يوميات الحرب .. أيام من الرعب في مدينة نيالا
“خرجنا من موت محقق بلطف الله وعنايته” هكذا قالت محدثتي من نيالا بولاية جنوب دارفور ، قالت بدأت المعركة بين الجيش والدعم السريع سمعنا أصوات طلقات متقطعة وسرعان ما بدأت وتيرة نيران الأسلحة تتصاعد ، كنا في فناء المنزل أدخلت أبنائي إلى داخل الغرفة اختبأنا تحت الآسرة حتي نتجنب الطلقات الطائشة ، خرجت مرة آخري إلى فناء المنزل وسط اصوات الأسلحة ورأيت تساقط القذائف التي تنفجر بعد سقوطها، دخلت مرة أخري إلى الغرفة ، بدأ الرعب وسط أطفالي كانوا يبكون ويتصايحون أحاول تهدئتهم من الخوف وأقول لهم هذه لحظات ثم تتوقف أصوات الرصاص.
سقوط دانة في فناء منزلنا
لم تمر نصف ساعة حتي سقطت دانة في فناء منزلنا أصابت جزءاً من الغرفة التي كنا نختبئ فيها فقد أنقذتنا العناية الالهية وحدها وإلا كنا قد تحولنا إلى أشلاء أنا وأبنائي ، صرخ أبنائي وتعالت أصواتنا لم ينجدنا أحد فالكل كان مشغولا بنفسه هربنا إلى الخارج وكنا نري مزيداً من الدانات التي تتساقط والذخائر ، كانت المعركة كبيرة ، خرجت مع أطفالي من حي الجير واتجهنا شمالا ولم نأخذ معنا أي شيء سوي ملابسنا التي نرتديها ، قطعنا مسافة 5 كيلومترات سيراً على الأقدام وبدأ أهل الحي في الخروج والاتجاه نحو الشمال والغرب تجنباً للدانات والذخائر المتساقطة مئات الأسر النساء والأطفال وكبار السن ، منظر محزن ومشاهد من الألم والمعاناة تعتصر القلوب ماذا صنعنا أسئلة كثيرة تراودني لماذا هذه الحرب، وماذا فعلنا وهل نحن جزء من هذه الحرب وهل نحن أحد هذه الاطراف التي تقاتل، وهل نحن نحمل السلاح حتي يتساقط علينا هذا الجحيم من أفواه البنادق والمدافع.
سقوط قتلي وجرحى
بعد ان وصلنا إلى حي النهضة شمال حي الجير، أخذنا استراحة في أحدي المدارس التي امتلأت بالفارين، ولم تنقطع أصوات الأعيرة النارية، غابت الشمس وحل الظلام وصرنا نري الطلقات النارية تضئ السماء ولم تنقطع اصوات المدافع والبنادق طوال الليل.
اليوم التالي وفي الصباح رأينا مزيداً من المواطنين الفارين، وعند الحديث معهم أخبرونا بسقوط الفرقة وانسحاب الجيش، ومليشيا الدعم السريع دخلت إلى القيادة، والمزيد من المليشيات دخلت إلى حي الجير، وبدأت عمليات النهب وكسر منازل المواطنين، وحمل المقتنيات على العربات الدراجات النارية ( التكتوك ).
عدنا بعد أيام لتفقد المنازل، ووجدنا الخراب والدمار يحل بالمنازل ملابس واثاثات ملقاة في الطرقات وداخل المنازل، أبواب محطمة وبعضها عجزوا عن فتحها فتم إطلاق النار عليها وغيرها من الفوضى العارمة التي أحدثوها بعد نهب ممتلكات المواطنين.
ارتكازات على الطرقات
بعد سقوط الفرقة 16 نيالا توقفت أصوات الأسلحة، ونادراً ما نسمع أصوات الطلقات، فقد شعرنا بنوع من الارتياح من ان الدانات التي تتساقط في الأحياء قد توقفت، لكن الهاجس الأكبر هو ان سيطرة الدعم السريع على مدينة نيالا قد تؤدي إلى اتساع أعمال الانتهاكات ضد المواطنين العزل وقد تتكرر جرائمهم كما حدث في مدينة الجنينة بغرب دارفور.
ربما تكون هنالك تعليمات صدرت لقوات الدعم السريع والمليشيات التي اجتاحت الأحياء. فقد توقفت عمليات نهب المواطنين، رأينا ارتكازات لقوات الدعم السريع قد وضعت على الطرقات ووسط الأحياء.
الخوف يسيطر على الكثيرين بمدينة نيالا من هول ما عاشوه من رعب وخوف، وبدأ بعض الذين فروا من نيالا يعودون إليها وسط ترقب حذر وخوف يسيطر على من بقي ومن عاد مرة أخري إلى مدينة نيالا.