بعد استئناف الدراسة بالأبيض وتعطلها بالفولة، الأرقام تحكي.

مدرسة سودانية بإحدى الولايات ـ مصدر الصورة ـ وكالة السودان للأنباء

الأبيض – الفولة : أشرف عبدالعزيز

لا يمكن الحديث عن التعليم والخدمات الاخرى في ولايتي شمال وغرب كردفان إستناداً إلى الأرقام والبيانات خارج محلية شيكان التي تضم مدينة الأبيض ومحيطها، وذلك لعدم انتظام عمل جهاز الدولة واستحالة الوصول للمسؤولين السابقين، فمعظمهم هاجروا أو إمتهنوا مهناً أخرى.

شمال كردفان

ورغم ذلك فقد اصدرت وزارة التربية والتعليم بولاية شمال كردفان التقويم الدراسي لعام 2024-2025 في 4 أغسطس الماضي، وحددت فيه مواقيت الإمتحانات للصفوف النهائية في المراحل الأساسية والمتوسطة والثانوية على النحو التالي:
الامتحان التجريبي لثالث متوسط وسادس أساس22/ ديسمبر.
التعليم قبل المدرسي 23 يناير.
بقية الفصول 26 يناير.
الشهادة السودانية 10فبراير.
الشهادة المتوسطة 23 فبراير.
ويقول مدير مدرسة نموذجية في الأبيض – فضل حجب إسمه – لـ(راديو دبنقا) “إنه برغم مضي أكثر من 50 يوماً على صدور التقويم وإعلان فتح المدارس إلا أن نسبة ضئيلة من المدارس هي التي انتظمت حتى الخميس 19سبتمبر وبطاقة استيعابية أقل مما كانت عليه قبل الحرب”.

صعوبة الوصول للاحصائيات

ورغم أن الوصول إلى الجهات المسؤولة عن التعليم عملية في غاية الصعوبة إلا أن أساتذة في الدرجة الأولى أفادوا بأن عدد المدارس الاساسية بولاية شمال كردفان مابين 720 – 700 مدرسة، المتوسطة 53 مدرسة، منها 28 مدرسة داخل مدينة الابيض، والثانوية 227 مدرسة.

لكن المدارس التي استؤنفت الدراسة فيها تنحصر داخل مدينة الأبيض في وسطها وشرقها فقط.

ورغم أن آخر تقرير لمدير عام التعليم كان قد ذكر بأن 60% من المدارس استقرت، إلا أن معلمين في الخدمة، أكدوا بأن ذلك غير صحيح، وينطبق فقط على 3 مدارس، فكل أرياف محلية شيكان لا توجد بها مدرسة انتطمت في الدراسة، وكذلك الحال بالنسبة للمدارس في غرب مدينة الأبيض وجنوبها، وعدد المدارس التي أستؤنفت فيها الدراسة 23 مدرسة فقط من مجموع 140 مدرسة في مرحلة الأساس.

ومن عدد 9 مدارس بنين و4 مدارس بنات ثانوية، هناك ثلاثة لا تعمل، وبعضها تعمل بصورة جزيئة وللصف الثالث فقط.

اسباب مؤثرة

ويرجع المعلمون الذين استطلعت (دبنقا) آرائهم الأسباب التي أثرت بشكل مباشر على استئناف الدراسة إلى الناحية الأمنية، وذلك بعد مقتل أكثر من 20 طالبة ومعلمة واحدة في مدرسة “أبوستة الثانوية” وجرح العشرات جراء سقوط قذيفة في هجوم نفذته قوات الدعم السريع على المدينة في يوم 15 اغسطس الماضي.

واغلقت السلطات المدارس في غرب المدينة وتم تحويل الطالبات والطلاب إلى مدارس أخرى في وسط المدينة مثل مدرسة حاج السيد في حي القبة التي، إلى جانب أنها تستضيف مدرستين في مباني مخصصة لطالبات مدرسة واحدة، فغنها تستضيف كذلك النازحين مثل بقية مدارس الأبيض في المنطقة الامنة.

ويعتبر هذا الامر عاملا مؤثراً آخر تنعكس آثاره على البيئة المدرسية، ففي مدرسة عمر بن الخطاب النموذجية وبعد مفاوضات مع النازحين قاموا باخلاء 3 فصول.
وبحسب معلم في المدرسة فإنها تحتاج إلى تأهيل بعد أن تحولت إلى غرف معيشة يلوث دخان الطبخ جدرانها.

وفي مدرسة زين العابدين بحي المطار نصب النازحون (الكرانك والحمامات في فناء المدرسة).

مشكلة النازحين

وقد تمت مناقشة مشكلة النازحين في ورشة عمل أقيمت قبل أكثر من 7 أشهر في الأبيض تحت شعار (التعليم لا ينتظر) و حضرها الوالي عبدالخالق عبداللطيف وضمت قيادات التعليم العام والخاص والإدارات الأهلية وبعض المنظمات الطوعية لمناقشة قضية استئناف الدراسة.

