مواقف سودانية متباينة تجاه جهود الايقاد السلمية
اقترحت قمة الهيئة الحكومية للتنمية الايقاد، التي انعقدت يوم الاثنين في جيبوتي، عقد لقاء بين البرهان وحميدتي مع الآلية الرئاسية الرباعية المكونة من رؤساء اثيوبيا وكينيا وجنوب السودان، في إحدى دول الإيقاد من أجل وقف إطلاق النار وايصال المساعدات الإنسانية.
وأوردت قناة العربية من مصادرها خبراً عن رفض رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان الاقتراح.
كما قالت وزارة الخارجية السودانية، في بيان، إنها اعترضت على عدد من الفقرات في البيان الختامي لقمة الايقاد التي انعقدت بجيبوتي، حيث طالبت بحذف أيّ إشارة تخرج موضوع وساطة الإيقاد من البيت الأفريقية.
ولكن مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة رحب بالمبادرة، مشيرا إلى أن اللقاء المقترح بين البرهان وحميدتي سيركز على وقف إطلاق النار، وأضاف (نعمل على وقف الحرب والعودة إلى طاولة التفاوض ومعالجة القضايا الملحة التي أدت للحرب ومعالجة القضية الآنية التي أدت للحرب وصولاً إلى جيش موحد تحت قيادة واحدة).
وشكلت القمة آلية رباعية لمعالجة الأزمة السودانية برئاسة الرئيس الكيني وعضوية كل من رؤساء اثيوبيا وجنوب السودان وجيبوتي بدلاً عن الآلية الثلاثية برئاسة سلفاكير بإضافة رئيس وزراء اثيوبيا.
كما اعترضت وزارة الخارجية السودانية في بيانها على تغيير رئاسة لجنة الايقاد المعنية بمعالجة قضية السودان. وطالبت سكرتارية الإيقاد بحذف النقاط غير المتفق عليه والإبقاء على سيلفا كير ر رئيسا لها..
وكان الرئيس الكيني استقبل في وقت سابق المستشار السياسي لقائد الدعم السريع وأكد على ضرورة وقف اطلاق النار في إطار زيارته الافريقية. ولم تبد وزارة الخارجية السودانية حينها اعتراضها على استقبال الوفد إسوة بما فعلت مع زيارة وفد الدعم السريع لجنوب السودان.
وانعقدت قمة الإيقاد بحضور مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة، الذي كلفه البرهان بهذا المنصب خلفاً لحميدتي. وأكد مالك عقار في كلمته الافتتاحية ضرورة تسوية النزاعات بالطرق السلمية.
ويرتبط مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة، وهو رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، بعلاقات خاصة مع دولة جنوب السودان بحكم انتمائه السابق للحركة الشعبية الأم التي تقود دولة الجنوب حالياً. وسلم عقار رئاسة القمة إلى الرئيس الجيبوتي.
تخطيط ومتابعة
وقال عروة الصادق، القيادي في الحرية والتغيير، إن أهم نتائج قمة الايقاد تتمثل في السعي للجمع بين قائد الجيش وقائد الدعم السريع. وأضاف (هذا ما ظللنا ننادي به ولو حدث هذا عند اندلاع الحرب كان سيؤدي ذلك إلى تقليل الآثار).
وقال إن جهود الايقاد أتت متأخرة بعد نحو شهرين من اندلاع الحرب ودعا لإطلاع العالم بالنتائج التفصيلية للقمة مشيراً إلى تباينات في تصريحات رؤساء الوفود حول المواقيت المحددة للقاء البرهان وحميدتي .
ودعا قيادات الإيقاد للدراسة والتخطيط المسبق ووضع آليات رفيعة المستوى قبل لقاء البرهان وحميدتي حتى يخرج بنتائج مثمرة.
كما أكد ضرورة تخصيص موارد مالية لتنفيذ انشطة الايقاد تجنباً لفشلها.
