المبعوث البريطاني الخاص الي السودان ريتشارد كراودر - المصدر موقع الحكومة البريطانية على الأنترنت

امستردام: الخميس 19/ سبتمبر/2024م: راديو دبنقا
تقرير: سليمان سري

وقف الدبلوماسي البريطاني ريتشارد كراودر أمام ساحة مجلس العموم البريطاني” البرلمان ” والنصب التذكاري لمليسنت فوست وتمثال المهاتما غاندي، ليعلن عن تسلمه مهام رئيس المكتب البريطاني للشؤون السودانية وممثلًا خاصًا للمملكة المتحدة، أي مبعوثًا لبريطانيا إلى البلد الذي يشهد حرباً، وصفتها الدوائر الدولية بالكارثية وقد تجاوزت العام والنصف.

وبعث العضو بحزب العمال البريطاني الذي اكتسح حزبه الانتخابات مؤخرًا، برسائل رمزية في مقطع مرئي “فيديو” متداول عبر فيها عن تضامنه مع الشعب السوداني مستخدمًا إشارات ودلالات تعكس النهج الذي سيسلكه في سبيل تنفيذ لمهامه، حيث أشار إلى أنه يقف أمام البرلمان البريطاني في رسالة تؤكد العودة للحكم المدني الديمقراطي الذي يعززه برلمان منتخب.

وقال : أقف أمام ساحة البرلمان ويحيط بي أناس من جميع أنحاء العالم جاءوا إلى المدينة الرائعة، يحيط بي العديد من تماثيل التاريخ البريطاني والعالمي”، في إشارة حملت فكرة التنوع والتعدد ومدى قبول الآخر دون تفرقة وعنصرية وانه ينطلق من دولة لديها تاريخ عريق.

وأشار المبعوث البريطاني أيضًا إلى وقوفه أمام نصب تذكاري لمليسنت فوست، التي قال بأنها قامت بدور مهم من أجل أن تنال النساء حق التصويت في المملكة المتحدة في بداية القرن العشرين، ما يؤكد اهتمامه بقضية المرأة وإعطائها أولوية خلال مهمته كمبعوث، كما تحمل الرسالة الرمزية تضامنه مع المرأة السودانية التي تتعرض للقتل والاغتصاب والتشرد.

ثم أشار إلى التذكاري للمهاتما غاندي ،الذي قال عنه “لقد ناضل المهاتما من أجل استقلال الهند” في إشارة إلى النضال الطويل من أجل نيل الحقوق والتعبير عن الحرية، وقد تجاوز غاندي في نضاله حدود الدولة والدين والعرق والدولة القومية والانتقال لمناصرة المستضعفين في كل العالم.

وعبر الدبلوماسي البريطاني: عن إدراكه لحجم المهام التي تنتظره مشيرًا إلى الوضع في السودان والحرب الحالية والمأساة الإنسانية، وقال:” لدي اليوم رسالة بسيطة من بريطانيا للشعب السوداني، نحن نقف معكم وفي محاولة لإنهاء هذا الصراع المروع، نحن معكم في الجهود الدولية لتحسين وصول المساعدات الإنسانية إلى السودان”.

وتعهد كراودر بالالتزام بالمهمة الموكلة إليه على الرغم من صعوبتها، مؤكدًا التزام الحكومة البريطانية بالعمل أمامه.

اليسار البريطاني:
اعتبر عضو المكتب التنفيذي لتجمع الأجسام المطلبية “تام” ومسؤول الإعلام خالد طه أن تصريح مبعوث المملكة المتحدة الخاص السفير ريتشارد كلاودر رئيس المكتب البريطاني للشئون السودانية، مهم جدا في هذا التوقيت، على المستوى الداخلي بالنسبة لبريطانيا، وعلى مستويات التأثير الخارجي.

ويقول لـ”راديو دبنقا”: ملاحظ انه في السنوات الأخيرة، سعت بريطانيا لتعزيز روابطها الاقتصادية والسياسية مع الدول الأفريقية، وذلك في إطار استراتيجيتها للتوسع التجاري ولتعزيز النفوذ في منطقة تشهد نمواً اقتصادياً سريعاً.

