هوامش على بيان للمؤتمر الوطني ودعوته للسلام!!
اديس ابابا: 22يوليو2024: راديودبنقا
تقرير: أشرف عبد العزيز
في مفاجأة دواية أصدر حزب المؤتمر الوطني (المحلول) بياناً أمس دعا فيه لإحلال السلام في البلاد بما يحفظ عقيدتها ووحدتها، كما تعرض البيان إلى الحراك الذي تشهده الساحة السياسية السودانية من أجل وقف الحرب، وذلك على خلفية الاتصال الذي جرى بين القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، ورئيس دولة الإمارات المتحدة محمد بن زايد فضلاً عن زيارة الرئيس الأثيوبي أبي أحمد إلى بورتسودان، وكذلك الاجتماع التحضيري للحوار السوداني السوداني الذي نظمه الإتحاد الأفريقي بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا مؤخراً، ولتشريح بيان المؤتمر الوطني (المحلول) وقراءة ما بين السطور استطلع (راديو دبنقا) الصحفي والمحلل السياسي عثمان فضل الله، والقيادي بتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) وخرج بالإفادات التالية.
اربعة نقاط مهمة
قال الصحفي والمحلل السياسي عثمان فضل الله لـ(راديو دبنقا) “بيان المؤتمر الوطني المحلول وردت فيه 20 نقطة أهمها 4 نقاط، تحدثت عن أن الحزب حريص على السلام وفق اشتراطات وهي الحفاظ على وحدة البلاد وعقيدتها وكرامتها وغير ذلك من الاشتراطات”، وأضاف أعتقد أن هذه اشتراطات عامة ومتفق عليها، فكل الناس حريصون على سلام يحفظ وحدة البلاد وكرامتها، ولكن التركيز على العقيدة نقطة خلافية من حيث المبدأ وتطرح العديد من الاسئلة عن نوع وماهية العقيدة وهل هي دينية أم سياسية؟.
وقال فضل الله: “النقطة الثانية اللافتة في هذا البيان تحدثت عن مؤتمر أديس أبابا الذي جمع مؤخراً قوى سياسية سودانية برعاية الاتحاد الأفريقي ومعظمها داعمة للجيش ومناصرة للحرب”.
وأردف البيان في هذه النقطة فيه نوع من التدليس حيث أشار إلى أن المؤتمر الوطني المحلول أحيط علماً بما جرى في أديس أبابا، ويبقى السؤال هل أحيط علماً من خلال الوسائط أم أن الحزب على اتصال بالمجموعة التي شاركت في الاجتماعات؟ في تقديري الإحاطة التي تمت للمؤتمر الوطني المحلول رسمية وجاءت في اطار العلاقة الوطيدة بينه وهذه القوى ما يؤكد الاتهامات التي ظلت تلاحقها بأن جسور العلاقة بينها والحزب المحلول ممتدة بل هناك تنسيقياً يربط بينهما، فحتى الإحاطة المذكورة بحسب البيان أشارت إلى أن اجتماع الإتحاد الأفريقي أدان انتهاكات الدعم السريع الدول الداعمة للدعم السريع وأكد أن الحوار السوداني السوداني لن يستثني أحداً، وهذا ليس ما ذكر عند تلاوة مخرجات اجتماع أديس أبابا التي أوضحت أن المشاركة في الحوار السوداني السوداني ستشمل الجميع عدا المؤتمر الوطني.
الجزائر على الخط
وقال الصحفي والمحلل السياسي عثمان فضل الله من النقاط التي أشار إليها البيان الدول الداعمة للشعب السوداني في حربه ضد الدعم السريع وهي بحسب البيان (السعودية – مصر – الجزائر – أريتريا) وأضاف لفت انتباهي هنا دولة الجزائر، فالسعودية حريصة على أمن البحر الأحمر، ومصر يقظة على أمنها، وأريتريا تراقب حدودها مع السودان، أما ذكر الجزائر في البيان يعزز الاتهامات بأنها تلعب دوراً وسيطاً بين السودان وإيران في عمليات حصول الجيش السوداني على السلاح (الطيران – المسيرات).
نقاط إيجابية
وأردف عثمان قائلا “من النقاط أيضاً التي أثارها البيان هي الحديث عن الدول الداعمة للتمرد دون الإشارة إليها أو تسميتها، وأعتقد هذه نقطة إيجابية وفيها دبلوماسية وربما توجيه لعضوية المؤتمر الوطني المحلول بعدم التعرض لهذه الدول بشكل سافر”.
واعتبر عثمان البيان في مجمله إيجابي وخطوة متقدمة، خاصة وأن البيانات السابقة لحزب المؤتمر الوطني لم تتحدث أصلاً عن سلام وإنما حسم الحرب بالبندقية، وزاد كذلك البيان تحدث عن ضرورة الحوار مع القوى السياسية وأن تصل إلى برنامج واحد، فيما اختلفت لغته عن اللغة التي ظل يستخدمها قيادات الحزب في اطار التعبئة، واستدرك بالقول : “لكن من الواضح أن المؤتمر الوطني من خلال هذا البيان ما زال يصر على اسمه بالرغم من أنه تم حله بالقانون وليس بقرار سياسي، والقانون ساري حتى الآن، وبالتالي اصرار الوطني على إصدار بيان باسمه محاولة للقفز فوق الواقع وإن بعث برسائل تطمين لقائد الجيش بالعمل تحت قيادته .
