هل تنجح مراكز الضغط في تحسين صورة الحكومة السودانية لدى الإدارة الأمريكية..؟!
امستردام: السبت 23/ نوفمبر/2024م: راديو دبنقا
تقرير: سليمان سري
تعاقدت سفارة السودان في واشنطن في نهاية الشهر الماضي مع شركة “بالارد بارتنرز” للقيام بأعمال الضغط السياسي. لتعزيز علاقات الحكومة السياسية والاقتصادية والتجارية مع الإدارة الأمريكية، وقد قامت هذه الشركة على الفور بتفويض جزء من العمل إلى شركة أخرى، وهي “في إس جي جلوبال”، التي ستتولى جزءًا من عقد قيمته 50 ألف دولار شهريًا لمدة ستة أشهر.
وبموجب عقد بقيمة 120 ألف دولار، تعهدت شركة “في إس جي جلوبال” بمساعدة “بالارد بارتنرز” في تقديم خدمات استشارية للسودان. وتشمل هذه الخدمات الترويج للسودان أمام الحكومة الأمريكية، بالإضافة إلى إبقاء السودان على اطلاع دائم حول التطورات في التشريعات والسياسات الفيدرالية الأمريكية ذات الصلة.
وأثار الموضوع جدلاً واسعًا حول أسباب لجوء الحكومة السودانية لمثل هذه المجموعات وكيفية تحسين صورتها،وهل بإمكان هذه الشركات أن تقوم بعمل مؤثر يخفف الضغوط على الحكومة السودانية.
يستعين بها الإمريكان:
وفي هذا السياق اعتبر الخبير الإعلامي وأستاذ الاعلام في الجامعات د. خالد عبده دهب أن استعانة الحكومة السودانية أن الاستعانة بمثل هذه الشركات معروفة بأنها مجموعات الضغط، وتقوم بخلق تكتل وسط السياسيين، وأن هذه الفكرة موجودة في القانون والسياسة الأمريكية مشيرًا إلى أن الأمريكان أنفسهم يستخدمونها حال كان لديهم أجندة معينة يريدون توصيلها للسياسيين في الكونغرس ويحاولون التأثير عليهم في اتخاذ القرار.
وقال دهب لـ”راديو دبنقا” ليس بالضرورة أن ينجح هذا المجهود وقد لاينجح وأعاد التذكير بأنه سبق وأن استعانت الحكومة السابقة التي كان يرأسها الرئيس المخلوع عمر البشير، بمثل هذه الشركات للمساهمة في رفع العقوبات عن السودان ولكنها لم تنجح.
واعتبر أن هذه الشركات تقوم بعمل علاقات عامة وتتصل بالسياسيين الأمريكيين وتقدم لهم فكرة عن القضية التي تريد تسليط الضوء عليها، لإقناع هؤلاء السياسيين أو صناع القرار لتبني وجهة نظر الحكومة السودانية وبالتالي تتحسن صورتها.
وأوضح الخبير الإعلامي د. خالد دهب في حديثه لـ”راديو دبنقا”، أن الولايات المتحدة الآن في مرحلة انتقالية من حكومة يقودها الديمقراطيون إلى حكومة يقودها الجمهوريون، والرئيس دونالد ترامب سيؤدي القسم كرئيس في يناير 2025م، للمرة الثانية وتوقع أن تتغير السياسية الأمريكية بشكل عام وقال: من المعروف أن الجمهوريين تقليديًا تركز سياستهم على الشؤون الداخلية ولايهتموا كثيرًا بالشؤون أو العلاقات الخارجية.
البنى الإقليمية:
واستبعد الخبير الاعلامي د.خالد دهب أن يأخذ موضوع السودان نفس الحيز كما كان الحال في أيام بايدن، وقال إنَّ ترامب سيكون أقل اهتمامًا بالشؤون الخارجية عامة والقضية السودانية وسيركز أكثر على تحسين الوضع في أمريكا، لكنه استدرك قائلًا: هذا لايعني أنه سيكون هنالك تجاهل تام للسياسة الخارجية.
وتوقع أن تحاول الحكومة الأمريكية التركيز على منظمات البنى الإقليمية مثل الاتحاد الافريقي والمنظمة الإفريقية للتنمية “إيغاد” وجامعة الدول العربية بالإضافة للدول المؤثرة في الإقليم في إنها تحاول قضية الحرب في السودان بدلًا من أن تتدخل أمريكا بشكل مباشر.
وقطع دهب بعدم إمكانية هذه الشركات تغيير اتجاه الرأي الأمريكي لصالح الحكومة السودانية معتبرًا أن السياسة الخارجية لأمريكا بل لكل العالم مبنية على المصالح، وقال لاتوجد دولة تتخذ مواقف تجاه دولة أخرى إلا من خلال مصالحها، وحال وجدت مصالحها يمكن أن تتحسن إذا أيدت طرف دون الطرف الآخر، فلن تتردد في تأييده.
لديها بعض التأثيرات:
أكد الناشط الحقوقي المقيم بواشنطن أيمن تابر على أن استعانة الحكومة السودانية عبر سفارتها بواشنطن بمثل هذه المراكز، في هذا الوقت يوضح حاجتها للتواصل مع الحكومة الأمريكية القادمة، أو للتأكيد عن بعض المواقف السياسية أو المطالب التي تحاول توصيلها.