ويعتقد بأن تعيين ريتشارد كلاودر كمبعوث خاص إلى السودان يعد جزءاً من هذه الاستراتيجية. من خلال مهمته الجديدة سيكون للسفير كلاودر، ادوارا دبلوماسية واقتصادية وأمنية، وتعينه في الوقت الذي يشهد فيه السودان والشرق الافريقي، تطورات متسارعة يعكس رغبة بريطانيا في تعزيز وجودها في المنطقة واستمرار العمل على تحقيق مصالحها الإستراتيجية هناك.

الشفافية والمصداقية:
ويرى عضو المكتب التنفيذي لتجمع الأجسام المطلبية “تام” في حديثه لـ”راديو دبنقا”، أن تصاعد ادوار وحراك اليسار البريطاني (ممثلًا في حزب العمال) والنقابات العمالية، يعتبر من المحركات المهمة للتحرك تجاه قضايا السلم ووقف الحرب والتغير المناخي والموضوعات الإنسانية، بالدفع لتنفيذ استراتيجية تركز على الأبعاد الإنسانية والتنموية بجانب الأبعاد الاقتصادية.

ويشير ومسؤول الإعلام، إلى أن تصوير المبعوث البريطاني وهو يقدم تصريحاته من أمام مبنى البرلمان يحمل دلالات متعددة تتعلق بالشفافية، والمصداقية، والتأثير السياسي.

ويخلص إلى القول: إذاً إعلان التحرك البريطاني نحو السودان والمنطقة، من ساحة البرلمان، ليس مجرد إجراء بروتوكولي، بل هو جزء من استراتيجية لإبراز الجدية والتزام الحكومة في تنفيذ سياساتها وتقديمها بشكل واضح للجمهور.

ويقول: أيضًا تصوير المبعوث البريطاني وهو يقدم تصريحاته من أمام البرلمان، يعكس الاهتمام بالدور الجيوسياسي على الساحة الدولية، والاجتهاد في تعزيز مصالح بريطانيا العالمية، وتوسيع حضورها ونفوذها الدولي، ويعد نوعًا من تحديد الأولويات.

استعراض للقوة المؤسسية:
ومضى مسؤول الإعلام بتجمع “تام” خالد طه للقول: أيضًا يمكن تفسيره على أنه استعراضا للقوة المؤسسية، والتأثير الدبلوماسي في السياسة الدولية، والقدرة على تمتين العلاقات الدولية في سياق جيوسياسي متغير.

وعبر عن اعتقاده بأن ظهور السفير كلاودر وسط ساحة تضم تماثيل للتاريخ البريطاني، إشارة جمعت بين مواصلة توقير آراء الناخبين في المملكة المتحدة، والاهتمام بالمستعمرات البريطانية السابقة، وتقدير حقها في التحرر، وهي إشارة ذكية. “على حد وصفه”.

ويقول: إنَّ الرسالة الأخيرة الموجهة إلى السودانيين والسودانيات واضحة، لكنها حصرت في وقف الحرب والمجال الإنساني، ولم تتضمن تعهد بالابتعاد عن رسم ملامح العملية السياسية، بوصفها شأن سوداني داخلي.

دعم كامل للنساء:
من جانبها عبرت المحامية و المدافعة عن حقوق الإنسان أروى صابر في حديث لـ”راديو دبنقا” عن اعتقادها بأن بريطانيا، أصبح لديها موقف واضح في مسألة إنهاء الحرب في السودان ومساعدة المواطنين، واعتبرت تعيين لندن لمبعوث خاص إلى السودان دارس جيدًا لوضع الحرب ولديه معرفة بأن هذه الحرب تسببت في أذى السودانيين إلى أي مدى. وترى أن المملكة المتحدة أن وضعت أولوياتها للمواطنين ومساعداتهم الإنسانية ولأمانهم وسلامتهم، وامتدحت خطوة تعيين بريطانيا لمبعوث.

وتعتقد أن تصوير المبعوث البريطاني أمام الرموز التي اختار التصوير بجانبها من بينها فلينست يرمز للنساء وحقهم في التصويت والحقوق الأخرى وأن هذا الموقف يمثل دعم كامل للنساء والأجسام النسوية، وتعتقد أنه من الأفضل أن يجلس مع هذه الأجسام ليستمع إليهن عن أضرار الحرب.