وتعهدت المدارس الخاصة، صاحبة الفكرة، باستضافة المدارس الحكومية والعمل بدوامين، وهي الفكرة التي وصفها معلمون بأنها غير عملية لأن عدد المدارس الحكومية أكبر من عدد المدارس الخاصة، كما أنه سيترتب عليها مصاريف ترحيل على الأسر في وقت وصلت فيه تعرفة المواصلات 600 جنيهاً، وذلك من شأنه أن يحرم 60% من التلاميذ والتلميذات من الدراسة.

كما لم تف المنظمات الطوعية بتعهداتها ببناء معسكرات إيواء ففيما تم تشييد معسكر واحد فتحت المدارس لتستوعب طلابها وتستضيف طلاب مدارس أخرى إلى جانب النازحين.

وإضافة إلى هذه العوامل سابقة الذكر، هناك قضية وضع المعلم، فقد اعلن مدير المرحلة المتوسطة أنه يحتاج إلى أربعة آلاف معلم، يتوفر منهم الآن 313 فقط، وحتى هذا العدد سينقص لأن بعضهم بلغ المعاش والبعض الآخر سيصل سن المعاش في شهر اكتوبر القادم، هذا إضافة إلى الهجرة الداخلية والخارجية والوفيات الطبيعية والناتجة عن الحرب، حيث فقدت كل مدرسة 3 معلمين من طاقمها في المتوسط.

ويضيف معلم في المرحلة الثانوية أن الهجرة طالت الكفاءات ويوجد نقص حاد في معلمي المواد الاساسية، حيث هاجر 30% من معلمي محلية شيكان وحدها.

وأشار إلى أن عدد المعلمين الذين هاجروا لم يُعوض من المعلمين في المحليات الأخرى التي لا تنتظم فيها الدراسة والذين يعملون في سوق الشمس داخل مدينة الابيض.

بالإضافة الى العجز في المرتبات، فقد صرف المعلمون راتب 4 أشهر من مجموع 18 شهراً هي عمر الحرب.

وحتى المرتبات التي صُرفت غير معدلة ولا تشمل البدلات والعلاوت وليس فيها منحة العيدين.
وحتى المعلمين المنتظمين فإن نسبة حضورهم لاتتجاوز 50%، ورغم مضي 50 يوما على استئناف الدراسة إلا أن هناك طلاب لم يدرسوا حرفا واحدا بحسب مدير مدرسة نموذجية.

الفاقد التربوي

في مثل هذه الظروف من المتوقع أن تزداد نسبة الفاقد التربوي، ورغم عدم توفر معلومات وبيانات عن التعليم العام في ولاية شمال كردفان لصعوبة الاتصال بالمسؤولين في الادارات التعليمية المختلفة، الذين لم يردواُ على اتصالاتنا، إلا أن الفرق بين عدد الطلاب قبل الحرب وما بعد انتظام الدراسة يوضح أن هناك تسرباً صفياً كبيراً.

ويقول موجه تربوي إنه ومن مجموع 180 تلميذاً في مدرسة متوسطة، لم ينتظم منهم في الدراسة سوى 120، على الرغم من بدء الدراسة قبل اكثر من شهر.

ويؤكد مدير مدرسة بأن الفاقد أكثر من 60%، فالمقبولين في فصل أولى متوسطة 52 تلميذاً إنتظم منهم 19 تلميذاً فقط حتى يوم الخميس 19 سبتمبر، حسب إفادته عن مدرسته.

وفي (الروضة) التابعة لنفس المدرسة هناك أكثر من 50 تلميذاً تم قبول 23 تلميذاً منهم في الصف الأول بمرحلة الاساس، وفي الصف السادس انتظم 29 تلميذاً ممتحنين. اما المدرسة الشرقية وهي تعمل بنظام الأنهر ففيها 270 تلميذاً صف ثالث انتظم منهم 50 تلميذاً.

وفي المدارس الطرفية فأن الوضع حرج للغاية، ففي مدرسة جموعة الثانوية انتظم 7 طلاب من أصل 32 طالباً في الفصل العلمي، وفي الفصل الأدبي حضر الى المدرسة 45 طالباً من 124 طالباً.

ويتخوف بعض الاساتذة من التداخل الذي يحدث الان بسبب التقويم الدراسي، فهناك فصول يفترض ان تجلس لامتحان 2023 بينما طلاب 2024 قد باشروا الدراسة فتوجد الآن ثالثة قديمة وثالثة جديدة، في وقت تنتظم فيه المدارس الخاصة وجداولها مكتملة بينما طالب المدارس الحكومية لايتحاوز تحصيله 3 حصص في اليوم في أفضل الحالات.

غرب كردفان

أما في ولاية غرب كردفان فإن الوضع غير قابل للتقييم حيث أن الولاية بكاملها خارج نطاق الاتصال، ومن خلال الاتصالات القليلة عبر (الواي فاي) عرفنا أن مسؤولي التعليم الاساسي والثانوي لا يعرف لهم مكان مثلهم مثل طاقم الجهاز الاداري بمدينة الفولة عاصمة الولاية والاتصالات معهم مقطوعة، حتي مع أسرهم بعد الهجوم الذي تعرضت له المدينة من قبل قوات الدعم السريع وفر على إثره السكان والعاملين بجهاز الدولة.

Welcome

Install
×