توقيف سودانيين على أساس جنائي وسياسي وخبير يؤكد على سلامة موقف تقدم بمخاطبة الانتربول
امستردام: السبت 16/ نوفمبر/2024م: راديو دبنقا
أكد مدير المكتب الوطني السابق للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية “الانتربول” في السودان اللواء شرطة حيدر أحمد سليمان، أن الانتربول أكبر منظمة جنائية دولية على امتداد العالم، مشيرًا إلى أن آخر اجتماع انتهى قبل أيام في اسكوتلاند بلغ عدد الدول الأعضاء فيه 196 دولة.
وقال سليمان لـ”راديو دبنقا” إنَّ الانتربول يتميز عن كآفة المنظمات الدولية بما فيها الأمم والتحدة بأن لديه شبكة اتصال على مدارة الثانية تربط كل الدول الأعضاء مع بعضها البعض، والتي عبرها يتم إرسال الرسائل والتقارير في ثواني، أو تعمم لكآفة الدول الأعضاء أو تستهدف بها دول معينة أو دولة بعينها أو الجهة التي طلبت الخدمة.
وأضاف أن من المهام الأصيلة لمنظمة الانتربول هو أنها تقدم العون لأجهزة الشرطة أو أجهزة انفاد القانون عبر الشرطة في الدول الأعضاء من خلال النشرات التي يمكن أن تصدرها الانتربول، فضلًا عن أنها تقدم خدمات أخرى كثيرة جدا تتعلق بتدريب العاملين وبالمساعدة في التحقيقات وبالتعرف على كثير من الوسائل الحديثة المستخدمة في الجرائم.
النشرة الحمراء
وأوضح أن النشرة الحمراء تعتبر واحدة من النشرات المعتمدة في الانتربول، وواحدة من الوسائل المطلوبة في تقديم العون لدى أي جهة، مشيرًا إلى أنها عبارة عن طلب تقدمه الدولة أو المحكمة الجنائية الدولية أو مجلس الأمن الدولي إلى الأمانة العامة للانتربول، على أساس أنها تقوم بتعميمه على هذه الدول مبينًا أن الدولة لاتخاطب الدولة التي تعتقدأنها تأوي الأشخاص المطلوبين لديها.
وتابع قائلًا:”لكن يتم الاتصال بالأمانة العامة ومقرها في ليون بفرنسا وبعدها يتم تعميمها للدول الأعضاء أو للدولة المعنية، وقال عندما تتقدم الدولة بطلب لإصدار النشرة الحمراء لاتتم الموافقة عليه تلقائيًا لمجرد استلام الطلب منها، وإنما يعرض طلب الدولة المعنية على طاقم خاص يسمى بـ “فريق عمل إصدار النشرات وتعميمها”.
وفي هذا الصدد أصدر النائب العام لجمهورية السودان، الفاتح طيفور، مذكرات توقيف بحق 346 متهماً هارباً من قيادات تتبع لقوات الدعم السريع، كما طالبت الشرطة الجنائية الدولية الأنتربول بإصدار نشرة حمراء ضد 16 آخرين من قيادات وعناصر تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” على رأسهم رئيس التنسيقية د. عبدالله حمدوك رئيس الوزراء السابق.
غير أن الخبير القانوني والضابط السابق في الانتربول د. عبدالرحيم حاج الأمين وصف موقف تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم” بمخاطبة الانتربول بعدم تنفيذ مذكرة النائب العام بإصدار النشرة الحمراء، بأنه قرار سليم وخطوة صحيحة لتبرئة ساحتهم، وإبلاغ الانتربول بأنهم غير معنيين بهذا الإجراء وأنه قائم على أساس سياسي، مشيرًا إلى أن المادة 3 من قانون الانتربول تمنع تدخله في توقيف المطلوبين على أساس سياسي.
المادة 3:
وأشار المدير السابق للانتربول في السودان اللواء حيدر أحمد سليمان إلى أن هذا الفريق يضم ضباط شرطة وقانونين يخضعون هذا الطلب لدراسة وتقييم ومدى موائمته مع النظام الأساسي للانتربول، بالتركيز على المادة 3 والتي تعتبر مهمة في تقييم طلبات النشرات كونها تتحدث عن عدم تدخل الانتربول في قضايا ذات طابع سياسي أو ديني أو عنصري أو عسكري إلا أنه استدرك قائلًا: “إن هذا الأمر كان في السابق”.
