فنانو المنفى.. ابداع متواصل و”نغمة من أجل السلام”
امستردام :السبت 20 أبريل2024 :راديو دبنقا
تقرير: سليمان سري
أكملت فرقة”عطر الجلاد”، استعداداتها للانطلاق، خلال الفترة القريبة القادمة، لمعانقة محبيها بعد طول غياب، امتدادًا للمسيرة الطويلة للفرقة التي تمتد لأكثر من ثلاثين عامًا واجهت خلالها القمع وعسف السلطة الحاكمة وأجهزتها الأمنية، بإلغاء حفلاتها لفترات طويلة، واعتقال أعضاء الفرقة والتنكيل بهم ومصادرة معداتهم، ومنعهم من السفر وحرمانهم من المشاركات الخارجية.
وسط كل تلك المعاناة والتحديات تعود الفرقة في ظروف أكثر تعقيدًا من تلك التي عاصرتها، عودة تحمل الأمل بسودان خالي من الحروب والدمار، تعبر عن أشواق وتطلعات الشعب السوداني وتحقيق حلمه وشعار الثورة بالحرية والسلام والعدالة، تخرج “عطر الجلاد” لتبشر بسودان حر ديمقراطي يسع الجميع دون تمييز على أساس اللون، العرق أو الدين.
الفرقة بقيادة وإشراف المايسترو عثمان النو ومشاركة أنور عبدالرحمن وعوض الله بشير، الأعضاء المؤسسين الأوائل، إضافة لمشاركة الفنانة والنجمة إيمان يوسف، بطلة فيلم “وداعاً جوليا” كصوت غنائي جديد على الفرقة تطل لأول مرة مع نخبة أيضًا جديدة من الشباب في”عطر الجلاد.
وعبر أنور عن تقديره وشكره لـ “راديو دبنقا” الذي قال بأنه يعاين بعين الأمل المفقود ولاهتمامه الوفيّ ولمبادرته النبيلة. يقول أنور نحن في محنة ويجب علينا كفنانين ان نبذر بذرة التفاؤل والأمل وبذرة البقاء. وندعو للسلم وللأمن والحياة الكريمة والحياة المتساوية، للحياة التي لاتفرق بين أبيض وأسود ولاعجمي ولاعربي إلابحبه للسودان الواحد الموحد.
ويؤكد بقوله “هذا هو منهجنا والغازيتة ومنفستو الفنان الحقيقي المحب للحياة الذي يدعو للسلام ولحياة كريمة.
الفرقة في ميلادها الثاني، جمعت شتات المؤسسين الأوائل،وقتها ساهم هؤلاء المبدعين في بث الوعي وسط الشباب بأغنياتهم التي كانت تحمل كل معاني الحرية والديمقراطية والسلام ورفض العنصرية والقبلية ومكافحة خطاب الكراهية بكلمات وأعمال تحمل معاني التسامح والتعايش السلمي وتدعو للعدالة والمساواة بين أبناء الوطن الواحد.
تتأهب هذه المجموعة وهي تحمل إسم “عطر الجلاد”، للظهور، الذي سيكون مميزًا بعد طول غياب، هذه المرة من قاهرة المعز، حيث يوجد معظم أعضائها هناك إضافة إلى أن القاهرة تمثل أكبر دولة لجوء احتضنت أعداد كبيرة من السودانيين الفارين من ويلات الحرب، وتمثل منارة ثقافية وأرض خصبة للفنون والغناء والابداع.
يقول الفنان أنور عبد الرحمن لـ”راديو دبنقا” كنت قبل شهر في العاصمة المصرية القاهرة، في معية الأستاذ عثمان النو وعوض الله بشير وهما أصدقاء العمر الجميل ورفقاء الدرب السليم ومجموعة من المغنيين الشباب، “حاولنا نلم شتاتنا بعد هذه الحرب ، رأينا أنه نلم غنانا الذي فيه رسائل لمجتمعنا وفيه دور الفنان في خدمة قضايا المجتمع”.
وداعاً جوليا ومرحبا عطر الجلاد:
ويواصل الفنان أنور عبدالرحمن حديثه لـ”راديو دبنقا” إنهم رأوا، داخل المجموعة الغنائية “عطر الجلاد”” إنه لابد من وقفة جادة فنظموا ورشة مرة أخرى لاستنهاض فرقة “عطر الجلاد” وأضاف “بدأنا وأجرينا بروفات بشكل جيد، وانضمت الينا واحدة من أيقونات هذا الوقت الأستاذة إيمان يوسف نجمة وبطلة فيلم “وداعاً جوليا”، وهي في الأصل مغنية”.
أنور يشير إلى أنهم لا يستعجلون الظهور ويقول “لكن هذه بشارة نبشر بيها جمهورنا ؛ في مقبل الأيام، سندشن هذه المجموعة، ما يهمنا أكثر هو أن يكون هنالك عطر جلاد يفوح.. لاتهمنا الأسماء ولاخلافه بقدر مايهمنا توصيل رسائلنا للمواطن”.
باعتقاد أنور أن هنالك وصية في عنقهم لابد من العمل بها فالهدف من رسالتهم هو ترديد أعمال الشعراء الذين ساهموا في قيام هذه الفرقة ونجاحها على مر السنين، حيث يقول إنَّ ما يهمنا أن لاتموت أغاني قدال، وأن لاتموت أشعار حميد، ونريد أن نشنف آذان الجمهور بأشعار أزهري محمد علي ومحمد مدني، وأشعار كل الوطنيين الذين دفعوا للسودان وقتهم وزمنهم وإبداعهم وحياتهم نريد لهذه الرسائل أن تصل للمجتمع.
