نيالا.. مئات القتلى والجرحى وحالات إجهاض واعتقالات

مصاب في مستشفى نيالا جنوب خلال الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع -13 أغسطس 2023-راديو دبنقا

كشف المركز الإفريقي لدراسات السلام والعدالة عن وقتل ما يقرب من 200 مدني وإصابة المئات، في الفترة من يوليو حتى سبتمبر جراء للمعارك بين الجيش والدعم السريع.

وأشار المركز في تقرير يغطي الفترة من يوليو إلى سبتمبر إلى الاعتقال التعسفي لما لا يقل عن 34 شخصاً، بجانب اختطاف المواطنين طلباً للفدية، وتجنيد ما لا يقل عن 20 طفلا، وثلاث حالات قتل خارج نطاق القانون.

كما أدت المعارك إلى نزوح نحو 200 ألف أسرة من نيالا إلى الفاشر بشمال دارفور، والضعين بشرق دارفور، وكوستي بالنيل الأبيض والدول المجاورة مثل جنوب السودان وكينيا وتشاد وأوغندا.

وأكد المركز تدهور القطاع الصحي في جنوب دارفور بشكل كبير خلال الفترة الماضية وإن مركز واحد فقط ظل يباشر العمل في حي الوحدة مع عدم كفاية لوازم الرعاية الطبية.

أهمية نيالا بالنسبة لقوات الدعم السريع؟

نيالا هي ثاني أكبر مدينة اقتصادية في السودان بعد الخرطوم، وهي ذات موقع استراتيجي بين وسط وجنوب دارفور، وتقع أيضا على الحدود مع جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، وبالتالي تستخدم كطريق لاستيراد وتصدير البضائع من وإلى غرب أفريقيا.

وتسيطر قوات الدعم السريع على جميع قواعد القوات المسلحة داخل جنوب دارفور وتحديداً (كاس) في الشرق، ومنواشي في الشمال وبرام وأم دخن وجميع قواعد القوات المسلحة في الغرب المتاخمة لافريقيا الوسطى.

وأكد التقرير إن سيطرة قوات الدعم السريع بشكل كامل على مدينة نيالا، يتيح لها الوصول إلى جبل مرة.  

إما عبر كاس أو من الشرق عبر منواشي. ومن المحتمل أن تؤدي سيطرة قوات الدعم السريع على جنوب دارفور في النهاية إلى السيطرة على منطقة وسط وغرب دارفور.

مقتل أطفال

وبحسب المركز فإنه بتاريخ 16 أبريل و18 و19 مايو و24 يونيو 2023، أدى تبادل إطلاق النار بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع في نيالا إلى مقتل 22 طفلاً وإصابة عدد آخر معظمهم فقدوا أجزاء من أطرافهم . وتتراوح أعمار الضحايا ما بين خمس إلى عشر سنوات من أحياء مدينة نيالا الجنوبية، مثل الجير، شمال الرياض، الكونغو، ومعسكر عطاش للنازحين في نيالا، جنوب دارفور.

السيطرة على منواشي وكاس

في 16 يوليو 2023، شنت قوات الدعم السريع هجوما على بلدة منواشي (75 كيلومترًا شمال مدينة نيالا) في جنوب دارفور، وتمكنت من السيطرة عليها بما في ذلك قاعدة القوات المسلحة.

وأدى الحادث إلى مقتل ثمانية أشخاص على الأقل، من بينهم ثلاثة من رجال الشرطة وجندي واحد من القوات المسلحة. كما أصيب ثمانية مدنيين بجروح وفر 14 ألف مدني من المنطقة إلى منطقة شمال دارفور.

وفي يوليو 2023، شنت قوات الدعم السريع هجومًا وسيطرت على مدينة كاس جنوب غرب مدينة نيالا في جنوب دارفور

وسيطرت قوات الدعم السريع على قاعدة القوات المسلحة ونهبت مكاتب المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك مركز التغذية. وأدى الهجوم إلى مقتل شخصين.

عشرات القتلى والجرحى

في 2 سبتمبر 2023، قامت وحدة القوات الجوية التابعة للقوات المسلحة بقصف جوي لأحياء بمدينة نيالا بولاية جنوب دارفور عقب مواجهات مع قوات الدعم السريع حول مقر القوات المسلحة السودانية. وأدى الهجوم إلى مقتل ما لا يقل عن 17 شخصا وإصابة آخرين عدة آخرين من أحياء الكونغو والمطر.

