تفاصيل جديدة حول زيارة البرهان لأسمرا.. ملفات شائكة في طاولة المباحثات

لبرهان يعقد جلسة مباحثات مع الرئيس الإرتري في أسمرا

البرهان يعقد جلسة مباحثات مع الرئيس الإرتري في اسمرا-26 نوفمبر 2024- حساب وزير الإعلام الإرتري على منصة إكس

أمستردام: 28 نوفمبر 2024: راديو دبنقا

كشفت مصادر مقربة من الحركات المسلحة في شرق السودان لراديو دبنقا أن زيارة رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان ناقشت بشكل رئيس قضية الحركات المسلحة التي تستضيفها إرتريا في اقليمها الغربي، لا ترغب عدد منها في العودة إلى السودان للانخراط في الحرب الدائرة فيها. بينما ترغب الحكومة السودانية في اعادتها للسودان لمساندة القوات المسلحة.

من جهته، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي خالد محمد طه في مقابلة مع برنامج من جهة أخرى لراديو دبنقا يبث يوم الأحد المقبل، إن لقاء البرهان وافورقي يوم الثلاثاء، تضمن إبرام اتفاق حول تنسيق عمل القوات البحرية، وإعادة نشر القوات المشتركة على امتداد سواحل البلدين، بالإضافة إلى إنشاء قوات برية مشتركة، واتخاذ خطوات تكامل اقتصادي، كما تناول الاجتماع إفساح وتهيئة المجال لمساهمات الدول الصديقة لتطوير وتعزيز القدرات العسكرية والاقتصادية.


واختتم رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان زيارته إلى العاصمة الإرترية أسمرا، يوم الثلاثاء، يرافقه مدير جهاز المخابرات ووزير الاعلام.

وعقد البرهان، خلال الزيارة، جلسة محادثات موسعة مع الرئيس الإرتري اسياس افورقي، الذي جدد التأكيد على موقف بلاده الثابت بشأن الحرب في السودان وفقا لوزارة الإعلام الإرترية. كما أكد أن المشكلة في السودان لا يمكن حلها إلا من خلال جهود السودانيين أنفسهم بدعم من الدول المجاورة الصديقة. من جانبه أشار البرهان إلى حرص الحكومة السودانية على إيجاد حلول للأزمة وإنهاء الحرب وإحلال السلام.

وتعتبر زيارة البرهان إلى ارتريا الثالثة من نوعها منذ اندلاع الحرب في ابريل 2023، ورغم ما حملته الصور ومقاطع الفيديو من ترحيب واسع بالبرهان ووفده ولغة الجسد الإيجابية بين البرهان وافورقي إلا أن مشاركة مدير المخابرات في الوفد يشير إلى مناقشة ملفات ذات طبيعة أمنية.

ووصف خالد الاعيسر وزير الإعلام عقب عودته من العاصمة الإرترية أسمرا لقاء البرهان وافورقي بأنه لقاء تاريخي بمعنى الكلمة وله ما بعده”.

البرهان وافورقي في العاصمة الإرترية أسمرا -وزارة الإعلام الإريترية

تنسيق أمني عسكري
ويرى الصحفي والمحلل السياسي عثمان ميرغني في مقابلة مع راديو دبنقا أن زيارة البرهان إلى أسمرا تأتي في إطار أن ارتريا حليف رئيس للقوات المسلحة خلال الحرب الدائرة كما أنها تستضيف اعداداً كبيرة من السودانيين.

وتوقع ميرغني تساعد الزيارة في التوصل إلى تفاهمات عسكرية وسياسية امتدادا للتنسيق الأمني والعسكري السابق مشيراً لارتباط الأمن القومي للبلدين ببعضهما. وقال إن الملف الرئيسي ربما يكون التعامل مع ارتريا كحليف للسودان في السياق الافريقي، والحصول على دعمها ومساندتها السياسية في الايقاد والاتحاد الافريقي.

وتسعى الحكومة السودانية إلى الغاء قرار تجميد أنشطتها في الاتحاد الافريقي الذي جرى اتخاذه بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021 بينما ظل الاتحاد الافريقي يتمسك بموقفه من بالتجميد.

ملف شائك

ويرى خالد محمد طه إن ارتريا تركز على الأمن في منطقة البحر الأحمر، وهي تعتبر السودان جسرا استراتيجيا للوصول إلى البحر الأحمر. مشيراً إلى مساعي للتعاون السياسي والدبلوماسي، خاصة في سياق قضايا الأمن الإقليمي. وفي اتجاه تعزيز الموقف الإرتري في القضايا الإقليمية مثل النزاعات في الصومال، وإثيوبيا وحوض البحر الأحمر.

