وصول نازحين جدد من الفاشر إلى مناطق الطويلة، وروكرو وقولو ومعسكر سورتوني ـ مصدر الصورة ـ مواقع التواصل الاجتماعي

أمستردام: 5 نوفمبر 2024: راديو دبنقا

رصد المراقبون لتطورات العمليات العسكرية في السودان انحسارا كبيرا في المواجهات المباشرة بين الجيش وقوات الدعم السريع فيما عدا محور مدينة الفاشر الذي يشهد تصعيدا يوميا.

وواصل الطيران الحربي خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية قصف تجمعات الدعم السريع في عدة مناطق، في مقدمتها الأحياء الشرقية لمدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور ومناطق سوق كرور وشمبات والكلاكلة في ولاية الخرطوم مخلفا عددا من القتلى والجرحى، الأمر الذي تسبب في توقف المستشفى التركي عن استقبال مزيد من المصابين بسبب اكتظاظه بالجرحى.

في هذا الإطار، أكد ضابط متقاعد وعضو في القيادة المركزية للضباط والجنود المتقاعدين (تضامن)، طلب عدم الكشف عن هويته في حديث لراديو دبنقا، أن هناك بعض الأمور الهامة لاستمرار الحرب وهي مفقودة في المسرح حاليا لكلا الطرفين.

ونوه إلى أن أمد الحرب يطول إذا كان هناك دعم معنوي قومي كامل لأي من الطرفين أو إذا انقسم الشعب بين الطرفين، مضيفا أن الحرب الحالية لا يدعمها الشعب السوداني في عموم قطاعاته الواسعة، بل هو الذي يتعرض للخسائر واحبطت معنوياته بشكل كبير، لذلك من غير المستغرب توقف الحرب لفترات، حسب قوله.

وأضاف الضابط المتقاعد أن هناك عاملا آخر هو أن الذي يشعل الحرب هو الذي يملك الدافعية ويصر على استمراريتها.

وتابع قائلا إن كلا الطرفين، الجيش والدعم السريع، فوجئا بالحرب ولم يكونا في حالة استعداد وجاهزية لوجستية ولا معنوية ولا حتى من حيث التخطيط.

واعتبر أن المسؤولين الحقيقيين عن إشعال الحرب هم الإسلاميين وقد ضجت الاسافير بتصريحاتهم في هذا الخصوص وقد وضعوا طرفي الحرب أمام الأمر الواقع وأن الجيش كمؤسسة والدعم السريع كقوة عسكرية لم يملكا قرار بدء الحرب، حسب وصفه.

الجيش ينسحب إلى أمدرمان
وعلى الصعيد الميداني في الخرطوم، أبلغ مصدر عسكري راديو دبنقا أن الجيش سحب ارتكازاته في منطقة المقرن وأن قواته عبرت جسر النيل الأبيض في اتجاه أمدرمان.

ويأتي ذلك بعد أقل من شهر من نجاح قوات الجيش في عبور كبري النيل الأبيض للمرة الأولى منذ بداية الحرب وسيطرتها على أجزاء من منطقة المقرن.

لكن هذه القوات لم تنجح في التقدم في اتجاه منطقة وسط العاصمة وظلت المعارك تدور بين الجانبين في المنطقة المحيطة بمدخل كبري النيل الأبيض من جانب مدينة الخرطوم.

وبسبب صغر المساحة التي يتقاتل عليها الطرفان، تجنب الجيش استخدام سلاح الطيران وتفادي الدعم السريع قصفها بالمدفعية حتى لا يوقع كل طرف خسائر في صفوف قواته.

الدعم السريع يواصل حملاته في شرق الجزيرة

بالمقابل، تواصل قوات الدعم السريع حملتها على قرى شرق الجزيرة حيث اقتحمت يوم أمس 4 نوفمبر “القرية 50” بمحلية أم القرى، الواقعة على بعد 40 كيلومترا شرق مدينة ودمدني، عاصمة ولاية الجزيرة، وأسفر الهجوم عن سقوط 5 قتلى من المدنيين وعدد من الجرحى لم يكتمل حصرهم، حسب بيان صادر عن منصة نداء الوسط التي اتهمت قوات الدعم السريع باستخدام أساليب غاشمة من النهب والقتل والتنكيل.

من جانبها، أكدت شبكة أطباء السودان، الموالية للجيش، مقتل 13 شخصاً بينهم عمدة قرية البروراب، صديق حاج النور، بينما أصيب العشرات جراء هجوم نفذته قوات الدعم على القرية.

على ذات الصعيد، قال بيان أصدره مؤتمر الجزيرة، وهو كيان مدني يرصد الانتهاكات في ولاية الجزيرة، إن “عدد شهداء مدينة الهلالية بمحلية شرق الجزيرة ارتفع إلى 23 شهيدًا، بينهم 13 لقوا حتفهم رميًا بالرصاص، كما تجاوز عدد الإصابات 40 جريحًا”.

وتقع بلدة الهلالية على بعد 70 كيلومترا من عاصمة الولاية ودمدني في اتجاه الشمال الشرقي.

وكشف البيان أن قوات الدعم السريع اقدمت على نهب المدينة، وحرق عدد من المرافق العامة، وارتكبت أبشع الانتهاكات الإنسانية بحق المواطنين العزل، بما في ذلك الاعتداء الجنسي على عدد كبير من النساء، حسب البيان.

