توسع رقعة الحرب ومستقبل السودان في ظل الانقسام
تقرير: محمد سليمان
لم يشهد السودان في تاريخه الحديث إنقساماً مثلما حدث بعد حرب الخامس عشر من أبريل 2023، فقد شهدت الساحة السياسية تحولات كبري ما بين داعم للحرب ومن يطالبون بوقف الحرب، والبعض آثر الصمت حتي تنجلي غبار المعركة التي صارت تتسع رقعتها صباح كل يوم، مخلفة آلاف القتلي والجرحي وملايين النازحين واللأجئين والمشردين، مما طرحت تساؤلات حول مستقبل السودان في ظل هذه الإنقاسامات والتحشيد والتحشيد المضاد، والي أي مدي يمكن ان يستجب طرفي القتال لدعوات وقف الحرب وإنهاء المعاناة الإنسانية ورتق نسيج المجتمع السوداني الذي مزقته الحرب.
بدأت حرب الخامس عشر من أبريل بولاية الخرطوم ثم ما لبثت أن إتسعت لتشمل ولايات دارفور الخمسة وكردفان وتخوم ولاية نهر النيل بالإضافة الي الجزيرة وسنار وأطراف ولاية النيل الأبيض، وهناك توقعات بأن تدخل بقية ولايات السودان التي لم تصلها الحرب خط المواجهة في ظل التحشيد وإعلان التعبئة العامة.
توسيع الحرب بدخول مساحات جديدة :
ويري الكاتب الصحفي والمحلل السياسي محمد موسي حريكة أن التوسع في الحرب يشمل عدة أشياء وزوايا وتأخذ الشكل الجغرافي، مبيناً أنه قبل 15 أبريل كانت هناك مناطق بها حروب أهلية جارية وتشمل دارفور وجنوب كردفان، ثم إنفجرت الحرب في الخرطوم، وهذه أول مرة في تاريخ الحروب في السودان. مشيراً الي انه كان في السابق كل الحروب خارج الخرطوم والتي تحاول معالجتها عن طريق القوة العسكرية وغيرها كما شهدنا في حرب الجنوب التي إستمرت منذ العام 1955 في توريت الي 2005 بتوقيع إتفاقية السلام التي إنفصال دولة جنوب السودان.
وقال في مقابلة مع راديو دبنقا أن توسع الحرب بدخول مساحات جديدة لتشمل شمال وغرب كردفان والجزيرة وأطراف القضارف والي أطراف كسلا وتخوم ولاية نهر النيل والي تخوم ولاية سنار ولا زالت الحرب متقدمة ويمكن أن نقول أن النازحين يمثلون العاصفة المتقدمة للحرب لانهم اينما حلوا تأتي الحرب من بعدهم. مستشهداً بالأحداث التي حدثت في ولاية الجزيرة وهي خير شاهد ان الحرب تتمدد ونستطيع أن نقول ان السودان 100% مشمول بالحرب بشكل أو بآخر وحتي المناطق التي لم تشملها الحرب تقف على قدميها او على أمشاطها لدخول الحرب.
حملات واسعة تدعو للإستعداد للقتال :
وكانت قد انتظمت في ولايات شمال وشرق السودان حملات واسعة تدعو للاستعداد لقتال قوات الدعم السريع، فيما قام الجيش بتسليح كل القادرين على حمل السلاح تحسبا لأي هجوم محتمل.
وصاحبت عمليات تسليح المدنيين انتقادات واسعة من قوى سياسية أبدت خشيتها من أن يقود ذلك إلى اندلاع حرب أهلية تشمل كل السودان.
فقد إنتظمت مدن الشرق والشمال حملات للإستنفار والتعبئة إستعداداً لقتال قوات الدعم السريع، وقال ناظر عموم قبائل الهدندوة محمد الأمين ترك إن “أهل شرق السودان جاهزين للدفاع عن الوطن”.
