نساء نازحات جراء الحرب بدارفور - أرشيف

الثلاثاء 28/ مايو/ 2024م: راديو دبنقا

تقرير – أشرف عبد العزيز
رسمت مجموعة العون الإنساني أوضاعاً للوضع الإنساني للسودان جراء الحرب الدائرة منذ الخامس عشر من أبريل الماضي ، وأشارت إلى أن الاثار الإنسانية الكارثية للحرب بدأت في التفاقم منذ يومها الأول وأصبحت الحرب مهدداً حقيقياً لسلامة المدنيين والمدنيات ، حيث راح ضحيتها حوالي 15,550 ألف من السودانيين والسودانيات نتيجة للصراع غير الرشيد بين الطرفين، وتسبب اشتداد حدة الصراعات بعديد من ولايات السودان في ارتفاع حركة النزوح واللجوء في سوء الأوضاع الإنسانية ، ومع تمدد رقعة الحرب وازدياد الاعداد النازحين واللاجئين وتعدد رحلات النزوح وتطاول برزت مهددات صحية بسبب انتشار الأوبئة وانهيار النظام الصحي في العديد من الولايات فضلاً عن اشكال الوصول للخدمات والسلع الأساسية والاحتياجات الأساسية للنساء والاطفال.
النزوح واللجوء:
ناقش المشاركون في الورشة أثار الحرب مشيرين إلى تزايد اعداد المهجرين قسرياً بسببها، حيث بلغ العدد الكلي للفارين من نيرانها أكثر من 8.8 مليون شخص نزحوا من مناطقهم، وما يقدر بنحو 6.8 مليون شخص داخل البلاد لجأوا إلى 7,251 موقعًا، وفقًا لمصفوفة تتبع النزوح من المنظمة الدولية للهجرة (IOM ).
وأضاف المشاركون في الورشة مواقع اسكان النازحين وصلت إلى 7,251 موقعا بكافة ولايات السودان مع استمرار وجود أعداد كبيرة دون مأوى مهيأ، إضافة لعدم وصول المساعدات للمستهدفين في مراكز الإيواء المؤقتة، مع عدم وجود معسكرات ثابتة بالمناطق الأمنة لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية واعتمادها من قبل المنظمات العالمية والدولية.
وقال المشاركون في الورشة: “يعاني النازحون كذلك من ارتفاع ايجار المساكن والسلع مع ندرتها وتكرار وتوسع المخاطر الأمنية حيث رصد تكرر حالات النزوح مع امتداد رقعة الحرب لمواقع جديدة. “هذا بالإضافة إلى معاناة اللاجئين في رحلاتهم إلى دول الجوار حيث تزداد عمليات التهريب الخطرة نسبة للتضييق في إجراءات الدخول لبعض البلدان، مع عدم وجود مواقع استقبال لائقة ببعضها نظراً لاكتظاظ معسكرات اللاجئين المؤقتة، وتتصاعد بشكل متواتر إشكالات المعسكرات بدول الجوار مثل: أثيوبيا وجنوب السودان وتشاد وأيضا يوغندا وبعض الدول المجاورة، هذا بالإضافة لمصاعب إيجاد مساكن وتمويل للمعيشة.
ورأى المشاركون أن السودانيين والسودانيات يعانون من إشكالات الوصول للعدالة بدول الجوار وإشكالات لها علاقة بالإقامات والسكن والاعاشة دون وجود جهات كافية لتقديم العون القانوني، والاستشارات والحماية وغيرها من الخدمات العاجلة.

صورة أرشيفية لإحدى المستشفيات تعكس انهيار الوضع الصحي ـ المصدرـ مواقع التواصل الاجتماعي

انهيار النظام الصحي
وفي السياق ذاته أشارت ورقة الوضع الإنساني إلى الانهيار التام للقطاع الصحي واغلاق اغلب المستشفيات بمعظم الولايات المتأثرة بالحرب (80% بالخرطوم وكافة مستشفيات ولاية غرب دارفور مثالا) والتكدس الكبير للمرضي دون وجود كادر كافي او ادوية مساعدة، ومعاناة المصابون الامراض المزمنة (الكلى والسرطان وامراض القلب والسكري والضغط) دون الحصول على الادوية والرعاية اللازمة، وانخفاض كبير في الخدمات المقدمة بمجالات الصحة النفسية والصحة الإنجابية ورعاية الاطفال، وانعدام لأدوية المنقذة للحياة بعدد من الولايات. تقدر OCHA ان 14.7 مليون شخص بالسودان بحاجة لمساعدة صحية عاجلة.

