المليونية التي كتمتها الصدور في 30 يونيو !!

لا ينبغي أن تفهم الحكومة بشقيها المدني والعسكري أن إمتناع الشارع عن التجاوب مع الدعوة للخروج في مسيرة 30 يونيو أن في ذلك دلالة عن الرضا عنها أو ومباركة لأدائها، فالذي (عَتَق) رقبة الحكومة من خروج الشارع عليها وكان لها (جابرة) هو وعي الشعب الذي قصد بهذا الموقف حماية ثورته من أعدائها

بقلم: سيف الدولة حمدناالله

لا ينبغي أن تفهم الحكومة بشقيها المدني والعسكري أن إمتناع الشارع عن التجاوب مع الدعوة للخروج في مسيرة 30 يونيو أن في ذلك دلالة عن الرضا عنها أو ومباركة لأدائها، فالذي (عَتَق) رقبة الحكومة من خروج الشارع عليها وكان لها (جابرة) هو وعي الشعب الذي قصد بهذا الموقف حماية ثورته من أعدائها لا حفاظاً على الذين جلسوا على تلِّها. وهو الموقف الذي سبق للشارع ترجمته في إختصار بليغ وبديع في هتافه المعُبِّر الذي يقول: “الجوع الجوع ولا الكيزان”، فقد قدّر الشعب البلاءين وإختار أخفَّهما.

هذه معادلة خبيثة نتج عنها مأزق لا أعتقد أنه سوف يطول، فقد جرّدت هذه المعادلة الشارع الذي صنع الثورة من السلاح الوحيد الذي يمتلكه، وهو التعبير عن رأيه في أداء الحكومة ومطالبتها بتحقيق الأهداف التي قامت من أجلها الثورة، فأضحى بين نارين، لا الحكومة تريد الإستجابة من تلقاء نفسها لتصحيح مسارها وتُغني الشعب عن المسيرات والمليونيات، ولا الفلول سوف يرفعون الراية ويتركوا الشعب في حاله ليخلوا له الطريق.

الشعب من جهته يتفهّم ويُقدِّر الصعاب التي ورثتها الحكومة في معالجة الأزمة الإقتصادية التي جعلت الحد الأدنى للأجور ورواتب أرباب المعاشات الشهرية تساوي في قيمتها اليوم كيلو ونصف لحمة عجالي، ولكنه لا يفهم لماذا لا تزال أجهزة الدولة الحيوية (القضاء والنيابة والشرطة والخارجية والبنوك والمراجع العام) تُدار (حصرياً) حتى اليوم بواسطة كوادر النظام، وفي الوقت الذي ترفض فيه أجهزة الدولة المدنية إعادة المفصولين في هذه الأجهزة (برغم أن ذلك أحد الأهداف التي نصت عليها الوثيقة الدستورية)، تنشط في تعيين أركان الإنقاذ في مناصب جديدة (عمر مانيس سفيراً بفرنسا).ثم يأتي رئيس الوزراء والوزراء ويشكون للشعب من (المغارِز) التي يزرعها فلول النظام داخل الحكومة.

لقد كان هناك ألف سبب يدفع الشعب للخروج في مناسبة ذكرى 30 يونيو المجيدة، بعد أن تلكأت أجهزة الثورة عن عمد أو إهمال في إنشاء المجلس التشريعي وقيام مجلسي القضاء والنيابة وإنشاء المحكمة الدستورية وأخطائها في إختيار بعض الوزراء والولاة وتلكؤ الفصل في قضية شهداء الثورة ومحاكمة قضايا فساد الإنقاذ … إلخ.

تخطئ الحكومة إذا ما راهنت على ما أنجزته في ملف إعفاء الديون وخروج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وعودته للمجتمع الدولي، فالذي كان وراء تحقيق هذه الإنجازات هو الشعب وشهدائه الذين أزاحوا الأسباب التي وضعت السودان في تلك القوائم.

لقد سلمت الجرّة هذه المرّة، ولكن إستمرار هذه العِصمة لن يدوم إلى ما لا نهاية، إذا لم تلتفت الحكومة إلى المواضع التي تحرِّك الشارع عليها.

Welcome

Install
×