التحشيد القبلي والمدني وفرص الانزلاق للحرب الأهلية

عناصر من قوات الدعم السريع - المصدر صفحة الدعم السريع بالفيس بوك

هل دخلت الحرب مسألة التحشيد والاصطفاف القبلي في السودان؟ تشير التطورات الأخيرة بعد اعلان الاثنيات العربية وقبيلة الفلاتة بولاية جنوب دارفور دعمها وتأييدها لقوات الدعم السريع، إلى أن مثل هذا التحشيد بدأت تتشكل ملامحه خاصة في مناطق مثل دارفور وجنوب كردفان التي عانت من الحرب الاهلية والانقسام القبلي والعرقي لعقود أليمة.

اصطفاف ينذر بالمخاطر

وقال بيان مشترك للقبائل العربية في دارفور صدر يوم الاثنين الثالث من يوليو “نعلن دعمنا لقوات الدعم السريع في معركتها الحالية تحقيقا الارادة الشعب السوداني وتطلعه للحكم الديمقراطي المدني، كما ندعو أبنائنا في القوات المسلحة على الانضمام للدعم السريع”.

من جانبها رحبت قوات الدعم السريع بالخطوة عبر بيان صادر يوم الاثنين 3 يوليو جاء فيه:

“نرحب ببيان المكتب التنفيذي للإدارة الأهلية وإعلان انحيازها الكامل لخيار الشعب وتوجيه الشرفاء من ابنائها في القوات المسلحة الانضمام لدعم خيار الشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة والتحول الديمقراطي والتصدي لقوات الفلول والانقلابيين”.

ومنذ بداية الحرب في الخامس عشر من شهر ابريل الماضي تكهن الكثيرون بانحسار مداها وحدتها بافتراض ان تدمير وانهاك القوى العسكرية واحداث خسائر بشرية دون أي امدادات أو تعويض الخسائر البشرية سيساهم في انطفاء جذوة الحرب تدريجيا.

ولكن إصرار الطرفين على مواصلة الحرب دفعهما لمحاولة استقطاب وتحشيد قطاعات مدنية وأهلية للمساهمة في المحافظة على جذوة الحرب مشتعلة.

نحو المحرقة بلا عودة

صوت الصحفية فاطمة غزالي

في تعليقها على هذه الخطوة تحدثت لراديو دبنقا الصحفية فاطمة الغزالي محذرة من خطورة الاصطفاف القبلي لتأييد هذا الطرف أو ذاك في هذه الحرب. ووصفت المحاولة بأنها ذهاب نحو محرقة لا توفر أحدا وستمتد لدول الجوار، نظرا للتداخل القبلي بين السودان وبعض دول الجوار مثل تشاد.

في خطاب له بمناسبة عيد الأضحى المبارك وجه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان نداء للشباب بحمل السلاح من أجل الدفاع عن الوطن وهزيمة الدعم السريع. وكان وجه نداء مماثلا من قبل للمعاشيين من القوات المسلحة لحمل السلاح والقتال بجانب القوات المسلحة.

وأشارت الصحفية فاطمة الغزالي في حديثها لراديو دبنقا إلى أن التحشيد القبلي بدأ قبل الحرب حين خاطب البرهان قائد الجيش قبائل نهر النيل خطاب يدفع بشكل واضح للاصطفاف القبلي. وأضافت أن هذا الخطاب وجد استنكارا واسعا من الحادبين على مصلحة الوطن والواعين بخطورة مثل هذه الخطوة.

وأوضحت أن جذور استمالة المكونات القبلية للاصطفاف استنها نظام المؤتمر الوطني الذي سعى لضم قبائل بكاملها تحت رايته من أجل توسيع حاضنته الشعبية.

من ناحية أخرى حذرت من امتداد مثل هذا الاصطفاف الذي حدث من القبائل العربية بجنوب دارفور، أن يمتد لإقليم كردفان، وذلك بحكم ان هذه القبائل لها امتدادات في الإقليم. مثلما تمتد بعض القبائل أيضا بين شمال وجنوب كردفان.

