تدمير منزل جراء القصف الجوي في حي الانقاذ بجنوب الخرطوم- 29 سبتمبر 2024- المصدر: صفحة غرفة طوارئ جنوب الحزام على فيسبوك

أمستردام: 16 أكتوبر 2024: راديو دبنقا

تزداد المؤشرات على حدوث تغييرات كبيرة في المواقف الإقليمية ومن ثم الدولية من الأزمة السودانية، وفي وقت تم الكشف فيه عن تأجيل موعد زيارة المبعوث الأمريكي، توم بريللو، لبورتسودان في 17 أكتوبر الحالي، ربط المراقبون ذلك باقتراب موعد الانتخابات الامريكية في بداية شهر نوفمبر القادم وانشغال الإدارة الامريكية بأولوية تأمين الفوز بفترة رئاسية جديدة للحزب الديمقراطي الحاكم.

أولويات البيان

بالمقابل، تشهد المواقف الإقليمية تطورات كبيرة على مستوى الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد، حيث أصدر مجلس السلم والأمن الأفريقي بيانا، بعد نقاش تقرير وفد مجلس الأمن والسلم الأفريقي برئاسة مصر لبورتسودان في الفترة من 1 إلى 4 أكتوبر.

وأكد البيان الذي تم تبنيه في اجتماع المجلس بتاريخ 9 أكتوبر 2024 على ضرورة تنفيذ إعلان المبادئ الصادر عن منبر جدة، كما طالب بإخلاء منازل المواطنين وتيسير تقديم المساعدات الإنسانية ورفع الحصار عن الفاشر.

وأوصى البيان بإعادة فتح مكتب تمثيل الاتحاد الأفريقي في بورتسودان وفتح مناقشات غير رسمية مع حكومة بورتسودان بشأن تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي.

وسارعت وزارة الخارجية السودانية للترحيب ببيان مجلس الأمن والسلم الأفريقي استنادا إلى مبدأ “الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية” وأعلنت اتفاقها مع الأولويات التي حددها البيان وهو ما فسره الكثيرون على أنه خطوة أولى نحو فك تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي.

بيان غير متوازن
من جانبه، وصف الدكتور بكري الجاك، الناطق باسم تنسيقية “تقدم”، البيان بأنه غير متوازن وأنه يتعجل إضفاء الشرعية على سلطة بورتسودان عبر وصفها بالحكومة.

وانتقد عدم تطرق البيان للانتهاكات الواسعة التي ترتكبها القوات المسلحة وتركيزه فقط على انتهاكات الدعم السريع.

وتزامنت التطورات في مواقف الاتحاد الأفريقي مع تطورات في موقف منظمة الإيقاد من أطراف الأزمة السودانية عقب زيارة وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف، لبورتسودان في 14 أكتوبر 2024.

ويتولى الرئيس الجيبوتي، إسماعيل عمر قيلي، الرئاسة الدورية لمنظمة الإيقاد، وبالتالي اعتبرت تصريحات مبعوثه للسودان بمثابة مواقف تعبر عن المنظمة.

انحياز للقوات المسلحة

أكثر ما لفت الأنظار في تصريحات وزير خارجية جيبوتي، محمود على يوسف، هو وصفه للحرب بأنها “مفروضة على السودان من قبل التمرد” وتهنئته للقوات المسلحة ببوادر الانتصار وقوله إن السودان سيعود أقوى إلى الحظيرة الإقليمية عبر منظمة الإيقاد.

وطرحت هذه التصريحات تساؤلات حول انحياز الإيقاد كوسيط لأحد طرفي الحرب ما يقلل من فعاليتها.

ومن الواضح أن هذه المواقف والتصريحات الجديدة هي جزء من تحرك إقليمي شامل يتبنى مقاربة جديدة للأوضاع في السودان بداية من الاجتماع الثلاثي في أسمرة، الذي ضم مصر واريتريا والصومال، وموقف مجلس السلم والأمن الأفريقي المطالب بإعادة فتح مكتب الاتصال التابع للاتحاد الأفريقي في بورتسودان بالرغم من استمرار تجميد عضوية السودان منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021 ورفض الاتحاد الأفريقي الاعتراف بسلطة الانقلاب.

لحظة تحول في المواقف
وفي تعليقها على هذه التطورات، وصفت الدكتورة أماني الطويل، مستشار الشؤون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، هذه اللحظة بأنها لحظة تحول في نطاق المواقف الإقليمية من الأزمة السودانية وأطرافها.

ونوهت في حديثها لراديو دبنقا أنه كان من المعتاد أن تسعى الدولة المجمدة عضويتها في الاتحاد الأفريقي لفك التجميد، لكن ما نراه الآن هو دعوة من جانب الإتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد لتنشيط عضوية السودان.

وأشارت الطويل إلى أن ذلك الأمر توطئة لدول يلعبه الاتحاد الأفريقي في الأزمة السودانية، وهو دور متوقع ومنسق مع أطراف دولة وإقليمية أخرى.

ووصفت التصريحات ضد الدعم السريع من جانب رئيس الإيقاد بأنها تحول كبير لأن هناك مواقف سابقة من الإيقاد موالية أو مناصرة لقوات الدعم السريع، حسب وصفها.

تعديل التوازنات العسكرية
وشددت الدكتورة أماني الطويل في حديثها لراديو دبنقا على أن هذا تحول كبير وكان متوقعا، مضيفة أن إدانة الدعم السريع مرتبطة بحجم الانتهاكات التي ارتكبتها هذه القوات وهي انتهاكات مشهودة ومدانة من قبل أطراف دولية.

وحول احتمال قبول الجيش بالعودة إلى مائدة التفاوض بعد هذه التطورات، أكدت أنه لا بد من العودة لمائدة التفاوض وإن طال السفر وأنه لا غنى عن التفاوض للتوصل إلى تسوية في السودان.

ومضت قائلة إن الأمر المهم الآن هو توقيت هذا التفاوض وحالة التوازنات العسكرية على الأرض تحت مظلة هذا التفاوض.

كل النزاعات تسوى على مائدة التفاوض

وأضافت مستشارة الشؤون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية إلى أن الأوضاع العسكرية على الأرض هي التي ستحدد توقيت التفاوض وأن الجيش السوداني يعلم ذلك تماما وأن أي صراع في الأرض، سواء أن كان في السودان أو أي مكان آخر، تتم تسويته على مائدة التفاوض.

وعبرت عن اعتقادها بأن نجاح الجيش في الاستمرار في تعديل الموقف العسكري لصالحه سيكون أحد الحوافز التي تدعم اتخاذ قرار سياسي بالعودة للتفاوض وطبقا للتوقيت الذي ستحدده القوات المسلحة.

Welcome

Install
×