ويعبر أنور عن إحساسه بهذا العمل وبظهور فرقته الغنائية “عطر الجلاد” ويقول “نحن سعيدون جدًا و هذا ” فيد باك” جيد وإيجابي، وتعقبه أعمال أخرى سواءً مجموعتنا هنا في الدوحة أو مجموعة عطر الجلاد في مقبل الأيام القادمة في القاهرة بحكم أنها أصبحت الملجأ القريب للسودانيين، ويضيف وتسمع قريب “عما قريب الهمبريب يفوح في كل المنافي جمالاً وتفاؤلاً وعين الأمل بتشوف فجر الخلاص قدام.
“فيد باك”:
راجعين ..راجعين
الحديث مع الفنان أنور عبدالرحمن كان في اتجاهين، الأول كان يتعلق بالاستعدادات الجارية لظهور “عطر الجلاد”، أما الاتجاه الثاني فكان يتعلق بظهوره ضمن مجموعة من الفنانين السودانيين في “كورال” غنائي ينشد بعمل غنائي جديد للشاعر عبدالوهاب هلاوي بعنوان “راجعين.. راجعين”، تم تدشين هذا العمل الفنى الجديد من العاصمة القطرية الدوحة.شارك فى التنفيذ و الموسيقي والألحان علاء الدين سنهورى ووليد ابو القاسم. كما شارك فى الأداء إلى جانب أنور عبد الرحمن، الموسيقار أزهرى عبد القادر وعلاء سنهورى، ومن الأصوات النسائية شاركت سناء مختار وصباح سنهورى ونسيبة عبد الله، قام بأخراح هذا العمل المخرج أحمد خضر.
هذا العمل وجد استحساناً وترحيباً كما وجد رواجاً واسعاً من قبل السودانيين في كل صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وتم تداوله على نطاق واسع في حينه ولازال. المناسبة في شهر أبريل الذي حدثت فيه عدة أحداث ارتبطت بالثورة والتغيير، السادس من أبريل محطة معمة تتمثل في الذكرى الثامنة والثلاثين لانتفاضة أبريل أسقطت الحكم العسكري برئاسة جعفر نميري، والذكرى الخامسة لمجزرة فض اعتصام القيادة العامة، والذكرى الخامسة لإسقاط وعزل الرئيس المخلوع عمر البشير.
نحن في محنة:
تعليقًا على مشاركته في هذا العمل، يقول أنور عبدالرحمن، الذي بدأ يتحدث عن الظروف الاستثنائية التي يعيشها السودان، من حروبات مزقت الوطن وباعدت مسافات التقارب بين أبنائه، ومن تشرد ونزوح ولجوء ومجاعة فتكت بالشعب السوداني، ويضيف “نحن في محنة يجب علينا نحن كفانين القيام بدور كبير تجاه قضايا الوطن والمتجمع السوداني”.
ويتناول أنور في حديثه لـ”راديو دبنقا” فكرة العمل هي مبادرة من الفنان علاء سنهوري، كان هنالك جماعة الفنانين الديمقراطيين على فيسبوك نشروا فيها هذا النص بعد الحرب بشهرين في يونيو 2023. وتضم مجموعة من الفنانين معهم أستاذنا يوسف الموصلي وأستاذنا عبدالوهاب هلاوي وأنشدوا هذا النشيد الجميل.و التقط سنهوري هذا العمل وقام بمشاورتنا وعقدنا له ورشة جيدة جدًا وشاركنا وكنا مساعدين فيها ومنفذين.
ويضيف توقيت العمل في أبريل قصدنا أن ينفذ العمل قبل شهرين وكان شبه جاهز. كنا فكرنا في أن يتم إطلاقه في في شكل صوت “اوديو”. لكن تراجعنا عن فكرة الصوت لوحده وفكرنا في أن ندعم الصوت بصورة مباشرة لكي نخاطب البصر بشكل جيد لانه يعطي معاني ويعطي دلالة مكان وزمان.
مؤمن بالغناء الجماعي:
ولفت أنور بقوله إنه يجب ألا يموت في الزمن الذي تفشى فيه الفيروس المنتشر، من عالم القونات وما وصفه بـ”السقوط الكان مقصود” ويشير بذلك إلى تدني مستوى الغناء ويشير إلى أن كل ذلك كان ضمن سياسة الدولة والمشروع الحضاري لجماعة الإسلام السياسي، ويؤكد أنه كان مرتب ومخطط ويتم الاشراف عليه داخل قسم كبير داخل جهاز الأمن والمخابرات الوطني، لألهاء الناس عن قضاياهم.
ويضيف “أنا لازلت مؤمن بالغناء الجماعي وهذه خصيصة سودانية متفردة جدًا ونحن مساهمين ونساهم بمساهمتنا، ونريد أن نقول للناس أنه تاريخنا زاخر يجب أن ننظر له بعين الحب وعين الوفاء وبمناسبة إنه نحن متمسكين بمنهج غنانا الجماعي ونطلع من جماليات الغناء الفردي بدينا نعيد في فرقة عطر الجلاد”.