المجموعات النسوية في السودان بين الملاحقات الأمنية والعنف الإجتماعي
أمستردام، كمبالا: الجمعة 8 نوفمبر 2024: راديو دبنقا
قال مركز الألق للخدمات الصحفية، إن الملاحقات الأمنية والاعتقالات، من ابرز التحديات التي تعرقل نشاط المجموعات النسوية في السودان و تهدد استمرارية عمل الناشطات وتحدّ من قدرتهن على التواصل الفعّال مع الجمهور.
وأجرى المركز مسحاً لمدة اسبوع خلال نوفمبر الجاري، لتتبع الصفحات الاعلامية لعدد من المجموعات المدنية والنسوية للوقوف على نوع القضايا التى تُنشر وتفاعل المتابعين معها وعددهم، ومدى اهتمام المجموعات بتحديث الصفحات ومتابعتها.
واهتم المسح كذلك برصد تأثير تلك المجموعات ودورها في إيصال أصوات النساء في وسائل الإعلام، مع تسليط الضوء على تحدياتهن في ظل الأوضاع الراهنة واحتياجاتهن التدريبية.
تضمن المسح لقاءات مع عدة مجموعات نسوية، واستبيانات ورصدًا لمنصاتها الإعلامية بهدف فهم طبيعة هذه التحديات واحتياجاتها التدريبية اللازمة لتفعيل دورهن في الإعلام والمجتمع.
التحديات الرقمية والإعلامية
أظهرت نتائج المسح أن المجموعات النسوية تعاني من تحديات في التواصل الرقمي، حيث تفتقر ثلاث مجموعات إلى مواقع إلكترونية وحسابات على تويتر وإنستغرام، مما يجعلها تعتمد بشكل أساسي على صفحات فيسبوك.
وتدار هذه الصفحات، وفقا للمسح، بواسطة لجان إعلامية تعمل على نشر البيانات والتحديثات الخاصة بأنشطة المجموعة، وتتبع هذه المجموعات سياسات تحريرية تركز على تجنب خطاب الكراهية والعنصرية، وتعطي الأولوية لقضايا النساء في دارفور وحقوق النساء ذوات الإعاقة.
تحديات التنسيق والتواصل
من بين التحديات البارزة التي تواجه هذه المجموعات صعوبة التواصل والتنسيق بين العضوات، وذلك نتيجة لظروف الحرب وانقطاع الإنترنت وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مما يؤدي إلى تعقيد إضافي نتيجة مشكلات النزوح واللجوء.
كما تتعرض العضوات لملاحقات أمنية واعتقالات بسبب نشاطهن الاجتماعي والسياسي، مما يشكل عائقًا حقيقيًا أمام استمرارية عملهن.
يضاف إلى ذلك العنف الاجتماعي الذي يحدّ من فرص تغطية قضايا النساء ويمنعهن من المطالبة بحقوقهن خوفًا من ردود الفعل المجتمعية.
تأثير الصراعات والأزمات
وفي ظل تزايد الصراعات القبلية والأزمات، التي تشمل الحروب والتهميش السياسي والتمييز الممنهج، تجد المجموعات النسوية صعوبة أكبر في إيصال رسائلها، إذ يؤدي النزوح وغياب وسائل الإعلام وانقطاع الاتصال إلى إضعاف التغطية الإعلامية لقضايا النساء ويزيد من صعوبة التواصل مع أصحاب المصلحة.
وتنعكس هذه التحديات أيضًا في صعوبة الوصول إلى المعلومات الدقيقة والإحصائيات الضرورية، حيث يتم الإخفاء المتعمد لبعض المعلومات من قبل جهات رسمية، مما يعوق عمل المجموعات في توثيق الانتهاكات.
تحدي نقص التمويل
كما يشكل نقص التمويل عقبة رئيسية تحدّ من تطوير الجهود الإعلامية للمجموعات النسوية، مما يؤثر على استدامة نشاطاتها ويضعف قدرتها على تعزيز صوت المرأة في القضايا المتعلقة بالسلام والمجتمع.
تحليل التواصل الرقمي
اظهرت بيانات الرصد الإعلامي تفاوتًا في مستوى التفاعل بين صفحات فيسبوك التابعة للمبادرات النسوية، حيث يعتمد التحديث بشكل رئيسي على الأنشطة التي تنظمها المجموعات.
وتعتمد مجموعة نسوية فاعلة، تأسست صفحتها عام 2012 ويتابعها أكثر من 2000 شخص، على تحديث الصفحة حسب الأنشطة وتكثف تفاعلها أثناء الحملات.
مجموعة أخرى تأسست في 2015 ولديها نحو 20 ألف متابع، تركز على بيانات وإعلانات الأنشطة وتكثف التحديث خلال الحملات.
وانشأت مجموعة ثالثة صفحتها في 2023 ويتابعها 604 شخصًا وتشارك موضوعات متنوعة، في حين تعتمد مجموعة أخرى على تحديثات غير منتظمة منذ تأسيس صفحتها في 2021، مع قلة التفاعل من المتابعين.
وتتميز مجموعة خامسة بتحديثات منتظمة كل 3 إلى 5 أيام وتركز على إعلانات الندوات وأنشطة المجموعة.
الاحتياجات التدريبية الأساسية
برزت من خلال المسح مجموعة من الاحتياجات التدريبية الأساسية للمجموعات النسوية، بهدف تمكينهن من تعزيز دورهن في العمل الإعلامي والمجتمعي.
تشمل هذه الاحتياجات المناصرة، الكتابة الصحفية، التنسيق، بالإضافة إلى فهم القرار 1325 المتعلق بدور المرأة في السلام والأمن، كما أن هناك حاجة للتدريب على مهارات الحصول على التمويل، الحماية، التفاوض، وقيم العدالة الانتقالية.
تؤكد نتائج المسح أن المجموعات النسوية في السودان تواجه تحديات كبيرة تعيق قدرتها على تعزيز أصوات النساء وإيصالها عبر وسائل الإعلام، في ظل نقص التواصل الرقمي والتحديات الأمنية والاجتماعية.
ويعد تحسين البنية الإعلامية وتوفير التدريب المستدام للمجموعات خطوة مهمة لتحقيق أهدافها، مع ضرورة بناء شراكات مستدامة لدعم قضايا المرأة والمشاركة في السلام والمجتمع.