ورحل هاشم صديق، شاعر “قصة ثورة”
أمستردام: 11 نوفمبر 2024: راديو دبنقا
ودع السودانيون صبيحة السبت 9 نوفمبر 2024 الشاعر المبدع هاشم صديق عن عمر يناهز 77 عاما بعد حياة حافلة بالعطاء.
ووري جثمانه الثرى في “أبو ظبي”، التي قضى فيها الأشهر الأخيرة من حياته بعد مغادرته السودان مضطرا في شهر سبتمبر من العام الماضي، بسبب تدهور حالته الصحية وتدهور الأوضاع في مدينة أمدرمان التي رفض الخروج منها بعد اندلاع الحرب.
هاشم صديق مبدع متعدد المواهب، فهو شاعر مفوه كتب الغناء العاطفي وغنى معه ملايين السودانيين من كلماته؛ بصوت الفنان سيد خليفة اغنية “في يوم غريب”، واغنية “أضحكي” بصوت أبوعركي البخيت، وشدا للثورة والوطن وارتفعت معه أصوات الثوار ينشدون “قصة ثورة” التي أرخت لملحمة أكتوبر 21 الخالدة.
كان هاشم صديقا أيضا ممثلا وكاتبا مسرحيا، حيث تؤرخ مسرحية “نبتة حبيبتي” التي كتبها لنقلة في مسيرة المسرح السوداني، وقدم مساهمات خالدة ورائدة في الدراما الإذاعية عبر مسلسلات “قطر الهم” و”الحراز والمطر”، وكذلك الدراما التلفزيونية كمؤلف لمسلسل “طائر الشفق الغريب” وغيره من الأعمال الدرامية الخالدة، وقدم العديد من البرامج عبر الإذاعة والتلفزيون، كان آخرها برنامج يستعرض ما تنتجه السينما العالمية.
درَّس هاشم صديق أجيالا من خريجي كلية الدراما والموسيقى، التي تخرج منها هو في العام 1974 ثم التحق بإحدى الجامعات البريطانية حيث درس التمثيل.
وتعرض للملاحقة والاعتقال على عهد الحكمين العسكري الثاني (جعفر نميري) والثالث (عمر البشير) وظلت قصائده الثورية تُتداول مثل المنشورات المعارضة وتركت قصيدته “قرنتية” بصمتها في تاريخ النضال ضد الدكتاتورية العسكرية.
واعتبر الأستاذ شكر الله خلف الله، الكاتب والمخرج التلفزيوني، في حديث لبرنامج ملفات سودانية يبث مساء اليوم الاثنين، هاشم صديق رمزا وطنيا وفنيا ويمثل ذاكرة وطن.
واضاف أن حي بانت ومدينة أمدرمان قد ارتدت اليوم ثوب الحداد لأن هاشم صديق يمثل لأمدرمان الإذاعة والتلفزيون والمسرح والفنون الشعبية والاكروبات والإنتاج السينمائي واتحاد الفنانين وأن كل هذه “الحيشان” قد أصبحت يتيمة برحيل هاشم صديق.
وأضاف الكاتب والمخرج التلفزيوني أن هاشم صديق يمثل علامة فارقة في تاريخ كثير من المبدعين، لأنه علمهم وتعلم منهم أشياء لا يمكن الحصول عليها من الكتب.
ويحكي شكر الله خلف الله أنه قبل أيام من الحرب الأخيرة ذهب إليه برفقة الأستاذ أبو عركي البخيت في منزله، ورغم ظروفه الصحية كان يصر على استقبالهم وهو متكئ على فراشه.
واضاف أنهم بداوا معا مشاريع جديدة، كان أهمها مشروع لتوثيق مسيرته، وكان من المفترض إجراء الحوار في يوم 16 أبريل ليقدم ضمن برامج عيد الفطر المبارك، لكن الحرب قطعت الطريق أمام هذا المشروع.
وكشف الأستاذ شكر الله خلف الله أن هاشم صديق كان في حاجة للعودة إلى أمدرمان خلال أيامه الأخيرة.
واضاف أن هذه كانت رغبته الأخيرة التي لم تتحقق.
وأكد أن رحلة خروجه الطويلة من بانت إلى الثورة، ومن الثورة إلى عطبرة، ومن عطبرة إلى بورتسودان، ومن ثم إلى دولة الإمارات قد تركت جرحا عميقا في دواخله، جعلت حلم العودة إلى أمدرمان همه الأول والأخير.