انطلاق العام الدراسي بالبحر الأحمر واليونسيف تقول إنَّ 17 مليون طفل خارج المدارس
امستردام: الثلاثاء 17/ سبتمبر/2024م: راديو دبنقا
تقرير سليمان سري
بدأ أمس، ما يقرب من 140 ألف طفل في جميع أنحاء ولاية البحر الأحمر بالسودان عامهم الدراسي الجديد مع إعادة فتح 600 مدرسة.
و قال شيلدون يت، ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونسيف” في السودان، في مدرسة الوحدة جنوب للبنات في بورتسودان. “بالنسبة لملايين الأطفال في السودان اليوم، فإن الذهاب إلى المدرسة والحصول على تعليم جيد هو حلم بعيد المنال. إن إعادة فتح المدارس في ولاية البحر الأحمر يشير إلى الأمل.”
ورحبت المدرسة بعودة الأطفال من الولاية، وكذلك الأطفال من أماكن أخرى في السودان الذين نزحوا بسبب الصراع الدائر. بالنسبة لهؤلاء الأطفال في البلاد التي مزقتها الحرب، لا تعد المدارس أماكن للتعلم فحسب، بل إنها أيضاً ملاذاً، وتوفر بيئة واقية وتساعدهم على التعامل مع الصدمات. ويمكن للتعليم أن يمنع الممارسات الضارة مثل عمالة الأطفال وزواج الأطفال ويحمي المراهقين من التجنيد من قبل الجماعات المسلحة.
وقال الفريق أول مصطفى محمد نور، والي ولاية البحر الأحمر، في حفل الافتتاح أمس. “نحن مقتنعون بأن تعليم الأطفال يجب أن يستمر بغض النظر عن الظروف والتحديات الصعبة. يجب أن يتمكن الطلاب من مواصلة دراستهم وتعلمهم”.
17 مليون طفل خارج الدراسة:
وقالت “اليونسيف”: لا يزال أكثر من 17 مليون طفل من أصل 19 مليون طفل في سن الدراسة خارج المدرسة في السودان. وتضررت مئات المدارس منذ بداية الصراع في أبريل 2023، واستخدمت العديد من المدارس الأخرى كملاجئ للنازحين، ما أدى إلى تقييد الوصول إلى التعليم في المناطق التي تم فتح المدارس فيها جزئياً.
وحثت اليونيسف الحكومة وجميع أصحاب المصلحة في التعليم على العمل بشكل تعاوني لإيجاد حلول مستدامة لتلبية احتياجات النازحين مع الوفاء بحق الأطفال في التعليم.
وقالت اليونيسف إنها تعمل على ضمان التعلم المستمر وتوفير أكبر عدد ممكن من الأطفال للوصول إلى التعلم المنظم. ففي ولاية البحر الأحمر، وبدعم من حكومة كندا، توفر اليونيسف مساحات تعليمية آمنة للمجتمعات المضيفة والنازحين، وتوفر مواد التدريس والتعلم، وتبني قدرات المعلمين والميسرين وتوفر الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال في جميع أنحاء الولاية.
وقال شيلدون يت، ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونسيف” في السودان: “بينما نحتفي ببداية العام الدراسي الجديد في ولاية البحر الأحمر، يجب علينا أن نستثمر بشكل جماعي في تعليم الأطفال ونمنح المزيد من الفتيات والفتيان في السودان فرصة لمواصلة التعلم والوصول إلى إمكاناتهم الكاملة”.
حتى قبل النزاع، لم يتمكن سبعة ملايين طفل، أي واحد من كل ثلاثة، من الوصول إلى التعليم الجيد أو كانوا يتسربون من المدارس.
واليوم، لا يزال أكثر من 17 مليون طفل خارج المدارس، و90% من المدارس مغلقة. تم فتح المدارس جزئياً في ست ولايات في السودان. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 50 في المائة من المعلمين لم يحصلوا على رواتبهم لمدة عام على الأقل، وأن 40 في المائة من المدارس تفتقر إلى المواد الأساسية.
أكثر من 500 مدرسة بمصر:
من جهته قال المتحدث الرسمي باسم لجنة المعلمين سامي الباقر لـ”راديو دبنقا”: إنَّ ترخيص فتح المدارس في مصر خاضع لشروط وزارة التربية والتعليم السودانية كتصديق مبدئي أولًا ومن ثم لشروط الحكومة المصرية كتصديق نهائي.
وعبر عن اعتقاده بأنه توجد مدرسة واحدة لديها ترخيص نهائي وهي مدرسة الصداقة السودانية التي تتبع لوزارة التربية والتعليم الاتحادية وتشرف عليها الملحقية الثقافية. وقال: لا توجد إحصائية دقيقة لعدد المدارس السودانية في مصر، ولكنه قال بأنها لا تقل عن 500 مدرسة ومركز تعليمي.
واعتبر الباقر أنه لا يوجد تقويم مدرسي موحد في السودان الآن وقال: إنَّ التعليم متوقف عدا بعض الولايات ومدارس الخارج. نافيًا تحديد موعد لامتحانات الشهادة الثانوية السودانية، ولكنه استدرك بقوله: ” حسب تصريح الوزارة إنها قبل نهاية العام”.
