نازحون بمعسكر سورتني بشمال دارفور - أرشيف


كمبالا: 6 اغسطس 2024: راديودبنقا
تقرير: عبد المنعم مادبو
تتشارك دارالنعيم وجاراتها مريم وام الحسن مطبخاً واحداً يجمعن فيه ما لديهن من مكونات الوجبة اليومية لأجل اعدادها لأبنائهن السبعة، حيث لا يسمح الوضع المعيشي في معسكر سرتوني جنوبي مدينة كبكابية بولاية شمال دارفور لكل منهن باعداد وجبة لوحدها لاطعام ابنائها.
تقول دار النعيم ادريس، وهي واحدة من الناشطات بمعسكر سرتوني، “الوضع في المعسكر صعب، واصبحنا ما قادرين نوفر لقمة العيش لاولادنا، لذلك بقينا نتساعد انا جاراتي مريم وام الحسن عشان نعملوا لاولادنا الأكل، واحدة تجيب الدقيق والثانية تجيب الزيت او البصل او الويكة او نمرقوا الخلاء نجيبوا (الخضرة اوالتمليقا) نعملوا منها الأكل للأولاد، ليتناولو الوجبة منتصف النهار وينتظروا كمان لبكرة”.”
بهذا التكتيك التكافلي تواجه دار النعيم وجاراتها وآلاف النازحين نقص الغذاء بمعسكر سرتوني، لعلهم يستطيعون عبور هذه المرحلة الجرحة التي باتت قاب قوسين من المجاعة الكاملة بعد أعلنت الأمم المتحدة في مطلع اغسطس الجاري المجاعة في معسكر زمزم جنوبي مدينة الفاشر، واكدت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين ان الاوضاع في جميع معسكرات النزوح بدارفور البالغ عددها 171 معسكر تعيش وضعاً شبيهاً للوضع في معسكر زمزم.
تقول دارالنعيم لراديو دبنقا ان انعدام الغذاء في المعسكر وعدم قدرة النازحين على توفير لقمة العيش اجبر كثير من النازحين على فكرة المشاركة في المطبخ خاصة بعد ان استقبل المعسكر اكثر من 10 ألف نازح ليرتفع عدد النازحين في المعسكر الى اكثر من 42 الف نازح الأمر الذي تسبب في ضغط على المخزون المعيشي للنازحين، في ظل عدم وجود اي منظمات انسانية لتقديم الاغاثة للنازحين.

الوضع شبيه بزمزم
أكد عضو مكتب الشئون الانسانية بمعسكر سرتوني محمد بشار ان نازحي المعسكر يعيشون أوضاعاً انسانية قاسية، وقال محمد بشار لراديو دبنقا ان وضعهم شبيه بالوضع في معسكر زمزم من حيث انعدام الغذاء، وذكر ان ارتفاع عدد النازحين في معسكر سرتوني سبب ضغطاً على النازحين القدامى، لكنه اشار الى انهم استقبلوا النازحين الجدد وشاركوهم ما لديهم من مأكل ومشرب وايواء، واضاف: استضفناهم في بيوتنا وفي المدارس والمساجد وشاركناهم كل شيء لدينا.

وأعلنت الامم المتحدة انتشار المجاعة في مخيم زمزم للنازحين بمدينة الفاشر، وهي المرحلة الخامسة والتي تصنف بالكارثية، وفقاً لمعايير الأمم المتحدة. واستندت الامم المتحدة في اعلانها تقرير لجنة مراجعة المجاعة التابعة للأمم المتحدة، وهي الجهة الوحيدة المعنية بالتحقق من شروط المجاعة والإعلان عنها.

وأوضح برنامج الغذاء العالمي وهو من بين وكالات الامم المتحدة المشاركة في اعداد تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، إن مخيم زمزم للنازحين هو المخيم الوحيد الذي تمكنت الأمم المتحدة من إعلان المجاعة فيه، وتوقع في الوقت نفسه اعلان المجاعة في 13 منطقة أخرى في السودان تعيش كلها ظروفاً أشبه بالمجاعة من بينها الخرطوم والجزيرة وكردفان وولايات دارفور.

