واشنطن تستعين بتل أبيب للضغط على أطراف الصراع بالخرطوم

نقل موقع “أكسيوس” عن مسؤولين إسرائيليين أن البيت الأبيض والخارجية الأميركية حثا إسرائيل على المساعدة في الضغط على القادة السودانيين للموافقة على وقف إطلاق النار، وذلك بالتزامن مع هدنة ثانية، ووسط مساع دولية أخرى لإنهاء المواجهات المسلحة التي بدأت السبت الماضي.
وكان الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني قال -في وقت سابق مساء الأربعاء- إن الجيش وافق على هدنة لمدة 24 ساعة تبدأ من الساعة السادسة من اليوم نفسه بالتوقيت المحلي، وتنتهي في السادسة من مساء الخميس.
وأفضت المواجهات المسلحة في مناطق مختلفة من السودان إلى مقتل 270 وإصابة أكثر من ألف شخص، وفق أرقام نقلتها الأمم المتحدة عن الهيئات الصحية السودانية.

المساعي الدولية

وفي ظل المساعي الدولي لوقف المواجهات المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع، قال موقع أكسيوس الإخباري الأميركي إن مسؤولي وزارة الخارجية تحدثوا مع رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان، في حين تواصل الموساد مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) من أجل وقف التصعيد.
ونقل أكسيوس كذلك عن مسؤول إسرائيلي رفيع أن الحكومة الإسرائيلية كانت متأكدة من أن الاتفاق على تعيين حكومة مدنية سيكون في غضون أيام إن لم يكن ساعات، وشعرت بالإحباط مع انهيار الاتفاق وبدء القتال.
في حين قال مسؤولون إسرائيليون آخرون إن إسرائيل تستخدم علاقاتها مع الجنرالات في الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لحثهم على إنهاء القتال.
ودان البيت الأبيض بشدة العنف بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وقال إن ما يجري يعرِّض بشكل متهور الدبلوماسيين وعمال الإغاثة الإنسانية للخطر، ودعا القادة العسكريين السودانيين للدخول في حوار من دون تأخير.
وفي مؤتمر صحفي، كشفت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيير عن أن كبار المسؤولين الأميركيين على اتصال مباشر مع طرفي النزاع للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، وأن مشاورات عن كثب تجري مع الشركاء الإقليميين وغيرهم بشأن الوضع في السودان.
وأضافت المتحدثة أن السفارة الأميركية في الخرطوم على تواصل مباشر مع الرعايا الأميركيين هناك لضمان سلامتهم، وحمّلت البرهان وحميدتي مسؤولية ضمان حماية المدنيين والموظفين الدبلوماسيين وعائلاتهم.
وفي السياق، أعلن الرئيس الكيني وليام روتو اتفاقه مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على إرسالة بعثة إلى الخرطوم للقاء طرفي النزاع.
وحذّر الرئيس الكيني من تداعيات القتال في السودان على أمن وسلم المنطقة والعالم بأسره، وقال إن هناك خطرا حقيقيا من أن يورِّط تصاعد العنف لاعبين خارجيين إقليميين ودوليين؛ مما يؤدي إلى أزمة أمنية وإنسانية.
ودعا الرئيس الكيني قادة الطرفين المتحاربين إلى الالتزام بقرار منظمة “إيغاد” خلال قمتها الأحد الماضي، بما يشمل وقفا فوريا للأعمال العدائية، والسماح بالعبور الإنساني غير المشروط، والتعاون الكامل مع مهمة قادة “إيغاد” حين يصلون إلى الخرطوم.
وأوضح أن تلبية هذه الشروط والانخراط في المحادثات ضروريان للعودة إلى المفاوضات بشأن الاتفاق الإطاري.