وفي 8 أغسطس، لقي ما لا يقل عن 34 شخصًا حتفهم وأصيب 27 آخرون نتيجة لحادث هجوم في حي السكة حديد المعروف أيضًا باسم “طريق السكة الحديد” وحي النيل الطيبة في نيالا.

خلال الفترة من 11 إلى 18 أغسطس، شنت قوات الدعم السريع هجمات استهدفت القوات المسلحة ورد المقر الرئيسي للجيش السوداني بقصف المناطق التي تتمركز فيها قوات الدعم السريع، مما أدى لمقتل ما لا يقل عن 41 مدنياً ونزوح المواطنين. وأصيب نحو 117 مدنياً بجروح خلال الهجمات، وتم نقل بعضهم إلى مستشفى الهدى الجنوبي بنيالا للرعاية الصحية. ولم يكن لدى المستشفى الإمدادات الكافية وبالتالي ظل العديد من المرضى دون رعاية.

تجنيد الأطفال

ونقل المركز شهادات عن أسر أطفال جرى تجنيدهم بواسطة الإدارة الأهلية لصالح الدعم السريع تتراوح أعمارهم بين 14 إلى 17 سنة.

وقال المركز إن عمليات التجنيد بدأت عمليات في 20 يوليو2023. ومنذ ذلك الحين، أعلنت العديد من العائلات عن فقدان أطفالها لتكتشف تجنيدهم.

وخلال الأسبوع الأول من سبتمبر 2023، في محلية أبو عجورة، تم اعتقال أهالي الأطفال الذين جرى تجنيدهم في قوات الدعم السريع والذين اعتصموا أمام منزل السيد أحد القادة الأهليين للمطالبة بعودة أطفالهم.

اعتقالات وتعذيب

منذ اندلاع النزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، اعتقل الجيش والدعم السريع عشرات المواطنين المدنيين في نيالا.

وذكر التقرير إن القوات المسلحة اعتقلت 16 شخصاً منذ بدء الحرب بينما اعتقلت قوات الدعم السريع 20 آخرين.

وحصر التقرير أربعة مراكز احتجاز لقوات الدعم السريع في نيالا وهي المقر الرئيسي لقوات الدعم السريع بحي المطار ومقر جهاز الأمن ومكتب السجل المدني وإحدى المدارس بينما تحتجز القوات المسلحة المعتقلين في قاعدتها الرئيسية.

تعذيب واتهامات

نقل التقرير شهادات لمدنيين عن تعرضهم للتعذيب بواسطة الجيش والدعم السريع بتهمة الانتماء للطرف الثاني. وشملت عمليات التعذيب الضرب العنيف والصعق بالكهرباء والتعليق من الأقدام والضرب بأعقاب البنادق، والاحتجاز لأيام دون تقديم طعام أو ماء. وأشارت الشهادات إلى اعتقال عدد كبير من المواطنين في غرفة واحدة بدون السماح لهم بالاستحمام وتقديم وجبة واحدة فقط في اليوم.

اختطافات.. اتجاه جديد

قال التقرير إن قوات الدعم السريع تبنت اتجاهاً جديداً يتمثل في اختطاف المدنيين “الأغنياء” مثل رجال الأعمال ومطالبتهم

بفدية قبل إطلاق سراحهم. وأفاد التقرير بأن معدل عمليات الاختطاف زاد بعد قرار البرهان بوقف رواتب قوات الدعم السريع.

وتراوحت مبالغ الفدية المطلوب بحسب الشهادات التي أوردها التقرير بين 3400 دولار و5 الاف دولار.

القتل خارج القضاء

وثق المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام مقتل خمسة أشخاص خارج نطاق القضاء.

وبحسب التقرير في 22 أغسطس الماضي قامت عدد من المسلحين يرتدون زي قوات الدعم السريع ويستقلون سيارتين بمداهمة منزل السيد أحمد برقو( 55 عاماً) وهو عضو سابق بحزب المؤتمر الوطني ومن سكان حي النهضة بمدينة نيالاوقتلته بالرصاص كما قتلت شخصاً آخر في منزل مجاور بنفس الطريقة وهو محمد عبد الكريم، رجل أعمال 48 عاماً. وكان كلا الرجلين من قادة المجتمع في مجتمع الزغاوة في نيالا.

