العقوبات الدولية بين تطبيق العدالة وآليات التنفيذ..!!
امستردام: الخميس 21/ نوفمبر/2024م: راديو دبنقا
تقرير: سليمان سري
اعتبر الخبير القانوني د. نبيل أديب في حديث لراديو دبنقا “أن العقوبات الصادرة من وزارة الخزانة الأمريكية، عقوبة صادرة من دولة، وليس لها اختصاص بتطبيقها إلا في إطار الدولة نفسها، مشيرًا إلى أنها تختص بالحسابات والممتلكات الموجودة في أمريكا، لكن العقوبات الدولية الصادرة من مجلس الأمن تطبقها كل الدول لأنه حسب ميثاق الأمم المتحدة فإنَّ على أعضائها الالتزام بما يصدره مجلس الأمن وفق الفصل السابع من قرارات.”
وكانت لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة قد أعلنت عن فرض عقوبات على كل من القائد بقوات الدعم السريع عثمان محمد حامد محمد “عمليات” وقائد منطقة غرب دارفور عبد الرحمن جمعة بارك الله. وأمرت بحظرهما من السفر وتجميد أصولهما، لاتهامهما بالتورط في ارتكاب جرائم تنتهك القانون الدولي الإنساني في حرب 15 أبريل 2023.
قبل ذلك اصدرت الولايات المتحدة عقوبات على عدد من المسؤولين من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على حد سواء، بذات الاتهامات، وانهالت العقوبات من بريطانيا والاتحاد الأوربي ودولًا تخلت عن دبلوماسيتها لتستخدم سلاح العقوبات كغيرها مثل كندا.
شكوك في شرعية العقوبات:
وأوضح أديب في حديثه لـ”راديو دبنقا” أن هنالك شك في شرعية العقوبات التي تصدرها الولايات المتحدة أو أي دولة منفردة، ورأى أن الصحيح هو التقيد أن تصدر العقوبات في إطار الاختصاص القضائي للدولة، بمعنى أن تكون وقع الشيء المعاقب عليه في الدولة أو يكون للدولة صلة به بشكل يجعل لقضائها اختصاص ووفي هذه الحالة نفسها يجب أن تصدر من جهة قضائية وليست تنفيذية.
طابع سياسي:
وعاب الخبير القانوني د. نبيل أديب العقوبات الأمريكية بأنها سياسية كونها صادرة من جهة ذات طبيعية سياسية، تحديدًا من وزارة الخزانة الأمريكية مذكرًا بأنها ليست لديها أي اختصاص قضائي.
وأضاف ” إن هذه العقوبات انتقدت كثيرًا باعتبار أنها لا أساس لها من القانون وإنما أعمال بطش سياسية ولا تصح، واعتبر أن الصحيح اللجوء إلى المحاكم الدولية حينما تكون تلك المحاكم مختصة في النظر في الدعوى.”
واعتبر أن ما أصدره مجلس الأمن من جزاءات في حق قادة قوات الدعم السريع عثمان حامد وعبد الرحمن بارك الله، هي إجراءات يأخذها مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة والذي يمنحه، سلطة لمواجهة الإخلال بالسلام وإعادة الأمور الدستورية إلى نصابها. مؤكدًا على أن هذه الإجراءات شرعية وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.
وحول مدى تأثيرها سواء كان على المطلوبين أو على الوضع الميداني، قال أديب “أنها ليست حاسمة لكن مجلس الأمن لديه سلطات أكثر بموجب الفصل السابع المادة “39 و 40” والتي تتضمن إجراءات تمنح مجلس الأمن الحق بفرض قراراته بالقوة المسلحة وهي قوة يكونها المجلس من الجنود التابعين للأعضاء في الأمم المتحدة.
عقوبات وفق المصالح:
واتفق المحامي عثمان صالح مع ما ذهب إليه الخبير القانوني نبيل أديب أن العقوبات الأمريكية الصادرة من وزارة الخزانة وهي إجراءات قانونية بالنسبة للولايات المتحدة، لكنها ذات طابع سياسي. وقال صالح في حديثه لـ”راديو دبنقا” “إن القرارات الصادرة من مجلس الأمن الدولي قانونية صادرة من جهة تمثل كل الدول على مستوى العالم المنضوية تحت لواء الأمم المتحدة، وهو الذي يحددها كونه يحافظ على السلم والأمن الدوليين.”
وقال إنَّ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يفترض أن تجد الاستجابة من كل الدول الأعضاء في الأم المتحدة لكن بعض الدول لا تلتزم بتطبيق القرارات بتجميد أصول الشخصيات الذين فرضت عليهم العقوبات، وتسمح لهم أن يعبروا أجوائها رغم حظر السفر.
تجارب مع الجنائية:
وقال صالح: لا الولايات المتحدة ولا مجلس الأمن لديهما وسائل لفرض قراراتهما على الدول التي لا تطبق العقوبات وتخرق هذه القرارات ولم تجمد الأرصدة للأشخاص الصادرة بحقهم عقوبات، ورأى بان لمجلس الأمن سلطة إحالة القرارات المتعلقة بالعقوبات التي صدرت في حق الذين تمت معاقبتهم من قبل المجلس إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وخلص إلى أن العقوبات غير فاعلة طالما ليس هنالك سلطة تنفذ أوامر توقيف.
وأصدرت الشرطة الجنائية الدولية “الانتربول” النشرة الزرقاء قبل أيام في حق ذات الشخصين الذين صدرت بحقهما عقوبات من مجلس الأمن، ما يشير إلى جدية مجلس الأمن في تنفيذ القرارات.
واعتبر المحامي عثمان صالح أن الهدف من تعميم وإعلان النشرة الزرقاء هو جمع مزيد من المعلومات عن الشخص والأشخاص المطلوبين، ومعرفة أماكن تواجدهم والأنشطة التي يقومون بها حول التحقيق الجنائي الجاري.
من جهته قال المحامي محمد بدوي لـ”راديو دبنقا “عقب صراع دارفور 2003 أصدرت لجنة العقوبات بالأمم المتحدة قرارًا بالرقم 1519/2005 بمعاقبة أربعة شخصيات سودانية وضعوا على علاقة بالأوضاع في دارفور، منهم آدم يعقوب شريف احد قادة حركات دارفور تشير المصادر إلي وفاته في 2012، موسى هلال الزعيم العشائري والذي يعتبر مؤسس للمليشيات بدارفور، اللواء جعفر محمد الحسن قائد الجيش للمنطقة الغربية آنذاك، وأخيرا جبريل عبدالكريم أبو أحد قادة الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية في 2006.
وأضاف: لاحقًا في 2007 أصدرت الإدارة الامريكية عقوبات على الفريق عوض بن عوف قائد استخبارات الجيش آنذاك، وتوالت العقوبات الاقتصادية سواء من مجلس الأمن أو الإدارة الامريكية أو الاتحاد الأوروبي على قادة مختلفين في الصراع السوداني الحالي.