وتشير “صابر” إلى أن جلوس المبعوث البريطاني مع الأجسام النسوية فيها ميزة تتمثل في أن حديثه لن ينحصر عن قضايا النساء فقط، بل سيتناول قضايا الأطفال وقضايا المواطن بشكل عام، كما اعتبرت تصويره بجوار نصب المهاتما غاندي ترمز وتيشير للحق في الحرية والتعبير، وتقول: “إنَّ كل تلك الرسائل تستبطن حق المواطن في تقرير حكومته وحياته وسلطاته وحقوقه التي لا يتنازل عنها، كانت أشياء مبشرة من هذا المقطع القصير”.

وعبرت عن أملها في أن يجري مقابلات ولقاءات مع المبادرات ومن بينها حملة تمديد بعثة تقصي الحقائق، المختصة بالتحقيق في جرائم حرب في السودان والتي ارتكبت من قبل طرفي القتال، لضمان انحياز بلاده كحليف للحملة وكسب صوتها في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بهدف تمديد البعثة وزيادة تفويضها ومهامها.

ودعت المحامية والمدافعة الحقوقية، الأجسام النسوية والحملات والمبادرات الحقوقية الى لقاء المبعوث ، وتقول ” من الأفضل أن يجري المبعوث لقاءات مع اللاجئين والنازحين داخل معسكراتهم، للخروج بمعلومات كافية عن الحرب في السودان”، وأعربت عن استعدادها ضمن المبادرات للقائه وتقديم العون له.


لن يغير من صورة بريطانيا:
من جهتها اعتبرت رئيس مجموعة” لا لقهر النساء “أميرة عثمان في حديث لـ”راديودبنقا”، تصوير المبعوث البريطاني لمقطع “فيديو” إلى جوار ميليسنت فوست و المهاتما غاندي أنهما مناضلين عظيمين ناضلوا من أجل شعوبهم. لكنها ترى أن ذلك لن يغير من صورة بريطانيا العظمى التي قالت بأنها إحدى أسباب نكبة السودان للحظة الراهنة وتابعت: “نحن لم ننال الاستقلال لأننا ما زلنا نرزح تحت خدمة المستعمر وتدار الدولة السودانية لمصالحه”.

وتعتقد رئيس “مبادرة لا لقهر النساء” بأن الحرب وصلت مرحلة تهدد مصالح بريطانيا في السودان بتدخلات دولية أخرى لا تصب سواء من جانب فرنسا أو الامارات أو مصر أومن جانب أمريكا نفسها ،وتعزو تحرك بريطانيا لحماية مصالحها داخل الدولة السودانية وليس لحماية الشعب السوداني.

وأعربت “عثمان” عن أملها في أن يكف العالم الأول عن استغلال السودان وقالت: فموارد الكرة الأرضية كافية لأن تمكن كل الشعوب من العيش في سلم وكرامة إنسانية متساوية، وتابعت: “فنحن نناضل من أجل حقنا ومن أجل حق الشعب”.

وتقول الناشطة النسوية : إنَّ المجتمع الدولي بمن فيهم بريطانيا هم من ساهموا ودعموا من وصفتهم بمنتهكي حق الشعب السوداني الذي قام بثورة عظيمة، دعمتهم في أدارة الفترة الانتقالية، ما أدى لفشلها فيما يصب في مصلحة المجتمع الدولي والبنك الدولي وليس فيما يصب في مصلحة السودان.

كما تشير اميرة إلى أطراف دولية دعمت طرفي الحرب بداية من دعمها لقوات الدعم السريع بملايين الدولارات، عبر الاتحاد الأوروبي فيما يعرف “بعملية الخرطوم”، تحت ذريعة منع الهجرة إلى أوروبا، وتقول: “إنَّ ذلك الدعم استمر لسنوات والآن يتم الدعم بشكل مباشر أو غير مباشر فالسلاح لا يصنع في صحاري أفريقيا وغاباتها السلاح يصنع في المجتمع الدولي وفي العالم الأول”. مطالبة المجتمع الدولي وقف توريد السلاح والامتناع عن دعم طرفي الحرب.

واعتبرت أن تصريح المبعوث البريطاني رغم الوجه البشوش الذي ظهر به واللغة الواضحة ونبرات الصوت، التي تعبر عن الإحساس، إلا أن وقوفه أمام النصب التذكاري لمليست فوست التي ناضلت من أجل حقوق النساء، تذكرها بأن واحدة من اسباب قوات الدعم السريع، وعودة الحكم القديم هو باب الحركة النسوية. وقالت: “يجب علينا كنساء أن لا نجعل من الحركة النسوية كوة يستعيد بها النظام السابق حكمه”.

Welcome

Install
×