نسَاءُ السُّودَانِ المُنَاضِلاتُ، يُنَاضِلْنَ مِنْ أَجْلِ حُقُوقِهِنَّ، وضِدَّ إِقْصَائِهِنَّ!
قادتْ نساءُ السودان بجسارةٍ الحراكَ الثوريَّ بالسودان وكسَرْنَ جدار الصُّورةِ النَّمطية المرسومة لأدوارهن وفي الوقت نفسه ،تمرَّدن ضد إقصائهن على هامش القرار السياسي ،وضد قمع النظام العسكري الإرهابي الذي استمر لعقود ثلاثة، كانتِ النِّساءُ هن العدو الأول للنظام الديكتاتوري وبالتالي اِستهدفهُنَّ بالقمع.
بقلم كارن فيلفينغزايدا Karin Wilfingseder
ترجمة د. أشراقة مصطفى حامد
قادتْ نساءُ السودان بجسارةٍ الحراكَ الثوريَّ بالسودان وكسَرْنَ جدار الصُّورةِ النَّمطية المرسومة لأدوارهن وفي الوقت نفسه ،تمرَّدن ضد إقصائهن على هامش القرار السياسي ،وضد قمع النظام العسكري الإرهابي الذي استمر لعقود ثلاثة، كانتِ النِّساءُ هن العدو الأول للنظام الديكتاتوري وبالتالي اِستهدفهُنَّ بالقمع.
استطاعت إرادة الجماهير بعد أشهر من الاحتجاجات والإضرابات أن تُزيل في أبريل 2019م نظام البشير الديكتاتوري الذي حكم ثلاثة عقود. ضحىَّ ضباطه به (البشير) ، وتمسكوا بقوة بالسلطة. اِرْتكب الجنرالات القُدامى مجازرَ دمويةً بهدف إطفاء الحركة الديمقراطية، واستخدمت سياسة الاغتصاب الممنهج كسلاح لكسر النساء الثائرات. وتواصل الجماهير الغاضبة النضال من أجل الحرية والديمقراطية،ولكنَّ الطغمة العسكرية وحلفاءَها الإقليميين والغربيين ذوي الصِّلات الوثيقة، يخشون هذه الثورة التي لا يمكن السيطرة عليها.
صورةٌ رجاليةٌ جماعيةٌ وامرأةٌ واحدة:
لنزع فتيل الموقف، يستخدم الجنرالات الجزء الأكثر ضرراً من المعارضة لتقديم بعض التنازلات للفوز بمناصب في الدولة، ومن أجل ذلك تم الاتفاق على صفقة قذرة، وهي وجُوب أن تتولى حكومة انتقالية في السودان مؤلفة من 11 عضوًا ،ستة منهم مدنيون وخمسة رجال عسكريين لمدة ثلاث سنوات. في صورة معبرة عن الحكومة الانتقالية، يتعرف المرء على امرأة واحدة وراء الرجال العشرة الذين يحتفلون. كان من المقرر التوقيع في الحادي عشر (11) من يوليو 2019م. وبدلاً من ذلك أعلن جمال عمر إبراهيم، رئيس مجلس الأمن بالمجلس العسكري الانتقالي، أنهم أحبطوا "انقلابًا". وتم تأجيل الاتفاقية.
في هذا الصدد تقول إيمان سيف الدين مؤسسة منظمة مُراقبة جرائمِ حقوق الإنسان الدولية، إنها تشكك في حدوث انقلاب عسكري، على الرغم من تعدد المعسكرات واختلافها في الجيش السوداني:"إنهم يريدون أن ينقلوا الصورة بأن السودان يغرق في الفوضى بدون حكومة عسكرية".
فشل الرقابة
لكنَّ الثورة لم تُهزم حتى مع الخيانة التفاوضية في الثالث عشر ( 13) من يوليو 2019م، على سبيل المثال: انتظمت على طول البلاد، مظاهرات ضخمة ليس فقط في العاصمة الخرطوم، بل شملت مدينة الخرطوم بحري، على الضفة الشرقية لنهر النيل، حيث ارتفع عدد لا يحصى من البالونات، وفي لوقت نفسه، شاهدنا صوراً لأشخاص قتلوا في تفكيك اِعتصام أمام القيادة العامة للجيش السوداني احتجاجاً، ونشداناً لحكومة مدنية في الثالث ( 3 ) من يونيو 2019م. كانت هناك مشاهد مذهلة في جميع أنحاء السودان، الأماكن المزدحمة في مُدن أم درمان، وسنار، والدمازين، … إلخ.
حقيقةً، إن المجلس العسكري الانتقالي الحاكم، قد أُجبر بموجب حكم المحكمة قبل بضعة أيام، على فتح الإنترنت، وذلك يَدُلُّ على قوة الحركة الثورية. حيث تظهر النساء قائداتٍ للثور، ويُسَمَّيْنَ "كنداكات" ومفردها " كَنْدَاكَه" وهو اللَّقبُ الذي كان يُطْلق قديماً على ملكات الممالك النوبة.فَمعظم المتظاهرين هم شباب لم يعرفوا سوى كره دكتاتورية البشير.
مع ستالين في الهبوط:
يكمن ضعف الحركة في قيادتها، إذ يتعاملون مع الإضرابات والمضربين كورقة مساومة مع الضباط، ويتأرجحون بهم إلى الأعلى والأسفل حسب الحاجة. لا يزال القادة الشيوعيون يتصرفون وفقًا لنظرية المرحلة المجنونة لستالين. تفترض هذه النظرية أنه يجب على أي دولة متخلفة أنْ تمرَّ أولاً بنوع معين من التطور الرأسمالي قبل أن يتم تنفيذ ثورة اشتراكية. وإلا فإن فئة كسب الأجور ستكون أصغر من أن تحقق ثورةً حقيقية منتصرة. يستخدم مؤيدو النظرية الستالينية هذا التبرير كدليل في المواقف الثورية، ويموهون العدو لأجل بعض الإصلاحات. في موقف الدفاع يتفاوض الجيش، ويقدِّم تنازلات لينتهزَ فرصةً للثورة المُضَادَّة.
تَحذِيرٌ مِن مِصْرَ:
فشلت جماعة الإخوان المسلمين في مصر في استراتيجية تقاسم السلطة. المدنيون والجنرالات ليسوا متساوين في جهاز الدولة. واحدة من نقاط الضعف في المجلس العسكري في السودان هو الولاء المتردد من الرتب الدنيا في الجيش النظامي. في ذروة التعبئة الجماهيرية، كانت هناك علامات على أن الجيش بدأ في الانهيار. سيتعين على الإضرابات العامة أن تفعل الشيء نفسه مرة أخرى، عندها فقط ستصل الثورة إلى المرحلة التالية من الصراع لانتزاع السلطة من العصابة القاتلة.
——————————–
* كارن ناشطة في حقوق اللاجئين ومؤسسة لمنبر (من أجل سياسية لجوء إنسانية) بفيينا وتنتمي الى اليسار صدر المقال في 20 يوليو 2019 في