( نساء ملهمات ) : كابتن الهام بلتون : صائدة الشباك

" كنا نحجز ميادين مغلقة للعب ولازم لبسنا يكون اسلامي.. استمرينا في اللعب رغم معارضة تسجيلنا كفريق كرة قدم للسيدات، وفي مرة لعبنا بملعب مكشوف فضبطنا ونظمت حملات وندوات في المساجد والإعلام لقهرنا لكنا لم ننهزم وواصلنا وكنا مستعدات في الوقت المناسب .. ويوجد حاليا ٢٣ فريق نسائي لكرة القدم في كل ولايات السودان " . هكذا حدثتنا الهام بلتون كابتن فريق الدفاع لكرة القدم ولاعبة الهجوم في المنتخب القومي والتي سجلت حتى الآن ٥٣ هدفا في شباك الخصوم، وفي ذاكرة تاريخ كرة القدم السودانية فريق الهلال للسيدات أول فريق كرة قدم للسيدات على مستوى افريقيا والعالم العربي والذي تأسس في العام ١٩٥٤ . ويذكر التاريخ أيضا منيرة رمضان أول امرأة حكم لكرة القدم الرجالية في الفترة ١٩٧٥- ١٩٨٠ ،ومنيرة ايضا أول سودانية تشارك في سباق المائة متر ورمي الجلة ولاعبة كرة سلة بارعة . كابتن الهام بلتون وزميلاتها لاعبات – مدربات وفي مجال التحكيم الخاص بكرة القدم انعشن ذلك التاريخ الرائد على المستوى الاقليمي للنساء السودانيات في مجال الرياضة.  

الميلاد والنشأة

ولدت الهام بلتون الملقبة في الملاعب ب (بلة)بمنطقة الجريف – الخرطوم في نوفمبر من العام ١٩٨٨ بين ثلاث أخوات وأخوين. درست الأساس والثانوي بمدارس الجريف ونالت دبلوم اللغة الانجليزية من معاهد التعليم البريطانية.  قالت الهام في مقابلة مع راديو دبنقا ضمن سلسلة ( نساء ملهمات ) " يقع مسكننا بالقرب من ميدان يلعب فيه الشباب كرة القدم .. كنا واخوتي نتابع مشاهدة المباريات مع والدي، وفي الإجازات الصيفية اصبحت العب وأخوي وأبناء الحي وكنت الفتاة الوحيدة بينهم .." .  هذه بداية علاقتها بكرة القدم التي لم تكن الأسرة تدري أن ولع إلهام باللعبة سيكبر معها إلى حد الاحتراف حيث أن فكرة فرق القدم النسائية مستبعدة حينها تماما. 

الطريق الى الاحتراف 

كان العام ٢٠٠٩ عاما لانتقال الهام من ممارسة لعبة الكرة كهواية إلى اللعب في طريق الاحتراف ضمن فريق كابتن سارة ادوارد (التحدي). وإن كانت الصدفة وحدها ما الحقتها بالفريق، تحكي إلهام عن تلك النقلة " كنت العب الكرة الطائرة التي اجيدها أيضا في قصر الشباب والأطفال فلاحظت مدربة الطائرة كابتن عائشة كومي في لحظة اختلاء مع نفسي اجادتي  ركلات وتمرير الكرة فسألتني: إنتي بتلعبي كرة قدم؟ واوصتني بالالتحاق بفريق سارة ادوارد للسيدات وأعطتني رقم هاتفها، اتصلت فأجابتني: تعالي بكرة وجيبي معاك لبسك وكدارتك. حضرت إليها في الأكاديمية، اختبرت أدائي ومهاراتي في الملعب وسجلتني ضمن الفريق فورا " . بدأت بفريق التحدي ثم التحقت بفريق المدفعجية واستقرت أخيرا بفريق الدفاع وهي الآن كابتن وهدافة الفريق. 

صمود حتى النصر

سكة كابتن إلهام للاحتراف لم تكن معبدة على مستوى الأسرة أو معارضة الجهات الرسمية التي حاولت جعل لعب الكرة للنساء قضية اجتماعية وخطيئة منافية للأعراف في عهد النظام البائد، تقول الهام " لعبنا ذات مرة مباراة في ملعب مكشوف، رآنا بعضهم فنظمت حملة لقهرنا عبر وسائل الإعلام والندوات في المساجد " . سنوات حتى تمكنت من إقناع اسرتها كلاعبة كرة قدم وسنوات حتى فرضت مع رصيفاتها الاقرار والتسجيل رسميا لكرة القدم للسيدات، تقول الهام " اسرتي كانت تنتقدني باعتبار أن كرة القدم للأولاد ولا تتناسب مع البنات وفيها خشونة وقد اصاب بالكسور .. ظللت لسنوات لإقناعهم حتى تم ذلك ولكن حتى الآن أحد اخواى لا يوافق على لعبي الكرة.. وهناك من يقولون المفروض تتزوجي حتى لا يفوتك سن الزواج أو ليس هناك من سيتزوجني وأنا لاعبة كرة " . أما الاقرار رسميا فقد لعبت فيه النظم الدولية لكرة القدم الدور الحاسم، فكانت كرة القدم النسائية واقعا يستوجب الاعتراف به وإن لم يرتضوه، حيث طالبت الفيفا اتحادات الكرة في كل دول العالم بضرورة وجود كرة قدم للسيدات شرطا، مما اضطر للإعتراف بكرة القدم للسيدات في السودان بشروط تحكم الزي وأرض الملاعب المغلقة الأمر الذي أعاق تطور كرة القدم للسيدات، إذ لم تنطلق إلا بعد ثورة ديسمبر وكان أول دوري للسيدات في العام ٢٠١٩ . 