وقد أطلقت قوات الدعم السريع حملتها على قرى شرق الجزيرة بعد الإعلان عن انضمام قائدها السابق في محور الجزيرة، أبو عاقلة كيكل للقوات المسلحة في 21 أكتوبر الماضي.

وفيما يصف سكان المنطقة هذه الهجمات بالانتقامية وأن هدفها إفراغ القرى من مواطنيها، تدعي قوات الدعم السريع أنها تعمل على “تنظيف” هذه المنطقة من كتائب المستنفرين وفلول النظام السابق الذين سلحهم الجيش لمواجهة قوات الدعم السريع.

وتتفاوت الأرقام بشأن عدد المتأثرين من هذه الهجمات، حيث اطلقت اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء السودانيين نداءً عاجلًا بضرورة التدخل لإنقاذ نحو 50 ألف نازح من ولاية الجزيرة، فرّوا من المناطق الشرقية نحو ولايات كسلا والقضارف ونهر النيل ويعيشون أوضاعاً إنسانية بالغة القسوة.

من جانبه، أشار مؤتمر الجزيرة إلى أن هجمات قوات الدعم السريع، التي وصفها بالانتقامية على شرق الجزيرة، تسببت في نزوح نحو 400 ألف شخص، بعد أن هُجر سكان نحو 400 قرية بشكل كامل من أصل 515 قرية في المنطقة.

حظر التجول في النهود

أصدرت لجنة أمن محلية النهود بولاية غرب كردفان، قراراً بفرض حظر التجوال في المدينة من السادسة مساءً وحتى السادسة صباحاً مع إغلاق جميع الأسواق والمحال التجارية. وصدر القرار بعد ساعات من وقوع اشتباكات عنيفة بين الشرطة ومجموعة من المستنفرين المساندين للجيش وقوات الاحتياطي (الدفاع الشعبي سابقا) أوقعت قتلى وجرحى في صفوف الطرفين بينهم ضابط شرطة و 3 من قيادات قوات الاحتياطي.

تضييق الحصار على الفاشر

تعرضت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، لقصف مدفعي كثيف من قبل قوات الدعم السريع يوم الإثنين 4 نوفمبر 2024، حيث اطلقت هذه القوات عددًا كبيرًا من قذائف المدفعية الثقيلة على المدينة.

وقد أفاد سكان من المنطقة لراديو دبنقا بأن القصف استهدف عدة مواقع داخل الفاشر، مما أدى إلى حالة من الذعر بين المواطنين.

وأوضح أحد المواطنين من الفاشر أن قوات الدعم السريع تتسلل إلى الأحياء الشرقية للمدينة، حيث تندلع اشتباكات مع الجيش والقوات المشتركة، قبل أن تخرج مرة أخرى.

وتسببت هذه العمليات العسكرية في نزوح العديد من السكان من الأحياء الشرقية، التي أصبحت بؤرة للاشتباكات والقصف.

وأشار المواطن الذي تحدث لراديو دبنقا إلى أن القصف كان عنيفًا ومتواصلًا منذ الصباح الباكر حتى فترة الظهيرة، مما زاد من معاناة السكان الذين يعيشون في ظروف صعبة نتيجة النزاع المستمر.

وتسبب استمرار المعارك والقصف الجوي والمدفعي على مدينة الفاشر في فرار أعداد كبيرة من سكان المدينة إلى مناطق جبل المرة الواقعة تحت سيطرة حركة تحرير السودان، قيادة عبد الواحد النور.

وقدرت مصادر في لجان الطوارئ المحلية أعداد النازحين في الأيام الأخيرة بما يزيد عن 15 ألف نازح توزعوا على مناطق طويلة ومرتال وقولو ودربات وروكرو.

وتواصلت النداءات من أجل إغاثة ضحايا هجمات قوات الدعم السريع في منطقة برديك والقرى المحيطة بها في شمال كتم بولاية شمال دارفور.

ويأتي ذلك بينما تعالت التحذيرات من استعدادات لقوات الدعم السريع في منطقة كلبس بولاية غرب دارفور لاجتياح بلدات أمبرو والطينة وكرنوي الحدودية مع تشاد الواقعة تحت سيطرة القوات المشتركة والجيش السوداني.

إدخار القوة

وشدد الضابط المتقاعد وعضو القيادة المركزية للضباط والجنود المتقاعدين (تضامن)، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، في حديثه لراديو دبنقا، على أن مشعلي الحرب في الطرف الثالث من الإسلاميين تبنوا مبدأ ادخار القوة حسب قناعتهم الإيديولوجية بأنه ليست هناك حاجة للجيوش وبالتالي ذهبوا إلى الاستنفار، مما يعني أن هذه الحرب فرضت فرضا، حسب قوله.

وأضاف أن كلا طرفي الحرب كان يحسان بهذا الأمر، خصوصا الدعم السريع، وبالتالي لم يكن استمرار الحرب بنفس الدافعية والقوة ممكنا، وكان لا بد أن تهدأ مسارح العمليات من حين لآخر لتبدأ التعبئة والدعم من جديد وتستمر الحرب.

واعتبر الضابط المتقاعد أن انخفاض وتيرة الحرب بين الطرفين العسكريين يحولها إلى فظائع وارتكاب جرائم ضد الشعب نفسه وهي تمثل استمرارية للحرب، لكنها توفر نوع من الاستراحة والتراخي للعمليات بين الجانبين العسكريين.

Welcome

Install
×