الجنينة .. أوضاع كارثية وجثث متحللة في الطرقات
كشف لاجئون فارون من الجنينة وصلوا إلى مدينة أدري التشادية، يوم السبت، إن الجنينة ما زالت تعيش أوضاع كارثية ومأساوية.
ويتواصل تدفق اللاجئين السودانيين الفارين من الجنينة إلى تشاد على الرغم من القيود التي فرضتها قوات الدعم السريع.
وقال أحد الفارين ، الذي وصل إلى أدري يوم الجمعة الماضي ،فضل حجب اسمه لأسباب أمنية لراديو دبنقا ( إن الجثث ما زالت متناثرة بين حي المجلس والمدارس والطريق بين مربع 19 و 9 وأضاف (الجثث متناثرة في الشوارع وأمام الأبواب وداخل المنازل).
وأوضح إن الهلال الأحمر لم يتمكن من إجلاء الجثث ودفنها بسبب محدودية الامكانيات وقلة عدد العاملين. وأشار إلى تحلل الجثث مما فاقم صعوبة جمعها بسبب نفاد المواد الكيميائية المطلوبة .
وانتشرت مقطع فيديو في وسائل التواصل الاجتماعي الاسبوع الماضي عن حملة لجمع الجثث المتناثرة في الجنينة .
وقال قائد الدعم السريع بغرب دارفور،عبدالرحمن جمعة، في كلمة له بمناسبة عيد الفطر إن الأوضاع في الجنينة هادئة، وأكد إنهم التقوا بزعماء جميع قبائل الجنينة التي يبلغ عددها 48 قبيلة نافياً صلة الدعم السريع بما جرى في الجنينة.
واندلعت الاشتباكات في الجنينة بين الجيش والدعم السريع يوم 23 ابريل ولكن سرعان ما تحولت إلى هجوم على أساس عرقي.
جثث متناثرة على الطريق
وأكد إنه رأى عدد كبير من الجثث المتناثرة على طول الطريق بين الجنينة وأدري التشادية التي وصلها يوكم الجمعة، وتساءل أين الإنسانية والوازع الديني.
وأشار إلى استمرار الهجمات بالعربات والمواتر داخل مدينة الجنينة، وسخر من الدعوات لعودة المواطنين الى الجنينة وقال ( لا يمكن أن تقتل المواطنين وتنهب وتحرق منازلهم وممتلكاتهم ثم تدعوهم للعودة). وأضاف (أسر بكاملها ابيدت على أساس عرقي وتمت ملاحقة الرموز والكوادر في الشوارع والمواصلات).
وقال الجنينة بكاملها استبيحت عدا اثنين أو ثلاثة من الأحياء، مشيراً إلى تعرض المواطنين للقتل والحرق والتشريد والملاحقة.
مقتل أطفال وإلقاء جثثهم في الوادي
قال محمد وهو أحد الفارين من الجنينة إلى أدري التشادية إنه رأي بعينه المليشيات والدعم السريع أثناء قتلهم 20 طفل قبل القاء جثثهم في وادي كجا بالجنينة.
وأوضح لراديو دبنقا (كنت مختبئاً في مكان مهجور بمستشفى الجنينة ورأيت جريمة القتل الأطفال على الطريق العام) .
وكشف عن تعرضهم لهجوم أثناء مغادرته بصحبة آخرين إلى منطقة اردمتا مما أدى لعودتهم والاختباء في مكان مهجور. وقال إنه لم ير ضوء الشمس لمدة اسبوع خوفاً من تعرضه للقتل.
وأضاف( إنه ظل لأكثر من شهرين في الجنينة دون أن يتمكن الأكل والشرب والنوم سوى ما يسد الرمق).
وزاد ( تعرضنا لحصار من جميع الاتجاهات، والقناصين على اسطح المباني في جميع الطرق) وأشار إلى مشاركته في اسعاف الجرحى والمرضى مضيفاً ( إن الكثيرين لقوا حتفهم لعدم توفر الاكسجين والدواء).
وقال (نعاني هستيريا أوضاع نفسية سيئة من هول ما رأيناه في الجنينة).
لا غذاء ولا ماء
وزاد (ظللنا نقتات على بليلة الدخن لأكثر من شهر، واقتسمنا اكواب مياه الشرب ولم نستحم منذ شهر بسبب تعطيل مصادر المياه ) وقال ( أحرقوا الآبار وخلعوا المضخات ).
وأكد إنهم عثروا على وسيلة نقل بصعوبة وأضاف كنا نتوقع الموت في أي لحظة لم نخرج سوى بالملابس والاحذية المهترئة التي نرتديها).
وأشار إلى أن عدد كبير من الفارين من الجنينة تعرضوا في الطريق للقتل والنهب وتوجيه الشتائم العنصرية و أضاف( رأيت أكثر من 15 جثة على الطريق من منطقة كورتي إلى اديكونق .. الجثث انتفخت ورائحتها تزكم الأنوف).