مكافحة الجرائم:
وقال لـ”راديو دبنقا”: الآن أصبح من أولويات الانتربول أن يكافح جرائم الإرهاب والتي أصبحت واحدة من دوافع ارتكابها أغراض سياسية أو عنصرية أو دينية لايوجد خلاف ذلك، والتي تنتج عنها جرائم إرهابية خاصة فيما يتعلق بالإبادة الجماعية والتهجير القسري وجرائم الاغتصاب بغض النظر عن المادة 3 الواردة في النظام الأساسي، فإنَّ الانتربول أصبح يصدر نشرات حمراء مثل ماحدث في رواندا في حرب المئة يوم التي بدأت في أبريل وانتهت في يوليو 1995م وكان ضحاياها قرابة المليون.
وتابع قائلًا: ” تم القبض على أعداد كبيرة من المتهمين وتم تقديمهم للمحاكم الدائمة في العاصمة الرواندية كيجالي وبإقليم أروشا بتنزانيا، وكذلك في مدينة ليون في فرنسا، وماترتب عنها مثل ما يحدث الآن في السودان وهو أعظم بكثير ويفوق فظاعة عما حدث في رواندا”.
واعتبر أن القيمة القانونية للنشرة الحمراء نفسها وهي تعتبر واحدة من أهم نشرات الانتربول وهي تتفاوت من دولة إلى أخرى، وعزا السبب إلى أنه لاتوجد اتفاقيات أو معاهدات دولية تنظم نشرات الانتربول وأن هنالك دول تعطي النشرة الحمراء قيمة قانونية أعلى ودول قد لاتعطيها نفس المعيار.
ورأى إنه من الضروري أن تكون هنالك معاهدة دولية كغيرها من المعاهدات بين كل الدول الأعضاء فيما يختص بكيفية التعامل مع النشرات الحمراء، وقال: بغض نظرعن وجود اتفاقية تسليم مجرمين بين الدولة والأخرى، هنالك دولة كانت في السابق تتذرع بعدم وجود اتفاقية لتسليم المجرمين لكن الانتربول حث دول على أن تبادر للمعاملة بالمثل.
وأوضح أن المطلوب الآن من كل الدول أن لا تكون أي دولة ملاذ آمن ومهارب يأمن فيها مرتكبو الجرائم ويلوذوا بها ويكونوا بعيدين عن الملاحقات القانونية والقضائية لذلك أصبح ليس من الضرورة أن تكون هنالك اتفاقية لابد أن الدول تتعامل بالمثل.
النشرة الزرقاء:
قال اللواء سليمان لـ”راديو دبنقا” إنَّ النشرة الزرقاء صدرت في مواجهة إثنين من المطلوبين من قادة قوات الدعم السريع، لكنه لايعلم إن كانت قد صدرت بناءً على طلب من مجلس الأمن الدولي أم لا لكنه أشار لإلى أن المجلس والمحكمتين الدوليتين “العدل الدولية والجنائية الدولية” لديهم اتفاقية مع الانتربول أو بناءً على طلب حكومة السودان يمكن أن يكون قد تم إصدار النشرة.
وتابع: “لكن النشرة الزرقاء أصلًا الغرض منها الكشف عن أماكن وجود شخص أو أشخاص يمثلون أهمية في تحقيق جنائي مطلوب من قبل الجهة التي طلبت إصدار النشرة الزرقاء وهذه النشرة معنية بالكشف والتعرف على مكان وجود هذا الشخص أو الأشخاص المطلوبين في أي بلد والهويات التي يحملونها بغض النظر عن جنسيته الأصلية فمن الممكن أن يحصل الشخص على جنسية أخرى بالتوطن، لكن النشرة الزرقاء تطلب من الدول الأعضاء تحديد مكان الشخص المطلوب والذي يمثل أهمية في التحقيقات التي تجريها الدولة الطالبة عن هويته أو الحضور على ما عن واد عنه أو مكان تواجده أو تحركاته.
نشرات أخرى:
وعلى ذات السياق قال الخبير والضابط السابق في الانتربول د. عبدالرحيم حاج الأمين لـ”راديو دبنقا” هنالك عدة نشرات تتبع للانتربول بخلاف الحمراء والزرقاء، فالنشرة الخضراء علىسبيل المثال تُستخدم للتحذير من الأشخاص الذين يشكلون خطراً على السلامة العامة، مثل المجرمين الذين أُطلق سراحهم ويُعتقد أنهم سيعيدون ارتكاب الجرائم. وهي وتحذير الدول الأخرى من شخص معين.