وقال إن جميع القرارات الافريقية سواء من الاتحاد الافريقي او الايقاد او مجلس الأمن الافريقي لم تجد طريقها الى التنفيذ بسبب عدم المتابعة .
دور مساند وليس رئيسي
وتأتي قمة الإيقاد في ظل استمرار الوساطة السعودية الأمريكية التي تسعى لإيجاد مخرج للحرب الدائرة في السودان والتي شارفت على الشهر الثالث وراح ضحيتها أكثر من الف قتيل وآلاف الجرحى ونحو اثنين مليون من النازحين واللاجئين.
ولكن الكاتب الصحفي والمحلل السياسي إن دور هيئة الإيقاد يصلح لأن يكون مسانداً للوساطة السعودية الأمريكية التي قطعت أشواطاً في المحادثات بين الطرفين ونفذت عدد من الهدن واتخذت خطوات عملية وإجرائية بشأن الآليات اللازمة.
وقال إن تأييد قيادة الجيش لآلية رؤساء الإيقاد ربما يأتي في محاولة الهروب من المسار السعودي الأمريكية مبيناً إن الولايات المتحدة أحكمت الحصار وتقدم العصا والجزرة عبر التلويح بالعقوبات.
وأضاف ( لا أعول كثيراً على مبادرات الكيانات الإقليمية ويمكن أن تساهم بدور مساند وليس دوراً رئيسياً ) ولمكنه اشار في الوقت إلى مشاركة الإيقاد ضمن الآلية الثلاثية التي يسرت العملية السياسية، ومشاركتها في تيسير المفاوضات بين الحكومة الحركة الشعبية.
حوار بين المدنيين
وقررت قمة الايقاد البدء في حوار وطني بين القوى المدنية في السودان خلال اسبوعين لمناقشة القضايا العالقة.
لكن عادل خلف الله المتحدث باسم حزب البعث العربي الاشتراكي أكد لراديو دبنقا ضرورة اعطاء الأولوية لوقف الحرب وحشد الجهود لتحقيق هذا الهدف. وشدد في حديث لراديو دبنقا على ضرورة الفصل بين وقف الحرب والعملية السياسية التي تتصدى لبحث اسباب الحرب وجذورها ومعالجة نتائجها وصولاً لاستئناف المسار السياسي.
وقال إن أي دعوة تحرص على وحدة السودان يجب أن تنطلق من هذه الحقيقة.
وقال إن غياب الدور المدني أدى لاتساع نطاق الجهود الاقليمية والدولية التي وصفها بالفوقية، مشيراً لعدم التزام الطرفين بالهدن والتعامل معها بشكل تكتيكي لإرضاء أطراف الوساطة وفق حسابات ذاتية.
وقال إن نجاح هدنة اليوم الواحد مطلع الاسبوع الجاري يؤكد قدرة طرفي الحرب على السيطرة على منسوبيهم وإلزامهم. وأوضح إن الطرفين يرضخون للضغوط الدولية ولا يأبهون للأوضاع الإنسانية للمواطنين.
وشدد إن العامل الحاسم في وقف الحرب هو توفر الإرادة الوطنية الشامل وتطوير الموقف من رفض الحرب إلى العمل من أجل وقف الحرب بشكل دائم وشامل.
وتأتي التطورات السياسية في ظل تصاعد وتير الحرب بين الجيش والدعم السريع في الخرطوم ومقتل عشرات المواطنين جراء القصف العشوائي الجوي والمدفعي فيما تفاقمت الأوضاع الإنسانية وتواصلت حركة النزوح إلى الولايات واللجوء إلى دول الجوار. كما تشهد الأوضاع في الجنينة بغرب دارفور وزالنجي بوسط دارفور وكتم بشمال دارفور أوضاع أمنية وانسانية بالغة التعقيد وسط تساؤلات المواطنين عن امكانية نجاح مسار الإيقاد في معالجة الأوضاع الراهنة