تقدم متسارع الخطى 

ورغم تأخر البداية لكن كرة القدم للسيدات تمضي الآن بخطى متسارعة كما نرى، فيوجد حاليا ٢٣ فريق لكرة القدم للسيدات في كافة ولايات السودان وتضاعف عدد اللعبات إلى ٧٠٠ لاعبة من ٤٠٠ في العام الذي سبقه. ذلك التقدم المتسارع ربما يعذى للتدريب والعمل المتواصل للاعبات وإن منع الاعتراف بهن كلاعبات لسنوات. تعلق كابتن الهام " تلك فترة كانت مفيدة بالنسبة لي .. استمرار اللعب طورني فكانت هناك تمارين مستمرة ومباريات ودية لم تتوقف..".  تلك الفترة كانت تأهيلية بحق، فخلالها تلقت اللاعبات عدد من الكورسات والدورات التدريبية كمدربين لكرة القدم نظريا وعمليا ، فقد كانت كابتن بلة ضمن عدد من اللاعبات اللائي نلن دورات تأهيلية داخل وخارج البلاد من الكاف والفيفا . 

انطلق أول دوري لكرة القدم للسيدات في العام ٢٠١٩ احرزت خلالها كابتن الهام مهاجمة فريق الدفاع وهدافة الدوري ٣٢ هدفا، محققة المركز الأول لفريقها، وتكرر الفوز للفريق في الدوري الثاني للفريق بإحرازها ٢١ هدفا في شباك خصومها من فرق السيدات من كافة الولايات.

مشاركات خارجية : 

منذ الأول من يونيو ٢٠٢١ بدأت كابتن الهام في التدريب ضمن المنتخب القومي للسيدات استعدادا للمشاركة في عدد من المباريات الخارجية : 

– المشاركة في البطولة العربية لمنتخبات السيدات بالقاهرة، اغسطس ٢٠٢١ .

– المشاركة في كأس الأمم الافريقية (سيكافا) خلال العام – الجزائر.

– المشاركة في بطولة الشيخ زايد الرمضانية ٢٠١٦ والتي كانت أول مشاركة خارجية للسيدات ضمن فريق المدفعجية وكانت نتاجا لمجهود خاص لمدربة الفريق. 

مشاركات تطمح كابتن الهام خلالها لعالمية الاحتراف واللحاق بأندية كبرى بعد أن اثبتت جدارتها والكرة النسائية منذ أول مباراة جماهيرية، حيث شهد الدوري الأول حضورا جماهيريا جيدا وتضاعف في الدوري الثاني بأعداد غفيرة من الجماهير والمشجعين أغلبهن من السيدات . قالت الهام " في البداية كانوا يظنون أننا كسيدات (نجري ساي) ولكن تمكنا من اقناع الجماهير باللعب الجيد المحترف الذي لا يقل عن مباريات الكرة الرجالية .. كان هناك من يرغبن في التسجيل في الأندية النسائية لكن دوما تقف الأسر كحاجز بينها وتحقيق هدفها، ولكن بعد الدوري هناك الكثير من الآباء يأتون بأنفسهم لتسجيل بناتهم .." . 

تدريب : 

– دورة المحاضرين للمدربين، الكاف – اديس ابابا ٢٠١٢ 

– دورة المدربين للبراعم والناشئين ، الفيفا – ٢٠١١ 

– دورة المدربين ، الفيفا – ٢٠١١ 

– دورة الاكاديميات للمراحل السنية – ٢٠٢٠

وتذكر كابتن الهام العديد من اللاعبات اللاتي تأهلن كمدربات ابرزهن كابتن سلمى الماجدي أول مدربة لكرة القدم الرجالية على مستوى افريقيا والعالم العربي – كابتن سارة ادوارد التي توجد حاليا بفرنسا وقد حصلت على شهادات عليا في المجال ، ومساعدة المدرب جانيت هابيل . 

كابتن الهام مع مجموعة من لاعبات من المنتخب القومي لكرة القدم للسيدات – راديو دبنقا