تحذيرات أممية

وقال مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن القتال في السودان يجبر وكالات الأمم المتحدة وشركاءها في المجال الإنساني على تعليق العديد من البرامج في أنحاء السودان.
وفي مقابلة خاصة مع شبكة الجزيرة، وجه غريفيث نداء عاجلا إلى البرهان وحميدتي للتوقف عن ذلك تلبية للحاجات الملحة للشعب السوداني، وإنه من دون ذلك لن تكون لديهما أي مصداقية، حسب تعبيره.
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن المنظمة الدولية قلقة من احتمال انهيار نظام الرعاية الصحية بالكامل في السودان بسبب القتال المتواصل. وحذر من نفاد الطعام والوقود والإمدادات الحيوية الأخرى في البلاد.
بدوره، صرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأربعاء بأن بلاده تجري محادثات مع طرفي النزاع في السودان لوقف إطلاق النار، معربا عن أمله في التوصل إلى هدنة الخميس.
وقال أوغلو -في كلمة عقب مأدبة إفطار بولاية أنطاليا- إن كلا الجانبين إخواننا؛ لم نقف إلى جانب واحد، نجري محادثات مع قائد قوات الدعم السريع ورئيس المجلس السيادي لوقف النزاع.
وأشار إلى أن الجانبين أدليا بتصريحات في وقت سابق، معربا عن أمله أن يتم التوصل إلى اتفاق الخميس في “يوم وقفة عيد الفطر”.

أزمة صحية

من جهتها، أعلنت نقابة الأطباء السودانيين ارتفاع عدد المستشفيات التي توقفت عن العمل إلى 39 في العاصمة الخرطوم، والولايات المتاخمة لمناطق الاشتباكات.
وأضافت أن 9 من المستشفيات المتوقفة عن الخدمة كانت قد تعرضت للقصف، و16 مستشفى تعرضت للإخلاء القسري.
وقال الناطق باسم وزارة الصحة في ولاية الخرطوم محمد إبراهيم إن 17 مستشفى في وسط الخرطوم مهددة بالتوقف بسبب الأوضاع الأمنية، كما أن بعض المستشفيات في الخرطوم بحري لم تعد قادرة على تقديم الخدمات للمرضى والجرحى لافتقارها إلى المستلزمات الطبية.
وفي الأبيض -التي تعاني أصلا من قلّة المرافق الصحية- أُعلن خروج مستشفى الضمان التخصصي عن الخدمة، كما أُغلق مستشفيان آخران في مروي للأسباب نفسها.

تدهور الوضع الانساني

ووصف مدير برامج “أطباء بلا حدود” في السودان بكري أبو بكري بشير الوضع في البلاد بغير المسبوق؛ وحذر من انهيار النظام الصحي بشكل كامل، في ظل خروج مستشفيات عدة عن الخدمة، وعدم تمكن فرق طبية من الوصول إلى أماكن عملها، جراء استمرار الاشتباكات.
وقالت ممثلة مفوضية شؤون اللاجئين في تشاد لورا لو كاسترو إن ما بين 10 آلاف لاجئ سوداني جديد و20 ألفا وصلوا إلى تشاد مع احتدام القتال في البلاد.
وأضافت المسؤولة الأممية أن المنظمة تراقب الوضع، مع عدد آخر من المنظمات، وتعمل على تقييم الاحتياجات العاجلة، ووضع خطة الاستجابة المناسبة.
ودعت ممثلة منظمة “اليونيسيف” في السودان مانديب أوبراين إلى وقف العنف فورا، وقالت إن ملايين الأطفال في العاصمة الخرطوم -وغيرها من المناطق- يعيشون محنة بسبب المواجهات المسلحة، والنقص في الغذاء والمياه، وأعمال نهب المنازل والمستشفيات؛ ودعت جميع الأطراف لحماية أرواح السودانيين.
بدوره، قال “برنامج الغذاء العالمي” إن ما يقرب ثلث سكان السودان كانوا يعانون من الجوع، وحذر البرنامج -في تغريدة عبر تويتر- من أن يؤدي استمرار العنف إلى إلقاء ملايين آخرين في دائرة المجاعة.