ورحبت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين بدارفور بإعلان المجاعة في معسكر زمزم، وأكدت في الوقت نفسه ان معسكرات النزوح بدارفور البالغ عددها 171 معسكر جميعها تعاني من المجاعة بذات الحجم الذي أعلن عنه في معسكر زمزم، واشار بيان المنسقية الى انه ما بين 20 الى 25 شخصاً يموتون يومياً بسبب شح الغذاء وسوء التغذية الحاد.
وذكرت المنسقية، في بيان اطلع عليه راديو دبنقا، ان كل المعسكرات كانت تعتمد على المساعدات الانسانية التي توقفت بعد حرب 15 ابريل ما أدى الى نفاد الغذاء في المعسكرات، بينما أغلقت الطرق والممرات التي تسمح بعبور المساعدات الانسانية، فضلا عن ارتفاع اسعار المواد الغذائية القليلة المتوفرة في الاسواق المحلية.

امراض سوء الغذاء
بحسب المقابلات التي اجراها ردايو دبنقا مع قادة النازحين في معسكر سرتوني فقد نبه محمد بشار الى ان الوضع الانساني في المعسكر نتجت عنه ظروفاً كارثية حيث ارتفعت حالات الاصابة بأمراض الجوع خاصة سوء التغذية وسط الاطفال وكبار السن، قال كل يوم أزور فيه مركز اطباء بلا حدود- الوحيد الذي يعمل في المعسكر- أجد ما لا يقل عن 20 او 30 طفلاً في المركز بسبب سوء التغذية، واضاف “يوميا نحن ندفن 2 او 3 من الاطفال وكبار السن في مقابر المعسكر” فيما أكدت دارالنعيم ادريس اصابة نسبة كبيرة من الاطفال بسوء التغذية بسبب الوضع المعيشي في المعسكر.
وأوضح انه لا توجد اية منظمة لتقديم مساعدات او خدمات انسانية للنازحين سوى مركز واحد لمنظمة اطباء بلا حدود، واصبح يقدم فقط الاستشارات الطبية، وليس لديه أدوية او اي خدمات علاجية، وانما يوصف العلاج للمرضى ويطلب منهم شراء الادوية من مناطق “روكرو، كبكابية او قولو” لذلك اضطر الناس الى استخدام العلاج البلدي “جذور وجزوع وورق الاشجار” للتداوي.
ونبه الى المرحلة المقبلة ستشهد المزيد من تراجع الوضع الصحي بعد ان شهدت المنطقة هطول امطار غزيرة قبل يومين أدت الى انهيار اكثر من 300 منزل وعشرات المراحيض، وحذر من كارثة صحية محتملة في ظل معاناة النازحين جراء نقص الغذاء.

الايواء والامطار
بعد اندلاع حرب 15 ابريل واشتداد المعارك في عدد من مدن دارفور استقبل معسكر سرتوني اكثر من 10 آلاف نازح اغلبهم من مدينة الفاشر، وقال ادم بشار من ادارة المعسكر إن إدارة المعسكر وفرت مراكز ايواء للنازحين في المدارس والمساجد وبعضهم تقاسموا مع النازحين القدامي منازلهم، لكنه اشار الى ان الامطار التي هطلت في الايام الماضية خلفت خسائر كبيرة في منازل النازحين ومراكز الايواء، وابان ان أكثر من 300 منزل انهارت، الأمر الذي جعل مئات الأسر في العراء في ظل انتشار البعوض ونواقل الامراض.

الأمن والأسعار
المسئول في ادارة المعسكر آدم بشارة عمر وأكد ان الوضع الآن مستقر من الناحية الأمنية بفضل الجهود التي تقوم بها قوات حركة تحرير السودان، لكن هنالك صعوبات في وصول السلع والبضائع الى المعسكر ما أدى الى ارتفاع الاسعار وضائقة معيشية، وأضاف: في الأسابيع الثلاثة الاخيرة انعدمت المواد الغذائية الآن سوق سرتوني تماماً بسبب توقف السيارات والشاحنات التي تحمل البضائع الى المعسكر من مدن الطينة وكبكابية بسبب الخريف وانقطاع الطرق، واضاف: الآن اقرب منطقة تصل اليها البضائع منطقة “كوبي” تبعد حوالي 6 كيلومترات عن المعسكر، لكن اشار الى ان اسعار البضائع باتت فوق طاقة النازحين. واكد بشار انه في ظل هذا الوضع المأساوي في المعسكر لم تصل حتى الآن أية جهة لتقديم اي نوع من المساعدات للنازحين.

وكان تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي قد حذر من أن الوضع قد يزداد سوءً في الفترة من أغسطس إلى أكتوبر 2024، بسبب استمرار عدم الحصول على الغذاء، وزيادة خطر الأمراض المعدية، ومحدودية الوصول إلى الرعاية الصحية وخدمات التغذية.

Welcome

Install
×