الطيران الحربي يقصف هدفاً في بحري - 6 أغسطس 2023 - المصدر: أرشيف وسائل التواصل الاجتماعي

أمستردام: 10 سبتمبر 2024: راديو دبنقا
بعد أشهر من الهدوء الحذر والاشتباكات المتقطعة، عادت المواجهات العنيفة إلى مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري خلال اليومين الماضيين.

وفيما عدا سلاح المدرعات في الشجرة ومعسكر حطاب في شرق النيل، انحصرت المواجهات في تبادل القصف المدفعي العنيف باستخدام راجمات القذائف الصاروخية الثقيلة والغارات بالمسيرات من قبل الجيش والدعم السريع، فيما عادت القوات المسلحة لاستخدام سلاح الطيران في تنفيذ غارات شبه يومية على الارتكازات والمواقع التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

ولم تُعرف حصيلة القتلى والجرحى في هذه الاشتباكات، وخصوصا معارك يوم أمس الاثنين 9 سبتمبر 2024 التي كانت الأعنف خلال الأسابيع الماضية.

سلاحا المدرعات والذخيرة

وشهدت منطقة الشجرة والحماداب معارك عنيفة حول مقر سلاح المدرعات وسلاح الذخيرة، حيث امتدت لتطال الأحياء المجاورة في اللاماب والري المصري وجبرة.
وتسيطر قوات الدعم السريع على السور الشرقي وبعض المباني في سلاح المدرعات، فيما حافظت القوات المسلحة على سيطرتها على أجزاء واسعة من ثكنة المدرعات ومنطقة الري المصري التي تستخدمها كمعبر للإمداد اللوجستي وللربط مع ثكنة سلاح الذخيرة التي تقع على بعد 3 كيلومترات إلى الجنوب.

ويعتبر سلاح المدرعات من الأسلحة الرئيسية للقوات المسلحة بجانب سلاح الطيران، وهما سلاحان لا تمتلك قوات الدعم السريع أي قدرات خاصة بهما، ما عدا عدد محدود من المركبات المصفحة المدولبة ومسيرات انتحارية مسلحة بعبوات حربية خفيفة، فيما تمتلك القوات المسلحة المئات من الدبابات القتالية والعربات المدرعة الثقيلة المجنزرة والمدولبة.

لكن من الواضح أن الجيش يعاني من مصاعب في تلك المدرعات والمدرعات بسبب حاجتها للصيانة الدائمة ونقص قطع الغيار وكذلك قدراتها المحدودة على المناورة في حرب الشوارع في مواجهة المركبات الخفيفة مثل “التاتشرات” القادرة على التحرك في الشوارع الضيقة والأزقة.

ولعل هذا ما يفسر لجوء الجيش لاستخدام التاتشرات بكثافة، بينما يقتصر استخدام الدبابات على عمليات الدفاع عن المواقع الاستراتيجية.

وتسعى قوات الدعم السريع منذ بداية الحرب لتحقيق انتصار معنوي بالسيطرة على سلاح المدرعات باعتباره واحدا من ثلاث مواقع في العاصمة الخرطوم لم تستطع اسقاطها، وهي مباني القيادة العامة وسلاح المدرعات وسلاح الذخيرة، وهي آخر مواقع يسيطر عليها الجيش في العاصمة الخرطوم.

كما أن سلاح المدرعات وحسب مقاطع الفيديو المتداولة يمثل أحد معاقل المستنفرين في ولاية الخرطوم الأمر الذي يفسر المحاولات المتكررة من قوات الدعم السريع للسيطرة عليه.

لكن إذا كان هناك مجال تتفوق فيه القوات المسلحة بشكل كامل، فهو دون شك الطيران القتالي بشقيه المسير والتقليدي.

ووسع الطيران الحربي في الآونة الأخيرة نطاق عملياته لتشمل مناطق واسعة من البلاد، كما كثف من غارته لتصبح شبه يومية وخصوصا في المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع.

المنشية وبري وشرق النيل

وشهد يوم الاثنين شن 3 غارات جوية وللمرة الأولى منذ عدة أشهر على أحياء بري والمنشية وشرق النيل.
وقد تصدت المضادات الأرضية لقوات الدعم السريع لهذه الغارات، لكن ظهر جليا عدم فعالية المدافع الثنائية والرباعية متوسطة العيارات في التعامل مع الطائرات المقاتلة، ما يجعل قوات الدعم السريع قادرة على تهديدها.

