مذكرة حزب الأمة القومي محاولة للإصلاح أم تمهيد للفراق؟
لندن، 11 مارس 2014، راديو دبنقا
تقرير: عمر عبد العزيز
اثارت المذكرة التي تقدم بها حزب الأمة القومي لتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم”، التي هو جزء منها، الكثير من التساؤلات بشأن أهدافها ودلالة توقيتها، والخطوات التي يمكن أن تلي تقديمها.
واعتبرت المذكرة إعلان أديس ابابا الموقع بين التنسيقية وقوات الدعم السريع في يناير من العام الحالي في العاصمة الاثيوبية أديس ابابا مخالفا لخارطة طريق “تقدم” الصادرة عنها في نوفمبر الماضي.
“مراكز القرار”
الكاتب والمحلل السياسي الأستاذ محمد عبد العزيز، اعتبر في مقابلة مع راديو دبنقا، أن هناك مراكز قرار داخل حزب الأمة القومي تتباين في موقفها من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” والخط السياسي العام لها. واعتبر عبد العزيز أن توقيت تقديم المذكرة ربما يكون مرتبطا بزيارة رئيس تقدم د. عبد الله حمدوك إلى العاصمة المصرية القاهرة.
وأشار إلى أن النقاط التي طرحت يمكن أن تكون أساسا جيدا لتصورات حزب الأمة للمؤتمر التأسيسي لتقدم، مضيفا أن الأمر يجب ألا يقتصر على حزب الأمة بل يجب أن يشمل كل مكونات “تقدم” لكي تتقدم برؤيتها في هذا الشأن.
“الحياد التام”
وكان حزب الأمة، قد شدد في مذكرته، على ضرورة أن تلتزم “تقدم” بالحياد التام بين طرفي الحرب، قوات الجيش وقوات الدعم السريع.
وبشأن إشارة المذكرة إلى ضرورة الحياد، اعرب عبد العزيز عن اعتقاده بأن موقف التنسيقية ظل ثابتا ملتزما الحياد بين الجانبين. وأضاف أن تقدم “اعلنت رفضها للحرب وإدانتها لكل الانتهاكات بغض النظر عن الطرف التي ارتكبها”. وأشار إلى أن التنسيقية تواصلت مع الطرفين في محاولة لإنهاء الحرب.
تفاعلات داخل الحزب”
وظلت “تقدم” تواجه اتهامات من تيارات إسلامية موالية لنظام الرئيس المعزول عمر البشير بالانحياز إلى قوات الدعم السريع، لكن الجديد هذه المرة أن المطالبات بالحياد تأتي من أحد الأحزاب المنضوية تحت لواء التنسيقية.
وكون حزب الأمة أحد الأحزاب المكونة لتقدم، فقد اثار هذا الأمر تساؤلات عما إذا كان من الأفضل تقديم ملاحظاته داخليا بدلا، أو قبل نشرها للإعلام. وحول هذه النقطة، اعرب عبد العزيز عن اعتقاده بوجود تيارات داخل حزب الأمة لديها موقف من انتماء الحزب “لقوى الحرية والتغيير أصلا، ناهيك عن تقدم”، حسب تعبيره.
وتابع قائلا إن بعض التيارات داخل حزب الأمة تسعى حتى لجره لتأييد أحد طرفي الحرب ضد الطرف الآخر. وخلص عبد العزيز إلى أن “هذه التفاعلات داخل الحزب أدت إلى ظهور هذه المذكرة”.
“مهلة أسبوعين”
وكان من اللافت في المذكرة أنها امهلت تنسيقية “تقدم” اسبوعين للرد على ما جاء فيها، ومن ثم سيتخذ الحزب بعدها ما وصفها بالإجراءات اللازمة لتحديد دوره المستقبلي في التحالف.
واعتبر عبد العزيز مهلة الأسبوعين “بمثابة كروت ضغط من حزب الأمة على تقدم”. وأضاف أن بنود المذكرة متباينة وأن بعضها قد يتطلب عقد المؤتمر العام للتنسيقية للنظر والفصل فيها، في إشارة إلى قصر فترة الأسبوعين وعدم كفايتها للرد على ملاحظات الحزب ومطالبه.
“مائدة مستديرة”
وكان بعض ناشطي الأحزاب السياسية الأخرى استنكروا عدم الإشارة في المذكرة بوضوح إلى استثناء حزب المؤتمر الوطني المحلول عند الحديث عن ترتيبات الحوار المستقبلية في البلاد. وطالبت المذكرة المقدمة إلى تنسيقية تقدم بمؤتمر مائدة مستديرة تكون نواته التنسيقية، ويستوعب كل الأطراف الوطنية.
كما شدد الحزب على ضرورة تفعيل الاتصالات بالقوى السياسية والانفتاح على التوسعة بصورة جادة تتجاوز مشاكل المرحلة السابقة، وأكد إن اتصالات (تقدم) بالقوى السياسية لم تفلح في تحقيق التوسعة بالقدر المطلوب.
واعتبر البعض هذا الحديث بمثابة إشارة إلى استيعاب حزب المؤتمر الوطني المحلول. وحول هذه النقطة، يقول عبد العزيز إن هناك سؤالا أساسيا يجب أن يوجه للمجموعة التي دفعت بالمذكرة، وهو إذا ما كان هذا التوجه يمثل حزب الأمة بشكل عام، أم لا؟ وأضاف أن الموقف الأساسي المعلن من قبل “تقدم” هو أن العملية السياسية يجب أن تستثني المؤتمر الوطني وواجهاته.
“تعزيز الثقة”
ويرى بعض المراقبين أن الدفع بهذه المذكرة من قبل حزب الأمة مع تحديد مهلة الأسبوعين والحديث عن اتخاذ موقف بعدها بناء على رد تنسيقية تقدم، هو نوع من التمهيد ربما لخروج الحزب من التحالف، بعد غلبة التيار الداعي للخروج من “تقدم” داخل الحزب.
لكن عبد العزيز يرى أن بقاء حزب الأمة داخل “تقدم” رهين بقدرته وقدرة قيادات التنسيقية بصورة عامة على العمل المشترك وتعزيز الثقة بينهم “بما يؤدي إلى اهداف استراتيجية يتفق ويتشارك فيها الطرفان” على حد وصفه. واعرب عن اعتقاده بأن هذه الأهداف الاستراتيجية يجب أن تشمل إنهاء الحرب واستعادة المسار الديمقراطي. واعتبر أن التوصل إلى تفاهمات في هذا الصدد يمكن أن يلعب عاملا حاسما في ترجيح كفة أحد التيارات داخل حزب الأمة على حساب التيار الآخر.
وفي كل الأحوال، فإن خروج حزب الأمة من “تقدم، في حال حدوثه، سيكون أمرا له تبعات كبيرة على المشهد السياسي السوداني في الظروف الراهنة، لما للحزب من ثقل جماهيري وتاريخي.