وأوضحت أن النظام الصحي القومي في بعض الولايات بالكاد يعمل وهو متوقف عن العمل بشكل أساسي، مع وجود تحديات خطيرة في توفير الإمدادات الطبية والوقود للمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية،
وينهار برنامج تحصين الأطفال، وتنتشر الأمراض المعدية، حيث أوردت التقارير وجود أكثر من 11 ألف حالة يشتبه في إصابتها بالكوليرا، وأكثر من 4,660 حالة إصابة بالحصبة، وأكثر من 8,300 حالة يشتبه في إصابتها بحمى الضنك، وما يقرب من 1.3 مليون حالة إصابة بالملاريا في جميع أنحاء البلاد. وقد أدى عدم كفاية مستوى الخدمات الاجتماعية الأساسية، مثل المياه والمرافق الصحية والنظافة العامة، إلى تفاقم حالة الطوارئ الصحية وتفشي الأمراض.
وأضافت الورقة تشهد البلاد انتشار امراض وبائية متعددة بشكل ينذر بالخطر، حيث رصدت بنهاية العام 2023 أكثر من مائتي وفاة بين ما يقارب 7 الاف حالة كوليرا بتسع ولايات وثلاثة ملايين شخص مهددين بالإصابة بها، كذلك رصدت 105 وفاة من بين 4557 إصابة واشتباه بالحصبة وسط الاطفال بثماني ولايات، وارتفعت الإصابات بشلل الأطفال من حالة واحدة للعام 2022 لما يفوق 200 حالة بالعام 2023، وسط انتشار حاد للحميات النزفية والملاريا (اكثر من 6 الاف حالة اشتباه بحمى الضنك مع 60 وفاة بينما فاق عدد اصابات الملاريا المسجلة مليون حالة). ورصدت منظمة الصحة العالمية حوالي ستين حالة اعتداء على المرافق والكوادر الصحية، مع مقتل 47 كادرا صحيا حسب احصائيات اللجنة التمهيدية لنقابة الاطباء.
وجاء في الورقة:” إن الوضع البيئي يشهد كارثة بسبب وجود الجثث على الطرقات، وتوقف تدخلات اصحاح البيئة واختلاط المخلفات مع مياه الامطار ما يضاعف من انتشار الأمراض مثل الاسهالات والكوليرا والملاريا بالتالي زيادة نسبة الوفيات مع الوضع الصحي المتردي”.

نصورة لنازحين يتلقون الاغاثة في احدى المراكزـ المصدر ـ مواقع التواصل الاجتماعي

نقص الامدادات الغذائية:
بحسب المشاركون في الورشة يعد السودان من بين البلدان الأربعة الأولى في العالم التي تعاني من أعلى معدلات انتشار سوء التغذية الحاد العالمي، بنسبة تقدر بـ 13.6 بالمائة. من المتوقع أن تتدهور توقعات التغذية في عام 2024 بسبب الصراع المستمر، وتدهور الأمن الغذائي، وتدهور الخدمات الصحية وخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، والنزوح لفترات طويلة.
وأشار المتداخلون إلى أن توسع رقعة الحرب ووصولها لمناطق الإنتاج الزراعي الرئيسية بغرب ووسط البلاد وخطر امتدادها شرقا يشكل تهديداً للإنتاج الزراعي، حيث أن هنالك نذر وبوادر لمجاعة حادة قد تضرب البلاد في مقبل الأيام، وبالتأكيد فإن فشل الموسم الزراعي سيؤدي لازدياد الفجوة الغذائية.
ورأى المشاركون أن عدم توفر السلع الأساسية بعدد من ولايات السودان نظرا لانخفاض الإنتاج الزراعي، وتعطل حركة التجارة ونقل البضائع، أدى إلى تعثر الوضع الاقتصادي مع تفاقم الازمة الإنسانية وفقدان مصادر الدخل خاصة في ظل انعدام السيولة المالية وعدم صرف المرتبات لقطاع واسع من المواطنين وفقد عدد اخر منهم لأعمالهم الخاصة (ما يقدر بحوالي 50% مع انخفاض متوسط دخل الاسرة بنحو 40%) وازدياد حركة تجار الازمات.
هذا بالإضافة إلى انقطاع العمل في النظام المصرفي لفترة طويلة ما أثر على التجارة والتحويلات المصرفية عبر النظام المعتمد عالمياً وجعل الاعتماد بشكل كبير على بنك الخرطوم والويسترن يونيون، مع انقطاع طويل لنظام المقاصة وعملية التبادل المالي بين البنوك الداخلية و شبه توقف بنك السودان المركزي.

