المركز الأفريقي يرصد 1100 حالة اختفاء قسري
أمستردام/كمبالا – الثلاثاء 29 أكتوبر 2024: راديو دبنقا
أعلن المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام عن توثيقه لـ118 حالة اختفاء قسري في السودان، بينها 102 من الذكور و10 من النساء، وذلك من أصل 1100 حالة رُصدت منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023.
وكشف المركز، خلال مائدة مستديرة حول قضية الاختفاء القسري بين الأطفال والنساء في العاصمة اليوغندية كمبالا، عن احالة ملفي اختفاء قسري إلى لجنة حقوق الطفل الأفريقي، إلى جانب سبعة ملفات أخرى إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري في جنيف، في خطوة تهدف إلى الضغط من أجل الإفراج عن الضحايا وضمان حقوقهم.
وعزت باحثة بالمركز، فضلت حجب هويتها، في تصريح لراديو دبنقا، انخفاض عدد الحالات الموثقة الخاصة باختفاء السيدات إلى عدة عوامل، منها صعوبة توثيق حالات الاختفاء القسري بين النساء بسبب الطبيعة المركبة لهذه الجريمة، التي تتضمن غالبًا انتهاكات إضافية مثل التحرش أو الاغتصاب، مما يزيد من تخوف الأسر من الوصمة الاجتماعية.
وأشارت إلى أن بعض العائلات تتردد في الحديث عن حالات اختفاء النساء خوفًا من العار المجتمعي، مما يعقد عمليات الرصد ويحد من دقة التوثيق.
وأضافت أن الحالات البالغ عددها 118 التي وثقها المركز تتفاوت أعمار ضحاياها بين كبار السن والشباب، مع تمثيل الشباب النسبة الأكبر من المختفين.
وقالت الباحثة إن “معظم المختفين يُحتجزون في مواقع قد تكون معروفة لبعض أهاليهم، بينما يظل الآخرون في أماكن مجهولة، مما يزيد من صعوبة توثيق حالاتهم بدقة”.
وأوضحت أن المركز تمكن من التواصل بشأن سبع حالات مع لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري، حيث أسفر هذا التواصل عن إطلاق سراح شخص واحد بعد تواصل اللجنة مع السلطات السودانية، في خطوة اعتبرها المركز مؤشرًا إيجابيًا، إلا أن باقي الحالات لم تتلقَ أي رد من الحكومة حتى الآن.
كما أشارت إلى أن معايير تقديم القضايا إلى الجهات الدولية تتطلب موافقة أسر الضحايا، مشيرةً إلى أن بعض العائلات ترفض أحيانًا الإحالة رغم جمع المعلومات اللازمة.
وكشفت أن هناك أربع حالات مشابهة رفضت أسرها متابعة الإجراءات الدولية رغم استيفاء كافة البيانات المتعلقة بها.
وأكدت الباحثة أن المركز يواجه تحديات كبيرة في عمليات الرصد والتوثيق، بسبب انقطاع الإنترنت المتكرر وتخوف أسر الضحايا من الإدلاء بالمعلومات خشية الانتقام أو التهديدات، بالإضافة إلى قلقهم على حياة المحتجزين، إذ يخشون من تعرضهم للتعذيب أو القتل في حال الكشف عن معلومات تتعلق بمصيرهم.
وتحدثت عن الجهود التي يبذلها المركز لدعم أسر المختفين قسريًا، حيث يسعى لتقديم المساعدة لهم في فتح بلاغات لدى النيابة العامة في مختلف الولايات، لضمان حفظ حقوقهم وتوثيق حالات الاختفاء بشكل رسمي.
من جانبه، أكد المدير التنفيذي للمركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، مساعد محمد علي، أن ظاهرة الاختفاء القسري في السودان تتزايد بشكل ممنهج، وأن هذا النوع من الانتهاكات يتم غالباً على أيدي جهات سيادية تشمل قوات الدعم السريع، واستخبارات الجيش، والأمن الشعبي، وميليشيات مرتبطة بالنظام السابق.
وأوضح مساعد، في تصريح لراديو دبنقا، أن الاختفاء القسري يُعد جريمة مركبة، تبدأ بالاعتقال أو الاحتجاز التعسفي ويصاحبها انتهاكات أخرى مثل التعذيب، وأحيانًا القتل خارج نطاق القضاء أو أثناء الاحتجاز.
وأضاف أن المركز رصد تزايد استهداف الناشطين في المجالات الحقوقية والسياسية والخدمية، إلى جانب أعضاء لجان المقاومة وغرف الطوارئ، حتى في المناطق الريفية والنائية.
كما أشار إلى أن وجود أعداد كبيرة من الجثامين المتكدسة في المشارح، حتى قبل حرب أبريل، مما يرجح أن من هم في عداد المفقودين قد قُتِلوا.
وأكد مساعد أن تنظيم المائدة المستديرة جاء بهدف توحيد جهود منظمات المجتمع المدني لمواجهة هذه القضية، موضحًا أن أسر المختفين يعيشون عذاباً مستمراً كلما طالت مدة الغياب، مما يجعل قضية الاختفاء القسري جريمة ذات طابع خاص ومعقد.
وأشار إلى أن الاجتماع خرج بعدد من التوصيات تضمنت ضرورة التركيز على عمليات الرصد والتوثيق، وتوحيد الجهود لرفع الوعي بوجود جريمة الاختفاء القسري، وتكثيف التدخلات القانونية لمحاسبة المتورطين وضمان حصول الضحايا وأسرهم على جبر مناسب للضرر.
وأضاف أن المركز يعتزم التركيز في المرحلة المقبلة على توثيق المقابر الجماعية وحالات اختفاء الأطفال وذوي الإعاقة، والشرائح الأكثر ضعفا في إطار سعيه لتسليط الضوء على هذه الجريمة وتوسيع قاعدة الأدلة حول الانتهاكات.