عمليات الزراعة بمشروع الجزيرة - إرشيف

كتب.. حسين سعد

تسببت ازمة نقص الوقود في شل الحياة وتعطلها وصارت مناظر رؤية المواطنين وهم راجلين لتغطية اغراضهم الشخصية ومناسباتهم الاجتماعية بين القري والاحياء مألوفة وطبيعية ولا تثير للدهشة، فالسعيد من المواطنين من يجد دفار او لوري  او ركشة اما الشخص الاقل حظا فسيجد له عربة كارو  وعلي ظهر تلك المركبات وصناديقها العالية تجد النساء والأطفال والرجال كلهم  علي سطحها وأطراف صندوق تلك المركبات فجميعهم ركبوا اللواري وقبلوا كما قال الفنان ، بينما وصلت أسعار البنزين والجازولين وغاز الطهي إلى أسعار خرافية في السوق السوداء وقفز سعر جالون البنزين الي مابين ٣٠ الي ٣٥ ألف جنيه

ومع ذلك يصعب الحصول عليه.

وصارت حركة السيارات التي تتحرك بالجازولين هي الأكثر استخدما وحركة نسبة لتوفر الجازولين لكن قيمة التذكرة للمواصلات فقدت ارتفعت هي الاخري

وعندما كنت في طريقي من شمال الجزيرة الي مدني لم أجد من منطقتنا وكان ذلك اليوم يوم السوق المحلي لم أجد سيارة غير دفار فتوقف لي صاحبه قائلا لي يا صديقي اركب معنا والا فالذهاب راجلا الي وجهتك فحمدت الله وقلت له المضطر بركب الصعاب فتسلقت أسياخ الدفار وحديده الغليظ وكانت فرحتي عظيمة عندما وجدت الجميع رجالا ونساء وأطفال ومحصولات زراعية كلها كانت علي سطح الدفار هكذا هي حياة الناس كل الناس في السودان عقب الحرب العبثية

في زاوية تلك المركبة التي يقودها السائق  احمد دقيش المحبوب للجميع لصبره النبيل وتعامله الرفيع وتقديره لظروف الناس وهو يقول لهم مسرورا ..عندك ماعندك قروش تركب علي ظهر الدفار وتصل الي وجهتك كريما عفيفا

أمثال دقيش من سائق المركبات الذين يراعون لحياة الناس كثر وهذه واحدة من ملاحم شعبنا الجسور الذي قدم تكافل وتضامن اجتماعي فريد في ظل هذه الحرب اللعينة فقد راينا شوف العين التضامن والايواء الجماعي فالناس في بلدي يصنعون الحب ويتقاسموا النبقة فيما بينهم

 في زاوية تلك المركبة كما قلت أعلاه وجدت قسم الله السر الذي كان لديهم محلا تجاريا واسعا في السوق الشعبي الخرطوم قبل الحرب والان صار بائعا متجولا يلقط رزقه الحلال فقال لي قسم الله الشاب العشريني يا استاذ اركب وامسك قوي عشان ما تقع  قسم الله وغيره من شباب بلادي الراكزين كان أيام الخريف يقطع تلك المسافات بالارجل في الليالي الخريفية الماطره

اما حال الزراعة في العروة الصيفية الحالية فحالها يغني عن السؤال فالعطش ضرب كل وبعض المحصولات ستخرج من دائرة الإنتاج بسبب تلك الحرب العبثية التي قضت علي الأخبار واليابس فحال المزارع المغلوب علي أمره لا حول ولا قوة له وهو يري محصوله وعرقه يحتاج الي مياه الري ولايستطيع فعل شي له فمساحة الأربعة فدان تحتاج الي ٤٠ ألف جنيه عبارة قيمة  الري عبر طلمبات سحب المياه التجارية بجانب مبلغ إيجار الطلمبة وشراء الوقود الذي يكلف أكثر من ٤٠ ألف جنيه فضلا عن القيمة المالية التي تمنح للحارس الليلي لحارسة الطلمبة من السرقة طوال فترة ري المساحة الزراعية عبر الطلمبة التجارية

وفي الطريق المسفلت الثعبان الأسود الذي يشكو قلة السيارات والمركبات يلاحظ تكدس السيارات والمركبات بكل انواعها جديدها وقديمها وهي رابضة أمام محطات الوقود في انتظار البنزين الذي قد يطول انتظاره لدي أصحاب تلك السيارات لكن لاخيار أمامهم غير تمضية الوقت في لعب الليدو  والضالة والونسات الجانبية حتي حلول الظلام الدامس .والماطر احيانا

وفي مدينة ود مدني التي تضم مئات الالاف من النازحين، أعاق شح الوقود حركة النقل وارتفع سعر تذكرة المواصلات الداخلية وأجرة التاكسي، وهو ما ألقى بأعباء جديدة على سكانها.

وبالامس في مدني عندما كنت برفقة المحامي جمال جبريل لقضاء بعض المهام وتفاديا للزحام  كنا نقوم بتاجير مركبة خاصة او ركشة  لكان الزحام العريض يجعلنا نقفز منها ونهرول بارجلنا حتي نكسب الزمن

ويقول سراج جبارة صاحب سيارة خاصة يعمل بها سائق أجرة عقب نزوحه من الخرطوم الي الجزيرة حيث كان سراج يعمل فني هندسة ثلاجات ومكيفات في ورشة بشارع الستين بالخرطوم لكن الحرب العبثية دفعته دفعا الي خيار اخر وهو قيادة عربات الأجرة لكن أزمة الوقود جعلته يركن سيارته

 “هناك شح كبير في الوقود حيث تصل الى محطات الخدمة كميات محدودة من المواد البترولية من وقت لآخر ونضطر للوقوف في الصفوف لعدة أيام للحصول على بضع لترات”.

ويضيف: “نضطر الى الذهاب للسوق السوداء لشراء جالون البنزين بمبالغ طائلة تصل 30 ألف جنيه، وهو ما يعرضنا الى خسائر كبيرة لأن الزبائن وضعهم المالي سيئ فغالبيتهم نازحي حرب ولن يتمكنوا من دفع أجرة بمبالغ كبيرة

ويضيف سراج تطاول الحرب فاقم معاناة الناس بالمرض والفقر  وهكذا حال المزارعين الذين عطشت محصولاتهم الزراعية

وقال سراج إنه عاطل منذ ستة أشهر وهي عمر الحرب ولذلك لابد أن تقيف ويعود النازحين واللاجئين والمفقودين

اما حسن قسم وهو مقاول يعمل في مجال الانشاءات والمقاولات في أشار في حديثه الي تعطل حركته وتراجع عمل بسبب الحرب ونقص الوقود وقال حسن ( أمورنا جايطة لا نستطيع الذهاب للعمل الا بالارجل او اللجوء الي سيارات الجازولين) وأضاف لانعلم متي تفرج هذه الأوضاع الكارثية وردد..شعبنا يعيش أزمة غير عادية شملت كل شي واثرت علي كل شي.

Welcome

Install
×