ورغم أن قوات الدعم السريع استخدمت في فترة سابقة النسخة الصينية من الصاروخ المحمول على الكتف “سام 7″، لكن من الواضح أن الكميات التي كانت لديها محدودة وأن هناك نقصا واضح في المعرفة بوسائل استخدامها.

وتتميز منطقة بري بموقعها الاستراتيجي حيث تطل من الجهة الغربية على مقر القيادة العامة للقوات المسلحة ومدرج مطار الخرطوم، وتعتبر صينية كبري كوبر موقعا استراتيجيا لكلا طرفي الحرب، حيث تسيطر قوات الجيش على المدخل الشمال للكبري من جهة الخرطوم بحري، فيما تتمركز قوات الدعم السريع شرق الكبرى في منطقة شارع النيل وكلية الرباط الوطني ونادي الشرطة.

أما حي المنشية، فيقع على الضفة الغربية للنيل الأزرق إلى الجنوب من منطقة بري ويشرف على المدخل الشرقي لكبري المنشية الذي يعتبر أحد معابر الامداد الرئيسية لقوات الدعم السريع في أحياء شرق ووسط العاصمة.

وتنتشر ارتكازات قوات الدعم السريع على طول الشوارع الرئيسية لحي المنشية والتي توفر مخرجا بديلا لجنوب الخرطوم بدلا عن شارع الستين في اتجاه منطقتي الجريف غرب والمعمورة وصولا إلى سوبا.

صور مأخوذة من خرائط محرك البحث “قوقل” لحي بري المنشية شرق النيل

بحري القديمة

بعد المعارك العنيفة التي شهدتها المناطق حطاب خلال الأسبوعين الماضيين، شن الطيران القتالي يوم الاثنين عددا من الغارات على الأحياء القديمة في مدينة الخرطوم بحري.

وتسيطر قوات الدعم السريع، منذ الأسابيع الأولى للحرب، على كل أحياء مدينة بحري القديمة بما في ذلك المدخل الشمالي والجنوبي لكبري المك نمر والمداخل الشرقية لكبري شمبات وكبري الحلفايا، فيما تسيطر القوات المسلحة على حي كوبر ومنطقة سلاح الإشارة وسجن كوبر وكبري الحديد من جانبيه الشمالي والجنوبي.

واستهدف القصف بالطيران عددا من أحياء بحري القديمة وشمل ذلك حلة حمد والختمية وحلة خوجلي والصبابي وشمبات ومنطقة سوق ديوم بحري وشمبات بالإضافة إلى الأطراف الجنوبية لمنطقة الحلفايا.

ولم يُعرف الهدف من عمليات القصف هذه بالنظر إلى أن كل هذه المناطق أحياء مدنية وتتواجد قوات الدعم السريع على المحاور والشوارع الرئيسية، لكن راديو دبنقا تواصل مع مواطنين في هذه المناطق حيث كشفوا عن وصول تعزيزات لقوات الدعم السريع خلال الأيام الماضية، فيما يرجح أنها تستعد لهجوم جديد على سلاح الإشارة.

أوضاع إنسانية حرجة

ومع عودة المعارك إلى هذه المناطق، تتدهور الأوضاع الإنسانية في الخرطوم والخرطوم بحري باضطراد في ظل النقص الكبير في الغذاء وبدأت الكثير من المطابخ المركزية في التوقف عن العمل، خصوصا في منطقة شمبات بسبب نقص التمويل والاعتداءات المتكررة من قوات الدعم السريع.

وتتحدث بعض المصادر عن ظهور حالات سوء تغذية في أوساط الأطفال وكبار السن.

وتشهد الخرطوم بحري والخرطوم انتشار واسع للأمراض المعدية مثل الكوليرا والإسهالات المائية، الملاريا، حمى الضنك، جرثومة المعدة والتايفويد، مع خروج غالبية المستشفيات والمراكز الصحية من الخدمة وعدم توفر الأدوية والمعينات الطبية في العدد المحدود الذي ما زال يعمل.

وتعمل مجموعة العمل لتعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان ALPS حاليا على فتح معبر جديد لإيصال المساعدات إلى الخرطوم والخرطوم بحري عن طريق عطبرة وشندي، لكن الأمر يواجه بمعارضة من طرفي الحرب.

وفي الانتظار تتواصل الانتهاكات في هذه المدن بشكل يومي من قبل طرفي الحرب فيما تحولت هذه المدن التي كانت تضج بالحياة قبل عام ونصف إلى مدن أشباح لم يبق فيها إلا من ليس له خيار آخر.

Welcome

Install
×