صورة لشعار لمهرجان عن الانتقال الديمقراطي ـ مصدر الصورة ـ مواقع التواصل الاجتماعي

الأربعاء 18/7/2024م

إعداد وتحرير: سليمان سري
تمدد مخاطر خطاب الكراهية مع تطاول أمد الحرب ويساهم في بقوة في استمرارها ويقوض كل محاولات التوصل لسلام، ربما تتوقف الحرب عاجلاً أم آجلاً إلا أن خطاب الكراهية يكون مستمرًا في زرع الفتنة والتفرقة بين المجتمعات وهتك النسيج الاجتماعي.
تهدف بعض المنصات التي ترفض أي محاولات لوقف الحرب والوصول لسلام لتعزيز خطاب الكراهية وقد نجحت في تغذية الخطاب بين المتحاربين، من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وظهرت نتائجه في معاملة الأسرى والتمثيل بالجثث وقطع الرؤوس وغيرها من الممارسات التي تتنافى مع المجتمع السوداني المتسامح ولا قيمه وأعرافه ولا الديانات السماوية ولا القوانين المحلية والدولية. في الحلقة الثانية من برنامج “في الميزان” الذي يعده ويقدمه الصحفي الصادق موسى زكريا والذي يبث عبر “راديو دبنقا”، تناول خطاب الكراهية من منظور ديني ودور رجال الدين في مناهضته وكذلك دور المجتمع المدني واللجنة التسييرية لنقابة المحاميين بتسليط الضوء على القوانين التي جرمت ممارسة خطاب الكراهية.

دور القانونيين:
يرى أمين أمانة الإعلام باللجنة التسييرية لنقابة المحاميين السودانيين محمد عبد المتعال جودة، الحديث عن خطاب الكراهية وانتشاره، خلال الفترة السابقة هو أمر يدعو للقلق الشديد وهو أمر يرتبط محاربته بالحفاظ على وحدة السودان أرضًا وشعبًا، ويحافظ على النسيج الاجتماعي وتماسكه.
ويقول جودة في حديثه لـ”برنامج في الميزان” الذي يبثه “راديو دبنقا”: إنَّ هذا الخطاب انتشر بصورة واسعة خلال الفترة السابقة، والملاحظ انه استخدم من قبل طرفي الصراع في السودان، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وان كان بدرجات متفاوتة ظهوره كان مع بداية الحرب أو قبلها.
المعارك تدور بالأسلحة وهذه لها أضرارها التي تم رصدها ومتابعتها وتم مقاومتها وتم العمل من عدد من المبادرات والمنابر لوقف هذه الحرب، ووقف هذه التداعيات ولكن خطاب الكراهية، المشكلة الحقيقية فيه أن هذه الحرب ستنتهي عاجلاً أو آجلاً ولكن خطاب الكراهية سيمتد أثره.

محمد عبدالمتعال جودة عضو لجنة طوارئ المحاميين وتسيرية نقابة المحاميين ـ المصدر ـ خاص لراديو دبنقا

انتهاك القبور:
وينوه محمد عبد المتعال جودة المحامي إلى أمر مهم يتعلق بالقانون، ويقول بأن القانون السوداني ظاهرياً اهتم بمحاربة هذه الظاهرة بصورة تقليدية، وإن أظهر اهتمامه بها بوضعها مباشرة بعد الجرائم الموجهة ضد الدولة والمتعلقة بالقوات النظامية، في الباب السابع وأسماه الفتنة بالإضافة لمواد أخرى منتشرة في القانون بالرغم من هذه الخطورة إلا أن هذه المواد لم تكن منضبطة، من ناحية ومن ناحية تانية هذه المواد لم تكن العقوبة فيها بما يكفي.
فإذا افترضنا، كما يقول جودة، إن وجدت مواد يعني مادة عن إثارة الكراهية المادة 64 في القانون الجنائي، إثارة كراهية الطوائف أو بينها إذا كان على المستوى الاجتماعي على مستوى اللون أو العرق والمهنة أو على مستوى الدين وغيرها، لكن إذا لحظنا العقوبة ما لا يتجاوز الثلاثة سنوات أو الغرامة والعقوبتين معًا.

ويشير أمين أمانة الإعلام باللجنة التسييرية لنقابة المحاميين: إلى أن هنالك مواد أيضًا تتعلق بالقبور وعن انتهاك حرمة الموتى والقبور والإساءة والسباب وهذه كلها مواد موجودة في الغرامة لحظنا انتهاك لحرمة الموتى لاحظنا التمثيل بالجثث لحظنا ظواهر كثيرة ظهرت وهي ما قدت فأنا هنا بتكلم عن أنه لا بد من إصلاح قانوني واسع خلال الفترة القادمة.

مواد فضفاضة:
ويقول أمين أمانة الإعلام باللجنة التسييرية لنقابة المحاميين: إنَّ هنالك عدد من المبادرات والمنابر الآن تسعى لمحاربة هذا الخطاب وحصاره ولكن نحتاج أيضًا إلى جهد قانوني ويقول: نحن ألينا على أنفسنا عندما انتبهنا مبكرًا لهذه الظاهرة وبدينا مناقشتها رأينا أنه لا بد من أن تكون المواد من القوة بمكان.

