غرفة عناية مكثفة في الهواء الطلق

الحرب تدمر كل شيء وتحكم بالإعدام حتى على المرضى المنومين في غرف العناية المركزة في مستشفى الأبيض التعليمي. لكن مقطع فيديو مدته 1 دقيقة و 47 ثانية تداولته مواقع التواصل الاجتماعي ينقل إلى علمنا أنه في سودان الحرب لم تعد العناية المكثفة تحتاج لغرف نظيفة ومعقمة، بل أصبحت تقدم خدماتها لأصحاب الحالات الحرجة في الهواء الطلق، تحت ظلال الأشجار، حيث لا حماية من العدوى بأمراض أخرى أو تعقيم للمعدات والأجهزة لتفادي إصابة المرضى بالتهابات إضافية. ويضطر مرافقو المرضى إلى تغيير موضع الأسرة التي يتمدد عليها المرضى أكثر من مرة خلال ساعات النهار تفاديا لأشعة الشمس الحارقة. ونسمع صوت مولد كهربائي صغير ونشاهد توصيلات الأجهزة وهي تمتد على الأرض لتمنح أنفاس الحياة لهؤلاء المرضي الذين يرقد البعض منهم على أسرة مجلدة بالبلاستيك وتعوزها المراتب. ويفيدنا مقطع الفيديو أن الكهرباء غابت عن أسلاك المستشفى لأربعة أيام متتالية ونستطيع دون عناء أن نقول إن مولد المستشفى لم يتوفر له الوقود أو أنه متعطل ولا يوجد فني مؤهل لإصلاحه ليعود للعمل. وتواجه مدينة الأبيض حصارا من قبل قوات الدعم السريع يتواصل منذ عدة أشهر، ورغم انحسار المعارك المباشرة في الأسابيع الأخيرة، إلا أن تبادل القصف المدفعي وغارات الطيران ومعها تبعات الحصار تحيل الحياة داخل المدينة إلى جحيم. وتتعرض قوافل المساعدات المتجهة إلى الأبيض، حاضرة ولاية شمال كردفان، لكثير من العراقيل، ليس أقلها أن يضطر سائقو الشاحنات إلى دفع “اتاوات” مالية للقادة المحليين في قوات الدعم السريع وزعماء العصابات المسلحة المتفلتة حتى يستطيعوا النفاذ بشحناتهم من الغذاء والدواء والوقود إلى داخل المدينة. وكحال كل المدن المحاصرة وغير المحاصرة، تتدهور الخدمات التي تقدم للمواطن من امدادات كهرباء ومياه وخدمات طبية، لكن هذه الخدمات على محدوديتها تكون الأولوية للتمتع بها للمقاتلين من طرفي الحرب. ومثل كل المستشفيات والمراكز الصحية في السودان اليوم، تتولى لجان أهلية وخيرية توفير الدعم المالي وغير المالي حتى تستمر في تقديم خدماتها للمواطن. لذا كان من الطبيعي أن ينتهي مقطع الفيديو بنداء للخيرين والقادرين من أبناء الأبيض لمد يد العون حتى يستمر مستشفى الأبيض التعليمي في تقديم خدماته… لا للحرب…

Welcome

Install
×