وأكد إن قوات الدعم السريع هي التي هاجمت المواطنين العزل ودعا المجتمع الدولي للتدخل العاجل باستخدام كل الوسائل المتاحة لانقاذ ما تبقى من النساء والأطفال.
جرائم تفوق الوصف
من جهته قال أحد الفارين لراديو دبنقا(أطلقوا علينا النار أثناء فرارنا من كل الاتجاهات وقتلوا 11 شخصا ًمن الذين كانوا معنا).
وأشار إلى مقتل صديقه عاصم أمام منزله بينما قتل صديقه الآخر في حي الجمارك.
وأضاف (عشنا أوضاع مأساوية .. والمليشيات والدعم السريع استباحوا المدينة ودمروها بأكملها ..قتلوا أهلنا لم يتركوا شيئاً ) وأكد إن عدد القتلى أكبر بكثير من الخمسة آلاف التي نشرتها التقارير.
وكشف عن خروجه من حي الجمارك سيراً على الاقدام برفقة 5آخرين حتى وصل إلى تشاد ( فقدنا الكثيرين في الطريق والمدينة وعثرنا على بعضهم في ادري).
وأشار إلى عدد كبير من الجثث المتناثرة على طول الطريق بين الجنينة إلى أدري ( الأمر يفوق الوصف ).
إبادة جماعية
من جهته قال أدم وهو أحد الفارين إلى أدري لراديو دبنقا إن ما جرى في الجنينة يرقى لمستوى جرائم الإبادة مشيراً إلى استهداف جميع المواطنين والمثقفني ورموز المجتمع والناشطين.
وأوضح إن جميع الاسواق ظلت مغلقه والمواطنون محاصرون في منازلهم ،مع نفاد المواد الغذائية وشح مياه الشرب)
وأضاف ظللنا نأكل البليلة،وبعضنا لم يتناول الطعام والشراب لمدة يومين. في اماكن الاختفاء.
اغتصاب
وكشف آدم عن شهادات متواترة بتعرض عدد من النساء والفتيات للاغتصاب.
وقالت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة إن مدينة الجنينة سجلت (21) حالة عنف جنسي مرتبط بالنزاع.
ونبه إلى تفتيش ومداهمات جميع المنازل في أحياء الثورة والتضامن والزهور والمدارس والمجلس،وإحراق معظم المنازل في الأحياء الجنوبية. وأشار إلى تعرض المنازل في الأحياء الشمالية لنهب الممتلكات.
عدد كبير من المواطنين قتلوا بالقذائف وآخرين بالطلقات النارية المباشرة.
وقال إن اللاجئين في أدري يعانون ظروف بالغة السوء على الرغم من الجهود المبذولة من الحكومة التشادية ودعا لتوفير المأكل والمشرب والايواء والعلاج .
الدعم السريع في أدري
من جانبه موسى عبد الرحمن عبدالله أمين حركة تحرير السودان ( قيادة خميس) لراديو دبنقا إن اللاجئون لا يستطيعون الخروج من مدينة ادري التشادية ويأخذون حذرهم بسبب استخبارات الدعم السريع التي تصل إلى داخل المدينة.وقال لراديو دبنقا إن ما جرى في الجنينة جريمة تطهير عرقي كاملة لقبيلة المساليت.
وقال إن المعارك اندلعت في البداية بين الدعم السريع والجيش ولم تلبث أن تحولت لتطهير عرقي وأضاف( خضنا 50 معركة إلى أن تم حصارنا في حي المدارس الذي لا تتعدى مساحته 2 كيومتر مربع) . وقال إن الحي تعرض للقصف المدفعي بواسطة الدعم السريع مما أدى لسقوط عدد كبير من النساء الحوامل والأطفال.
وأشار إلى استهداف الشخصيات الاعتبارية والرموز والمحامين والناشطين وأضاف ما رأيناه يفوق الوصف وأشار إلى مقتل نحو 8 الاف في الجنينة بجانب آلاف الجرحى.
انهاء أجهزة الدولة
وفي ذات السياق، قالت هيئة محامي دارفور إن قوات الدعم السريع تتجه لإنهاء وجود أجهزة الدولة في ولايات دارفور ونشر الفوضى الشاملة .
وأشارت الهيئة في بيان إلى استمرار الإنتهاكات والتجاوزات الجسيمة بواسطة قوات الدعم السريع بعاصمتي ولايتي غرب ووسط دارفور (الجنينة وزالنجي) ومدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور ، بجانب أم دافوق ورهيد البردي ومنواشي بولاية جنوب دارفور وكتم وطويلة والفاشر بولاية شمال دارفور.
وحذرت الهيئة من تدمير كل مدن ولايات دارفور وتشريد سكانها في حال استمرار هذا النهج.
أعلنت الهيئة دعم كل الجهود والمبادرات المحلية بولايات دارفور للمساهمة في إنهاء الحرب .