مفاوضات جنيف: خارطة طريق جديدة ووقف إطلاق نار محلي
أمستردام: 14 أغسطس 2024: راديو دبنقا
في غياب وفد القوات المسلحة السودانية، تنطلق اليوم في جنيف المشاورات الخاصة بشأن وقف الحرب في السودان وإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين وبمشاركة وفد من قوات الدعم السريع والشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين بالملف السوداني وبدعوة من وزير الخارجية الأمريكي، انتوني بلينكن. ولم تتضح حتى الآن الصيغة التي تتم على أساسها المشاورات، لكن معلومات رشحت من جنيف تشير إلى إعداد خارطة طريق جديدة لمعالجة الأزمة السودانية واللجوء إلى اتفاقيات وقف إطلاق نار محلية تسمح بإيصال المساعدات الإنسانية.
في هذا الصدد، قال السفير علي بن أبي طالب عبد الرحمن الجندي، سفير السودان السابق في جنيف، في حديث لراديو دبنقا أن المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بريلليو، لا يبدو متفائلا بشأن مشاركة القوات المسلحة في مفاوضات جنيف التي كان من المفترض أن تبدأ اليوم 14 أغسطس 2024 بالنظر إلى عدم تسلمه الموافقة على المشاركة من قيادة القوات المسلحة. لكنه أكد في نفس الوقت استعداده للبقاء في جنيف لأطول فترة ممكنة لمحاولة دفع الأمور للأمام.
وقف إطلاق نار محلي
وكشف سفير السودان السابق في جنيف عن معلومات متداولة بشأن نية المبعوث الأمريكي وضع خارطة طريق مع جميع أصحاب المصلحة، ويقصد بهم الشركاء المدعوين، على أساس قواسم مشتركة دنيا. وأنه يفكر بشكل خاص فيما أسماه “وقف إطلاق نار محلي” في مناطق معينة بدلا عن وقف إطلاق نار شامل. لكن السفير علي بن أبي طالب عبد الرحمن الجندي وصف مثل هذا العمل بغير الواقعي رغم أن هدفه الأساسي هو السماح بوصول المساعدات الإنسانية للسكان.
ونوه سفير السودان السابق في جنيف، إلى تصريحات المبعوث الأمريكي، توم بريلليو، المتفائلة عند وصوله إلى جنيف بداية الأسبوع الحالي بقوله بأنه متحمس لبدء مفاوضات لوقف إطلاق النار بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع على أساس الدعوة التي وجهها وزير الخارجية الأمريكي، انتوني بلينكن، للطرفين في 23 يوليو الماضي.
نشاط دبلوماسي مكثف
وكشف السفير علي بن أبي طالب عبد الرحمن الجندي في حديث لراديو دبنقا أن المبعوث الأمريكي قدم تنويرا يوم الاثنين 12 أغسطس للمبعوثين الدائمين لمقر الأمم المتحدة في جنيف من الدول الأوربية والدول المدعوة للمشاركة في المفاوضات كمراقبين تحدث فيه عن آخر التطورات والمشاورات التي جرت مؤخرا مع وفد حكومة الأمر الواقع في جدة نهاية الأسبوع الماضي. وأكد المبعوث الأمريكي، توم بريلليو، في التنوير أن القوات المسلحة السودانية لم تقرر بعد المشاركة في المفاوضات، ولكنه لم يستبعد أن تتضح الصورة بشكل أفضل خلال الأيام القادمة. وشدد المبعوث الأمريكي أيضا على أنه سيشرع ابتداءا من اليوم الأربعاء في مشاورات مكثفة مع الشركاء للتفاكر حول سبل إنهاء معاناة الشعب السوداني كنتيجة للحرب من خلال آليات عملية لإنقاذ الأرواح وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.
نقطة انهيار كارثية
وأشار سفير السودان السابق في جنيف في حديث لراديو دبنقا إلى التصريح القوي الذي صدر عن المدير الإقليمي لمنظمة الهجرة الدولية، عثمان بلبيسي، في بداية هذا الأسبوع أيضا والذي تم تداوله على نطاق واسع. ويصف المسؤول الأممي الأوضاع في السودان بأنها قد وصلت إلى نقطة انهيار كارثية غير مسبوقة. وطالب المجتمع الدولي بالتحرك للنهوض بواجباته نحو الشعب السوداني حيث وصل عدد النازحين في السودان إلى أكثر من 9 مليون نازح، وهو أكبر عدد للنازحين في العالم بالإضافة إلى أكثر من 2 مليون سوداني لجأوا إلى دول الجوار.
حراك مدني سوداني
وأضاف السفير علي بن أبي طالب عبد الرحمن الجندي إلى أن جنيف تشهد أيضا حراكا مدنيا سودانيا لوقف الحرب في تزامن مع مفاوضات جنيف. حيث تنظم في المدينة اليوم وقفة تداعى لها السودانيون من مختلف الدول الأوربية لتلبية نداء الوطن وتوجيه رسالة للعالم ألا للحرب ونعم للسلام. وتبدأ الوقف منتصف اليوم الأربعاء مع بدء المشاورات حول السودان من أمام “الكرسي المكسور” في ميدان الأمم المتحدة في جنيف. وسيخاطب الندوة العديد من الثوار والكنداكات في المهجر لتوجيه رسالة للمجتمعين في جنيف بضرورة الالتفات لمعاناة السودانيين وكذلك رسالة للطرفين المتحاربين بضرورة استدعاء الحكمة والانخراط بصدق في المفاوضات للتوصل لاتفاق لوقف الحرب وإيقاف النزيف وإنقاذ الأهل في السودان.
لا اتفاق في غياب أي طرف
ولفت السفير علي بن أبي طالب عبد الرحمن الجندي في حديث لراديو دبنقا إلى أن عدم حضور طرف للمشاركة في مفاوضات جنيف المخصصة للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين وحماية مسارات إيصال المساعدات الإنسانية باعتبارها أولوية ملحة، يجعل أمر التوصل للاتفاق صعب جدا لغياب أحد الأطراف. وعبر عن أمله في أن يتخذ قائد الجيش القرار المناسب، حتى ولو في الساعة الخامسة والعشرين، من أجل وضع حد للمحن والمآسي والنزوح واللجوء والتشرد الذي يدفع ثمنه المواطن المسكين.