هيومن رايتس توثق (262) حالة عنف جنسي من طرفي الحرب

امستردام: نيروبي: الاثنين29 يوليو 2024: راديو دبنقا

اتهمت منظمة هيومان رايتس ووتش في تقرير أصدرته اليوم “قوات الدعم السريع”، بارتكاب أعمال اغتصاب واسعة النطاق منذ بدء النزاع الحالي، بما فيها الاغتصاب الجماعي، ووانها أجبرت النساء والفتيات على الزواج في الخرطوم، عاصمة البلاد.

وكشفت هيومن رايتس ووتش، عن زيادة طفيفة في أعمال العنف الجنسي المنسوبة للقوات المسلحة السودانية، بعد استعادة الجيش السيطرة على أم درمان في أوائل عام 2024 حيث تعرض رجال وفتيان للاغتصاب، أثناء الاحتجاز.

وحثت المنظمة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. على التعاون لنشر بعثة جديدة لحماية المدنيين في السودان، بما يشمل منع العنف الجنسي وتقديم الدعم للضحايا وتوثيق الجرائم. كما ينبغي زيادة الدعم السياسي والمالي للمستجيبين المحليين وفرض عقوبات على المسؤولين عن العنف.

التقرير، الصادر في (89 ) صفحة بعنوان “الخرطوم لم تعد آمنة للنساء: العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في عاصمة السودان”، يوثّق العنف الجنسي على نطاق واسع، بالإضافة إلى الزواج القسري وزواج الأطفال أثناء النزاع، في الخرطوم ومدن أخرى، البحث أيضاً سلط الضوء على العواقب الصحية والعقلية الكارثية بالنسبة للضحايا، والأثر المدمر لهجمات الأطراف المتحاربة على الرعاية الصحية، وكذلك منع القوات المسلحة السودانية المتعمد للمساعدات.

صور من الانتهاكات

قابلت هيومن رايتس ووتش، مع بعض الاستثناءات، (42) من مقدمي الرعاية الصحية والاختصاصيين الاجتماعيين والاستشاريين النفسيين والمحامين والمستجيبين المحليين، في غرف الاستجابة للطوارئ التي أنشأوها في الخرطوم، بين سبتمبر 2023 وفبراير 2024. قال 18 منهم، إنهم تعاملوا مع 262 حالة عنف جنسي تتراوح أعمار ضحاياها بين 9 إلى 60 عاماً، وذلك خلال 10 اشهر، وقد شملت جهودهم تقديم الرعاية الطبية المباشرة، الدعم النفسي الاجتماعي، وإدارة حالات فردية.

ووفق التقرير، فقد استمع مقدمو الخدمات الذين يعالجون الضحايا ويدعمونهن إلى تقارير من نساء وفتيات عن احتجازهن لدى قوات الدعم السريع في ظروف قد تصل إلى الاسترقاق الجنسي.

وجدت هيومن رايتس ووتش أن الضحايا تحملن ندوباً جسدية وعاطفية واجتماعية ونفسية هائلة، فيما شهد العاملون في مجال الرعاية الصحية حالات لضحايا يطلبن المساعدة بسبب الإصابات الجسدية الشديدة الناتجة عن الاغتصاب والاغتصاب الجماعي، مما أدى إلى وفاة أربع نساء على الأقل. كما واجهت العديد من الضحايا صعوبات كبيرة في الحصول على خدمات الإجهاض لإنهاء حالات الحمل الناتجة عن الاغتصاب. وقد أظهرت الناجيات أعراضاً متوافقة مع الإجهاد والاكتئاب الناتج عن الصدمة، بما في ذلك الأفكار الانتحارية، والقلق، والخوف، والأرق.

قال طبيب نفسي: “تحدثت إلى ضحية تعرضت للاغتصاب واكتشفت للتو أنها حامل في شهرها الثالث. من الواضح أنها كانت مصدومة وترتعش، وخائفة من رد فعل عائلتها. قالت لي: إذا اكتشفوا وضعي سيقتلونني”.

أبلغت بعض الضحايا مقدمي الخدمات الطبية، بتعرضهن للاغتصاب من قبل ما يصل إلى خمسة مقاتلين من قوات الدعم السريع. كما قامت هذه القوات باختطاف النساء والفتيات واحتجازهن في المنازل والمرافق الأخرى التي سيطرت عليها في الخرطوم وبحري وأم درمان، حيث تعرضن للعنف الجنسي وانتهاكات أخرى. وفي بعض الحالات، قام أفراد الدعم السريع بالاعتداء الجنسي على النساء والفتيات أمام أفراد عائلاتهن. كما أجبرت هذه القوات النساء والفتيات على الزواج.