انهيار القطاع الصحي

وكشف التقرير إنه نتيجة للنزاعتم تدمير ما لا يقل عن ثمانية مرافق طبية بالكامل

وتشمل هذه المرافق مركز الوحدة الطبي، مركز كرري الطبي، مركز عبد الله الرحمن الطبي، ومركز السد العالي الطبي

ومركز التضامن الطبي، ومركز يشفين الطبي التخصصي، ومركز الرياض الطبي، مركز الجير الطبي.

وأشار التقرير إلى تسجيل حالات سوء تغذية في معسكر كلمه، وتسجيل ثماني حالات إصابة بسوء التغذية في مركز الوحدة بنيالا.

ووثق المركز ما لا يقل عن 13 حالة إجهاض بين النساء في نيالا نتيجة للقصف. وأفاد طبيب للمركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام أن القصف والانفجارات أدت لعدم انتظام الدورة الشهرية بين الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 18 عامًا إلى 25 سنة.

إغلاق الأسواق

وتعرض العديد من الأسواق في جنوب دارفور بشكل عام بما في ذلك سوق محطة الجنينة للتدمير الكامل من قبل الأطراف المتحاربة أو الجماعات المسلحة التي استغلت الوضع لنهب وحرق الأسواق.

تجنيد قوات الدعم السريع

وخلال الأسبوع الثاني من يوليو 2023، بدأت قوات الدعم السريع تجنيد جنود جدد وتسجيلهم. وبحسب التقرير فإن العملية جرت في قاعدتهم بشارع المطار بمدينة نيالا بجنوب دارفور. وتم نقل المجندين الجدد إلى الخرطوم.

دعوة للحوار

أوصى المركز الافريقي لدراسات العدالة والسلام؛ قوات الدعم السريع والقوات المسلحة باحترام حقوق المدنيين، بما في ذلك حقهم في الحياة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين دون عوائق، والانخراط في الحوار السلمي لإيجاد حل دائم وسلمي للصراع.

كما دعا لتحمل المسؤولية عن أي أعمال أدت إلى إلحاق الضرر بالمدنيين أو الأطراف الأخرى المشاركة في الصراع والتعاون مع الشركاء الإقليميين لإيجاد حل دائم للصراع. واعتبر ذلك أمراً ضروري لإنهاء العنف وضمان السلام لشعب السودان.

كما طالب المركز بإطلاق سراح جميع المعتقلين لديها دون قيد أو شرط، ووضع حد لممارسة الاعتقال التعسفي، والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي والاختفاء القسري والتعذيب للناشطين والمدنيين، ووضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك انتهاك حرية التعبير والوصول للمعلومات وحرية التنقل.

تحقيق مستقل

وأوصى التقرير بإجراء تحقيق مستقل ومحايد في حالات القتل خارج نطاق القضاء، والاعتقالات والاحتجاز التعسفي وادعاءات التعذيب وتقديم مرتكبيها إلى العدالة.

وشدّد على الوفاء بالتزامات السودان الدولية بموجب المعاهدات الإقليمية والدولية ذات الصلة والتي صادق عليها السودان بتنفيذ فوري مستقل وشفاف، وإجراء تحقيقات فعالة بهدف تحديد مصير ومكان وجود جميع المفقودين وتحديد أماكن قبورهم في حال تعرضهم للقتل.

ودعا التقرير المجتمع الدولي بإعطاء الأولوية لحماية المدنيين والوضع الأمني في السودان، وحشد الموارد لضمان حماية المدنيين في السودان والمساعدة في ذلك إجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة في انتهاكات حقوق الإنسان بهدف ضمان المساءلة. وتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين الذين يشعرون بالحرب.

ودعا التقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإعطاء الأولوية للسعي لتحقيق العدالة لضحايا الحرب في السودان. وحث مجلس الأمن الدولي لإحالة الوضع في السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية ودعم جهود المحكمة في التحقيق وملاحقة الجناة.

Welcome

Install
×