صورة أرشيفية لأفراد من قوات الدعم السريع ـ المصدر ـ مواقع التواصل الاجتماعي

أمستردام: 21 يونيو 2024: راديو دبنقا

راديو دبنقا: سليمان سري

حذر استاذ علم الاجتماع بالجامعات السودانية عبدالناصر علي الفكي من أن الحرب الآن أخذت طابعًا اجتماعيًا خطيرًا وأرجع ذلك إلى أنه يعود للقيم والثقافة للمجموعات المتحاربة وأصبح يغذى بالمنطلقات الاجتماعية وتستند على تراث المتحاربين من الجهتين وفكرة الثأر.

وشدد بأنه لايوجد هنالك من حل سوي ايقاف تمدد  ما سماه بالفعل الاجتماعي، الثقافي المسموم علي  المكونات السودانية المتعددة  وايقاف صناعة بنية الكراهية ومأسستها. واعادة بناء مشروع الدولة السودانية علي المواطنة والسلام والعدالة “السلطة المدنية”.

العنف على الهوية:

ورأى عبدالناصر الفكي في مقابلة مع “راديو دبنقا” تداعيات الأحداث الأخيرة في مدينة الفاشر، من منظور اجتماعي وثقافي أنه كلما استطال أمد الحرب كلما صار التصنيف الإثني والعرقي هو الأساس وليس المجموعات المتحاربة، سواء كانت قوات الدعم السريع أو الجيش أو الجهات التي تحارب مع الطرفين، واعتبر أن ذلك يؤدي إلى مزيد من إضعاف اللحمة الوطنية، والتعايش السلمي بين أبناء الشعب السوداني ووجوده في إطار دولة سودانية واحدة.

 واعتبر أن هذه المسألة غاية في الخطورة مشيرًا إلى ظاهرة الثأر محددًا للمجموعات وأن ما تم من قتل للواء علي يعقوب سيثير مزيد من العنف القائم على الهوية وسيغذي المنطلقات الإثنية والقبلية ويضعف المنطلق الوطني لهذه المجموعات ومدى اسهامها في التغيير المطلوب في الدولة السودانية و رأى بأن الموضوع في مجمله كونه ثأر شخصي لمجموعات ضد مجموعات أخرى.

اعتبر استاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعات، مقتل اللواء علي يعقوب جبريل عتبة متقدمة  ستشعل الأحوال الأمنية والعسكرية والأوضاع الإنسانية فى مدينة الفاشر وستقضي علي فرص ومحاولات  رفع الحصار عن المدينة. بالرغم من القرار الاممي الصادر من مجلس الامن، وقال إنّ هذا القرار سيجعل المدنيين  كالعادة منذ الخامس عشر من أبريل 2023م، الطرف الخاسر دومًا ومايعني مزيدًا من أوضاع انسانية  بالغة السؤ.

استاذ علم الاجتماع السياسي

منظومة القيم:

واعتمد مجلس الأمن الدولي قرارا يطالب بأن توقف قوات الدعم السريع حصارها للفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور بالسودان بتأييد 14 عضوا وامتناع روسيا عن التصويت ودعا إلى وقف فوري للقتال وخفض التصعيد في الفاشر ومحيطها وسحب جميع المقاتلين الذين يهددون سلامة وأمن المدنيين.

طالب القرار الدولي بأن تكفل جميع أطراف النزاع حماية المدنيين بما في ذلك عن طريق السماح للراغبين في التنقل إلى مناطق أكثر أمنًا داخل الفاشر وخارجها بالقيام بذلك.

 وقال استاذ علم الاجتماع السياسي عبدالناصر، الآن  طابع الإثنية والقبلية  السمة الأكثر وضوحًا حيث  أن العنف المتبادل المستاسد بمنظومة القيم والضبط الاجتماعي للثأر، والأخذ به كضرورة اجتماعية وهو معيار لابد منه  لأنه  قاهر ومحدد  للجماعة وصيرورتها.

وأرجع أن مايحدث في مدينة الفاشر من غياب الانضباط والرسمية للحرب، هو نتاج ما  ظهر منذ انطلاق  الطلقة الأولى ويتعاظم باستمرار، بنقل الحرب إلى مربع الأهلية التي تستهدف الهوية بغض النظر عن الموقف السياسي، وحذر من أن ذلك سيدمر ويمزق كل حبال التماسك والتعايش الاجتماعي بين المكونات السودانية.   

الألفاظ الرمزية:

وقال أستاذ علم الاجتماع بالجامعات السودانية د.عبدالناصر علي الفكي، أن هذه العنصرية ظاهرة في الالفاظ الرمزية في لغة الطرفين “فلنقاي وعرباوي وجنجويدي..ألخ”، واعتبر أنها محددات لثقافة جديدة مشيرًا إلى أن الثقافة جزء من التنشئة والتطبيع الاجتماعي والبناء الأسري من الاسرة إلى العشيرة والقبيلة والافخاذ والبطون، وأضاف بأن جميعها ستتغذى على رموز وأفعال وكلمات وأشعار وشعر من الحكامات.

وأكد أنه كلما استمر الحال بهذه الوتيرة كلما تكونت بنى ثقافية واجتماعية من الصعب تغييرها، لأن أجهزة الدولة بشكل رأسي لاتستطيع أن تغيير أي من الطرفين المتحاربين، وقال الآن نرى أنه كلها تتغذى على قيم وعلى ثقافة وتراث محفز على الحرب، ويحفز على كراهية الآخر ويستبطن كل ماهو قبيح ويستند على أفعال الآخر وعلى سلوكه وحياته. وحذر من هذا الأمر مستقبلاً سيشكل عقبة كبيرة على الاستقرار والتعايش.

وقطع د. عبدالناصر بأن الحرب ستتوقف، عاجلاً أم آجلاً،  لكن من الذي يضمن إيقاف ثقافة الحرب وسط هذه المجموعات وثقافة الكره المستأسد الذي سيتضمن في القيم الاجتماعية وسط هذه المجموعات ومن الصعب التعامل معه.

ودعا بقوله “الأفضل من الآن أن يتم إيقاف خطاب الكراهية الحالي بدلاً من أنه يتشكل ويصبح منظومة قيمية، ثقافية، متكاملة ابتداءً من الفرد للأسرة والقبيلة والفخذ، ويحدث فيها نوع من التضامن من المجموعات في الثقافة، ضد مجموعات أخرى متضامنة في الثقافة أيضًا، وهذا كله من شأنه أن يوقف عملية التغيير المدني لأنه غير قائم على الاختيارية الموضوعية بقدر ما قائم على الإرث والوراثة وليس على الاكتساب وانما على الدم والتجاور وعلى المصالح المشتركة في إطار جغرافي واحد.

Welcome

Install
×