الطلاب الجامعيين والمصير المجهول بعد حرب 15 ابريل
تقرير: عبد المنعم مادبو
يجزم “محمد آدم علي” بأن الطلاب الجامعيين الذين بلغوا السنة الدراسية الاخيرة هم الأكثر تضرراً من غيرهم من بقية الشعب السوداني بسبب الحرب التي اندلعت في ابريل 2023م ويرى انها قضت على كل أحلامهم وطموحاتهم في الحياة، محمد يقول لبرنامج قضايا الشباب- الذي بثه راديو دبنقا أمس الاحد- ان آلآف الطلاب الجامعيين تضرروا من حرب ابريل كغيرهم من الشعب السوداني لكنه أكثر الناس تضرراً لجهة أنه لم يتبق له من التخرج سوى أيام قلائل فجاءت الحرب وتوقفت الدراسة والآن صار لاجئاً في احدي الدول الافريقية.
يقول محمد ان تأثير الحرب على طلاب السنة الأخيرة في الجامعات السودانية أكبر على غيرهم من الطلاب، لجهة انه الآن معلق لا يستطيع ان يتخذ قراراً باغلاق ملف دراسته في الجامعة بصورة نهائية وبدء دراسة جديدة في إحدي الجامعات في الدولة التي لجأ إليها، وأضاف اتخاذ قرار مثل هذا يكلف كثيراً من الوقت، فليس هناك عاقلاً يستطيع اتخاذه”
“محمد أدم” هو نموذج لمعاناة آلآف الطلاب السودانيين الذين أصبح مصيرهم مجهولاً بسبب هذه الحرب، ويرى كل من تحدث منهم لبرنامج قضايا الشباب براديو دبنقا ان الحل يكمن في وقف الحرب وعودة الحياة لطبيعتها في السودان.
ويقول عمر عيسى صالح- وهو من مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور يدرس في كلية هندسية بمدينة مروى في الولاية الشمالية- انه انهى الفصل الدراسي الأخير في الجامعة ولم يتبق له سوى مناقشة مشروع بحث التخرج الذي كان مقرراً له شهر يونيو 2023م، لكن سبقت ذلك التاريخ الذي ظلوا ينتظرونه 5 سنوات حرب 15 ابريل، والآن لا يدري ما مصير حلمه في التخرج من الجامعة. يقول عمر ان ادارة جامعته قامت بمحاولات للدراسة “اونلاين” فمكنتهم من انهاء الفصل الاخير، لكن وقفت في طريقهم مشكلة كيفية الجلوس للامتحان الاخير ومناقشة بحث التخرج، واضاف: الان تواجهنا مشكلة في كيفية الوصول الى الولاية الشمالية للجلوس للامتحانات ومناقشة مشروع البحث، لان الطريق محفوف بالمخاطر.
لكن عمر يرى انه حلا للمشكلة ان تتيح ادارة الجامعة الفرصة لطلاب دفعته المتواجدين الان في ولايتي نهر النيل والشمالية والذين يستطيعون الوصول اليها الجلوس للامتحان ومناقشة بحث التخرج وتسليمهم شهاداتهم الجامعية، حتى لا يضيع مستقبل كل طلاب الدفعة.
فيما تقول طالبة باحدي الجامعات السودانية- فضلت حجب اسمها- ان الحل الوحيد لهذا الوضع الذي يعيشونه ان تتوقف الحرب، وقالت لبرنامج قضايا الشباب براديو دبنقا ان ادارة جامعتها حاولت بعد اندلاع الحرب ان تواصل الدراسة “اونلاين” لكن بسبب سوء شبكات الاتصال فشلت المحاولة، ثم ذهبت في اتجاه الانتقال الى احدي دول الجوار الا انها فشلت كذلك لعدم توفر الامكانيات المادية لنقل المقر، وذكرت انها ليست امامها اي خيارات لمواصلة دراستها الجامعية، لأن ذلك لا يتم الا خارج السودان وأن الظروف المادية لا تسمح، واضافت: ليس هناك حل الا ان تتوقف هذه الحرب ويعود السودان لوضعه الطبيعي.