واعتبر تابر في حديث لـ”راديو دبنقا” إنَّ هذه المراكز في هذه الفترة تنشط بشكل كبير في التواصل مع بعض الحكومات، التي تعتقد بأنها في حاجة لخلق مراكز اتصال مباشر مع الحكومة الأمريكية سواء كانت الموجودة حالياً أو القادمة، بهدف تعزيز مواقفها وتوصيل رسائلها عبر هذه المراكز المختلفة لدى بعض صانعي القرار والصحفيين والآلة الإعلامية الموجودة في واشنطن.
وأقر تابر بأن هذه المراكز لديها بعض التأثيرات في خلق صلات مختلفة مع بعض الشخصيات النافذة وصاحبة موقع في الإداة الأمريكية، سواء كانت الموجودة الحالية أو القادمة، وتابع قائلًا: “وهم بذلك يحاولون اختراق هذه الحكومة بالتواصل مع أشخاص يمكن أن يؤثروا في بعض الملفات التي تركز عليها الحكومة الأمريكية.
واستبعد أن تعمل كثيرًا على تحسين صورة الحكومة السودانية لدى الإدارة الأمريكية، لكنه توقع أن تخلق نوع من التواصل مع بعض متخذي القرار، وبعض المراكز الصحفية الكبيرة للتخطيط الاستراتيجي لبعض القضايا التي يمكن أن تكون محل تركيز للسفارة السودانية بواشنطن في الفترة القادمة، مثل الدعم المالي والعسكري وبعض الملفات التي يمكن أن يحاولوا العمل عليها.
وأشار تابر إلى أن التغيير في الحكومة الإمريكية القادمة سيكون كبير ما سيحتاج إلى نوع من التركيز، فالحكومة السودانية بصدد خلق استباق في التواصل مع بعض الجهات التي يمكن أن توفر لهم الدعم في الملفات التي تتم مناقشتها في الأمم المتحدة أو في الإدارة الأمريكية.
خطط استراتيجية:
وأوضح القيادي في المتجتمع المدني أيمن تابر في حديثه لـ”راديو دبنقا”، أن هذه المراكز تقوم بوضع خطط استراتيجية للاهداف التي تتفق عليها مع المجموعات الشعبية المختلفة أو مجموعات الرفض الشعبي، على سبيل المثال هنالك نماذج للمعارضة الإثيوبية في واشنطن نشطة جدًا في التعامل مع مثل هذه المراكز المختصة في العمل ضد الحكومة الإثيوبية، ونجحت في توصيل رسائلها عبر الجاليات المختلفة في واشنطن وبعض صانعي القرار في الكونغرس.
وأكد أن لهذه المراكز علاقة وثيقة مع بعض الجهات الإعلامية والبرلمانية ولجان الكونغرس الأمريكي وينجحوا في تحديد مواعيد لاجتماعات، مع هذه الشخصيات ومع بعض المراكز البحثية المختلفة والجهات الإعلامية، ولم يستبعد قيامهم بصناعة أخبار تساعد في توصيل صورة ما، حسب الاتفاق الذي سيتم مع السفارة السودانية في واشنطن عبر الإعلام.
وقال تابر: يمكن في أحيان أخرى استهداف الجاليات الموجودة في الولايات المتحدة، بتوصيل رسائل عبر وسائل الإعلام المختلفة سواًء كانت أمريكية أو عربية ويمكن التواصل معها عن طريق هذه المراكز لإقامة فعاليات تستهدف الجاليات المختلفة.
المراكز تسوق لنفسها:
وأكد الناشط الحقوقي أيمن تابر، أن هذا الحراك سيخلق نوع من الشخصيات البارزة التي يمكن أن تكوِّن صورة لتوصيل هذه الاستراتيجيات أو الاتفاق مع الحكومة، بهدف توصيل رأيها من بينهم دبلوماسيين أو ناشطين أو مجموعة تم اختيارها قد يكونوا على اتفاق مع خط الحكومة، أواستهدافها في قضايا وملفات معينة فيما يتعلق بالقضايا التي تهم الحكومة الأمريكية من جانب وتهم بعض الحكومات الموجودة في واشنطن من جانب آخر.
وقال: من خلال هذا التواصل يمكن لهم خلق نوع من الحركة الإعلامية والدبلوماسية عبر عقد اجتماعات معينة وتنظيم ندوات وورش عمل أو أي شكل من التواصل المباشر مع بعض صانعي القرار.
لكنه من ناحية أخرى قال إنّ هذه المراكز الإعلامية تحاول إعادة تسويق نسفها هي أيضًا في هذه الأيام بهدف استهداف مجموعات وحكومات معينة، هي في حاجة لخدماتها للتواصل مع الحكومة الأمريكية الجديدة خاصة وأنه سيتم تغيير كبير جدًا في السياسة الخارجية الأمريكية سينعكس على الحكومات المختلفة وعلى سياسات الولايات المتحدة الداخلية والخارجية.