وحول ملف حركات شرق السودان، قال عثمان ميرغني لراديو دبنقا إن قرار دمج قوات الاورطة الشرقية في الجيش السوداني أزال الهواجس بشأن وجود قوات ذات طابع جهوي في شرق السودان مبيناً إن القوات جرى تدريبها تحت سمع وبصر الحكومتين مشيراً إلى أن هنالك “تفاصيل” جرى الاتفاق حولها.

وتستضيف إرتريا عدداً من معسكرات الحركات المسلحة لشرق السودان من بينها قوات تحرير شرق السودان بقيادة إبراهيم عبد الله دنيا والحركة الوطنية لشرق السودان بقيادة محمد طاهر سليمان علي بيتاي حيث تتحفظ الحركتان على الانخراط في الحرب الدائرة وترغب في الاحتفاظ بقواتهما للدفاع عن مناطقهم.


بينما أعلنت قوات الأورطة الشرقية التي تتبع للجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة بقيادة الأمين داوود (من أعضاء قوى الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية) وقوات مؤتمر البجا بقياد موسى محمد أحمد (مساعد البشير السابق) خروجها من مربع الحياد وانحيازهما إلى صفوف القوات المسلحة، وأعلنت نشر قواتها في شرق السودان بالتنسيق مع القوات المسلحة.

ويرى خالد محمد طه ان قوات الحركات التي تم ويتم تدريبها في ارتريا، هي حركات مستحدثة نشأت بعد حرب 15 ابريل، وبعضها محدّث أعيد إلى دائرة الوجود في الساحة السياسية بعد فترات من الغياب امتدت لحوالي عقدين. ويضيف قائلاً:” الملاحظة الثانية انها كلها تنظيمات قائمة على أسس اثنية ومناطقية “.

ويقول الكاتب أبو فاطمة اونور إن زيارة البرهان تقرأ في سياق تأمين الجبهة الشرقية، في خضم تواجد عدد من الحركات المسلحة في شرق السودان، ذات الارتباط بالمظالم السياسية والمجتمعية بالشرق.

ويشير أبو فاطمة اونور إلى تفاهمات واتصالات بين الحكومة وحركات شرق السودان برعاية اريتريا. مبيناً إن ذلك ما دفع البرهان للزيارة الأخيرة.

ووفقاً لمراقبين فإن ملف المشاركة في السلطة والوظائف الإدارية للحركات المسلحة لشرق السودان يعد أحد الملفات المطروحة في منضدة العلاقة بين البلدين.

وأكد ابوفاطمة حتمية التقارب في ظل توافر العديد من أساسيات الانسجام بين الحكومة وحركات شرق السودان دون افتراض تعقيدات وهواجس مسبقة، ولكنه أكد في الوقت ذاته أن الوضع الحالي لا يسمح ولا يحتمل أدني مناورات من الطرفين. ودعا الحكومة للإسراع في السعي بعقل وقلب مفتوح نحو الحركات.

حزام أمني

ووفقاً لموقع تسفا نيوز الاخباري المقرب من الحكومة الارترية، فإن إرتريا ترغب في إبقاء منطقة شرق السودان بعيدة عن أيدي مقاتلي قوات الدعم السريع حتى لا يعبر العنف حدودها.

وقال الموقع إن إرتريا تتمسك بسياسة “عدم التدخل” في الشؤون الداخلية لجيرانها، طالما أن التطورات في الدول المجاورة لا تشكل تهديدًا مباشرًا أو غير مباشر لأمنها أو مصالحها الوطنية.

يقول الكاتب الصحفي خالد محمد طه لراديو دبنقا إن المصالح الإريترية في السودان تقوم على مجموعة من الجوانب الأمنية، والاقتصادية، والسياسية، واهمها الأمن الحدودي، ومنع تسرب الأسلحة والمسلحين المناوئين عبر الحدود. “
وقال إن الاستقرار في شرق السودان، مهم بالنسبة لإريتريا لضمان عدم وجود تهديدات أمنية من التنظيمات الارترية المعارضة لاسمرا.

ويقول خالد محمد طه إن تدريب قوات الحركات يأتي في إطار إنشاء ارتريا حزاما امنيا، يبدأ في نقاط بعيدة عن الحدود مع كل الدول المجاورة لها، بغرض وضع مصدات مسبقة للتحديات الأمنية والنزاعات المحتملة في البلدان المجاورة وكل منطقة البحر الأحمر وشرق أفريقيا.

ويعتبر طه تدريب تلك القوات خارج السودان خطأ كبيراً محملاً المسئولية للقيادة العسكرية في السودان، ولقيادات تلك التنظيمات السودانية، وأضاف “بالطبع لا يستقيم توجيه اللوم إلى إرتريا لقيامها بإنشاء حزامها الأمني، طالما أن هناك جهات سودانية وافقت وساعدت وسعت لذلك”.