وقال عثمان “المؤتمر الوطني طالب بتشكيل حكومة تكنوقراط وأكد عدم مشاركته في الفترة الانتقالية، في حين أن عدم مشاركته هذه حددتها ثورة ديسمبر وكل القرارات التي تصدر حتى الآن بالرغم من انقلاب 25 اكتوبر والحرب الدائرة فهي تتم وقفاً للوثيقة الدستورية التي أقرتها حكومة الثورة والتي حلت المؤتمر الوطني”.
وأضاف من الواضح أن المؤتمر الوطني بدأ يشعر أن المزاج العام في الشارع السوداني ضد الحرب، خاصة إذا نظرنا لما جرى في منطقة بربر والتمرد الذي حدث داخل صفوف المقاومة الشعبية مؤخراً وكذلك التوترات في شرق السودان والانتهاكات التي يقوم بها طرفي النزاع وتجاوزات كتيبة البراء (بقر البطون وانتزاع الأحشاء) فضلاً عن جرائم القتل والنهب التي ترتكبها قوات الدعم السريع، كل هذه الممارسات جعلت أصوات داعمي الحرب في (السوشيال ميديا) تتراجع لحد كبير، ولذلك خطوة المؤتمر الوطني المحلول تعتبر خطوة ابتدائية والمشوار طويل أمام الحزب ليقر ويعترف بأن الواقع تجاوزه وعليه القيام بمراجعة تجربته خلال 30 عاما وكذلك قراره بإشعال الحرب التي دمرت البلاد وشردت المواطنين وأهانت كرامة الجيش السوداني.
خداع وتلاعب بالدين
القيادي بتنسيقية القوى الديمقراطية (تقدم) د. علاء الدين نقد شن هجوماً على بيان المؤتمر الوطني المحلول بتاريخ 21 يوليو 2024 وقال في حديثه لـ(راديو دبنقا) “هذا البيان يوضح تماماً أن المؤتمر الوطني أحد أطراف هذه الحرب التي اطلق عليها اسم الكرامة”، وأضاف “البيان حوى استشهادات أقل ما توصف بأنها تلاعب بالدين ومحاولة لتجييره لخدمة مصالح وأفراد الحزب المحلول وكأنه هو الذي لم يتسبب في هذه الحرب، بل البيان ذهب إلى أكثر من ذلك بتحيته للشعب السوداني ومقاومته الشعبية في محاولة لمزيد من الخداع للشعب والزج به في أتون الحرب العبثية بدوافع دينية” وزاد “كذلك حاول البيان خداع قيادات الجيش بأن الحزب يقف إلى جانبهم وكأن تصريحات قائد كتيبة البراء وكثير من قيادات الحزب المحلول ووصفهم لقائد الجيش البرهان بالخائن بعد الاتصال الذي جرى بينه ورئيس دولة الامارات المتحدة ببعيدة.”
وقال نقد “أما الخديعة الكبرى في هذا البيان فهو حديث الحزب المحلول بأنه يدعم مخرجات اتفاق جدة في حين أنه هو الذي عرقل التفاوض وعطل الاتفاق خوفاً من تنفيذ البند الخاص بتسليم قيادات المؤتمر الوطني الفارين من السجون وهم الذين أشعلوا هذه الحرب”.
وأضاف الغريب أنهم يتحدثون عن كرامة وعقيدة ووحدة البلاد، وهم من دنسوا كرامتها ومزقوا وحدتها بفصل الجنوب بالحرب الدينية وهتكوا الاعراض في دارفور وكردفان، وكذلك اضاعوا الدين والعقيدة وأدخلوا التنظيمات الإرهابية لتقاتل في هذه الحرب من أجل أن يعودوا إلى السلطة.
وأضاف “من اللافت أن هذا البيان رحب بالاجتماع التحضيري للقوى السياسية السودانية والذي عقد بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا ورعاه الاتحاد الأفريقي، وهذا كشف بجلاء أن المشاركين في هذا الاجتماع تربطهم مصالح بالمؤتمر الوطني المحلول، وأكد صدقية موقف (تقدم) والقوى الأخرى التي قاطعت الاجتماع. كذلك تحدث البيان عن موافقة المؤتمر الوطني على تشكيل حكومة تكنوقراط لإدارة الفترة الانتقالية وقطع بعدم مشاركته فيها وهذا قولة حق أريد بها باطل لأن الحزب المحلول له كثير من الواجهات التي تعمل لصالحه فضلاً عن تغلغله واختراقه لمفاصل حكومة الأمر الواقع.