ويؤكد محمد عبد المتعال جودة أن هذه المواد أغلبها مواد فضفاضة تعطي الجهات القانونية أو العدلية مساحة واسعة في التأويل وفي التفسير وقد يكون الفعل من الخطورة بمكان ولكن طالما السلطة ممنوحة للأجهزة العدلية أو للقضاء تحديدًا فقد يقيّم خطورة أو عدم خطورة هذا الوضع

مدى قريب وبعيد:
تقول المحامية رشا سراج القاسم لبرنامج “في الميزان” الذي يبث عبر “راديو دبنقا”: إنَّ خطاب الكراهية يعد واحد من المواضيع التي أصبحت تؤرق كل مهتم بالشأن السوداني، وتضيف “حقيقة في الفترة الأخيرة ازداد خطاب الكراهية في السودان بصورة مقلقة مع التحريض على العنف ضد الآخر، واعتبرت أنه يعمل على إنكار قيم التسامح والاندماج والتنوع الذي يتميز به الشعب السوداني، بتقويض التماسك الاجتماعي والتعايش السلمي وتشير إلى أن هذا الأمر أدى حقيقة إلى التسبب في العنف وانتهاكات حقوق الإنسان وهو ما أدى إلى إشعال الحرب.

وتشير إلى تأثير خطاب الكراهية على الأجيال على المدى البعيد كونه أنه يتم غرس الكراهية والعنف والعداء في نفوس هذه الأجيال، وتقول: النتيجة أننا سنحصل بذلك على جيل بحمل عقد تجاه الآخر جيل محمل بمفاهيم مغلوطة عن الإنسانية وبالتالي سيكون دور هذه الأجيال تجاه المجتمع هدَّام ومدَّمر، تضيف بقولها: لأن حقيقة خطاب الكراهية لا يولِّد إلا الكراهية.
ودعت المدافعة الحقوقية رشا سراج المحامية بأهمية معالجة خطاب الكراهية والتصدي له باعتباره أصبح ضرورة وتقول في هذا الصدد: ونحن كسودانيين عرفنا بالتسامح وقبولنا لبعضنا البعض.

من منظور ديني:
وحول دور رجال الدين في مناهضة خطاب الكراهية في هذا الصدد يقول: د. عبد المحمود أبَّو الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار الحديث لبرنامج “في الميزان” الذي يبث عبر “راديو دبنقا”: بأن الإسلام دين السلام والتعايش والمحبة وأن الله سبحانه وتعالى أمر الناس أن يعيشوا في سلام وأمان، ونهى عن كل ما يعكِّر الأجواء وحرَّم الإسلام خطاب الكراهية، أن تكره الإنسان للونه أو لعقيدته أو لقبيلته أو للجهة التي أتى منها.
ويتطرق إلى جانب العلاقات الاجتماعية بين الناس ويقول: إنَّ هناك توجيه للناس جميعًا بأن لا يسخروا من بعضهم بعضًا لا من الرجال ولا من النساء ولا من الأشكال ولا من الألوان بل حتى الظن، الإنسان يظن بأخيه الإنسان خيرًا، كثير من الآيات تنبه الإنسان إلى أن يكون تعامله مع أخيه الإنسان تعاملًا حسنًا وأن لا يسيء بعضنا لبعض لأن الذي تسيء إليه ربما يكون هو أفضل عند الله منك.

الدكتور عبد المحمود أبو، الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار – مصدر الصورة ـ صفحته على الفيسبوك

خطاب محبة:
ويرى أمين أمانة هيئة شئون الأنصار أنه في ظل الفتن التي تحدث كالحرب الآن في السودان فإنه من السهل جدًا أن نجد في المجتمع، من ينشرون خطاب الكراهية والبغضاء والقطيعة ويقول: فواجبنا أن نتصدى لهؤلاء بخطاب المحبة والمودة وخطاب التعامل مع الناس بالحسنة.
ويشير د. عبد المحمود أبَّو إلى أن هنالك أناس مفاتيح للخير ومغاليق للشر وآخرين بالعكس من ذلك فطوبى لمن جعل الله مفتاح الخير على يديه، هكذا يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم جميعا على نشر المحبة والمودة بين الناس لأن هذا هو الذي ينفعنا يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

دور المجتمع المدني:
أما الناشطة في المجتمع المدني رابحة إسماعيل محمد فتقول: لبرنامج “في الميزان” الذي يبث عبر برنامج “راديو دبنقا”: إنَّ دور منظمات المجتمع المدني يبدأ من التعريف بخطاب الكراهية ذاته وتسليط الضوء عليه والدور الذي يجب أن تقوم به منظمات المجتمع المدني.

وتشير القيادية المدنية إلى إمكانية أن تقوم منظمات المجتمع المدني بعمل حملات أو تشبيك مع بعض لخلق آلية تحاصر بها خطاب الكراهية المنتشر وترى أنه يجب أن يتم الرصد على مواقع التواصل الاجتماعي، وإقامة برامج تلفزيونية وإذاعية عبر راديو مخصص للمجتمع للحد من انتشار خطاب الكراهية.

وترى رابحة محمد إسماعيل من زاوية أخرى يمكن مكافحة خطاب الكراهية عبر الاتصال بالشركات الكبيرة والرائدة، مثل “ميتا، تويتر أو إكس” عبر ارسال بلاغات لمسح الحسابات التي تنشر خطاب الكراهية وتقلل من مشاهداتها خاصة الذين يخرجون على المنصات المختلفة وعلى الهواء مباشرة “لايف”.

Welcome

Install
×