليين حول السودان، حيث يأتي في مرحلة دقيقة وحساسة، مضيفا أن لجمهورية جيبوتي الشرف الكبير باستضافة الاجتماع التشاوري الثاني أو ما يعرف بـ “خلوة الوسطاء”، الذي انعقد في العاصمة جيبوتي يومي 25 و26 يوليو الماضي، برئاسة رمطان العمامرة، وبمشاركة الوسطاء الإقليميين والدوليين، وكان الهدف منه توحيد الجهود الدولية وبحث المبادرات الرامية إلى إحلال السلام في السودان وبلورة رؤية مشتركة تساهم في إنهاء الأزمة الراهنة.
حماية المدنيين وإنهاء الفظائع
بعد انتهاء الاجتماع، غرد المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيريللو، على حسابه على منصة اكس قائلا: “التقيت اليوم في نواكشوط، موريتانيا مع شركاء متعددين (الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، الإيقاد، جامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبي) وأهم الشركاء الثنائيين لتنسيق الجهود لجلب السلام إلى السودان. وأكدت على ضرورة حماية المدنيين السودانيين، وإنهاء الفظائع وتدفق الأسلحة، واستعادة الانتقال المدني نحو مستقبل ديمقراطي للسودان.
على هامش الاجتماع
استقبل الرئيس الموريتاني ورئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، محمد ولد الشيخ الغزاني، رمطان لعممارة، الذي قدم الشكر لجمهورية موريتانيا الإسلامية على استضافتها للاجتماع التشاوري الثالث حول تعزيز تنسيق مبادرات وجهود السلام في السودان. وبحث اللقاء تطورات الوضع الراهن في السودان، خصوصاً فيما يتعلق بالجانب الإنساني وآفاق البحث عن حلول مناسبة للأزمة.
كما استقبل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والموريتانيين بالخارج، محمد سالم ولد مرزوك، مساء الثلاثاء 17 ديسمبر 2024، رمطان لعمامرة، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان. ونظم اللقاء في إطار التحضيرات للاجتماع التشاوري الثالث حول تعزيز تنسيق مبادرات وجهود السلام في السودان، ناقشا مختلف المجالات المتعلقة بتعزيز التعاون بين بلادنا وهذه المنظمة الدولية وسبل تعزيزها والقضايا ذات الاهتمام المشترك.