من المتوقع، حسب المشاركين، أن يؤدي ارتفاع مستويات الجوع وسوء التغذية الحاد الشديد إلى زيادة مستويات الوفيات المرتبطة بالجوع في الأشهر المقبلة مشيرين إلى أن ادخال قطاع الاتصالات ضمن أسلحة الحرب الدائرة ألقى بظلاله على الوضع المعيشي بصورة مباشرة لاعتماد قطاع واسع من السودانيين والسودانيات على التحويلات الخارجية وغيرها من الاستخدامات.

العنف الجنسي:
حذر المشاركون من استخدام العنف الجنسي كسلاح خلال الحروب مشيرين إلى توثيق المنظمات الحقوقية وهيئات حماية المرأة إلى ما يفوق المائة حالة عنف جنسي او عنف مبني على النوع الاجتماعي وهي أرقام يتوقع أن تكون قاصرة جداً مقابل واقع استخدام العنف الجنسي كواحدة من أدوات هذه الحرب أو كاستغلال للفوضى التي توفرها، مع صعوبة الوصول للعدالة التبليغ وإمكانية إيصال المعلومات والتحقق منها وتلقي المساعدة المطلوبة، مع استمرار اثار الوصمة الاجتماعية والخوف من الجناة.
دارفور والخرطوم وكردفان، هي أكثر المناطق تأثراً من النزاع، حيث يهدد الموت بسبب المجاعة أكثر من 7000 أم حديثة الولادة في الأسابيع القادمة إذا لم يتمكن من الوصول للمساعدات الطارئة حيث يعاني النساء والفتيات نقصاً حاداً في الغذاء بسبب الحرب الدائرة، ويعشن الرعب من التعرض للعنف الجنسي ناهيك عن الخوف وعدم اليقين.

الاثار على الأطفال:
وأشارت ورقة الوضع الانساني إلى أن الأطفال يمثلون نصف عدد النازحين واللاجئين وفق بيانات المفوضية السامية للاجئين والمنظمة الدولية للهجرة، ما يجعل من هذه الحرب كارثة نزوح الأطفال الأكبر في العالم حاليا حيث سجلت ما يفوق 3 الاف حالة انتهاك جسيم لحقوق الأطفال في السودان بالعشر أشهر المنصرمة فيما انقطع ما لا يقل من 19 مليون طفلا عن التعليم قسريا وفق إحصاءات منظمة اليونيسف.

وفاة مئات الأطفال في السودان بسبب الجوع نتيجة للحرب الدائرة – الصورة لاطفال في احدي المدارس – المصدر منظمة انقذوا الطفولة

خلاصات:
خلص المشاركون في الورشة إلى ضرورة عكس معاناة السودانيين/ات على مختلف الأصعدة وتسليط الضوء عليها والعمل على مناصرة قضايا السودانيين في الأزمة الإنسانية و حشد طاقات السودانيات والسودانيات للمساهمة في تقليل وطأة الحرب فضلاً عن إيجاد صيغة تنسيقية بين طرفي النزاع والفاعليين الدوليين في مجال العون الانساني لتسهيل توصيل المساعدات.
واتفق المشاركون على تشكيل آلية مدنية لإيصال المساعدات قوامها الفاعلين المحليين في مجال العون الانساني (المنظمات غير الحكومية وغرف الطوارئ والمبادرات الشعبية والطرق الصوفية والإدارات الاهلية) حسب طبيعة تكوين المجتمع المستهدف وتوظيف التكنولوجيا بالصورة التي تعين على تحقيق الغايات وصياغة الاستراتيجيات وبناء السياسات التي تنظم العمل، والعمل على إيصال المساعدات والاحتياجات الأساسية والصحية للأمهات والأطفال مع تعزيز مشاركة المجتمعات المحلية ومجتمعات الضحايا في عمليات العون الإنساني والتشاور والاتصال بالمجتمعات المحلية لتحديد الاحتياجات وتصنيفها بما يتوافق والاحتياجات الفعلية هذا بالإضافة إلى بناء القدرات والتدريب للمجتمع المحلي لتمكينه من تنفيذ أنشطة العون الإنساني بصورة مثلى.

Welcome

Install
×