وجدد المتحدث باسم لجنة المعلمين السودانيين سامي الباقر، موقفهم الثابت والمعلن بقوله: “فنحن مع استمرار العملية التعليمية وعدم ترك الطلاب للوقوع في مصيدة المصير المجهول، وعدم توقف التعليم لأي ظرف، لأن توقفه يعني ضياع المستقبل”.
لكنه طالب بأن تصمم عملية تعليمية تستوعب الواقع الجديد الذي قال بأن الحرب أفرزته ذلك بالسماح للطلاب والتلاميذ مواصلة تعليمهم من أي مكان. لكنه رهن ذلك بإرادة ومسؤولية لدى كل الأطراف، بالالتزام بالقوانين الدولية التي تعطي الحق في التعليم، وتجرم التعدي على مؤسسات التعليم.
وشدد الباقر على ألا يتخذ التعليم كوسيلة لإقرار نتائج الحرب أو فرض أي واقع، وحذر بقوله: “فهذا إن حدث سيجعل التعليم يدور في فلك الاستقطاب الحاد الذي يخيم على الواقع في السودان بعد الحرب، ويساهم في تعقيد المشهد ويصعب الحلول”.
التعليم يوحد الفرقاء:
اعتبر الاستاذ إسماعيل شريف المعلم بالمدارس السودانية بجمهورية مصر العربية، أن التعليم حق مكفول للجميع وفق كل القوانين والدساتير الدولية والإنسانية، لكن دائمًا في حالة الحروب الأوضاع استثنائية، ودعا إلى الاطلاع على تجارب لدول كثيرة مرت بحروب طويلة جدًا، برغم ظروف الحروب التي دارت فيها لكن مسيرة التعليم فيها كانت متواصلة، مشيرًا إلى النهضة الأوربية بعد الحرب العالمية مردها الاهتمام بالتعليم.
وقال كنت اعتقد أن على وزارة التربية تحاول أن تكون موجودة في كل المناطق سواء التي تشهد حرب أم لا أو التي تتبع للدولة أو لا تتبع حسب مفهومهم للدولة الآن، وعبر عن رفضه لفكرة التمييز في التعليم على أساس مناطق آمنة وغير آمنة لاستئناف العام الدراسي وإجراء الامتحانات، واعتبر أن التلميذ أو الطالب هو ضحية لهذا الصراع ولا يمثل أي طرف.
وأعاد شريف، التذكير بتجربة إدارة التعليم في زمن حرب الجنوب وقال إن التعليم بكل مراحله كان مستمرًا في جنوب السودان برغم استمرار الحرب، وأشار إلى أن نفس الوضع في دارفور وقال إنَّ الحرب بدأت في العام 2003م، لكن التعليم كان مستمرًا في ظل الحرب الدائرة. وذكر أن الامتحانات كانت تقام وكان يتم ترحيل الطلاب من مناطق الحركات المسلحة للجلوس للامتحانات.
واعتبر أن التعليم يمكن أن يشكل فرصة لتوحيد الفرقاء السودانيين وفرصة أيضًا للدخول في هدنة طويلة تستمر لأكثر من شهر لتهيئة الطلاب للجلوس لامتحانات الشهادة السودانية، ودعا لاستغلال وعاء التعليم يجمع السودانيين ولا يفرقهم.
وأشار إلى أن العالم الآن فيه متغيرات كبيرة جدًا، وسائل وطرق التعليم اختلفت أكثر يسر وبساطة وأكثر انتشار بعد ظهور الانترنت، واعتبر أن التعليم الالكتروني أو التعليم عن بعد واحد من الوسائل التي يمكن توظيفها لخدمة التعليم في ظل الحرب.
غير أنه استدرك قائلًا بأن: هنالك معوقات تواجه التعليم عن بعد أو التعليم الالكتروني، تتمثل في انقطاع الانترنت والكهرباء وغيره، والبنى التحتية غير المهيأة لاستقبال التعليم النشاط التعليمي الأكاديمي، وهذه كلها تواجه تحديات وصعوبات.
التعليم في المدارس المصرية:
اعتبر الاستاذ اسماعيل شريف المعلم بالمدارس السودانية بجمهورية مصر العربية، ملف تعليم السودانيين في مصر معقد جدًا، وقال إنّ المدارس السودانية في مصر كثيرة لا تحصى ولا تحد، لكنها متباينة في البيئة التعليمية واساتذتها ورسومها الدراسية، كل حسب موقعه والخدمة التي يقدمها للطلاب والطالبات.
ورأى بأن كل ذلك يحتاج تقنين ورقابة وتوجيه من الدولة والسفارة السودانية والمسؤولين عن التعليم في السفارة والمسؤولين في الدولة المصرية، ودعا لتنسيق كل الجهات لتحقيق الهدف الاساسي وهو عدم حرمان الطالب السوداني من حقه في التعليم.
ولاحظ شريف أن السودانيين غير مستفيدين من تلقي تعليمه من المدارس المصرية بالرغم من أن هذا الحق كفلته له مواثيق “اليونسكو” وجامعة الدول العربية، أنه من حق أي طالب عربي موجود في دولة عربية يحق له الانتساب لمدرسة في الدولة المعينة.