ويبلغ عدد الطلاب السودانيين بالجامعات والمعاهد العليا نحو 714 ألف طالب وطالبة- تقريبًا حسب تقديرات غير رسمية- فيما تبلغ اعداد الجامعات والمعاهد العليا الحكومية والخاصة نحو 136 جامعة بولايات السودان المختلفة، اغلقت جميعها وتعرضت نسبة كبيرة منها الى التدمير الكامل.
وأجمع كل المشاركين في برنامج قضايا الشباب بان مصير الطلاب الجامعيين اصبح مجهولاً بسبب هذه الحرب، وأن نسبة كبيرة من الطلاب عاجزين عن اتخاذ أي محاولات لمواصلة دراستهم، وحسب النتائج التي توصل اليها البرنامج فان كل المحاولات التي اتخذتها ادارات بعض الجامعات لمواصلة الدراسة “اونلاين” باءت بالفشل بسبب سوء شبكات الاتصال اضافة الى تفرق بعض الطلاب والاساتذة في مناطق ليست بها شبكات.
وفي اكتوبر الماضي اعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، استئناف الدراسة بداية من منتصف أكتوبر الجاري بولايات السودان الآمنة، لكن القرار الذي اتخذه وزير التعليم العالي بناء على خطاب من وزير شؤون مجلس الوزراء لم يجد حظه من التنفيذ بسبب تطورات الحرب في البلاد واتساع رقعتها في عدد من الولايات.
وقال احد الطلاب ان جامعتهم اتخذت خطوات جادة لمواصلة الدراسة “اونلاين” ووزعت المحاضرات في ملفات “PDF” عبر تطبيق “واتساب” لكنها فشلت في الاستمرار بسبب سوء شبكات الانترنت، مشيراً الى انه لا خيارات امام الطلاب الآن الا الدراسة في خارج السودان، بيد انها صعبة بسبب الظروف المادية للطلاب وأسرهم.
وذكر الطالب زين العابدين عبد الله- وهو في السنة الاخيرة لدراسة العلوم البيطرية- انه يدرس في الجامعة منذ العام 2017م واجه خلال هذه فترته الدراسية الكثير من العقبات منها توقفت الدراسة بسبب انتفاضة ثورة ديسمبر وبعدها بسبب جائحة كورونا وأخيراً جاءت الحرب لتقضي على احلامه في التخرج، ويرى زين العابدين ان الحلول قليلة، لكن على الجامعات التي تقع في المدن التي تصلها الحرب ان تسعى لمناقشة مشروعات بحث التخرج للطلاب المتاحين واكمال اجراءات تخرجهم اونلاين.
بينما بدى احد طلاب السنة الاخيرة في كلية ود مدني الطبية اكثر تشاؤماً عندما قال انه لا يرى اي بصيص أمل لعودة التعليم في السودان في السنوات القليلة القادمة، وبالتالي ليس هناك مستقبل للتعليم في السودان سواء ان كان للجامعات او المراحل الادنى، وذكر الطالب- الذي فضل حجب اسمه- ان هناك كثيراً من الاشاعات تطلع من وقت لآخر عن رغبة ادارة الجامعة في نقل مقرها الى احدي الدول من بينها “مصر، رواندا، اوغندا” وتم توزيع عدد من الاستبيانات لمعرفة اغلب الطلاب هاجروا الى اي من الدول الثلاث بغرض القيام بخطوات لانتقال الكلية الى الدولة التي بها اكثر عدد من الطلاب، واضاف: لكن بعد ذلك اعلن عميد الكلية ان الادارة الان ليس لديها اي امكانية للانتقال لدولة اخرى، وقال طالب ود مدني الطبية في الوقت الراهن اذا في اي جامعة نقلت مقرها الى دولة اخرى فإن بعض الطلاب سيواجهون مشكلة كبيرة في الالتحاق بها، بسبب الظروف المادية للطلاب وعدم امتلاك بعضهم جوازات سفر فضلاً عن الظروف الامنية المحيطة بالسودان وصعوبة الخروج من البلاد، لكنه استدرك بأن الخيار الانسب للطلاب الذين خرجوا من السودان ان يبحثوا عن خيارات اخرى للدراسة في البلدان التي لجأوا إليها.