ووفقاً لمصادر متطابقة تحدثت لراديو دبنقا فإن الاستخبارات العسكرية كانت قد وافقت على مضض بفتح معسكرات التدريب في ارتريا بداية العام الجاري، وحاولت اقناع الحركات المعنية بالعودة للتدريب في السودان ولكنها لم تبلغ مخاوفها للحكومة الإريترية خوفا من إثارة حفيظتها، سيما وأنها تعتبر من أشد الدول مناصرة للقوات المسلحة خلال الحرب الحالية.

وبعد إعلانها الانتشار في شرق السودان، زار وفد الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة بقيادة الأمين داوود العاصمة الإريترية أسمرا في نوفمبر الجاري والتقى بالرئيس الارتري اسياس افورقي في العاصمة الارترية أسمرا. وقالت الجبهة في بيان إن الرئيس الإرتري اطمأن على موقف الحركات بشرق السودان وجاهزيتها لما أسمته “بالمشاركة والتصدي لحماية السودان والمنطقة من كل الأطماع الأجنبية”.

ويرى عثمان ميرغني أن زيارة وفود سودانية أهلية أو سياسية إلى اسمرار بات أمر طبيعيا لطبيعة العلاقات بين البلدين.

https://twitter.com/hawelti/status/1861415550783508714

تلويح بالتدخل
وفي أكتوبر الماضي، زار رؤساء تحرير عدد من الصحف السودانية العاصمة الإرترية أسمرا، وقالوا إن افورقي أكد لهم أن ارتريا لن تقف على الحياد وأنها ستتدخل للمشاركة فيها في حال وصول الحرب إلى كسلا والقضارف والبحر الأحمر والنيل الأزرق.

وحذر أفورقي دول جوار لم يسمها قال إنها تعمل على تمرير السلاح والمسيرات عبر أراضيها إلى الدعم السريع وقال إن الجيش الإريتري جاهز لردعها، خاصة على الجبهة الشرقية.

واعتبر خالد محمد طه إن تصريحات الرئيس الارتري اسياس افورقي بالتدخل العسكري المباشر في حال أن وصلت الحرب الى ولايات شرق السودان، تأكيد لفكرة الحزام الامني، بل أوضحت تلك التصريحات مدى امتداد ذلك الحزام في العمق السوداني، وعلاقته بالجوار الاثيوبي أيضا.

مصالح اقتصادية

وتعتبر المعابر الحدودية بين السودان وارتريا ذات أهمية قصوى في التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين، ويقول خالد محمد طه إن ارتريا تعتمد على السودان بشكل كبير ومؤثر جدا.


وخلال نوفمبر الجاري، كشفت الحكومة السودانية عن اكتمال 80% من العمل بمعبر “اللفة” الرئيسي الرابط بين السودان وأريتريا.


وأوضح مدير إدارة القطاع الشرقي بشرطة الجمارك، العميد حافظ التجاني، أنه تم تشكيل لجنة من وزارة المالية الاتحادية والجمارك والشرطة لتكملة أعمال صيانة المعبر وافتتاحه بشكل رسمي للتجارة الحدودية مع دولة أريتريا، مشيرا إلى ورود طلبات عديدة من الموردين والمصدرين بغرض التجارة مع أريتريا.


وقال إن دائرة جمارك كسلا تعمل بتناغم تام مع بقية مكونات حكومة الولاية ولها أدوار رقابية في معابر (كراييت، عواض، اللفة وحمداييت).

ويقول خالد طه راديو دبنقا إن معبر اللفة مغلق اسميا، لان السلطات السودانية سبق أن أعلنت تكرارا فتح المعبر؛ من جانب واحد، ثم استخدم بواسطة مسؤولين كبار مثل مني اركو مناوي، في دلالة على زوال أسباب إغلاق المعبر، في السنة الأخيرة من حكم الجنرال عمر البشير، ثم اخيرا وبعد حرب 15 ابريل أعلنت إرتريا فتح كل حدودها واراضيها واجوائها لاستقبال السودانيين.


ويضيف: “بالنسبة لموضوع الرسوم الجمركية، وبالرغم من وجود نقاط لسلطات الجمارك على جانبي الحدود إلا انه ولعقود طويلة لم تعمل تلك السلطات الا في مجال مكافحة أنشطة التهريب، ولم يسبق لإريتريا أن طبقت أي من الاتفاقيات الثنائية بينها وبين السلطات السودانية، في مجالات التعاون التجاري. وتابع : “كانت لإرتريا دائما طرائقها الخاصة التي لم تكن ترضي السلطات السودانية دائما، ولم يكن ذلك التجاهل حصرا على المعاملات التجارية فقط؛ بل حتى في الموضوعات الأمنية والعسكرية المتصلة بتأمين الحدود حيث لم يجرى أي تنسيق مشترك.


ويلخص خالد محمد طه العلاقات بين ارتريا والسودان قائلاً: “لاسمرا طريقتها في إدارة أمورها المتصلة بشرق السودان، وكانت الخرطوم لا تمانع كثيرا، والآن تقوم بورتسودان بذات الدور”.

Welcome

Install
×