غير أنه أشار إلى أن السودانيين غير ميالين في الاندماج في المجتمعات الأخرى بسهولة يخشوا من التنمر لذلك يفكرون في أن يقيموا طقوسهم السودانية في أي مكان هم فيه،
ومضى شريف للقول بأن تزايد عدد الطلاب والطالبات أصلا قبل الحرب عدد غير قليل وبعد الحرب أصبح مضاعف أضعاف كبيرة، ما يشكل عبئًا ومسؤولية كبيرة أمام الدولة السودانية ووزارة التربية والتعليم السودانية والسفارة السودانية في القاهرة والسلطات المصرية.
عدم التعليم عبء أمني:
وحذر من أن عدم ذهاب الطلاب إلى المدارس يشكل عبء أمني كبير جدًا على الدولة المصرية وأرجع ذلك إلى أن وجود أطفال وشباب في هذه الفئة العمرية خارج إطار التعليم يسبب هواجس أمنية ومجتمعية كبيرة.
وتابع قائلًا: ” فما بين هم الدولة المصرية المستضيفة وما بين هم السودان في إنه ثقافة طلابنا لا تتعرض لأي تبديل أو تغيير في السلوك ولايحدث لهم انحراف”، واعتبر أن كل ذلك يتربت عليه مسؤولية جسيمة جدًا، ورأى أن الأمم المتحدة لديها دور كبير في أن في توفير كل المعينات الموجودة للاجئين من خلال منظماتها المتخصصة في مجال التعليم داعيًا إلى تركيز جهودها في عمل المعالجات الداعمة لعملية التعليم السودانية في القاهرة وفي كل مجتمعات اللاجئين.
عائلات سودانية في مصر:
إلى ذلك أطلقت عائلات سودانية لاجئة بجمهورية مصر نداء استغاثة إلى كل من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لمن يؤمن بحق الأطفال في التعليم. بأنهم يعيشون في مأساة إنسانية، بعد مفارقة ديارهم وحرموا من أبسط الحقوق والمتمثلة في حق أطفالهم في التعليم.
وكتبت إحدى المتضررات من عدم تعليم أبنائها منشور في صفحتها على “فيسبوك” اطلع عليه “راديو دبنقا”، وقالت إنهم مسجلين في سجلات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلا أننا نواجه عراقيل كبيرة تمنع أبناءهم من الالتحاق بالمدارس، حتى الخاصة منها.
وقالت إنَّ المفوضية، التي تعي جيدًا معاناتهم، تتجاهل مسؤوليتها في تأمين مستقبل أطفالهم رغم مطالباتهم المتكررة، لم تتخذ أي خطوات جدية لحل مشكلة تأخر إصدار تصاريح الإقامة، والتي تحرم أطفالهم من حقهم في التعليم وتؤثر بشكل كبير على مستقبلهم.
وطالبت صاحبة المنشور المفوضية، بصفتها الجهة المسؤولة عن حمايتهم، بالتدخل الفوري لحل هذه الأزمة وذلك بالتواصل مع الجهات الحكومية المعنية لإيجاد حلول عملية وسريعة، وضمان حصول جميع أطفال اللاجئين على حقهم في التعليم.
واعتبر إن عدم تمكن أطفالهم من الدراسة يؤثر عليهم نفسياً واجتماعياً. فهم يشعرون بالإحباط واليأس، ويفتقدون لفرصة التفاعل مع أقرانهم وتطوير مهاراتهم، وحرمان أطفالهم من التعليم ليس مجرد إجحاف بحقوقهم، بل هو تهديد لمستقبلهم وللمجتمع ككل.
وقالت إنَّ هذا التأخير لم يستثنِي اللاجئين القدامى والحريصين على استخراج إقاماتهم في مواعيدها بانتظام بل جعلهم سواسية مع الوافدين الجدد الذين تم تسجيلهم مؤخراً بل حتى من لم يتسنى لهم التسجيل في المفوضية بعد .
وناشدت جميع المنظمات الدولية والإنسانية، وخاصة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التدخل العاجل لحل هذه المشكلة و الكف عن إلقاء اللوم على الدولة المصرية و تكرار ما وصفته بالحجج الواهية لإخلاء مسؤوليتهم كمنظمة مسؤوله عن تقديم الدعم اللازم و إيجاد حلول قانونيه بالتنسيق مع الجهات المختصة وضمان حصول جميع أطفال اللاجئين على حقهم في التعليم.
ونوهت إلى أن بطاقة ملتمس اللجوء ذات اللون الأصفر يتم تجديدها كل 18 شهرًا، وبطاقة اللاجئ المعتمدين باللون الأزرق يتم تجديدها كل ثلاث أعوام. مشيرة إلى اعتماد تقديم هذه البطاقات في مجمع العباسية للحصول على الإقامة، غير أنه لا يتم اعتماده كوثيقة تسجيل في المدارس. ودعت لإنشاء لجنة مشتركة بين المفوضية والحكومة لمتابعة هذا الملف.