بإستيلائها على مدني، هل كسبت الدعم السريع عسكرياً وخسرت سياسياً ؟
راديو دبنقا| عبد المنعم شيخ إدريس| واشنطن
مثل يوم التاسع عشر من ديسمبر 2023 تاريخاً فاصلاً في الصراع المسلح في السودان، فقد سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة واد مدني والمناطق المحيطة بها، وهي مناطق لم تشهد صراعاً مسلحاً يذكر حتى أبان حروب المهدية في القرن التاسع عشر، بجانب الأهمية الاقتصادية لمدني التي تحتضن إدارة مشروع الجزيرة، المشروع الزراعي الأكبر في السودان، اضافة إلى الأهمية الجغرافية لمرور خطوط النقل من وإلى ميناء بورتسودان عبرها.
كما أن مدني كانت الملجأ الرئيسي لمعظم سكان العاصمة منذ أن تفجر النزاع في الخامس عشر من أبريل الماضي، بجانب تحولها إلى مركز للعمل الأنساني.
وعلى الرغم من النصر العسكري الا أن السيطرة على مدني جرت انتقادات واحتجاجات واسعة داخلياً وخارجياً على الدعم السريع.
وكانت استقالة مستشار الدعم السريع فارس النور آخر سلسلة من تلك العملية. وعلى الرغم من أن عضو مفاوضات جدة لم يقل صراحة إنه استقال احتجاجا على تلك العملية لكن توقيت الاستقالة وحديثه للجزيرة مباشر يوم السادس والعشرين من ديسمبر بحسب مراقبين يؤكد ذلك، فقد قال إنه استقال “لأن تكلفة الحرب عالية على الشعب”
وكان رئيس الحركة الشعبية التيار الثوري الديمقراطي ياسر عرمان أول من انتقد صراحة اجتياح الدعم السريع لواد مدني. وكتب على حسابه بموقع إكس:
“الهجوم على مدينة ود مدني غير مبرر وانتهاكاً صريحاً لحقوق المدنيين وحمايتهم، فهي مدينة تضم الملايين من سكانها والنازحين من الخرطوم وغيرها، والهجوم عليها يأتي بعد النهب الواسع الذي مارسته قوات الدعم السريع ضد سكان الخرطوم ومنازلهم وممتلكاتهم.”
يذكر أن عرمان قل ما يوجه انتقادات للدعم السريع قبل هجوم الدعم السريع على واد مدني.
خارجياً، وصفت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان هجوم الدعم السريع على واد مدني بأنه لا يتسق مع ما ظلت تردده بـ”أنها تقاتل من أجل حماية الشعب السوداني” وأشار البيان إلى أن معظم سكان مدني من الفئات الضعيفة التي الفارة من الحرب من مناطق أخرى.
وأعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر ترك، في بيان عن قلقه العميق للتقارير التي تتحدث عن انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في مدينة واد مدني بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها. وأضاف أن تلك التقارير تتحدث عن مقتل وإصابة عدد من العاملين في الحقل الصحي، والمدنيين الآخرين، وأن عددا من تلك الهجمات تمت بدوافع عنصرية، اضافة لعمليات السلب والنهب، والاعتقالات ذات الطبيعة العنصرية أيضاً.
وأبدت حسابات لناشطين كانوا محسوبين على الدعم السريع تحفظات على عمليات القتل والنهب التي عمت المدينة بعد سيطرة الدعم السريع عليها. وكتب الناشط عثمان عجيب على صفحته بفيس بوك لأول مرة ضد ممارسات قوات الدعم السريع
وقد تعهد مستشار قائد الدعم السريع السياسي يوسف عزت بمحاسبة من أصدر الأوامر للهجوم على قرى الجزيرة، وقال في حوار يوم الأحد مع راديو دبنقا إن قرى الجزيرة لا يوجد بها جيش ولا يجب مهاجماتها:
لكن الصحافي والمحلل السياسي فائز السليك انتقد تصريحات مستشار الدعم السريع حول تحميل الانتهاكات التي وقعت في واد مدني إلى متفلتين، وحذر في حوار راديو مع دبنقا من أن تقود الانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، إلى حرب أهلية شاملة في ظل الدعوات بتسليح المدنيين، وتدخل دولي في ذات الوقت بعد أن عجز طرفي الصراع عن حماية المدنيين.
وكتب القيادي في قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي خالد عمر يوسف على حسابه بمنصة إكس مساء الثلاثاء: ” موقفنا من الحرب موقف متسق وأخلاقي في المقام الأول. قمنا بإدانة كافة انتهاكاتها التي صدرت من أطرافها الذين يتحملون المسؤولية الأخلاقية والسياسية والجنائية عن كل جرائمها. قمنا بإدانة كافة انتهاكات الدعم السريع وآخرها ما حدث من جرائم سلب ونهب وقتل وترويع للمدنيين جراء اجتياحهم للجزيرة.”
هذا ويعتبر الهجوم على الجزيرة هو الأخير حتى الآن لقوات الدعم السريع فيما تتحدث تقارير عن قرب شنها هجمات أخرى على مناطق بولاية سنار.