 امرأة تبلغ من العمر (20 عاما) تعيش في منطقة تسيطر عليها قوات الدعم السريع، قالت في مقابلة مباشرة مع (هيومن رايتس ووتش) في أوائل العام الجاري: “نمت وأنا أضع سكينا تحت وسادتي على مدى أشهر، خوفا من مداهمات قوات الدعم السريع التي قد تُفضي إلى الاغتصاب” وأضافت:” منذ أن بدأت هذه الحرب، لم يعد من الآمن أن تعيش امرأة في الخرطوم تحت سيطرة هذه القوات”.

وذكرت نائبة مديرة قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش لاتيشيا بدر، أن قوات الدعم السريع ارتكبت عمليات اغتصاب واغتصاب جماعي وأجبرت العديد من النساء والفتيات على الزواج في المناطق السكنية بالعاصمة. وأردفت: “هذه الجماعة المسلحة قامت بترهيب النساء والفتيات ومنعتهم من الحصول على المساعدة وخدمات الدعم مما أدى إلى تفاقم معاناتهن وشعورهن بعدم وجود مكان آمن.”

استهداف دور الرعاية

وتوثق هيومن رايتس وتش، كذلك كيف أن كلا الطرفين المتحاربين، (الجيش والدعم السريع) يستهدفان دور الرعاية الصحية، بما في ذلك المستشفيات والعاملين في المجال الطبي والمتطوعين المحليين. حيث أرهب الطرفان المتحاربان واحتجزا وهاجما الأطباء والممرضين والمتطوعين في رعاية الطوارئ، وقالوا إن عناصر الدعم السريع ارتكبوا في عدة حالات أعمال عنف جنسي ضد مقدمات الخدمات

 وأشار التقرير الى قيام الجيش، بفرض حصار فعلي على العاصمة منذ أواخر عام 2023، مما يؤدي إلى وقوع ضحايا إضافيين بسبب منعهم من الحصول على العناية الطبية اللازمة

ويخلص التقرير إلى أن العنف الجنسي الذي ترتكبه قوات الدعم السريع يشكل جرائم حرب، وأن العنف الجنسي والزواج القسري، بما في ذلك زواج الأطفال، كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي على المدنيين يحدث في السودان، قد يرقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية.

وخلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن كلا الطرفين المتحاربين لم يتخذا خطوات حقيقية لمنع قواتهم من ارتكاب جرائم الاغتصاب أو مهاجمة مرافق الرعاية الصحية، ولم يجروا تحقيقات مستقلة وشفافة في هذه الجرائم. في 23 يوليو/تموز، نفى المتحدث باسم قوات الدعم السريع مزاعم احتلال مستشفيات أو مراكز طبية في ولاية الخرطوم دون تقديم أدلة على فتح تحقيقات في العنف الجنسي أو محاسبة المتورطين.

تحديات

كشفت المتطوعة في إحدى غرف الطوارئ في الخرطوم، نضال أحمد، عن إجلاء عدد من النساء من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى ولايات أخرى مع تقديم الدعم لهن. وأشارت خلال مؤتمر صحفي عقدته هيومن رايتس ووتش إلى التحديات التي تواجه النساء في العاصمة، بما في ذلك الوضع الأمني، والاعتقالات، والاستهداف المباشر، والإخفاء القسري، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على الاحتياجات النسائية وانقطاع الاتصالات الذي أثر على الإبلاغ وتوثيق الانتهاكات.

وأكدت أن الإفلات من العقاب يزيد الأزمة سوءًا، وأن توصيل المساعدات يُستخدم كورقة ضغط من الأطراف المتقاتلة. دعت أحمد المجتمع الدولي إلى ضرورة تقديم الدعم لحماية المدنيين وتوفير المساعدات والدعم النفسي في ظل ارتفاع وتيرة مؤشرات الانتحار.

من جانبه أفاد محمد عثمان، الباحث في شؤون السودان بمنظمة هيومن رايتس ووتش، (لراديو دبنقا) بأنه لا يمكن التأكيد على دقة الأرقام المتوفرة، لكن هناك انتشارًا واسعًا لحالات العنف الجنسي في الخرطوم منذ بدء النزاع، الذي يستهدف النساء والفتيات وأحيانًا الرجال، بناءً على معلومات من مقدمي الخدمة. وأوضح أن معظم هذه الانتهاكات نُسبت إلى عناصر قوات الدعم السريع، مع تقارير عن انتشار حالات اغتصاب نفذها أفراد من القوات المسلحة، خاصة في أم درمان.

وأشار عثمان إلى أن الجيش يواصل عرقلة توصيل المساعدات من خلال الأوامر الإدارية وتأخير إصدار التأشيرات وأوامر التحرك، خاصة في مناطق سيطرة الدعم السريع، الذي قام بدوره بنهب عدد من المخازن والمواد الأساسية لحياة المواطنين.

Welcome

Install
×