دارفور… الجُرح النازف
لعقدين من الزمان، ودارفور تئن وتنزف. استوطنها الموت والدمار، وتمددت في نزاعاتها الدامية نيران الكريهة لتحرق شباب القبيلة وهم أحياء، في أبشع تجليات الهوس الإثني والعرقي، وفي ظل إختفاء قسري لسيادة حكم القانون، وغياب تام للدولة ومؤسساتها. الأخبار القادمة من ولاية غرب دارفور تتحدث عن هجوم ميليشيات قبلية مسلحة، تحت غطاء نيران المدفعية والأسلحة الثقيلة، على بلدة كرينك، شرق مدينة الجنينة، عاصمة الولاية، والتي هي أيضا طالها لهب الحريق واستباحتها الميليشيات المهاجمة، تقتل وتضرب وتقتاد إلى أماكن مجهولة، وبطريقة عنصرية، كل من يصادفها، بمن فيهم المعلمون والكوادر الطبية. تكدست في الطرقات مئات الجثث والجرحى، جلهم من الأطفال والنساء وكبار السن، وآلاف النازحين هربا من المحرقة، وجرى دمار البيوت وإحراقها بالكامل، بحيث من الصعب نفي أن ما تم هو حرب إبادة جماعية وتطهير عرقي، ومن الصعب الموافقة على أن السبب الرئيسي لاندلاع القتال هو ثأر المجموعة المهاجمة لمقتل إثنين من أبنائها. وفي الحقيقة، مخطئ من يحصر الصراع في إقليم دارفور فقط في طابعه القبلي التقليدي، ومخطئ من ينفي هذا الطابع.