صوت الصحفية فاطمة غزالي

إسلاميون مدنيون في الحرب

من ناحية أخرى أوردت الأخبار اشتراك مجموعة من المدنيين المنتمين لتنظيم الإسلاميين في القتال بجانب الجيش في معركة مصنع اليرموك ووجود مجموعة منهم بسلاح المدرعات يحاربون بجانب الجيش.

ويظهر من خلال الرسائل والتدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي محاولات لا يعرف بالضبط من يقف من ورائها لتحشيد قبلي بهدف دعم القوات المسلحة والقتال بجانبها، مثل ما ورد عن ألف فارس من قبيلة بني جرار.

من جهة اخرى أعلن تحالف من قبائل شرق السودان الذي يعرف نفسه بمؤتمر شرق السودان لتوحيد الصف الوطني بمحلية سنكات تكوين جبهة موحدة باسم (الجبهة الوطنية السودانية) برئاسة الناظر سيد محمد الامين ترك.

وأكد المؤتمر الانحياز التام للقوات المسلحة السودانية، والعمل على دعمها وإسنادها. كما رفض المؤتمر التدخل الخارجي بكل أشكاله في شؤون البلاد.

ودعا المؤتمر لإنهاء مهمة مبعوث الأمم المتحدة المتكاملة في السودان، والتحقيق في كشف دوره في تأجيج أسباب الحرب.

كما أعلن تفويض القوات المسلحة التي تشغل المستوى السيادي بتشكيل حكومة قومية لتصريف الأعمال.

القبائل في العلاقات الدولية

الملاحظ أن المطالب الواردة في هذه الاجندة لا تتعلق بالحرب وحدها ولكن بمطالب سيادية مثل كيفية التعامل مع مبعوث الأمم المتحدة في البعثة المتكاملة لدعم التحول الديمقراطي، أو فكرة تشكيل حكومة وطنية وهي قرارات ليست من اختصاص الجيش أو قائده في كل الأحوال.

من جهتها أعلنت قبيلة البني عامر وقوفها بجانب قوات الدعم السريع وأعلنت دعمها لها.

من ناحية أخرى أصدرت قيادة الجيش بيانا ممهور بتوقيع الناطق الرسمي للقوات المسلحة السودانية دعت فيه المتطوعين للقتال من المدنيين التبليغ بقيادات الفرق والمناطق العسكرية المختلفة وذلك يوم الاثنين ٣ يوليو ٢٠٢٣م

من جملة هذه التطورات بدا من الواضح أن اشتراك المدنيين في القتال لجانب الجيش أو الدعم السريع أمرا في عداد الواقع. ولكن بظهور حملات ترويج مكثفة على موقع تويتر والتيك توك وبقية وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن احتشاد قبلي وعرقي لمناصرة هذا الفريق أو ذاك، تكون عناصر الحرب الاهلية اكتملت واستوت.

وناشدت الأستاذة فاطمة الغزالي في حديثها لراديو دبنقا البرهان وحميدتي الاحتكام لصوت العقل لوقف هذه العملية، لأنه ليس من الاخلاق ولا الإنسانية اقحام المدنيين في اتون معارك عسكرية. ووصفت الأمر بأنه اختراق للقانون الدولي والإنساني ويدخل في عداد جرائم الحرب.

فيما يخص القبائل التي أعلنت تأييدها لقوات الدعم السريع، ومعظمها قبائل من منطقة جنوب دارفور والمناطق الحدودية المتاخمة لأفريقيا الوسطى وتشاد، فلا يستشف من إعلانها الدفع بمدنيين منتسبين لهذه القبائل للقتال المباشر بجوار الدعم السريع ولكنه يتعلق بأبناء هذه القبائل داخل القوات المسلحة، وهم مجموعات كبيرة، وفرصة انضمامهم للدعم السريع لا تعطي طابعا مدنيا للحرب، ولكن البعد الأهلي والعرقي يظل حاضرا.

حقيقة أخرى تتعلق بمنسوبي القوات المسلحة من الجنود وضباط الصف، اذ تتكون غالبية الجيش السوداني من المنتمين لهذه الاقاليم كردفان والنيل الأزرق ودارفور وهي المناطق التي عانت في فترات سابقة من هجمات قوات الدعم السريع. وبالتالي فإن احتمالية انضمامهم لقوات الدعم السريع ضعيفة.

Welcome

Install
×