السودان : ما حكّ جلدك مثل ظفرك
يُكثر السودانيون من الإشارة، على الدوام، إلى خبراتهم التاريخية التي اكتسبوها في مقاومة الأنظمة العسكرية، وأولها الذي حكم بلادهم من عام 1958 وأسقطته انتفاضة شعبية عام 1964. ولكن يغيب عن أكثر المحللين السياسيين السودانيين أن الحال، خلال حقبة الحرب الباردة، غيرها في سنوات الألفية الثالثة. أول انقلاب في السودان قاده الفريق إبراهيم عبود في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1958، ووجد ترحيباً في الإقليم ومن عموم المجتمع الدولي، فلم يعرف السودان عزلة دولية إثره، بل كان كبار قيادات الدول العظمى والعالم الثالث يزورون الخرطوم متعاطفين مع النظام السوداني: نهرو (الهند) وجمال عبد الناصر (مصر) وشو إن لاي (الصين) وتيتو (يوغوسلافيا) وبريجنيف (الاتحاد السوفييتي) ونكروما (غانا). بل حتى الثائر تشي غيفارا حلّ في الخرطوم وقت أن كان وزيراً في كوبا. وحل الفريق عبود ضيفاً في واشنطن بدعوة من الرئيس الأميركي، جون كينيدي، كذلك حل ضيفاً على الملكة إليزابيث الثانية في لندن، التي ردّت الزيارة بالقدوم إلى الخرطوم، وإن بعد إسقاط الفريق عبود إثر ثورة شعبية في 1964.