وصول المساعدات الانسانية الى دارفور.. ما بين والعقبات البروقراطية والأمنية

صورة لوصول مساعدات الى دارفور- المصدر موقع اخبار الامم المتحدة

صورة لوصول مساعدات الى دارفور- المصدر موقع اخبار الامم المتحدة

كمبالا: 8يوليو2024: راديودبنقا

تقرير: عبد المنعم مادبو

في مطلع شهر يوليو الجاري، أعلن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة عن تعرض ثلاث شاحنات أممية تحمل مواد غذائية للنهب بواسطة مسلحين اعترضوا طريقها في منطقة “الجبل الأحمر” حوالي 10 كيلومترات شرقي مدينة زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور، وعلم راديودبنقا من مصادر عاملة في الشأن الانساني بوسط دارفور بأن السلطة المدنية للولاية كثفت جهودها الأمنية بعد الحادث لأجل القبض على المجموعة المسلحة التي استولت على تلك المواد الغذائية، في حادثة تعد الثانية منذ اندلاع الحرب في البلاد، ففي مايو 2023 اعلنت الامم المتحدة عن نهب 6 شاحنات تحمل مساعدات انسانية الى دارفور لكنها لم تبين المكان الذي وقعت فيه حادثة النهب.

وبحسب برنامج الغذاء العالمي فان المواد الغذائية التي تحملها الشاحنات الثلاث التي نهبت الاحد الماضي كانت في طريقها الى لإغاثة للنازحين في محليات جبل مرة التي تسيطر عليها حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، التي تشهد تدفقات للنازحين الفارين من جحيم القتال في مدينة الفاشر منذ مايو الماضي الى مناطق “طويلة ونيرتتي وروكرو” في تخوم جبل مرة.

تحذيرات أممية مستمرة

في ظل هذا الوضع ظل برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة يحذر من كارثة انسانية يمكن ان تحدث في اقليم دارفور غربي السودان بسبب المجاعة التي ضربت الاقليم، وقال البرنامج في آخر تحذيراته يوم الجمعة الماضي إن الوقت بات ينفد لمنع المجاعة في إقليم دارفور، خصوصًا مع تصاعد القتال بمدينة الفاشر عاصمة الإقليم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وأضاف: يواجه المدنيون في الفاشر وإقليم دارفور عمومًا مستويات مدمرة من الجوع على نطاق واسع بالفعل.

وصول متقطع

في ظل هذا الوضع الانساني الحرج وتحذيرات الامم المتحدة ظلت المساعدات تصل الى الاقليم بصورة متقطعة وكميات غير كافية لرفع خطر الجوع عن السكان، وبحسب ما كشف مسئول حكومي بمدينة الطينة فان قافلة مكونة من 35 شاحنة محملة بالمساعدات الانسانية وصلت مساء الجمعة الماضي الى مدينة الطينة بولاية شمال دارفور على الحدود السودانية التشادية مشيراً الى ان المساعدات عبارة عن مواد غذائية وأدوية متجهة الى ثلاث من ولايات الاقليم.

وقال المسئول الحكومي لراديو دبنقا ان الحكومة المحلية التابعة لولاية شمال دارفور تسلمت الشاحنات يوم السبت وبعد ان تقوم بمراجعتها ستتحرك المواد الغذائية الى ولايتي جنوب ووسط دارفور، بينما هناك شاحنتان تابعتان لمنظمة أطباء بلا حدود تحمل ادوية ستجه الى ولاية شمال دارفور.

لكن مدير الوكالة الدولية للإغاثة والاعمال الانسانية بولاية غرب دارفور ضو البيت ادم يعقوب شدد على ضرورة فتح معبر “أدري” الذي يبعد عن مدينة الجنينة حوالي 20 كيلو متر إضافة إلى معبر الطينة الذي قال انه بعيد عن بقية ارجاء دارفور فضلاً عن وعورة طرقه، والمهددات الأمنية والطبيعية التي تعتريها خاصة بعد هطول الامطار، في ظل اغلاق ما سماه بحكومة بورتسودان للبوابة الشرقية، وأبان أن معبر أدري يبعد حوالي 20 كيلومتر فقط عن الجنينة وليست فيه اي معوقات طبيعية او أمنية، وكشف عن وصول ما بين 40 الى 50 شاحنة محملة بالمساعدات خلال الاشهر الماضية لكنها غير كافية- على حد قوله-

بينما تتمسك الحكومة السودانية في بورتسودان برفض استخدام معبر “أدري” لإدخال المساعدات الانسانية حيث تتهم قوات الدعم السريع بالسعي لاستغلاله لإدخال السلاح والعتاد الحربي الى مناطق سيطرتها.

