هل يفشل مجلس الأمن مرة أخرى في حماية المدنيين؟
أمستردام: 28 أكتوبر 2024: راديو دبنقا
في ظل توسع المواجهات العسكرية في الفاشر وولاية سنار وشرق ولاية الجزيرة وتزايد الانتهاكات ضد المدنيين من جانب طرفي الحرب، يعقد مجلس الأمن اليوم الاثنين جلسة إحاطة مفتوحة، تليها مشاورات مغلقة، بشأن تطورات الأوضاع في السودان.
تعقد الجلسة عملا بقرار المجلس رقم 2715 الصادر بتاريخ 1 ديسمبر 2023، الذي طلب من الأمين العام تقديم إحاطة كل 120 يوما حول “جهود الأمم المتحدة لدعم السودان في طريقه نحو السلام والاستقرار”.
وفي 18 أكتوبر، قدم الأمين العام تقريره، وطلب منه مجلس الأمن تقديم توصيات لحماية المدنيين في السودان.
ويطرح ذلك تساؤلات بشأن قدرة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على توفير حماية فعلية للمدنيين.
ويعيد ذلك إلى الأذهان قرار مجلس الأمن السابق بشأن حماية المدنيين في الفاشر الذي تبناه المجلس في شهر يونيو الماضي ولم يجد طريقه للتنفيذ بالرغم من النداءات المحلية والدولية والمتكررة لطرفي النزاع.
راديو دبنقا سأل كل من الدكتور محمد زكريا، الناطق الرسمي باسم الكتلة الديمقراطية، والدكتور بكري الجاك، الناطق الرسمي باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) عن توقعاتهم بشأن ما سيصدر عن هذه الإحاطة والمشاورات بشأن حماية المدنيين.
المطلوب خطوات عملية
شدد الدكتور محمد زكريا، الناطق الرسمي باسم الكتلة الديمقراطية والقيادي بحركة العدل والمساواة، على أن القرارات الأممية التي تصدر لا تلتزم بها قوات الدعم السريع.
وأكد في حديثه لراديو دبنقا أن مجلس الأمن سبق وأصدر قرار حذر فيه قوات الدعم السريع من التعرض للمدنيين في مدينة الفاشر تحديدا، “لكن هذه القوات لم ترعوي وتتواصل الهجمات بشكل يومي”، حسب وصفه.
ووصف القيادي بحركة العدل والمساواة العقوبات التي توقعها المنظمات الدولية هنا وهناك على بعض قيادات الدعم السريع بأنها لا تسمن ولا تغني من جوع، وطالب مجلس الأمن بأن يقوم بخطوات عملية تجاه الدعم السريع ومحاصرته دبلوماسية وكذلك قطع سبل وطرق وقنوات الامداد باعتبار ذلك أمرا مهما، بالإضافة إلى محاسبة مرتكبي الجرائم والانتهاكات عبر توجيه الاتهامات لقيادات الدعم السريع بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والجرائم التي يمكن توصيفها على أنها جرائم حرب.
وحذر الدكتور محمد زكريا في حديثه لراديو دبنقا من مغبة تبني أي توجهات في مجلس الأمن أو أي من المنظومات التابعة تصب في خط التدخل الدولي أو الإقليمي، حتى لو كان تحت مظلة الاتحاد الأفريقي لأن ذلك يمس السيادة السودانية ومن شأنه كذلك أن يعقد الوضع الأمني، وأضاف أن تبني هذا التوجه سيكون له اسقاطات أمنية تطال دول الإقليم.
دعم الحكومة الشرعية في بورتسودان
وطالب الناطق باسم الكتلة الديمقراطية مجلس الأمن بأن يدعم الحكومة الشرعية التي تتخذ من بورتسودان عاصمة إدارية والتي أبدت تعاونا كبيرا فيما يلي تذليل وتيسير دخول الإغاثة عن طريق المعابر بما فيها معبر أدري الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع.
ونوه الدكتور محمد زكريا إلى أن مجمل الخطوات التي اتخذتها الحكومة تؤكد أنها تعمل على تخفيف المعاناة عن كاهل المواطنين المتضررين، خاصة في مناطق سيطرة الدعم السريع. وناشد المنظمة الدولية باتخاذ تدابير قاسية ضد الدعم السريع ليكف أذاه عن المواطنين.
المطلوب رسالة واضحة
من جانبه تمنى الدكتور بكري الجاك، الناطق باسم “تقدم” أن يخاطب الأمين العام مجلس الأمن برسالة واضحة وأن يوجه المجلس ويحثه على اتخاذ قرارات وتدابير تتعلق بحماية المدنيين حتى دون الوصول إلى مرحلة اتخاذ قرار يتعلق بالبند السابع.
واستدرك دكتور بكري الجاك في حديثه لراديو دبنقا، قائلا إن اتخاذ قرار بشأن البند السابع يتطلب الحصول على موافقة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، وحتى في حال اعتراض أي من الدول غير دائمة العضوية فإن ذلك لن يوقف تبني القرار.
وأضاف الناطق الرسمي باسم تنسيقية “تقدم” أنه من خلال تجربتهم ومتابعتهم في الأشهر الماضية، فمن غير المحتمل صدور قرار بشأن حماية المدنيين.
ونوه إلى أنه حتى في حال صدور القرار سنواجه بسؤال جوهري يتعلق بمصادر التمويل والقوات العسكرية، مضيفا أن المهمة تبدو صعبة لأنه لا يمكن إرسال بعثة لحماية المدنيين في ظل عدم التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار.
وطرح سؤالا عما إذا كان من الممكن استقدام قوات من أي دولة في العالم لحماية المدنيين لتأتي لتشتبك مع الجيش وقوات الدعم السريع وكتائب البراء والمليشيات القبلية وبالتالي تصبح طرفا في الحرب.
ثلاثة مناطق آمنة
واعتبر الدكتور بكري الجاك في حديثه لراديو دبنقا أن هناك خطوات يمكن أن يتخذها مجلس الأمن بان يطلب من مجلس الأمن والسلم الأفريقي استخدام أدوات الضغط على الطرفين، ومن بينها العقوبات والإجراءات، مضيفا أنه مازال هناك الكثير من الخيارات في جعبة المنظومة الدولية حتى وإن كان ذلك لحماية المدنيين وليس لوقف إطلاق النار.
وقدم الناطق الرسمي باسم “تقدم” مقترحا بإبرام هدنة لمدة أسبوع يسمح فيها للمدنيين بالخروج من مناطق القتال، كما يمكن تطبيق فكرة المناطق الثلاث الآمنة.
وأشار الدكتور بكري الجاك إلى أنه لا يعول كثيرا على جلسة مجلس الأمن اليوم والتي سينصب الحديث فيها عن الواقع المذري وأن هناك عشرات الآلاف من المدنيين يقتلون وينزحون ويتم تهجيرهم مع إبداء القلق والشجب والتعاطف وأنه لن تكون هناك قرارات واضحة وعملية.
وكشف أنهم كتبوا لبعض الدول الأعضاء التي سيكون لها قول فاصل في هذه الجلسة وقدموا مقترحات عملية يمكن لمجلس الأمن الاهتداء بها في مسألة حماية المدنيين في حالة تعذر حمايتهم في الوقت الراهن عبر البند السابع.