وأضاف أن هنالك أيضًا النشرة الصفراء والتي تصدر بغرض العثور على المفقودين، خاصةً القُصر، أو في التعرف على الأشخاص الذين لا يستطيعون التعرف على هويتهم.
وأوضح أن الانتربول لديه النشرة السوداء والتي تصدر أوتُستخدم للإعلان عن جثث مجهولة الهوية.
كما أن النشرة البرتقالية، تُستخدم للتحذير من حدث، شخص، أو مادة تشكل خطراً على السلامة العامة.
بينما النشرة البنفسجية:- تُستخدم لتبادل المعلومات حول الأساليب الإجرامية، مثل طرق الهروب أو تنفيذ الجرائم.
وذكر الخبير القانوني في مجال الانتربول حاج الأمين أن هنالك ملف الاسترداد ويقصد به الملف الذي ترسله الدولة طالبة التسليم للدولة التي نفذ فيها أمر القبض، ويرسل بالطرق الدبلوماسية بعد تنفيذ القبض.
ويتم ابتدأ عن فتح الدعوى الجنائية واكتمال التحريات وصدور أمر القبض للشخص المتواجد خارج السودان، كما يتم تصوير ملف التحريات صورتين وكذلك امر القبض. وأضاف تختم كافة الصفحات (الآن) بختم النيابة المختصة، وترسل صورة من الملف الي (لجنة مختصة) في ديوان النائب العام للتأكد من اكتمال الإجراءات الشكلية، ومن ثم يرسل لإدارة الإنتربول في (الشرطة السودانية) التي تقوم بإرسال امر القبض الي الإنتربول في تلك الدولة، إذا تم القبض تقوم الدولة المذكورة بطلب الملف الذي يرسل كما أشرنا بالطرق الدبلوماسية.
وأوضح الخبير القانوني والضابط السابق في الانتربول التسليم أن هنالك طريقين لتسليم المطلوبين، الأولى عن طريق التسليم الإداري وهو يتم خارج القضاء (المحكمة المختصة) وذلك بموافقة المطلوب بالرجوع للسودان أو أن يتم ابعاده ان خالف قوانين الإقامة.
أما الطريقة الثانية للتسليم القضائي وهذا يتم بعد عرض المتهم والملف أمام المحكمة المختصة التي تفتي في طلب التسليم، ولكنه رأى بأنه دائما ما يتذرع المقبوض عليهم بأنهم مطلوبين في قضايا سياسية.
وقال د. حاج الأمين من واقع خبراتنا في مجال المحاماة اكلمنا إجراءات ثلاثة ملفات تسليم اثنين إداريين والثالث قضائي في لبنان ومصر.
تجارب في توقيف متهمين:
وفي الثالث والعشرين من سبتمبر 2004 تم توقيف العميد عبدالعزيز خالد رئيس المكتب التنفيذي للتحالف الوطتي السوداني وعضو هيئة قيادة التجمع الوطني الديمقراطي، بناءً علي طلب من الانتربول العربي في مطار ابوظبي الدولي، واحالته الي النيابة العامة للتحقيق معه بشان مذكرة اعتقال صادرة بحقه من السلطات السودانية بتهمة قيامه باعمال ارهابية وقد تم تسليمه إلى السودان بعد شهر من الاعتقال.
وفي يناير أعلنت الإمارات إنها قادت عملية واسعة للشرطة الدولية في السودان أدت إلى توقيف رئيس شبكة كبيرة لتهريب البشر. ويدعى “كيدان زكرياس حبت مريم معروف باسم “كيدان” إريتري الجنسية وذلك في الأول من يناير في السودان، وهو مطلوب بتهم من بينها تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر وغيرهما.
وسبق أن اعتقل كيدان في إثيوبيا في العام 2020 لكنه فرَّ بعد عام واحد، وحكم عليه بعد ذلك غيابيًا بالسجن مدى الحياة.
وبحسب الإنتربول فإن كيدان “مطلوب لقيادته منظمة إجرامية قامت على مدى عدة سنوات باختطاف وإساءة معاملة وابتزاز المهاجرين من شرق إفريقيا لتهريبهم إلى أوروبا” وقد قام بتهريب “مئات من الضحايا”.