عقبات إدارية

شكا برنامج الغذاء العالمي من أن عمليات إيصال المساعدات الغذائية إلى دارفور تشهد تقطعًا بسبب القتال والعقبات البيروقراطية التي لا نهاية لها، من دون أن يوضح طبيعة هذه العقبات. لكن لاحقاً قال مكتب الامم المتحدة لتنسيق المساعدات الانسانية بالسودان في بيان حصل عليه راديو دبنقا إن حركة تحرير السودان التي يقودها عبد الواحد محمد نور التي تسيطر على اجزاء واسعة من سفوح جبل مرة بدأت تضع اجراءات بيروقراطية وادارية من بينها تسجيل المنظمات الإنسانية للعمل في السودان “يفترض أنه في بورتسودان” وفي جبل مرة، الحصول على تصاريح السفر، رسوم التسجيل المشاركة الإلزامية لجيش تحرير السودان في توظيف الموظفين، ومتطلبات الاتفاقية الفنية، اضافة الى ان الوكالة الدولية للإغاثة والعمليات الإنسانية (SARHO) التي انشأتها قوات الدعم السريع لتسهيل المساعدات الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرتها بدأت كذلك في تنفيذ العوائق البيروقراطية والإدارية، مثل تسجيل المنظمات الإنسانية والموافقة الإلزامية على تصاريح السفر لحركة العاملين في المجال الإنساني والإمدادات الإنسانية في ولايات غرب وجنوب ووسط وشرق دارفور، كما اشتكى برنامج الأغذية من قيود تفرضها السلطات في مدينة بورتسودان وقال ان تلك القيود تعوق فرقه عن نقل المساعدات عبر أدري، وهو الممر الوحيد الآخر المستخدم لنقل المساعدات عبر الحدود من تشاد. ولم يوضح البرنامج في بيانه طبيعة هذه القيود، لكنه قال إنها “تهدد الوصول إلى خطط برنامج الأغذية العالمي لتقديم المساعدة الحيوية لأكثر من 700 ألف شخص قبل موسم الأمطار، الذي يبدأ عادة في يونيو ويستمر حتى سبتمبر، ويعوق بدوره عمليات إيصال المساعدات.

الحركة ترد

إلا أن حركة تحرير السودان رفضت الاتهامات التي وردت في تقرير مكتب الامم المتحدة لتنسيق المساعدات الانسانية في السودان، ووصفت البيان بغير المهني وانه لم يراع الدقة والمصداقية، وقال بيان صادر رئيس السلطة المدنية للحركة نجيب عبد الرحمن الزبير ان الحركة استقبلت عدد هائل من الفارين من جحيم الحرب من مختلف مدن ومناطق السودان الى الاراضي التي تقع تحت سيطرتها وقامت بإيوائهم وتأمينهم في مخيمات، وبعثت بأكثر من نداء استغاثة للأمم المتحدة ووكالاتها واجتمعت مع عدد كبير من المنظمات الاقليمية والدولية بما فيها “اوتشا” وابلغتهم بأنها ستقوم بواجبها الانساني والاخلاقي وضمان وصول المساعدات الانسانية الى كافة النازحين والمتضررين من الحرب في كل مدن السودان التي تعاني من ويلات الحرب، لكن المنظمات والوكالات الاقليمية والدولية لم تقدم اي مساعدات انسانية في مناطق سيطرتها، واشار البيان الى ان “اوتشا” طلبت من الحركة أكثر من ثلاث مرات للسماح لها بالوصول الى مناطق سيطرتها لتقييم الوضع الانساني وحالة النزوح، لكنها لم تأت رغم موافقة الحركة غير المشروطة، بينما لم يصدر اي تعليق من القوات المسلحة أو حكومة بورتسودان والوكالة الدولية للإغاثة والعمليات الإنسانية “SARHO”.

رد وكالة “SARHO”

في رده على اتهامات مكتب “اوتشا” في السودان لقوات الدعم السريع بإعاقة تدفق المساعدات قال مدير الوكالة الدولية للإغاثة والاعمال الانسانية التابعة للدعم السريع ضو البيت ادم يعقوب لراديو دبنقا ان تلك الاتهامات باطلة لجهة ان هناك أكثر من 200 شاحنة تابعة لبرنامج الغذاء العالمي دخلت الى ولايات دارفور المختلفة، ولم تكن هناك اي معوقات امام عبورها- على حد قوله، وقال- نقلاً عن برنامج الغذاء العالمي- هناك اكثر من 899 ألف أسرة  تلقت مساعدات غذائية خلال أشهر، واضاف اذا كان هناك اية معوقات لما استطاع برنامج الغذاء العالمي ان يستهدف في فترة وجيزة هذا العدد من الاسر بدارفور، واشار الى وجود تفاهمات وتنسيق بين الوكالة وبرنامج الغذاء العالمي اسهمت في ايصال كل هذه الشاحنات الى الولاية.

واستبعد ان يعيق الحادث الاخير الذي نهبت فيه ثلاث شاحنات عمليات الاغاثة في دارفور وقال اننا تواصلنا مع برنامج الغذاء العالمي وتحدثنا عن ضرورة ان تكون هناك خارطة واضحة يتم الاتفاق عليها في المناطق التي لا تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع بحيث يكون هناك تنسيق بين “القوة الأخرى أياً كانت، وقوات الدعم السريع، وبرنامج الغذاء العالمي” بحيث يتم الاتفاق على نقطة محددة يتم فيها تسليم الشاحنات بين الاطراف، وتابع “الحادث لن يكون عائقاً وانما سيكون بداية لتنسيق محكم بين الاطراف.

وتبقى الازمة الانسانية التي يعيشها الشعب السوداني مستفحلة بسبب الحرب التي شارفت على العام والنصف وخلفت مجاعة تهدد حياة نصف السكان البلاد- أي 25.6 مليون شخص- بحسب الامم المتحدة.

Welcome

Install
×