الحرب تتوسع بخطي متسارعة
ويؤكد الأستاذ الصادق علي حسن المحامي أن الحرب العبثية الدائرة تتوسع وتتمدد بخطى متسارعة وقد شملت بعد ولاية الخرطوم وولايات دارفور الجزيرة ووصلت إلى تخوم ولاية سنار، وقال لراديو دبنقا ” إذا سارت الأمور بهكذا منوال من المتوقع ان تبسط قوات الدعم السريع سيطرتها على مدن ولاية كردفان خارج نطاق سيطرة الحلو وبهكذا خطى ستصل في غضون الأشهر القلائل إلى كسلا والقضارف وسيكون أمامها بورتسودان ونهر النيل والشمالية وستكون الدعم السريع بهذا تسارع والراجح في غضون الستة أشهر القادمة ستكون حائزة على حوالي ٧٠% من الأراضي خارج سيطرة الحلو وعبد الواحد نور”، وأضاف لكن هذا الإنتصار الميداني لا يعني انتصار الدعم السريع فالدولة لا تدار بالبنادق والقتال، الدعم السريع لا يملك ولا يطرح حتى الآن أي مشروع لإدارة الدولة وليس لديها فلسفة لنظم الحكم وبالتالي انتصارات الدعم السريع الميدانية ستتحول إلى أنهاء لأجهزة الدولة واشاعة الفوضى ودخول البلاد في الحرب الأهلية.
توسيع رقعة الحرب إجتماعياً :
ويلفت الكاتب الصحفي والمحلل السياسي محمد موسي حريكة الي أنه الآن إستعر الخطاب في الولاية الشمالية ونهر النيل وبورتسودان وكسلا مع تهييج وتجييش ما يسمي بالمقاومة الشعبية وغيرها وكلها تصب بدفع الحرب الي الأمام حتي تصبح الرقعة الجغرافية 100% مسكونة بالحرب. وقال يمكن أن نقول أن توسع رقعة الحرب إجتماعياً بمعني أنها ضربت المجتمع في أعز ما يملك وهو وجدان الدولة القومية او المجتمع الواحد الصلب الذي شهدنا منذ بداية إستغلال السودان الي إنفصال دولة جنوب السودان. وأكد أن المجتمعات في كل هذه المناطق في السودان تعاني من هزات عنيفة وإنقسام مجتمعي قبلي ومناطقي وغيرها. وقال نخشي أن تأتي لحظة من يقتل من لان مدن السودان به تداخل إجتماعي والناس يتساكنون من الشرق والغرب والشمال والجنوب لفترات طويلة. وتابع قائلاً من خلال هذا الواقع فالتنبؤ بمستقبل السودان ليس ضرب الرمل سواء كان السودان أو أي دولة شهدت ما شهدة السودان تظل مستقبلها قاتم تتمثل في ضياع الدولة والمجتمع المتماسك ويغزى فرضية قيام دويلات كثيرة جداً تكون تحت سيطرة تجار الحروب او لوردات الحروب ويفرز أشياء خطيرة جداً. وأضاف الآن لدينا 12 مليون طفل خارج التعليم، وإقتصاد السودان سجل عجز بنسبة 38% في الفترة الأخيرة أو ما يعادل 20 مليار دولار.
ضياع الدولة السودانية :
ويتابع حريكة الحرب في ظل التمدد المجتمعي والجغرافي ينذر بكارثة كبيرة جداً وهي ضياع الدولة السودانية ولاسبيل لتلافي الدولة إلا بإتفاق. وقال صحيح أن المعسكرين المتحاربين الجيش من جهة والدعم السريع من جهة هم من يخوضون الحرب وهم المسؤولين من إيقاف الحرب لتتجنب البلاد ما يجري. لكن المؤسف إذا سألنا عن الدور المدني نجد أن الأحزاب ضعيفة ولا تستطيع أن تفعل شيئ. وقال الآن مرت تسعة أشهر على الحرب ولم نري خطاب يؤسس ويوحد لقيام مجتمع مدني التي تدعوا له الاحزاب ولم تتوحد في ظل أعنف حرب فإذا لم توحدها هذه الحرب فماذا يوحدها.
وأوضح أن الأحزاب منقسمة على نفسها بأجندتها الذاتية وأجندتها الوطنية والآن نشهد حالة من القيامة المدنية السارية الآن. وطالب بوقف الحرب لأنه الهدف الأساسي ثم نفكر بعد ذلك بالخطوة التي تليها وحتي بإقامة مناطق عازلة حتي يسمح للصوت الثالث الذي لا يحمل بندقية والذي يمثل منظمات المجتمع المدني وغيرها من التكوينات الحزبية للجلوس والتفكير بصورة جادة والبحث عن مخرج لهذه الأزمة السودانية التي إستطالت.