النظام المصرفي السوداني … ضربات قاصمة
يعاني النظام المصرفي في السودان تراجعا ينذر بالانهيار التام بسبب الحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع، وحالات النهب والتخريب والدمار التي شهدتها المصارف والبنوك بسبب العمليات العسكرية.، اصبح المواطن في حيرة من امره، حيث لم يتسلم ملايين العاملين في القطاعين العام والخاص مرتباتهم واجورهم منذ اندلاع الحرب منتصف ابريل الماضي.
يحدث ذلك في وقت تصاعد فيه أسعار السلع والخدمات يوميا مع تراجع في عجلة الانتاج، وايقاف عدد من المؤسسات والشركات التي سرحت عامليها. واعترف وزير المالية في اجتماع مجلس الوزراء الذي انعقد في بورتسودان هذا الشهر إن تأخير مرتبات العاملين بالدولة يعود إلى انهيار الشبكة المصرفية وأسباب تتعلق بالسيولة النقدية وتوفيرها في ظل ظروف الحرب.
واقر الخبير الاقتصادي دكتور عيسي ادم، في حديثه لراديو دبنقا، بانهيار النظام المصرفي في السودان، وقال دكتور عيسي ان الكل غير قادر علي ممارسة حياته المصرفية في السودان، بسبب المركزية المشددة وتركيز عمل وإدارة المصارف في الخرطوم، ويري دكتور عيسي ادم، انه من الضروري ان يكون هناك بديل، او نسخة من نظم تشغيل المصارف في مدني، دنقلا، الفاشر، بورتسودان، اي في الاركان الاربعة من السودان تحسبا لمثل هذه الظروف التي يعيشها السودان. واضاف دكتور عيسي يعاني الكثيرون من غياب النظام المصرفي في الخرطوم وانا واحد منهم، و ذهبت إلى بورتسودان، ولم اتمكن من الحصول على اموالي بسبب عدم وجود نظام بديل.
هذه مشكلة كبيرة، حاليا انهار النظام المصرفي في السودان تماما، حتي البنك المركزي اصبح يعمل من خلال الواتس اب، وهذا شيء يدعوا للدهشة، ونتمنى ان تنتهي هذه الحرب بأسرع ما يمكن، واضاف ان انهيار النظام المصرفي، ربما يرجعنا الي العصور القديمة، دوامة المقايضة، لا يوجد تداول تجاري لأن الناس ليس لديها نقد (كاش) وللأسف الشديد هناك بعض الجهات التي تبيع وتشتري الكاش، وهذه مسالة خطيرة.
انهيار النظام المصرفي بسبب النهب والسلب
بينما يري الدكتور والخبير الاقتصادي معتصم دونتاي الزاكي، ان الحرب الدائرة الان بين الجيش والدعم السريع افرزت واقعا اقتصاديا صعبا للغاية، واثرت علي كل الاقتصاد في السودان، خاصة في العاصمة الخرطوم، وبالتالي تأثر الجهاز المصرفي بدرجة كبيرة، خاصة حالات النهب الواسعة التي تعرضت لها المصارف مم اثر على بشكل كبير الاحتياطي النقدي، لهذه المؤسسات المصرفية، وبالتالي على حركة الاقتصاد وعجزت عدد كبير من المؤسسات والشركات عن سداد الرواتب والأجور. كما أن توقف عجلة الإنتاج أدت لارتفاع عدد العاطلين عن العمل بنسب مخيفة. اضافة إلى تراجع في الاستثمار مما يؤثر علي الناتج الاجمالي المحلي، بجانب هروب اسر كبيرة من اهالي المغتربين الي الخارج ودول الجوار، يؤثر علي الايرادات النقد الاجنبي بسبب عدم وجود تحويلات، وتصبح عمل المصارف معقدة، وعلية يجب ايجاد معالجات، منها اعادة تامين في الخارج.
اختلالات هيكلية وتنظيمية للمصارف
بينما يقول المحلل الاقتصادي المصرفي الفاضل ابراهيم سالم، في حديثه لراديو دبنقا عن مصاعب النظام المصرفي، إذا اردنا ان نتحدث عن انهيار النظام المصرفي، يجب ان نلقي نظرة علي هذه المصارف، من ناحية العمل، وطريقة الادارة، نجد ان هناك العديد من المصارف لم تستوفي شروط بنك السودان حتى قبل اندلاع الحرب.
تعاني هذه المصارف من اختلالات هيكلية، واختلالات ادارية، فهي مستوفية لشروط تطبيق النظام الالكتروني المتعارف عليه دوليا، في تطبيق الاشتراطات المالية لبنك السودان، حيث ان سقوف هذه المصارف لا تصل للرقم الذي يضعه بنك السودان كنظام حماية، الذي حدد قبل الانقلاب بإغلاق بعض المصارف، او دمجها حتي تستوفي للشروط.
بعد ما الحرب ازداد، او تفاقمت هذه المشاكل التي يمكن ان نطلق عليها انهيار شبه كامل، ولا نقول انهيار كامل، لان بعض المصارف لا زالت تعمل حتي ولو بنسبة ضئيلة، كانت تعمل اثناء الحرب، وبدأت العمل تدريجيا، لكن هذه العودة بنسبة 50 في المية في بعض الولايات لم تطالها الحرب لأن هناك خدمات رئيسية توقفت، كخدمات الشيكات، والمقاصة الالكترونية، والتحويلات الخارجية، فتح الحسابات الجديدة، بجانب المعاملات الداخلية، والخدمات المصاحبة للبنوك والتطبيقات الالكترونية بعضها متوقف، والبعض يعاني الشلل احيانا .
ويمضي الخبير المصرفي الفاضل ابراهيم سالم إلى القول، ان النظام المصرفي حاليا لا يغطي حاجة العملاء، وبالتالي نتوقع ان تخرج بعض البنوك رسميا من دائرة العمل، حتي بعد الحرب، لأنها نهبت تماما وتعرضت للتخريب وتوقف نظامها الالكتروني، بجانب فقدان بعض العملاء الثقة في المصارف بعد ان طالها التخريب والنهب، حتي الودائع نهبت رغم انها في بنك السودان. واردف الفاضل، بنك السودان سارع بنفي نهب الودائع، حتي يحافظ علي نشاط البنوك العاملة.